تخطى إلى المحتوى

وصية نبيكم الكريم في المسكين؛ "المسكين ليس " 2024.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف )) متفق عليه (55) .
وفي رواية في (( الصحيحين )) (( ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن به فيتصدق عليه ، ولا يقوم فيسأل الناس ))(56) .

يعني المسكين؛ ليس ( الشحاذ ) الذي ( يشحذ ) الناس ، ترده اللقمة واللقمتان : يعني إذا أعطيته لقمة أو لقمتين أو تمرة أو تمرتين ردته ، بل المسكين حقيقة هو الذي يتعفف كما قال تعالى : ( يَحْسـَبُهُمُ الْجـَاهِلُ أَغْنـِيَاءَ مِنَ التـَّعَفُّفِ ) [البقرة: 273] ، هذا هو المسكين حقيقة ؛ لا يسأل فيُعطى ولا يتفطن له فيعطى . كما يقول العامة : عاف كاف ، ما يدرى عنه ، هذا هو المسكين الذي ينبغي للناس تفقده وإصلاح حاله ، والحنو عليه ، والعطف عليه .
وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للمسكين أن يصبر وأن ينتظر الفرج من الله ، وأن لا يتكفف الناس أعطوه أو منعوه ؛ لأن الإنسان إذا علق قلبه بالخلق وكل إليهم ، كما جاء في الحديث : (( من تعلق شيئاً وكل إليه ))(57) وإذا وكلت إلى الخلق نسيت الخالق ، بل اجعل أمرك إلى الله عز وجل ، وعلق رجاءك وخوفك وتوكلك واعتمادك على الله سبحانه وتعالى فإنه يكفيك ، ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق:3] ، كل ما أمر الله عز وجل به فهو بالغك ، لا يمنعه شيء ولا يرده شيء .
فالمسكين يجب عليه الصبر ، ويجب عليه أن يمتنع عن سؤال الناس لا يسأل إلا عند الضرورة القصوى ؛ إذا حلت له الميتة حل له السؤال ، أما قبل ذلك مادام يمكنه أن يتعفف ولو أن يأكل كسرة من خبز أو شقاً من تمرة فلا يسأل ، ولا يزال الإنسان يسأل الناس ، ثم يسأل الناس ، ثم يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وما في وجهه مزعة لحم ، والعياذ بالله ؛ لأنه قد قشر وجهه للناس في الدنيا ، ولهذا ذم أولئك القوم الذين يترددون على الناس يسألونهم وهم أغنياء ؛ الذين إذا ماتوا وجد عندهم الآلاف ، توجد عندهم الآلاف من الذهب والفضة والدراهم القديمة والأوراق .
وهم إذا رأيتهم قلت : هؤلاء أفقر الناس ، ثم يؤذون الناس بالسؤال ، أو يسألون الناس وليس عندهم شيء لكن يريدون أن يجعلوا بيوتهم كبيوت الأغنياء وسياراتهم كسيارات الأغنياء ، ولباسهم كلباس الأغنياء فهذا سفه ، (( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ))(58) اقتنع بما أعطاك الله ؛ إن كنت فقيراً فعلى حسب حالك ، وإن كنت غنياً فعلى حسب حالك .

https://www.ibnothaimeen.com/all/book…le_18179.shtml

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.