من علامات الساعة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم ظهور الفتن ,وكثرة وقوعها وانتشارها .
والفتنة : هي كل أمر مكروه أو آيل إلى مكروه؛ كالإثم والكفر والقتل والفضيحة, وسائر البلاء والمحن.
وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الفتن وأمرهم بالتعوذ منها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ( تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ) ومما يعظم شأن الفتنة أنها إذا وقعت أدت إلى اختلاف العقول واختلال الموازين, فتطيش بسببها العقول, وتسلب الألباب, ويحتار منها أولوا الألباب.
قال حذيفة رضي الله عنه : ( ما الخمر صرفاً بأذهب بعقول الرجال من الفتن )، وقال رضي الله عنه: ( ستكون فتنة بعدها جماعة, ثم يكون بعدها جماعة؛ ثم تكون فتنة لا تكون معها جماعة, ترفع فيها الأصوات, وتشخص الأبصار, وتذهل العقول, فلا تكاد ترى رجلاً عاقلاً ). والفتنة إذا وقعت لم يميز المرء بسببها الحق من الباطل ولا الخطأ من الصواب؛ لاشتباه الأمور, وكثرة تزويق الباطل حتى يقدم بصورة الحق؛ وهذا من أعظم الفتن التي تحير أولي العقول والنهى, سئل حذيفة رضي الله عنه: أي الفتن أشد؟ قال : أن يُعرَض عليك الخير والشرّ فلا تدري أيهما تركب، وقد لا يميز المرء الفتنة حين تقبل عليه فيسارع إلى الخوض فيها ويكون جزءاً منها, فإذا انقشعت تبين له أنه سقط في الفتنة.
قال مطرف بن عبد الله: قلنا للزبير في قصة الجمل، يا أبا عبدالله: ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة- أي: عثمان رضي الله عنه في المدينة, ثم جئتم تطلبون بدمه بالبصرة؟ فقال الزبير رضي الله عنه: إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة )، فلم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت.
والفتن تتفاوت في درجاتها وقوتها, فمنها فتن شديدة مظلمة ومنها فتن صغيرة, وقد تنوعت الفتن التي حلت في هذه الأمة في أمر دينها ودنياها, وكلما تقدم الزمن فإذا بالفتن تنتشر وتقوى، قال الزبير بن عدى: (أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج, فقال: اصبروا, فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشرّ منه حتى تلقوا ربكم, سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم).
وقد جعل الله عز وجل لخروج الفتن وفتح بابها على الناس علامة ظاهرة تتمثل بموت عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فقد كان عمر رضي الله عنه هو الباب الفاصل بين الناس وبين وقوع الفتن، فلما قتل شهيداً انكسر الباب كسراً شنيعاً, وانفتحت على الناس أنواع الفتن والبلايا, وقد جاء رجل إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال: يا أبا سليمان اتق الله, فإنَّ الفتن ظهرت, فقال: أما وابن الخطاب حي فلا, إنما تكون بعده, فينظر الرجل فيفكر هل يجد مكاناً لم ينـزل به مثل ما نزل بمكانه من الفتنة والشر فلا يجد, فتلك الأيام التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي الساعة أيام الهرج).
ولا تزال الفتن تموج بالناس حتى تجعل الحليم حيراناً, ويضعف الدِّين حتى يعود الدين غريباً, ويبحث المسلم الصادق عن مكان يعبد الله فيه فلا يجد ذلك إلا بشق الأنفس، ولا يكاد يظفر بمطلوبه, فتضيق عليه الأرض بما رحبت, وتزيغ الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر خوفاً على دينها من الضياع, وتجده يقلِّب بصره ليجد مكاناً خلا من الفساد فلا يكاد يجده، وهذا من أعظم الفتن على المسلم, وأشد ما يضعف دينه؛ وتنهار بسببه قواه.
قال خالد بن الوليد رضي الله عنهالفتنة أن تكون في أرض يُعمل فيها بالمعاصي, وتريد أن تخرج منها إلى أرض لم يُعمل فيها بالمعاصي فلا تجدها).
فلله نشكو ما نحن فيه من غربة الدِّين وضعفه في قلوب أهله وكثرة المحاربين له من أمم الكفر الداعين إلى الانحلال والفجور في كل زاوية من زوايا المعمورة, وتكريس جهودهم على بلدان المسلمين ليغرقوهم بالشهوات, وكلما رأوا بلداً أكثر تمسكاً بالأخلاق, كلما كان الضرب عليه أكبر، وتوجيه السهام أشد وأشد، ويجدون من يعينهم على تحقيق أهدافهم ممن يلبسون لباس أهل الإسلام ومن أهل جلدتهم ويتسمون بأسمائهم؛ وهم أشد خبثاً ومكراً (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
ولا يزال البلاء يشتد على المؤمن وتستحكم عليه الغربة حتى يأتيه زمن يغبط فيه صاحبَ القبر على موته ويتمنى أنْ لو كان مكانه.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: ياليتني مكانه).
قال أبو ذر رضي الله عنه: يوشك أن تمر الجنازة في السوق على الجماعة فيراها الرجل فيهز رأسه, فيقول: يا ليتني مكان هذا, قلت: يا أبا ذر، إنَّ ذلك لمن أمرٍ عظيم, قال: أجل.
ومن أعظم الأسباب التي تدفع الفتن عن العبد، لزوم الدعاء لله والاستعانة بالله رب العالمين أنْ يثبت قلبه وأن يقيه شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال صلى الله عليه وسلم: (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن).
ومن الوسائل المنجية من الفتن الابتعاد عنها, فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الدجال وهو أعظم فتنة فأمر بالفرار منه فقال صلى الله عليه وسلم: (من سمع بالدجال, فلينأ عنه, فو الله إنَّ الرجل ليأتيه وهو يحب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به الشبهات).
فينبغي للمسلم أنْ يعالج كل ما يرى أنه فتنة له بهذا العلاج النبوي, ولا يجعل دينه ساحة تجارب.
ومما يدفع المسلم الفتن مبادرتها بالأعمال الصالحة فيكثر من أعمال البر التي تكون له زاداً عند حلول الفتن الخاصة والعامة, قالت أم سلمة رضي الله عنها استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة يقول: سبحان الله, ماذا أنزل الله من الخزائن, وماذا أُنزِل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات- يريد أزواجه-كي يصلين؟ ربَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة).
وهذا فيه الندب والتضرع عند نزول الفتنة ولا سيما في الليل لرجاء وقت الإجابة لتُكتشف أو يسلم الداعي ومن دعا له.
ومما تدفع فيه الفتن الاجتهاد في إصلاح الناس ودعوتهم إلى الله عز وجل بالعلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين, لأنهم أعمق الناس فهماً, وأصدقهم لهجةً وحكماً, وأثبتهم ديانةً وعلماً.
فالاجتهاد في إصلاح الناس في عقيدتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم مما يحقق الأمن في المجتمعات ويدفع عنها فتن الدين والدنيا؛ ومخالفة الناس لأمر الله تعالى وتعدي حدوده كفيل بأنْ تحل بهم الفتن الظاهرة والباطنة في الدين والدنيا؛ قال تعالى: (ولو أنَّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما يكسبون * أفأمن أهل القرى أنْ يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون* أوَأَمن أهل القرى أنْ يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون* أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون).
نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
{موقع الشيخ سالم العجمي حفظه الله }
أعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن
شكرااااااااااااا جزييييييييييييييييييلا
بارك الله فيك
اعوذ بالله من الفتن
أعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن