السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
نجم ساطع في سماء الجلفة
سي يادم بن أحمد بن الطيب
سي يادم بن أحمد بن دلماجة هكذا كان يسمى[1]،ولد بزاغز الشرقي سنة 1807م ،أبوه أحمد الزاهد الذي لم يشغل أي عمل أو نشاط سوى اعتكافه للعبادة،وأمه الزهرة بنت الشولي الملقبة بـ أم كريكر لأنها كانت كثيرة التصدق على الفقراء والمحتاجين…ويادم من بكارى(مفرد بكري…أي الدفعة الأولى من تلاميذ الشيخ المختار بن عبد الرحمان الصوفي السالك العارف بالله،وقد بلغ عدد تلاميذ (قناديز) هذه المجموعة 52 طالبا حسب أكثر الروايات…إلى جانب سي يادم أصدقاؤه وأحباؤه بن مشيه بلقاسم…والشيخ النعاس…وسي بن عزوز…وسي عبد العزيز.
كان بن مشيه بلقاسم وسي يادم يحبان بعضهما حبّا جمّا يتجلى ذلك في تلك المرثية الخالدة التي سنأتي عليها في الملحق الثقافي لهذه السيرة،وذلك الفراغ الكبير والأثر العميق اللذان تركهما رحيل بن مشيه في نفس رفيقه سي يادم يقو أحد الرواة…أن هذين الرجلين لما أكملا دراستهما توجها نحو الغرب الجزائري وكانت تلك الجهة مفعمة بالعلم والعلماء من أجل التعليم،فقيل لهما لا حاجة لنا بكما فانطلاقا إلى غير هذا المكان،وكان الفصل صيفا،فنشب حريق في مكان ما هناك فهرع الناس إليه لإطفاء وانتشرت النار في كل مكان شارك الشيخان الناس ولم يكن لهما وسيلة إلا رداءيهما فانطفأت النار بعدما جعل الله الفرج على يديهما،التف الناس حولهما متعجبين واعترفوا بصنيعهما ونظروا إليهما نظرة إجلال وتبجيل لما ظهر على يديهما من كرامات..وبركات فتمسك الناس بهما ملحين عليهما بالبقاء بينهم…للاستفادة من علمهما وبركتهما ولكنّ الشيخين لم يمكثا إلا قليلا حتى قفلا رجعين…وقد أشار إلى هذه الحادثة سي يادم إشارة خفيفة في مرثيته الشهيرة…
كان يتردد سي يادم على أسرة بن مشيه لقربها من منطقة الصدارة،وقد جادت قريحته بقصيدة جميلة يمدح ويثني فيها على تلك القبة التي بنت عائلة بن مشيه في المكان الذي مازالت فيه…وهي مازالت توقد بياضا من بعيد،عمل شيخنا في زاوية عائلة بلحرش المسماة زاوية الشيخ بلحرش بلقاسم…الكائن مقرها بالجلفة (مسجد العتيق حي البرج حاليا…).وتخرج على يديه علماء كثيرون..من أشهرهم الشيخ إبراهيم بيوض العالم الأباظي الذائع الصيت الذي لا يخفى على أحد في الجزائر..وكان سي يادم أول إمام لمسجد العتيق حي البرج…الذي بناه السيد بلقاسم بلحرش أخ الشريف بلحرش رفيق الأمير عبد القادر رحمهم الله جميعا…حتى مات شيخنا سنة 1922 وحفر له قبر قرب مسجده وكان يوما ممطرا،لكن سرعان ما حضر ابنا الشيخ عبد الرحمان النعاس في عربة يجرها حصانان،وطلبا نقل جثمان الشيخ سي يادم لدفنه قرب أبيهما لوصية مكتوبة ومختومة بيدي الشيخين اتفقا فيها على دفن آخرهما عند أولهما وفاة ً..وكانت وفاة الشيخ عبد الرحمان النعاس سنة 1909م.
تزوج سي يادم من الكريمة شهرة أخت الخليفة الشريف بلحرش أنجبت له البنين والبنات ،هم: الشريف،سليمان،محمد…ومن البنات خديجة،عيشة،الزهرة،عزوزة…وغيرهم،وتزوج من نساء أخريات،مات آخر أولاده محمد 1948 الذي لم يعقب وهذا الأخير كان أول كاتب عمومي باللغتين وكان شاعرا بهما وله في ذلك قصيدة هي خليط بين اللغتين الفرنسية والعربية يعبث بالألفاظ والكلمات ساخرا من الزمان وتقلباته وإلى ما آل إليه حاله….حتى أنه قال ساخرا من نفسه بقوله: أنا ابن عادم بدلا من آدم لانعدام النسل والذرية في هذا الفرع من دوحة نسب الدلامجية…. وكان مترجما في المكتب العربي بالجلفة آنذاك…
ــــــــــــــــــــــــــ
[1]-نقلنا سيرة هذا الشيخ من الشيخ بن مشيه لخضر بن النذير كاتب اسبق ببلدية حاسي بحبح عرُف عنه حبه واطلاعه على تاريخ الدلامجية.
ــــــــــــــــــــــــــ
نقلا عن كتاب قيد البحث التحفة العاجية في تاريخ الدلامجية للباحث الأستاذ أحمد بن محمد بلعدل
بارك الله فيك اختي
مشكورة جدا أختي العزيزة على طرح هذا المقال الذي يتناول سيرة أحد أهم شيوخنا أجدد شكري لك