بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبيه الامين .
اما بعد : فهذه هي الحلقة الثالثة في الرد على مسعود مسعودي في كتابه "الاجوبة الالبانية"
قال مسعود مبينا منهج الشيخ ربيع :" أهل البدع وان أصابوا لا يستفاد منهم "…..الخ
اراد مسعود ان يقرر ان اهل البدع يؤخذ منهم الحق ويترك الباطل وهذه قاعدة باطلة بين بطلانها اهل العلم بل قالوا ان المجهول لا يستفاد منه فكيف بأهل البدع ثم ماذا يريد هؤلاء الناس نترك كتب أئمة السنة وأشرطتهم ودروسهم ونأخذ العلم من أهل البدع هذا والله مخالف لمنهج السلف وأقوالهم ووصاياهم وما سبق ذكره في الحلقة الثانية من هذا الرد كاف في بيان هذا الأصل الأصيل ولمزيد من الفائدة والبيان نذكر بعض الأدلة و الآثار و فتاوى العلماء في حكم النظر في كتب أهل البدع والسماع لكلامهم
روى محمد بن وضاح بإسناده عن الحسن أنه قال: لا تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك. وروى الدارمي في سننه عن الحسن وابن سيرين أنهما قالا: لا تجالسوا أصحاب الأهواء ولا تجادلوهم ولاتسمعوا منهم. وروى الدارمي أيضا عن أبي جعفر محمد بن علي وقال: لا تجالسوا أصحاب الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات الله.
وقال ميمون بن مهران: ثلاث لا تبلون نفسك بهن لا تدخل على السلطان وإن قلت آمره بطاعة الله، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله، ولا تصغين بسمعك لذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه. وقال سفيان الثوري : من أصغى بإذنه إلى صاحب بدعة خرج من عصمة الله تعالى ووكل إليها يعني البدع
وقال سفيان الثوري : من سمع من مبتدع لم ينفعه الله بما سمع ومن صافحه فقد نقض الإسلام عروة عروة
وقال الفضيل : إن لله عز وجل ملائكة يطلبون حلق الذكر، فانظر مع من يكون مجلسك لا يكون مع صاحب بدعة فإن الله تعالى لا ينظر إليهم وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة , وأدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وهم ينهون عن أصحاب البدعة
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في العلل ومعرفة الرجال { 1/108} : سمعت أبي يقول : سلام بن أبي مطيع من الثقات حدثنا عنه ابن مهدي ثم قال أبي : كان أبو عوانة وضع كتابا فيه معايب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيه بلايا فجاء سلام بن أبي مطيع فقال يا أبا عوانة اعطني ذاك الكتاب ، فأعطاه فأخذه سلام فأحرقه . قال أبي : وكان سلام من أصحاب أيوب وكان رجلا صالحا
وعن الفضل بن زياد أن رجلاً سأله عن فعل سلام بن أبي مطيع، فقال لأبي عبد الله: أرجو أن لا يضرّه ذاك شيئاً إن شاء الله؟ فقال أبو عبد الله: يضره!! بل يؤجر عليه إن شاء الله.
وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله – يعني أحمد بن حنبل – عن الكرابيسي وما أظهره؟ فكلح وجهه ثم قال : إنما جاء بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها تركوا آثار رسول الله – r – وأصحابه، وأقبلوا على هذه الكتب.
وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله: استعرت كتاباً فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم. قال المروذي: قال أبو عبد الله: يضعون البدع في كتبهم، إنما أحذر منها أشد التحذير.
وقال الإمام أحمد -أيضاً-: إياكم أن تكتبوا عن أحد من أصحاب الأهواء قليلاً ولا كثيراً، عليكم بأصحاب الآثار والسنن.
وعن حرب بن إسماعيل قال: سألت إسحاق بن راهوية، قلت: رجل سرق كتاباً من رجل فيه رأي جهم أو رأي القدر؟ قال: يرمي به. قلت: إنّه أخذ قبل أن يحرقه أو يرمي به هل عليه قطع؟ قال: لا قطع عليه، قلت لإسحاق: رجل عنده كتاب فيه رأي الإرجاء أو القدر أو بدعة فاستعرته منه فلما صار في يدي أحرقته أو مزقته؟ قال: ليس عليك شيء.
وقال الإمام مالك – رحمه الله -:لا تجوز الإجـارات في شيء من كتـب الأهـواء والبدع والتنجيم.
وقال أبو محمد ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة: يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع، يغلظان في ذلك أشد التغليظ، وينكران وضع الكتب برأي في غير آثـار، وينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين، ويقولان لا يفلح صاحب كلام أبداً.
وقال أيضاً:ووجدت في كتب أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي – رحمه الله – مما سمع منه يقول: مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان، وترك النظر في موضع بدعهم والتمسك بمذهب أهل الأثر… وترك رأي الملبّسين المموهين المزخرفين الممخرقين الكذابين. وتـرك النظـر في كتب الكرابيسي ومجانبة من يناضل عنه من أصحابه .
وقال نعيم بن حماد : أنفقت على كتبه – يعني إبراهيم بن أبي يحيى – خمسة دنانير ثم أخرج إلينا يوماً كتاباً فيه القدر وكتاباً فيه رأي جهم، فقرأته فعرفت، فقلت: هذا رأيُك؟! قال: نعم. فحرقتُ بعض كتبه فطرحتها .
وقد عقد الإمام أبو نصر عبيد الله بن سعيد السِّجزي في رسالته إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت فصلاً في التحذير من اهل البدع وكتبهم فقال : الفصل الحادي عشر في الحذر من الركون إلى كل أحد، والأخذ من كل كتاب؛ لأن التلبيس قد كثر والكذب على المذاهب قد انتشر .
اعلموا رحمنا وإياكم الله سبحانه، أن هذا الفصل من أولى هذه الفصول بالضبط لعموم البلاء، وما يدخل على الناس بإهماله، وذلك أن أحوال أهل الزمان قد اضطربت، والمعتمد فيهم قد عز، ومن يبيع دينه بعرض يسير، أو تحبباً إلى من يراه قد كثر، والكذب على المذاهب قد انتشر فالواجب على كل مسلم يحب الخلاص أن لا يركن إلى كل أحد ولا يعتمد على كل كتاب، ولا يسلّم عنانه إلى من أظهر له الموافقة … .
فمن رام النجاة من هؤلاء، والسلامة من الأهواء فليكن ميزانه الكتاب، والأثر – في كل ما يسمع ويرى؛ فإن كان عالماً بهما عرضه عليهما – واتباعه للسلف .
ولا يقبل من أحد قولاً إلا طالبه على صحته بآية محكمة، أو سنة ثابتة، أو قول صحابي من طريق صحيح … .
وليحذر تصانيف من تغير حالهم فإن فيها العقارب وربما تعذّر الترياق .اه
قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعي: شهدت أبا زرعة -وقد سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه- فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات؛ عليك بالأثر؛ فإنك تجد فيه ما يغنيك. قيل له: في هذه الكتب عبرة. فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس؟ ما أسرع الناس إلى البدع.
قال الذهبي رحمه الله في السير سير أعلام النبلاء 19/328،329 بعد أن ذكر بعض كتب أهل الضلال :
" فالحذار الحذار من هذه الكتب ، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة ، فمن رام النجاة والفوز فليلزم العبودية ، وليدمن الاستغاثة بالله ، وليبتهل إلى مولاه في الثبات على الإسلام وأن يتوفى على إيمان الصحابة، وسادة التابعين ، والله الموفق . " ). ( 3)
قال الشيخ زيد المدخلي معلقاً:" وقد حذر سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ـ من النظر في كتب المبتدعة لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة ومما يؤسف له أن كثيرا من الشباب اليوم يقرؤون في كتب أهل الأهواء والضلال ويربون أنفسهم عليها ثم يعودون حربا على السنة وأهلها وحربا على منهج السلف الحق ، فإنا لله وإنا إليه راجعون
و قال الإمام أبو عثمان الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (ص298 – 299): [ويبغضون أهلَ البدع، الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونَهم، ولا يصحبونَهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونَهم، ولا يجادلونَهم في الدين، ولا يناظرونَهم، ويرون صون آذانِهم عن سماع أباطيلهم، التي إذا مرت بالآذان، وقرت في القلوب ضرَّت، وجرَّت إليها الوساوس والخطرات الفاسدة ما جَرَّت].
وقد سبق قول سفيان : [مَنْ سَمِعَ بِبِدْعَةٍ، فَلاَ يَحْكِهَا لِجُلَسَائِهِ، لاَ يُلقِهَا فِي قُلُوْبِهِم].
فعَلَّقَ الإمامُ الذهبيُّ في السير (7/ 261) قائلاً: [قُلْتُ: أَكْثَرُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ عَلَى هَذَا التَّحذِيرِ، يَرَوْنَ أَنَّ القُلُوْبَ ضَعِيْفَةٌ، وَالشُّبَهُ خَطَّافَةٌ]
وقال الإمام ابن بطة في "الإبانة" (2/ 470): [فَاللَّهَ اللَّهَ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ, لا يَحْمِلَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ حُسْنُ ظَنِّهِ بِنَفْسِهِ, وَمَا عَهِدَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِصِحَّةِ مَذْهَبِهِ عَلَى الْمُخَاطَرَةِ بِدِينِهِ فِي مُجَالَسَةِ بَعْضِ أَهْلِ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ, فَيَقُول: أُدَاخِلُهُ لأُنَاظِرَهُ, أَوْ لأَسْتَخْرِجَ مِنْهُ مَذْهَبَهُ, فَإِنَّهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنَ الدَّجَّالِ, وَكَلامُهُمْ أَلْصَقُ مِنَ الْجَرَبِ, وَأَحْرَقُ لِلْقُلُوبِ مِنَ اللَّهَبِ, وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِنَ النَّاسِ كَانُوا يَلْعَنُونَهُمْ, وَيَسُبُّونَهُمْ, فَجَالَسُوهُمْ عَلَى سَبِيلِ الإِنْكَارِ, وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ, فَمَا زَالَتْ بِهِمُ الْمُبَاسَطَةُ وَخَفْيُ الْمَكْرِ, وَدَقِيقُ الْكُفْرِ حَتَّى صَبَوْا إِلَيْهِمْ].
4 – وقال الإمام ابنُ عَقِيل: وَكَانَ أَصْحَابُنَا الحنَابلَة يُرِيْدُوْنَ مِنِّي هِجرَان جَمَاعَةٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَحرِمنِي عِلْماً نَافِعاً.
فعَلَّقَ الإمامُ الذهبيُّ في السير (19/ 447)قائلاً: قُلْتُ: كَانُوا يَنهونه عَنْ مُجَالَسَةِ المُعْتَزِلَة، وَيَأْبَى حَتَّى وَقَعَ فِي حَبَائِلهِم، وَتَجسَّر عَلَى تَأْويلِ النصوص – نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ –
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامة كما في الآداب الشرعية لابن مفلح(1/ 251):كَانَ السَّلَفُ يَنْهَوْنَ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِهِمْ وَالاسْتِمَاعِ لِكَلامِهِمْ .
قال الذهبي: "قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعي: شهدت أبا زرعة – وقد سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه- فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك. قيل له: في هذه الكتب عبرة. فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة، فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس؟! ما أسرع الناس إلى البدع!
مات الحارث سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
وأين مثل الحارث؟! فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين، كـ " القوت " لأبي طالب؟! وأين مثل " القوت "؟! كيف لو رأى "بهجة الأسرار" لابن جهضم و"حقائق التفسير" للسلمي، لطار لبه؟! كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في "الإحياء" من الموضوعات؟! كيف لو رأى "الغنية" للشيخ عبدالقادر؟! كيف لو رأى "فصوص الحكم " و " الفتوحات المكية"؟!
بلى؟ لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر، كان معاصره ألف إمام في الحديث، فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه، ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميسي وابن شحانة، كان قطب العارفين كصاحب "الفصوص " وابن سبعين، نسأل الله العفو والمسامحة آمين" ([21]) اه
قال الشيخ ربيع بعد أن نقل هذا الكلام في كتابه منهج اهل السنة في نقد الاشحاص والكتب والطوائف :رحم الله الإمام الذهبي، كيف لو رأى مثل "الطبقات " للشعراني، و"جواهر المعاني " و"بلوغ الأماني في فيض أبي العباس التيجاني " لعلي بن حرازم الفاسي؟! كيف لو رأى "خزينة الأسرار" لمحمد حقي النازلي؟! كيف لو رأى " نور الأبصار" للشبلنجي؟! كيف لو رأى "شواهد الحق في جواز الاستغاثة بسيد الخلق " و"جامع كرامات الأولياء" للنبهاني؟! كيف لو رأى " تبليغي نصاب " وأمثاله من مؤلفات أصحاب الطرق الصوفية؟! كيف لو رأى مؤلفات غزالي هذا العصر وهي تهاجم السنة النبوية وتسخر من حملتها والمتمسكين بها من الشباب السلفي وتقذفهم بأشنع التهم وأفظع الألقاب؟! كيف لو رأى مؤلفات المودودي وما فيها من انحراف عقدي وعقلي وسلوكي؟! كيف لو رأى مصنفات القرضاوي وهي تدافع عن أهل البدع وتنتصر لها، بل تشرح أصولها، والذي ينحى منحى غزالي هذا العصر، بل هو أخطر؟! كيف لو رأى دعاة زماننا وقد أقبلوا على هذه الكتب المنحرفة، وهم يسيرون ويسيرون شبابهم وأتباعهم على مناهج الفرق المنحرفة الضالة، بل وينافحون عنها وعن قاداتها المبتدعين؟! كيف لو رأى مصنفات سعيد حوى الصوفية والسياسية المنحرفة؟! كيف لو رأى مصنفات الكوثري وتلاميذه أبي غدة وإخوانه من كبار متعصبي الصوفية والمذهبية؟! كيف لو رأى مصنفات البوطي وأمثاله من خصوم السنة وخصوم مدرسة التوحيد ومدرسة ابن تيمية؟! كيف لو رأى شباب الأمة بل شباب التوحيد وقد جهلوا منهج السلف بل جهلوا الكتاب والسنة وأقبلوا على هذه الكتب المهلكة .اه
ومن اراد الزيادة فليرجع الى كتب السنة ومن الكتب التي اهتمت ببيان منهج اهل السنة في هذا الباب :
1- منهج اهل السنة في التعامل مع كتب اهل البدع للشيخ زيد المدخلي
2- منهج اهل السنة في نقد الاشحاص والكتب والطوائف للشيخ ربيع المدخلي
3- إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء للشيخ خالد الظفيري
فهذا هو منهج اهل السنة يدعو الى ترك اهل البدع وعدم الاصغاء ولم يعرف عن احد منهم قوله يؤخذ الصواب ويترك الخطأ ومزيدا لبيان الحق انقل فتاوى العلماء في التحذير من الكتب التي يكون فيها بدع وضلالات والاشخاص الداعين الى الباطل :
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتاب الدرر السنية 3/209-210 أثناء كلامه على الأشاعرة :
فصنف المتأخرون من هؤلاء على مذهبهم الفاسد مصنفات، كالأرجوزة التي يسمونها: جوهرة التوحيد؛ وهي إلحاد وتعطيل ، لا يجوز النظر إليها ، ولهم مصنفات أخر نفوا فيها علو الرب تعالى، وأكثر صفات كماله نفوها، ونفوا حكمة الرب تعالى .
ومن فتاوى اللجنة الدائمة في التحذير من كتب الضلال والبدع :
جاء في جواب السؤال الثالث والرابع من الفتوى رقم (782) والسؤال كان عن بعض الخرافات :فكل هذا وأمثاله من كلام الكذابين من القصاص، فيجب على المسلم ألا يقبله منهم، وأن يتجنب القراءة في الكتب التي ليست مأمونة مثل كتاب [بدائع الزهور في وقائع الدهور] فإن مؤلفه وأمثاله هم الذين يذكرون مثل هذه الافتراءات. والله أعلم.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … نائب رئيس اللجنة
عبد الله بن سليمان بن منيع … عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان … عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم (19185)
س: ما رأيكم في كتاب (كشف الأكنة عما قيل إنه بدعة وهو سنة) لمؤلفه عبد الوهاب مهيه؟
ج: بعد النظر والاطلاع على الكتاب المذكور تبين أن مؤلفه ليس من أهل العلم والتحقيق الذين تؤخذ عنهم الأحكام الشرعية، وقد ذكر أشياء على أنها سنن وهي من البدع، والواجب الرجوع إلى كتب العلماء المحققين المشهود لهم بالديانة والأمانة والرسوخ في العلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … نائب الرئيس … الرئيس
بكر أبو زيد … صالح الفوزان … عبد العزيز آل الشيخ … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (21394)
س 5: هل يمكن لي أن أتعامل مع الذين هم من الإباضيين، أي أنني أشتري وأبيع معهم كالتجارة مثلا، ومع هذا أشتري من عندهم الكتب والأشرطة التي لا بأس بها، فهذا الأمر أنا فيه. فهل أتوقف من هذا الأمر أم أستمر؟
ج 5: لا بأس بشراء الكتب النافعة من أي أحد وجد عنده، لما في ذلك من الفائدة، أما كتب البدع والضلال فلا يجوز بيعها ولا شراؤها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … عضو … الرئيس
بكر أبو زيد … صالح الفوزان … عبد الله بن غديان … عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
ومن فتاوى سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله
4465- المكتبات العامة وما ينبغي أن يوجد بها من الكتب)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم مدير المكتبة السعودية الشيخ محمد عبد الرحمن بن قاسم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصلني كتابكم المؤرخ 15/5/76هـ وفهمت مضمونه خصوصا إشارتكم بأنكم تودون أن لو أرسلت إليكم أسماء الكتب الممنوع توريدها لئلا تطلبوها.
وأفيدكم أن الكتب الممنوعة لا تنحصر أسماؤها، فإن كل كتاب يشتمل على باطل فإنه ممنوع، ووظيفة المكتبة توريد الكتب النافعة التي لا محذور فيها، وليس وظيفتها وشأنها توريد الكتب كلها حتى يطلب تبيين ما لا يصلح ليتقى، أما ما كان مشهور النفع في علم الطب أو لغة أو ما أشبه ذلك وفيه أشياء منتقدة فهذا شيء آخر، ومن خصوص طلبكم بيان بأسماء الكتب التي يحجزها المفتشون فلا مانع من أن ترسلوا شخصا إلى دار الإفتاء يأخذ أسماءها من التفتيش. والسلام عليكم.
(ص/636 في 17/5/1376هـ)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد تلقيت خطابكم تاريخ 15/7/81هـ بصدد سرورك بما قمنا به نحن والمشائخ ضد الخنيزي وكتابه الخبيث الذي سماه (أبو طالب مؤمن قريش) والحقيقة أن ما قرر على هذا الرجل الخبيث هو أقل ما يجب بحقه؛ فإن ضرره كبير وشره مستطير.
أما ما أشرتم إليه بصدد مجلة "المصور" و"روز اليوسف" و"صباح الخير" و"آخر ساعة" فإن الأضرار الحاصلة بها كما ذكرتم وفوق ما وصفتم، ولعل الله يوقف ولاة الأمور لصدها عن البلاد ومنع دخولها، ولا شك أن القيام في مثل هذا الأمر واجب، سدد الله الخطى، ومن على الجميع بالثبات على دينه والنصح له ولعباده، إنه على كل شيء قدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(ص/م 2085 في 8/7/1381هـ)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الأخ إبراهيم بن عبد الله بن عيدان. سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركات. وبعد:
ثم أعيد لكم خطابكم رقم وتاريخ 3/11/76هـ ومشفوعه الرسالة المعنونة بـ "الله والعلم الحديث" تأليف عبد الرزاق نوفل.
وأفيدكم أنني اطلعت عليها، وهي رسالة فائدتها قليلة، مع أنها اشتملت على أمور كثيرة لا تسلم للمؤلف. وبالجملة فهي رسالة لا ينبغي أن يهتم منها أو يعتنى بها، والسلام عليكم ورحمة الله.
(ص/م 1991 في 22/11/1376هـ) .
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح لمعة الاعتقاد :ومن السُّنة: هجران أهل البدع، ومُبَاينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدِّين، وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم، وكل محدثةٍ في الدِّين بدعة.
هجران أهل البدع
الهجران مصدر هَجَرَ وهو لغة: الترك والمراد بهجران أهل البدع الابتعاد عنهم، وترك محبتهم وموالاتهم والسلام عليهم وزيارتهم وعيادتهم ونحو ذلك.
وهجران أهل البدع واجب لقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] .
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلَّفوا عن غزوة تبوك.
لكن إن كان في مجالستهم مصلحة لتبيين الحق لهم وتحذيرهم من البدعة فلا بأس بذلك، وربما يكون ذلك مطلوبًا لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] .
وهذا قد يكون بالمجالسة والمشافهة وقد يكون بالمراسلة والمكاتبة، ومن هجر أهل البدع ترك النَّظر في كتبهم خوفًا من الفتنة بها أو ترويجها بين الناس فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الدجال: "من سمع به فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات". رواه أبو داود، قال الألباني: وإسناده صحيح153.
لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به، وكان قادرًا على الرد عليهم بل ربما واجبًا؛ لأن رد البدعة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وسئل رحمه الله : بارك الله فيكم، من محافظة بيالي العراق مستمعة غريبة الأصلاني تقول في سؤالها: عندنا الكثير من كتب التصوف، فما رأي الشرع في نظركم يا فضيلة الشيخ في هذه الكتب وبالتصوف؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نظري في التصوف -كغيره مما ابتدع في الإسلام- ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته حيث قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة) .فالتصوف المخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة وضلالة يجب على المسلم أن يبتعد عنها، وأن يأخذ طريق سيره إلى الله من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وأما كتب الصوفية فإنه لا يجوز اقتناؤها ولا مراجعتها، إلا لشخص يريد أن يعرف ما فيها من البدع من أجل أن يرد عليها، فيكون في نظره إليها فائدة عظيمة، وهي: معالجة هذه البدعة حتى يسلم الناس منها، ومن المعلوم أن النظر في كتب الصوفية وغيرها من البدع من أجل أن يعرف الإنسان ما عندهم حتى يرد عليهم، من المعلوم أن هذا أمر مرغوب فيه إذا أمن الإنسان على نفسه من أن ينحرف من هذه الكتب
قال الشيخ الفوزان في الارشاد 1-388:خامسا: ما يعامل به المبتدعة
تحرم زيارة المبتدع ومجالسته؛ إلا على وجه النصيحة له والإنكار عليه؛ لأن مخالطته تؤثر على مخالطه شرا، وتنشر عدواه إلى غيره.
ويجب التحذير منهم ومن شرهم إذا لم يمكن الأخذ على أيديهم ومنعهم من مزاولة البدع، وإلا؛ فإنه يجب على علماء المسلمين وولاة أمورهم منع البدع، والأخذ على أيدي المبتدعة، وردعهم عن شرهم؛ لأن خطرهم على الإسلام شديد
وسئل الشيخ الراجحي هناك بعض الجرائد تنشر صور النساء شبه عاريات، أو مقالات تحارب الإسلام، فهل يجوز شراؤها؟
فقال: لا يجوز، بل يجب إتلافها، فالصحف التي فيها صور العاريات، أو شبه عاريات، أو الكتب التي فيها التشكيك بالدين أو كتب أهل البدع كل هذه يجب إتلافها وإحراقها ولا يجوز شراؤها، إلا إذا اشتراها لأجل الإنكار، أو إبلاغ المسئولين، أو الرد على أصحاب البدع لا بأس، وهذا إذا كان طالب علم.
وقال الشيخ الالباني مقررا مذهب السلف في هذا الباب "الهدى والنور" (738):لذلك كان كثير من علماء السلف يحذرون عامة الناس أن يجالسوا أهل الأهواء؛ لأنهم أهل شبهات وطرح إشكالات ومع الأسف لا يستطيع كثير من أهل العلم أن يجيبوا جواباً مقنعاً موافقاً للكتاب والسنة من جهة، ومتابعاً للعقل الصحيح من جهة أخرى, كثير من الناس لا يستطيعون أن يُقدِّموا الحجة والبيان لأولئك الذين تأثروا بالشبهات والإشكالات التي يطرحها أهل الأهواء والبدع لذلك حسموا الباب ونُهُوا عن مخالطة أهل البدع والأهواء.
وقال : فمن كان عالماً بالخير والشر كـ حذيفة بن اليمان ، وكان بالتالي في هذا الزمان عارفاً بالسنة، فيتبعها ويحض الناس عليها، وعالماً بالبدعة فيجتنبها ويحذر الناس منها، هذا الشخص هو الذي يجوز له أن يجادل أهل البدعة أو المبتدعة أما أن يفعل كما يفعل بعض إخواننا الذين لم يؤتوا من العلم إلا حظاً قليلاً، ثم يدخلون في مجادلة من هم أقوى منهم علماً، ولو كان هذا العلم مشوباً بكثير من البدعة أو علم الكلام -كما قلنا آنفاً- فهؤلاء ننصحهم أن ينطووا على أنفسهم، وأن يعتزلوا المبتدعة، وألا يجادلوهم؛ لأنهم سيتأثرون بشبهاتهم، كمثل ذاك السؤال الذي سمعتم في أول الجلسة، وسمعتم الرد عليه، أنهم يصغون لكل ناعق ولكل صائح، فتتعلق الشبهة في ذهن السامع؛ حتى يتيسر له عالم يتمكن من إزالة هذه الشبهة من نفسه.
لذلك تكاثرت النصوص عن سلفنا الصالح من العلماء، كـ مالك و أحمد وغيرهم، أنهم كانوا يحذرون الناس كل التحذير من الجلوس مع أهل البدع؛ بل وكانوا يأمرونهم بمقاطعتهم؛ خشية أن يتسرب شيء من شبهاتهم إلى نفوسهم..
والشيخ الألباني في كثير من كتبه وأشرطته ينصح بأخذ العلم عن العلماء الموثوقين الذين ينهجون منهج السلف ويحذر من المخالفين مثلا الكوثري والغماري وابو غدة والغزالي والبوطي والقرضاوي وغيرهم كثير وكثير فهذا هو منهج الشيخ في هذا الباب اما ما نقله مسعود عن الشيخ الالباني رحمه الله فلا يجعل منه منهجا للشيخ وانما يؤخذ منه ان بعض اهل البدع قد تكون لهم كتابات لا تخالف منهج السلف فلا مانع من نشرها والاستفادة منها لكن من الذي يبين للناس ان هذا الكتاب ليس فيه مخالفات أليس هم اهل العلم وقد ذكر العلماء ضوابط في الاستفادة من كتب اهل البدع وهذه فتوى للشيخ فركوس في هذا الباب وعنوانها ضوابط الاستفادة من كتب اهل البدع
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فلا يتوقَّف النظر في مسألة تلقي العلم على أهل البدع والاستفادة من كتبهم ومؤلفاتهم على صدق المبتدع أو عدمه بقدر ما ينظر فيها إلى نوع العلم الذي يلقيه أو يسطِّره في كتابه، ومدى تأثر الناس به وببدعته، ومن زاوية هذه الرؤية يُفرَّق بين من يمتلك آلة التمييز بين الحقِّ والباطل وبين فاقد أهلية التمييز.
فإن كان نوع العلم الذي تضمَّنه مؤلَّفهم يحتوي على فسادٍ محضٍ من زيغٍ وضلالٍ وخرافةٍ في الاعتقاد وتحكيمٍ للهوى وعدولٍ عن النصوص الشرعية وانحراف عن الأصول المعتمدة، ككتب أهل الكلام والتنجيم سواء صدر من رافضي أو خارجي أو مرجئٍ أو قدريٍّ أو قُبوريٍّ، فإنَّ نصوص الأئمة في كُتُب السِّيَر والاعتصام بالسُّنة حافلة بمنابذة المبتدعة والتخلي عن الاستفادة من مؤلفاتهم وكتبهم خشية الافتتان بآرائهم المخالفة للسُّنة والتأثر بفساد أفكارهم والانزلاق في بدعتهم وضلالهم، وقد حذّروا من النظر في كتب أهل الأهواء، وحثُّوا على إبعادها وإتلافها تعزيرًا لأهل البدع، وتفاديًا لمفسدة التأثر بها. ويدلُّ عليه قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال:«أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لاَ تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبَعَنِي»(1- أخرجه أحمد في «مسنده»: (3/378، 387)، والدارمي: (1/115)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفي سنده مجالد وهو ضعيف، وله شاهد بنحوه من حديث عبد الله بن شداد رضي الله عنه عند أحمد: (3/470، 471)، وفي سنده جابر الجعفي، والحديث حسّنه الألباني في «ضلال الجنة»: (1/27)، وقال: «إسناده ثقات غير مجالد، وهو ابن سعيد فإنه ضعيف، لكن الحديث حسن، له طرق أشرت إليها في "المشكاة" (177) ثم خرجت بعضها في "الإرواء"».).
وضمن هذا المعنى يقول ابن القيم رحمه الله-: «وكلُّ هذه الكتب المتضمِّنة لمخالفة السُّنَّة غير مأذون فيها بل مأذون في محقها وإتلافها وما على الأمة أضر منها، وقد حرق الصحابة جميعَ المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لَمَّا خافوا على الأُمَّة من الاختلاف، فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة»(2- «الطرق الحكمية» لابن القيم: (233 وما بعدها))، ويقول أبو القاسم الأصبهاني: «ثم من السنة: ترك الرأي والقياس في الدين، وترك الجدال والخصومات، وترك مفاتحة القدرية وأصحاب الكلام وترك النظر في كتب الكلام وكتب النجوم، فهذه السنة التي اجتمعت عليها الأمة»(3- «الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني: (1/252)).
أمَّا إذا كان نوع العلم في كتبهم ومصنَّفاتهم ممتزجًا بين الحقِّ والباطل من الكتب الأصول، فإن كان طالب العلم فاقدًا لأهلية النظر لا يقتدر على التمييز بين الممزوج ولا يعرف حدود الحقِّ من الباطل فحكمه ترك النظر -أيضًا- في هذه المصنفات والكتب خشية الوقوع في تلبيساتهم وتضليلاتهم.
وأمَّا إن كان طالب العلم الناظر فيها متشبعًا بالعلم الشرعي الصحيح ويملك آلة التمييز بين الحقِّ والباطل، والهدى والضلال، واحتاج إلى الاطلاع عليها: إمَّا لدراستها وتحقيق صوابها من خطئها، وإمَّا للردِّ على ما تتضمَّنه من انحرافٍ وزيغٍ وخرافةٍ، فله أن يُقبِل عليها، ويَقْبَل الحقَّ من أيِّ جهةٍ كان، فقد كان من عدل سلفنا الصالح قَبول ما عند جميع الطوائف من الحقِّ ولا يتوقَّفون عن قبوله، ويردون ما عند هذه الطوائف من الباطل، فالموالي منها والمعادي سواء، إذ لا أثر للمتكلِّم بالحقِّ في قبوله أو رفضه، وفي هذا السياق قال ابن القيم -رحمه الله-: «فمن هداه الله سبحانه إلى الأخذ بالحقِّ حيث كان ومع من كان ولو كان مع من يبغضه ويعاديه، ورد الباطل مع من كان ولو كان مع من يحبه ويواليه فهو ممَّن هُدِي لما اختلف فيه من الحق»(4- «الصواعق المرسلة» لابن القيم: (2/516)).
وعليه، فلا يجوز الإحالة على كتب المبتدعة ومصنفاتهم إن كان ضررها يماثل نفعها أو أعظم منه، بل الواجب التحذير منها وهجرها، أمَّا إن كان نفعها أعظم من ضررها فله أن يحيل عليها في البحوث والمقالات مع بيان ما حوته من شرٍّ أو فسادٍ إن أمكن، أو تنبيه على جوانب ضررها ولو في الجملة قصد الاحتراز منها على حدِّ قولهم: «اجن الثمار وألق الخشبة في النار» وفي هذا المعنى من تحصيل النفع بمن فيه بدعة يقول ابن تيمية -رحمه الله-: «فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب، كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيرًا من العكس، ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل»(5- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (28/212)).
هذا، ولا يقال في حقِّ هذه المصنفات: «خذ الحقَّ منها واترك الباطل» مطلقًا إلاَّ من كان محصنًا بالعلم الشرعي النافع، قادرًا على محاصرة كتب أهل البدع المخالفين لمنهج أهل الحقِّ، وتطويق آرائهم وشبهاتهم، حفظًا لعقيدة المؤمنين من الفساد العقدي، وحماية لقلوبهم من الشبه والتلبيس، وصيانة لعقولهم منها، علمًا أنَّ مشروعية ترك النظر في كتب المخالفين لمنهج أهل الحق إنما تندرج تحت قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي تعد من أهم أسس هذا الدين وقواعده.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 29 ربيع الأول 1445ه
المـوافق ل: 26 مـارس 2024م
وهذه قاعدة ذكرها الشيخ ابن باز رحمه الله ينبغي ان يعمل بها كل سالك سبيل النجاة في زمن كثرت فيه الفتن والشبهات و كثر فيه ادعياء العلم ويصدق على هذا الزمن ما رواه البخاري في صحيحه فقال : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»
قال الشيخ ابن باز:والقاعدة في هذا أن كل من عرف باتباع السنة، وتعظيم السنة والسير على منهج السلف الصالح، فهو الذي ينبغي السير على منهاجه، والاستعانة بكتبه والثناء عليه، وحث الناس على الاستفادة من كتبه هكذا، لا يقتصر على أحد معين، كل من عرف أنه يعتني بالسنة ويعظم كلام الله، وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، ويحذر كلام أهل البدع، ويحذر منه ويسير على منهاج السلف الصالح، فهو جدير بالاتباع، وجدير أن يعض على كتبه بالنواجذ سواء كان شافعيا أو مالكيا أو حنفيا، أو حنبليا أو ظاهريا أو لا ينتسب لأحد.
وسئل الشيخ ابن باز :بعض الناس يعتمد على الكتب الفكرية والثقافية ويقرأ منها ثم بعد ذلك يظن أنه عالم وداعية مع أنه ضعيف في الفقه في الدين ولم يقرأ في الكتب الشرعية. فما هو توجيه سماحتكم لمثل ذلك؟
ج: العلم: قال الله وقال رسوله، وليس قال فلان وفلان، العلم: قال الله وقال رسوله، بعد ذلك قول أهل العلم بما يفسرونه ويوضحونه للناس، وأهل العلم هم خلفاء الله في عباده بعد الرسل قال جل وعلا: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} (1) والعلم هو العلم بالله وبدينه، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (2) وهم الرسل وأتباعهم أهل البصائر، أهل الدين، أهل الحق، أهل القرآن والسنة، فالعلماء هم خلفاء الرسل وهم الموضحون والدالون على الله وعلى دينه، ولا يكون طالب العلم من أهل العلم إلا بتدبر وتعلم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والأخذ من علماء السنة، هذا هو طريق العلم: أن يقبل على الطاعات والتدبر والتعقل والاستفادة، ويقرأ قراءة المستفيد الطالب للعلم من أوله إلى آخره، ويتدبر ويتعقل ويطالع ما أشكل عليه في كتب التفسير المعتمدة كتفسير ابن كثير والبغوي ونحوهما من التفاسير المعتمدة، ويعتني بكتب الحديث الشريف، ويأخذ العلم عن علماء أهل السنة والجماعة من أهل البصيرة، لا من علماء الكلام، ولا من علماء البدع، ولا من الجهلة، فالعلم الذي ليس من كتاب الله وسنة رسوله لا يسمى علما بل يسمى جهلا، وإن كان علما نافعا في الدنيا، لكن المقصود الذي ينفع في الآخرة وينقذ من الجهالة، ويتبصر به الإنسان في الدين ويعرف ما أوجب الله عليه وما حرم عليه هذا هو العلم الشرعي.
فهذا هو الحق اما ما وجد من كلام اهل العلم مخالفا له فان الحق احب الينا من كل احد ثم هذه قاعدة الامام ابن سيرين تهدم اقوالهم " ان هذا العلم دين فانظر عمن تأخذ دينك "
والحمد لله رب العالمين.
كتبه ابو عبد الرحمن بن احمد الجلفي