وسوسة إبليس لبني آدم
ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: "وسوسة إبليس لبني آدم"، والتي تحدَّث فيها عن الوسوسة وبعض صُورها وأشكالها، وذِكر بعض الأحاديث المُحذِّرة من الانسياقِ خلفَها، ونبَّه على ضرورة التحصُّن بالأذكار والانشغال بالقرآن ردًّا لكيد الشيطان
الحمد لله، الحمد لله الذي لا خيرَ إلا منه، ولا فضلَ إلا من لدُنه، احمدُه حمدًا لا انقطاعَ لراتِبه، ولا إقلاعَ لسحائِبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سيمعٌ لمن يُنادِيه، قريبٌ ممن يُناجِيه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والسائرين على ذلك السبيل، وسائر المُنتمين إلى ذلك القَبِيل.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].
أيها المسلمون:
الوسوسةُ صنعةُ إبليس وشُغلُه وطريقتُه لإضلال بني آدم، يرمِي بها من أطاعَه بالشُّكوك والأوهام والظُّنون، ويقذِفُه في الهواجِسِ والخيالات، ويُردِيه في حالةٍ من الاضطرابِ والارتِياب، ويدفعُه إلى التكلُّف والتشدُّد والتنطُّع، والغلوِّ والزيادة على القدر المشروع.
ومن كيده ووسوسته: ما يُلقِيه من التشكيك والتضليلِ في كيفيَّة الخلق والبعث والاستِواء والعرشِ وغيرها من قضايا الإيمان؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقولُ: من خلقَ كذا، من خلقَ كذا، حتى يقولَ: من خلقَ ربَّك؟ فإذا بلغَ ذلك فليستعِذ بالله ولينتَهِ»؛ متفق عليه.
وفي لفظٍ لمُسلم: «فمن وجدَ من ذلك شيئًا فليقُل: آمنتُ بالله».
ومن كيدِه ومكرِه: الوسوسةُ في الوضوء والطهارة؛ فترى أحدَهم يغسِل ويُكرِّرُ كثيرًا ويدلُك دلكًا عنيفًا، ويتشكَّكُ فيما غسَله، ويظنُّ أنه لم يغسِله، فيعودَ إليه مرَّةً بعد مرَّةٍ.
قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -: "لا يزيدُ على الثلاثِ إلا مُبتَلَى".
وعلاجُ ذلك: أن يُعرِضَ عن تلك الشُّكوك والأوهام، ولا يلتفِتَ إليها، وينهَى عنها.
ومن كيدِه بأهل الوسوسة في الوضوء والغُسل: أن جعلَهم يُنكِرون الموجودا، ويجحَدون الأمورَ المحسوسات.
ذكرَ ابنُ الجوزيِّ عن أبي الوفاء ابن عَقيل أن رجلاً قال له: أنغمِسُ في الماء مِرارًا كثيرةً، وأشكُّ هل صحَّ لي الغُسلُ أم لا؛ فما ترى في ذلك؟ فقال له الشيخُ: "اذهَب، فقد سقطَت عنك الصلاة". قال: وكيف ذلك؟ قال: "لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «رُفِع القلمُ عن ثلاثة: عن المجنون حتى يُفيقَ، وعن النائمِ حتى يستيقِظ، وعن الصبيِّ حتى يبلُغ»، ومن ينغمِسُ في الماء مِرارًا ويشُكُّ هل أصابَه الماءُ أم لا فهو مجنونٌ".
ومنهم من يُطيلُ المُكثَ في الخلاء بلا حاجةٍ؛ فتفوتُه الجماعة، وتضيعُ مصالِحُه، فكيف يليقُ بعاقلٍ أن يُطيلَ المُكثَ في حُشوشٍ مُحتضَرة تأوي إليها الشياطين والنفوسُ الخبيثة.
ومن وسوسته – أعاذنا الله وإياكم منه -: الوسوسةُ في انقِطاع البول أو في التنجُّسِ به، لذا يُستحبُّ للمُسلم أن يرتادَ لبَوله مكانًا رِخوًا، وألا يبولَ واقِفًا ولا مُستقبِلاًَ الريحَ لئلا يرتدَّ عليه رشاشُ البول، فيُنجِّسَه ويُدخِلَ عليه العنَتَ، ويفتحُ عليه بابَ الوساوِس.
ويجبُ أن يستفرِغَ أخبَثَيْه، ويستبرِئَ من بولِه لئلا يقطُر عليه، ويحذَرَ من بدع أهل الوسوسة؛ كالسَّلْتِ ونحوه.
ومن وسوسة إبليس: الوسوسةُ في الصلاة؛ فمن الناسِ من يجهَرُ بنيَّةِ الصلاة ويُكرِّرُها، ويُجهِدُ نفسَه في التلفُّظِ بها، ويرفعُ بها صوتَه بثُقلٍ ومشقَّة، ولربما دخلَ في الصلاة ثم قطَعها لشكِّه في النيَّة.
والجهرُ بنيَّة الصلاة بِدعةٌ، وتِكرارُها وسوسة، ورفعُ الصوت بها إيذاءٌ للناس، والتعبُّد بها بِدعةٌ.
ومنهم: من يُعيدُ تكبيرةَ الإحرام كثيرًا، ويُردِّدُ الفاتحة مِرارًا.
ومنهم: من يُكرِّرُ بعضَ الحروفِ والكلمات، حتى ربما فاتَتْه الركعة وتخلَّفَ عن إمامه.
ومنهم: من يُوسوِسُ له الشيطانُ بانتِقاض طهارته أثناء الصلاة، فيُخرِجُه منها، ويصدُّه عنها.
ويحرُم على المُصلِّي أن يُخرُج من الصلاة إذا لم يتيقَّن من الحدَثَ؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إذا وجدَ أحدُكم في بطنه شيئًا فأشكلَ عليه أخَرَج منه شيءٌ أم لا، فلا يخرُجنَّ من المسجدِ حتى يسمعَ صوتًا، أو يجِد ريحًا»؛ أخرجه مسلم.
فاقطَعوا الأوهام، وادفَعوا الشُّكوكَ، وردُّوا وساوِسَ إبليس، ولا تُبطِلوا أعمالَكم، ولا تُفسِدوا عباداتكم، ولا تُضيِّعوا صلاتَكم.
أعاذنا الله جميعًا من الشيطان وهمزِه ونفخِه ونفثِه.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله الذي لا خيرَ إلا منه، ولا فضلَ إلا من لدُنه، احمدُه حمدًا لا انقطاعَ لراتِبه، ولا إقلاعَ لسحائِبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سيمعٌ لمن يُنادِيه، قريبٌ ممن يُناجِيه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والسائرين على ذلك السبيل، وسائر المُنتمين إلى ذلك القَبِيل.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].
أيها المسلمون:
الوسوسةُ صنعةُ إبليس وشُغلُه وطريقتُه لإضلال بني آدم، يرمِي بها من أطاعَه بالشُّكوك والأوهام والظُّنون، ويقذِفُه في الهواجِسِ والخيالات، ويُردِيه في حالةٍ من الاضطرابِ والارتِياب، ويدفعُه إلى التكلُّف والتشدُّد والتنطُّع، والغلوِّ والزيادة على القدر المشروع.
ومن كيده ووسوسته: ما يُلقِيه من التشكيك والتضليلِ في كيفيَّة الخلق والبعث والاستِواء والعرشِ وغيرها من قضايا الإيمان؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقولُ: من خلقَ كذا، من خلقَ كذا، حتى يقولَ: من خلقَ ربَّك؟ فإذا بلغَ ذلك فليستعِذ بالله ولينتَهِ»؛ متفق عليه.
وفي لفظٍ لمُسلم: «فمن وجدَ من ذلك شيئًا فليقُل: آمنتُ بالله».
ومن كيدِه ومكرِه: الوسوسةُ في الوضوء والطهارة؛ فترى أحدَهم يغسِل ويُكرِّرُ كثيرًا ويدلُك دلكًا عنيفًا، ويتشكَّكُ فيما غسَله، ويظنُّ أنه لم يغسِله، فيعودَ إليه مرَّةً بعد مرَّةٍ.
قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -: "لا يزيدُ على الثلاثِ إلا مُبتَلَى".
وعلاجُ ذلك: أن يُعرِضَ عن تلك الشُّكوك والأوهام، ولا يلتفِتَ إليها، وينهَى عنها.
ومن كيدِه بأهل الوسوسة في الوضوء والغُسل: أن جعلَهم يُنكِرون الموجودا، ويجحَدون الأمورَ المحسوسات.
ذكرَ ابنُ الجوزيِّ عن أبي الوفاء ابن عَقيل أن رجلاً قال له: أنغمِسُ في الماء مِرارًا كثيرةً، وأشكُّ هل صحَّ لي الغُسلُ أم لا؛ فما ترى في ذلك؟ فقال له الشيخُ: "اذهَب، فقد سقطَت عنك الصلاة". قال: وكيف ذلك؟ قال: "لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «رُفِع القلمُ عن ثلاثة: عن المجنون حتى يُفيقَ، وعن النائمِ حتى يستيقِظ، وعن الصبيِّ حتى يبلُغ»، ومن ينغمِسُ في الماء مِرارًا ويشُكُّ هل أصابَه الماءُ أم لا فهو مجنونٌ".
ومنهم من يُطيلُ المُكثَ في الخلاء بلا حاجةٍ؛ فتفوتُه الجماعة، وتضيعُ مصالِحُه، فكيف يليقُ بعاقلٍ أن يُطيلَ المُكثَ في حُشوشٍ مُحتضَرة تأوي إليها الشياطين والنفوسُ الخبيثة.
ومن وسوسته – أعاذنا الله وإياكم منه -: الوسوسةُ في انقِطاع البول أو في التنجُّسِ به، لذا يُستحبُّ للمُسلم أن يرتادَ لبَوله مكانًا رِخوًا، وألا يبولَ واقِفًا ولا مُستقبِلاًَ الريحَ لئلا يرتدَّ عليه رشاشُ البول، فيُنجِّسَه ويُدخِلَ عليه العنَتَ، ويفتحُ عليه بابَ الوساوِس.
ويجبُ أن يستفرِغَ أخبَثَيْه، ويستبرِئَ من بولِه لئلا يقطُر عليه، ويحذَرَ من بدع أهل الوسوسة؛ كالسَّلْتِ ونحوه.
ومن وسوسة إبليس: الوسوسةُ في الصلاة؛ فمن الناسِ من يجهَرُ بنيَّةِ الصلاة ويُكرِّرُها، ويُجهِدُ نفسَه في التلفُّظِ بها، ويرفعُ بها صوتَه بثُقلٍ ومشقَّة، ولربما دخلَ في الصلاة ثم قطَعها لشكِّه في النيَّة.
والجهرُ بنيَّة الصلاة بِدعةٌ، وتِكرارُها وسوسة، ورفعُ الصوت بها إيذاءٌ للناس، والتعبُّد بها بِدعةٌ.
ومنهم: من يُعيدُ تكبيرةَ الإحرام كثيرًا، ويُردِّدُ الفاتحة مِرارًا.
ومنهم: من يُكرِّرُ بعضَ الحروفِ والكلمات، حتى ربما فاتَتْه الركعة وتخلَّفَ عن إمامه.
ومنهم: من يُوسوِسُ له الشيطانُ بانتِقاض طهارته أثناء الصلاة، فيُخرِجُه منها، ويصدُّه عنها.
ويحرُم على المُصلِّي أن يُخرُج من الصلاة إذا لم يتيقَّن من الحدَثَ؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إذا وجدَ أحدُكم في بطنه شيئًا فأشكلَ عليه أخَرَج منه شيءٌ أم لا، فلا يخرُجنَّ من المسجدِ حتى يسمعَ صوتًا، أو يجِد ريحًا»؛ أخرجه مسلم.
فاقطَعوا الأوهام، وادفَعوا الشُّكوكَ، وردُّوا وساوِسَ إبليس، ولا تُبطِلوا أعمالَكم، ولا تُفسِدوا عباداتكم، ولا تُضيِّعوا صلاتَكم.
أعاذنا الله جميعًا من الشيطان وهمزِه ونفخِه ونفثِه.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.
جزاك الله خيرا
♪♫♪♪♫♪♪♫♪♪♫♪
█║▌│▌║║█│║▌║║▌│▌
الوسوسةُ صنعةُ إبليس وشُغلُه وطريقتُه لإضلال بني آدم، يرمِي بها من أطاعَه بالشُّكوك والأوهام والظُّنون، ويقذِفُه في الهواجِسِ والخيالات، ويُردِيه في حالةٍ من الاضطرابِ والارتِياب، ويدفعُه إلى التكلُّف والتشدُّد والتنطُّع، والغلوِّ والزيادة على القدر المشروع.
جزاك الله خيرا