الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
ليكن ولاؤك أخي المسلم لجماعة المسلمين العامة وأخرج نفسك من الولايات الضيقة، كالولاء للتيارات والأحزاب التي تجعل من صاحبها ضيق الصدر والأفق.
قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [ التوبة- 71]، أي: ولاءً عاماً, لا ولاء لبعض المؤمنين دون بعض، حيث تجد البعض يوالي مَنْ على مذهبه وطريقته ورايته وكأن باقي المسلمين أمرهم لا يعنيه.
وانظر إلى ما رواه البخاري (6011) ومسلم (2586) في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثلُ الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
( مثل المؤمنين) أي: كل المؤمنين لا بعض المؤمنين، فلم يحدد المشرع مؤمني جهة معينة، أو حزب معين، ليكون لهم ولاء خاص دون غيرهم، ويكون لهم من المودة والرحمة والعاطفة ما لا يكون لباقي جماعة المسلمين, فيُقطّعُ ذلك الجسد الذي ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً في تعامل المجتمع المسلم كله في قوله المتقدم ( مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
والفيصل الوحيد في الولاء والبراء والقرب والبعد، هو مدى العلاقة مع معبودنا، مع الله لا إله إلا هو، ومقدار المحبة والمتابعة لرسول الله صلى عليه وسلم، وغير ذلك من التقسيمات والألغاز التي فرّقت جماعة المسلمين فلا نقيم لها وزناً، ما دام المشرع لم يضع لها وزناً.
وهذه بعض حقوق إخواننا المسلمين:
للمسلم على أخيه المسلم حقوق منها: يغفر له زلته، ويرحم عَبْرته, ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصحه، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعوده في مرضه، ويشهد ميتته، ويشمت عطسته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويطيب كلامه، ويبرّ إنعامه، ويبرّ ويصدق أقسامه، وينصره ظالماً أو مظلوماً، ويواليه, ولا يعاديه، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه، وإن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئاً فيطالبه يوم القيامة فيقضي له بها عليه ولن ينجيه قول من الأقوال مهما كان قائله إلا ما كان من قول الله تعالى أو قول على لسان نبيه.
وإليك بعض الأدلة اختصارا:
1- روى البخاري (1240) ومسلم (2162) في صحيحيهما من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حق المسلم على المسلم خمس، رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس».
2- روى البخاري (13) ومسلم ( 45) في صحيحيهما من حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه»، وأخرجه البخاري في كتاب الإيمان- باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وكذلك مسلم أخرجه أيضا في كتاب الإيمان.
3- وروى مسلم (54) في صحيحه من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: « لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَ لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم».
4- روى البخاري (6076) ومسلم (2559) في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال».
5- روى البخاري (6077) ومسلم (2560) في صحيحيهما من حديث أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».
6- وروى أحمد في مسنده (2/68) ما صح بشواهده عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله»، ويقول: «والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما إلا بذنب يُحدثه أحدهما»، وكان يقول: «للمرء المسلم على أخيه من المعروف ست: يشمِّته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، وينصحه إذا غاب، ويشهده إذا مات، ويُسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويتبعه إذا مات، ونهى عن هجرة المسلم أخاه المسلم فوق ثلات».
7- روى البخاري (2442) ومسلم (2580) في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمهُ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
8- روى أحمد (2/252) وابن حبان (11/405) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم : «من أقال مسلماً عثرته أقال الله عثرته يوم القيامة».
9- روى البخاري في صحيحه (6952) من حديث أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصرة».
وروى مسلم في صحيحه (2584) من حديث جابر- رضي الله عنهما- في قصة ما حدث بين المهاجرين والأنصار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً إن كان ظالما فلينْهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره».
10- روى البخاري (5635) ومسلم (2066) في صحيحيهما من حديث البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونصر المظلوم وإبرار المُقسم …..» الحديث.
11- روى أبو يعلى في مسنده (11/481) وابن حبان في صحيحه (2/375) والحاكم في المستدرك (4/294) عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تجلسوا بأفنية الصعدات قالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع ذلك ولا نطيقه، قال: «إما لا فأدوا حقها»، قالوا: وما حقها يا رسول الله؟ قال: «رد التحية وتشميت العاطس إذا حمد الله وغض البصر وإرشاد السبيل».
وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد وهو كما قال.
والأدلة والنصوص في هذا الباب كثيرة ولا نريد الإطالة، والحمد لله رب العالمين.
الشيخ المحدث / عبد العزيز بن ندى العتيبي – حفظه الله –
بارك الله فيك
بارك الله فيك
الحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمة
بارك الله فيك
الحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمة
بارك الله فيك |
وفيك بارك الله
جزاكم الله خيرا ونفع بكم الامة
بارك الله فيك…
شكرا ليك على هذا الموضوع
العداوة بين أهل العلم:
ليس عليك أن تقلِّد العلماء في نفسيَّتهم، ومزاجهم، و صداقاتهم وعداواتهم، فهذا ليس ممَّا يؤخذ عن أكثرهم إن لم تظفر بمثل أحمد و البخاريِّ و ابن تيميَّة ـ مثلا، وأنَّى لك في هذا الزَّمن مثلهم ـ ممَّن غلبت تقواه باطنه، وتجرَّد من العلائق، وطهَّر نفسه من شرك الأغيار، و استوى عنده الحيُّ و الميِّت في الخوف و الرَّجاء، فحفظ السِّرَّ مع الله لأنَّ لكلِّ سالك طريق الله، و المفروض على العلماء أن يكونوا في أوَّل السَّالكين سرٌّ مع الله ، وجمع قلبه على طلب رضاه ولو في سخط النَّاس، فماتت فيه الأطماعُ، فلم يطغه علم عن التَّواضع للحقِّ، ولم تكسر شهوةٌ إرادته للحقِّ في كلِّ صوره و تجلِّياته،قطع الشَّواغل عن الاجتهاد،ورضي بما تيسَّر من العيش.
الشيخ مختار الطيباوي
العداوة بين أهل العلم:
ليس عليك أن تقلِّد العلماء في نفسيَّتهم، ومزاجهم، و صداقاتهم وعداواتهم، فهذا ليس ممَّا يؤخذ عن أكثرهم إن لم تظفر بمثل أحمد و البخاريِّ و ابن تيميَّة ـ مثلا، وأنَّى لك في هذا الزَّمن مثلهم ـ ممَّن غلبت تقواه باطنه، وتجرَّد من العلائق، وطهَّر نفسه من شرك الأغيار، و استوى عنده الحيُّ و الميِّت في الخوف و الرَّجاء، فحفظ السِّرَّ مع الله لأنَّ لكلِّ سالك طريق الله، و المفروض على العلماء أن يكونوا في أوَّل السَّالكين سرٌّ مع الله ، وجمع قلبه على طلب رضاه ولو في سخط النَّاس، فماتت فيه الأطماعُ، فلم يطغه علم عن التَّواضع للحقِّ، ولم تكسر شهوةٌ إرادته للحقِّ في كلِّ صوره و تجلِّياته،قطع الشَّواغل عن الاجتهاد،ورضي بما تيسَّر من العيش. الشيخ مختار الطيباوي |
بارك الله فيك