إنما النساء شقائق الرجال
إنما النساء شقائق الرجال
الحديث عن المرأة حديث ذو شجون، وحديث له أطراف وأبعاد متشعبة، إذ إن غالب الحديث في وسائل الإعلام عن المرأة من حيث حقوقها وواجباتها، ومن حيث هضم حقوقها كما يزعم البعض، ومن حيث إظهارها بغير مظهرها اللائق وجعلها سلعة رخيصة تباع وتشترى، وتهان وتمتهن، وليس هناك من أنصف المرأة وأعطاها حقوقها واحترم إنسانيتها مثل الإسلام دين الله العظيم.
وهذا العنوان -النساء شقائق الرجال- هو جزء من حديث أخرجه أبوداود وأصله في صحيح مسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما. قال: -يغتسل-، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد البلل. قال: -لا غسل عليه-، فقالت أم سليم: المرأة ترى ذلك أعليها غسل؟ قال: -نعم إنما النساء شقائق الرجال-.
ومعنى شقائقهم: أي نظائرهم وأمثالهم كأنهن شققن منهم.
وهذا هو الأصل، أن المرأة شقيقة الرجل في الأحكام، لكن الله تعالى بحكمته وعدله جعل هناك فوارق بين الرجل والمرأة، فلابد من التأصيل لهذه القضية الخطيرة: هل المرأة كالرجل تماماً؟ هل هناك فرق بين الرجل والمرأة؟ ما هي الأمور التي تساوي فيها المرأة الرجل؟ تساؤلات كثيرة لا يمكن الإجابة عنها إلا في رحاب كتاب ربنا عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
-وليس الذكر كالأنثى- :
الله سبحانه وتعالى خلق الرجل والمرأة شطرين للنوع الإنساني، قال عز وجل: -وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى- وهذان الشطران يشتركان في عمارة الكون كل فيما يخصه، ويشتركان في عمارته في العبودية لله تعالى بلا فرق بين الرجال والنساء في عموم الدين عقيدة، وعبادة، ومعاملة، وأخلاقاً، وسلوكاً، قال سبحانه: -من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة-، وقال عز وجل: -ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً-.
لكن الله قدر وقضى أن الذكر ليس كالأنثى في صفة الخلقة والهيئة والتكوين، ففي الذكورة من الكمال الخلقي والقوة الطبيعية الشيء الكثير، والأنثى أنقص منه خلقة وجبلة وطبيعة، فالمرأة يعتريها الحيض والحمل والمخاض والرضاع وشؤون الرضيع، ولهذا خلقت الأنثى من ضلع آدم عليه السلام، فهي جزء منه، تابع له، ومتاع له، والرجل مؤتمن على القيام بشؤونها وحفظها والإنفاق عليها وعلى نتاجها من الذرية.
– ولذلك فإن من آثار هذا الاختلاف في الخلقة: الاختلاف بينهما في القوى، والقدرات الجسدية، والعقلية، والفكرية، والعاطفية، والإرادية، وفي العمل والأداء، والكفاية في ذلك، إضافة إلى ما توصل إليه علماء الطب الحديث من عجائب الآثار من تفاوت الخلق بين الجنسين.
وهذان النوعان من الاختلاف أنيط بهما جملة كبيرة من أحكام التشريع، فقد أوجبا – ببالغ حكمة الله العليم الخبير – الاختلاف والتفاوت، والتفاضل بين الرجل والمرأة في بعض أحكام التشريع، في المهمات والوظائف التي تلائم كل واحد منهما في خلقته وتكوينه، وفي قدراته وأدائه، واختصاص كل منهما في مجاله من الحياة الإنسانية، لتتكامل الحياة، وليقوم كل منهما بمهمته فيها.
فخص الله تعالى الرجال ببعض الأحكام التي تلائم خلقتهم وتكوينهم، وتركيب بنيتهم، وخصائص تركيبها، وأهليتهم، وكفايتهم في الأداء، وصبرهم وجلدهم، وجملة وظيفتهم خارج البيت والسعي والإنفاق على من في البيت.
وخص سبحانه النساء ببعض الأحكام التي تلائم خلقتهن وتكوينهن وتركيب بنيتهن، وخصائصهن، وأهليتهن، وأدائهن، وضعف تحملهن، وجملة وظيفتهن في البيت، والقيام بشؤون البيت، وتربية من فيه من جيل الأمة المقبل.
ولذلك ذكر الله سبحانه عن امرأة عمران قولها: -وليس الذكر كالأنثى- وسبحان من له الخلق والأمر والحكم والتشريع، فتلك إرادة الله الكونية القدرية في الخلق والتكوين والمواهب، وهذه إرادة الله الدينية الشرعية في الأمر والحكم والتشريع، فالتقت الارادتان على مصالح العباد وعمارة الكون، وانتظام حياة الفرد والبيت والجماعة والمجتمع. –
موضوع هام لكن كتابة صغيرة جدا
مشكور أخي على الموضوع الراقي و لا تحرمنا من مواضيعك الجميلة