تخطى إلى المحتوى

2024.

الجيريا

الجيريا

الجيريا


الصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين :

فإن الحج من أفضل العبادات وأعظمها ثواباً، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ)1.
ولنا هنا وقفة مع حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ).
وفيما يلي بيان وتوضيح يسير لما في هذا الحديث العظيم من الفوائد والأحكام مما قاله أهل العلم -رحمهم الله- فنقول مستعينين بالله:
قوله -عليه الصلاة والسلام-: (فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ).
اختلفوا في الرفث، فروي عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه قال: الرفث في الحج: ما كلم به النساء، وروي مثله عن ابن عمر وعطاء، وروي عن ابن عباس أيضا أن الرفث: الجماع، وهو قول مجاهد والزهري، وقال ابن عباس: الفسوق: السباب. وقال مجاهد والزهري: الفسوق: المعاصي. وقال ابن عباس: الجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه. وقال طاووس: هو جدال الناس2.
قال القاضي: "هذا من قوله تعالى:{فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } (197) سورة البقرة. والرفث: اسم للفحش من القول، وقيل: هو الجماع، وهذا قول الجمهور في الآية، قال الله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} (187) سورة البقرة. يقال : رفث ورفث بفتح الفاء وكسرها، يرفُث ويرفِث ويرفَث بضم الفاء وكسرها وفتحها، ويقال أيضاً:أرفث بالألف. وقيل: الرفث: التصريح بذكر الجماع، قال الأزهري: هي جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عباس يخصصه بما خوطب به النساء3.
والجمهور على أن المراد بالرفث في الآية: الجماع.قال الحافظ: والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله في الصيام: (فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ)4. انتهى.

( وَلَمْ يَفْسُق ) ‏
‏أَيْ لَمْ يَأْتِ بِسَيِّئَةٍ وَلَا مَعْصِيَة , وَأَغْرَبَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ فَقَالَ : إِنَّ لَفْظ الْفِسْق لَمْ يُسْمَع فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا فِي أَشْعَارهمْ وَإِنَّمَا هُوَ إِسْلَامِيّ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ كَثُرَ اِسْتِعْمَاله فِي الْقُرْآن وَحِكَايَته عَمَّنْ قَبْلَ الْإِسْلَام . وَقَالَ غَيْره : أَصْله اِنْفَسَقَتْ الرُّطَبَة إِذَا خَرَجَتْ فَسُمِّيَ الْخَارِج عَنْ الطَّاعَة فَاسِقًا .5‏

قال ابن باز رحمه الله-: "والرفث: يطلق على الجماع وعلى الفحش من القول والفعل. والفسوق: المعاصي. والجدال: المخاصمة في الباطل أو فيما لا فائدة فيه, فأما الجدال بالتي هي أحسن لإظهار الحق ورد الباطل فلا بأس به, بل هو مأمور به؛ لقول الله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (125) سورة النحل6

( رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمّه ) ‏
‏أَيْ بِغَيْرِ ذَنْب , وَظَاهِره غُفْرَان الصَّغَائِر وَالْكَبَائِر وَالتَّبِعَات , وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الشَّوَاهِد لِحَدِيثِ الْعَبَّاس بْن مِرْدَاس الْمُصَرِّح بِذَلِكَ , وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر فِي تَفْسِير الطَّبَرِيِّ , قَالَ الْطِيبِيُّ : الْفَاء فِي قَوْله " فَلَمْ يَرْفُث " مَعْطُوف عَلَى الشَّرْط , وَجَوَابه رَجَعَ أَيْ صَارَ , وَالْجَارّ وَالْمَجْرُور خَبَر لَهُ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون حَالًا أَيْ صَارَ مُشَابِهًا لِنَفْسِهِ فِي الْبَرَاءَة عَنْ الذُّنُوب فِي يَوْم وَلَدَتْهُ أُمّه ا ه . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيِّ الْمَذْكُورَة " رَجَعَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم وَلَدَتْهُ أُمّه " . وَذَكَرَ لَنَا بَعْض النَّاس أَنَّ الطِّيبِيّ أَفَادَ أَنَّ الْحَدِيث إِنَّمَا لَمْ يُذْكَر فِيهِ الْجِدَال كَمَا ذُكِرَ فِي الْآيَة عَلَى طَرِيق الِاكْتِفَاء بِذِكْرِ الْبَعْض وَتَرْكِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ , وَيَحْتَمِل أَنْ يُقَال إِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِف بِالْقَصْدِ لِأَنَّ وُجُوده لَا يُؤَثِّر فِي تَرْك مَغْفِرَة ذُنُوب الْحَاجّ إِذَا كَانَ الْمُرَاد بِهِ الْمُجَادَلَة فِي أَحْكَام الْحَجّ فِيمَا يَظْهَر مِنْ الْأَدِلَّة , أَوْ الْمُجَادَلَة بِطَرِيقِ التَّعْمِيم فَلَا يُؤَثِّر أَيْضًا فَإِنَّ الْفَاحِش مِنْهَا دَاخِل فِي عُمُوم الرَّفَث وَالْحَسَن مِنْهَا ظَاهِر فِي عَدَم التَّأْثِير , وَالْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ لَا يُؤَثِّر أَيْضًا 7‏

أوضح الحديث الشريف ان هنالك منهيات نهي عنها في الحج منها الرفث والفسوق وذلك تاكيدا لقوله تعالى: { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } سورة البقرة [ الاية: 197] والبعض يتسائل عن الجدال الممنوع في الحج وما المسموح به للنقاش بين الناس في الحج؟؟

فاما الجدال الذي نهى الله عنه في الاية الكريمة جدال في الحج" والمقصود: الجدال بالباطل، قال بعضهم كأن يقول: لا والله، وبلى والله، وهذا مثال وهو مثال صغير كما في قوله تعالى:"ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" [الكهف:49] وهذا من صغير الجدل أن تقول: لا والله، وبلى والله، لكن يمتد الجدل إلى ما وراء ذلك مما يقارفه الإنسان، وقد يقع بالحاج نوع حاجة إلى مثل ذلك، ولهذا تأكد النهي عن الجدل بغير حق، وأشد منه الجدل بالباطل، مثل: أن يجادل الحاج لنصرة قول باطل أو الإصرار على رأي خطأ أو لظلم أحد أو للبغي على أحد، فإن هذا كله من الممنوع وهو من محظورات الإحرام، وليس فيه كفارة، وإن كان نقل عن الأوزاعي –رحمه الله- أنه رأى في ذلك الفدية، ولكن لا أحد من أهل العلم وافقه على أن في مثل هذه المحظورات التي هي محرمة أصلاً فدية، وإنما يتأكد على الحاج تجنبها والبعد عنها.
وهل يدخل في ذلك المكروهات؟
الأقرب أنها لا تدخل في الحظر لأن الحظر غالباً إنما يطلق على المنع كما ذكرنا، والمكروه ليس بممنوع بالإطلاق، وإن كان مرغوباً عنه، والأفضل للمؤمن تركه، لكنه لا يدخل في معنى الحظر –والله أعلم- إلا على سبيل التورع والتقوى، وبابها واسع.8

يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة
قال الله –تعالى-: " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ…" الجدال: من المجادلة، وهي مشتقة من الجدْل وهو الفتل. ومنه قولهم: زمام مجدول؛ أي مفتول، واختلف العلماء في المعنى المراد به في الآية إلى أقوال أهمها:
الأول: أن تماري مسلمًا حتى تغضبه؛ فينتهي الأمر إلى الخصومة والسباب، وهو قول ابن مسعود، وابن عباس وعطاء، أما مذاكرة العلم والمناظرة فيه والمناقشة حوله فلا يدخل في الجدال المنهي عنه .
الثاني: إن المراد به صريح السباب وهو قول قتادة.

الثالث: أن يختلف الناس، أيهم صادف موقف سيدنا إبراهيم -عليه السلام- كما كانوا يفعلون في الجاهلية، حين كانت قريش تقف في غير موقف العربي، ثم يتجادلون في ذلك. ومعنى الآية: لا جدال في مواضع الحج.

الرابع: أن تقول طائفة: الحج اليوم، وتقول أخرى: بل الحج غدا؛ يعني يوم عرفة. والمعنى على هذا أن لا جدال في وقوف الحاج يوم عرفة.

الخامس: الجدال المنهي عنه هو الجدال في الشهور بالتقديم والتأخير، كما كانت العرب تفعله وتسميه النسيء. وقد قال الله – تعالى -: "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ " (التوبة: 37). قال مجاهد: فهم ربما يجعلون الحج في غير ذي الحجة، وقد يقف بعضهم في مزدلفة، وبعضهم في عرفات. ومعنى الآية: النهي عن الجدال في مكان الحج أو زمانه. ويشهد لهذا التأويل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حجة الوداع: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض…" أي رجع أمر الحج كما كان؛ أي عاد إلى يومه ووقته الصحيح. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "خذوا عني مناسككم"، فبين بهذا مواقف الحج ومواضعه.

السادس: أن الجدال المنهي عنه هو أن تقول طائفة: "حجُّنا أبرُّ من حجكم"، ويقول الآخر مثل ذلك، وهو قول محمد بن كعب القرظي -رضي الله عنه-.

وهكذا، ليس من الجدال المنهي عنه المساومة في البيع والشراء والكراء والاستئجار وغيرها من العقود التي تتطلب الأخذ والرد، ما لم تؤدِّ المساومة إلى غضب أحد طرفي العقد أو كليهما؛ وهو ما يؤدي إلى السباب ونحوه مما لا يليق بخلق المسلم في كل زمان ومكان وبخاصة في موسم الحج، وأثناء أداء مناسكه المقدسة9

وأفاد الحديث أن الحج المبرور طريق موصل إلى مرضات الله، وثمرة ذلك أن يكون العبد من أصحاب الجنة والرضوان، ويكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا صالحا متقبلا

الجيريا

المصادر والمراجع:
1 رواه البخاري -1650- (6/274) ومسلم -2403- (7/71).

2 شرح صحيح البخاري لـ(ابن بطال) (8/62).
3
شرح النووي على مسلم (للنووي)- (5/13).

4 رواه البخاري -1771- (6/474) ومسلم -1944- (6/17).

5 شرح الباري في صحيح البخاري.
6 التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة (1/34) لـ(ابن باز).
7 شرح الباري في صحيح البخاري.
8 د.سلمان بن فهد لعودة -الاسلام اليوم-خزانه لمراسلات-22/11/2017 .
9 أ.د أحمد يوسف سليمان /اسلام اون لاين /الجدل المنهي عنه في الحج/31/1/2017.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

جزاك الله خيرا.

شكرااااااااااااااا

اللله يجازيك ويبارك فيك على هذه المعلومات

جزاكم الله خيرا جميعا وبارك فيكم.

جزاك الله خيرا

شكرا جزيلا لك.

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.