بسم الله الرحمان الرحيم
لقد اعتنى الإسلام بالإنسان في شتى مراحل حياته وأوكل إلى الأبوين مهمة التربية الحسنة والإعداد القويم في شتى الأمور المتعلقة بالأبناء، وشدّد الإسلام على ذلك تشديداً كثيراً.. قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".
وما ذلك إلا دليل على أهمية تربية الإنسان التربية المثلى، فبصلاحه يصلح المجتمع وبفساده يفسد المجتمع أيما فساد.
ومن أهم الواجبات التي رتبها الإسلام على الأبوين تجاه أبنائهم:
1-رعاية المولود من الناحية الجسمية، فالعقل السليم في الجسم السليم وبالصاحة والعافية يقوي الإنسان على المسير في رحلته قدما في هذه الحياة دون معكرات جسمانية عصيبة.
ومن وسائل العناية الصحية بالوليد إعطاؤه حقه من الرضاع الطبيعي الذي يكسبه مناعة شاملة ضد الكثير من الأمراض والذي يعد أولى الوسائل التربوية مع الطفل إذ من خلاله تستطيع الأم أن تزرع الطباع الحسنة في وليدها وأن تزوده بالحب والحنان، إذ لصوت دقات قلبها وهي ترضعه رنة خاصة في أذني ملاكها الصغير، ولا تقتصر رعاية المولود من الناحية الجسمية على المعنى المادي فحسب، بل ويتعداه إلى المعنى الروحي.. إذ يجب ألا يطعم الأولاد إلا من حلال وألا تتغذى الحامل والمرضع إلا من حلال فالحليب والغذاء الآتي من مصدر حلال يبارك الأولاد وينبتهم النبات الحسن ويجعل فيهم قابلية الهداية والرشاد قوية وظاهرة.
2-تنشئة الأطفال مبكراً على قواعد الإسلام، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" حق الولد على والده أن يحسن اسمه ويحسن مرضعه ويحسن أدبه".
فعلى الآباء أن يسعوا جاهدين إلى غرس القيم الدينية والعادات الإسلامية الصحيحة ومخافة الله وحبه وحب رسوله في نفوس أبنائهم، وعليهم تعريفهم بالحلال والحرام وتعويدهم التقوى وحسن الخلق وحسن الأدب وحسن المعاملة وما إلى ذلك من الخلق القويم.
3-كما على الآباء تعويد أبنائهم على ممارسة العبادات مما فرض الله علينا، وذلك عن طريق الترغيب والترهيب، على أن يكون الآباء القدوة لهم في ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع".
4-ولا ينسى الآباء أن يحرصوا على تحفيظ أولادهم القرآن الكريم منذ نعومة أظفارهم، فمن حفظ القرآن حفظه القرآن.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبياء الله وأصفيائه".
5-وعلى الآباء توجيه أبنائهم إلى حسن اختيار الأصدقاء، فالصاحب ساحب خصوصاً بعد العاشرة من العمر.. ولا يخفي على أحد أثر رفقة السوء على كل إنسان ففيها هلاك وتدمير لكل ما تعلمه المرء وتشربه منذ صغره من قيم ومبادئ وأخلاق.
6-كما فرض الله علينا المساواة والعدل بين أبنائنا في التعامل سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أولادكم في النّحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللطف".
على أن كل هذه الأحكام لا تؤتي ثمارها إن لم يكن المربي هو القدوة الحسنة في كل ما يحاول غرسه في نفوس الأبناء، إذ جُبل الصغار على تقليد آبائهم فإن رأوا منهم خيرا فخير وإن رأوا شراً فشر، وعلى الوالدين أن يغيرا طريقة معاملة أبنائهم حسب تدرج أعمارهم.. فقد ورد في الأثر " لاعب ابنك سبعا وأدبه سبعا وصاحبه سبعا ثم اترك الحبل على غاربه".
إذ إن لكل عمر حقه ومتطلباته، وقد قيل إن عمر الإنسان مقسم إلى ثلاثة أقسام: العشرون سنة الأولى للأخذ والتكوين والعشرون الثانية للعطاء والإنتاج أما العشرون الثالثة فللحصاد وقطف الثمار.. ثم يكون الختام محدداً بحسب الحالة الأخيرة التي مات عليها الإنسان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُبعث كل عبد على ما مات عليه". وبعد.. فإن أكرمنا الله تعالى بنعمة الولد فلا ينبغي أن ننسى واجبنا تجاه هذه النعمة العظيمة، وأهم واجب في هذا السياق هو حفظ النعمة التي استوصانا الله بها خيراً وذلك بشكر الله عز وعلا الذي وهبنا إياها والتفاني الكامل في إعداد هذا الطفل كما يحب ربنا ويرضى.. مخلصين لله النية.. جاعلين رضاه عز وعلا هدفنا، فلا نربي من أجل الابن فحسب، بل ومن أجل خالق هذا الابن وصاحب هذه النعمة التي وامنن بها علينا، قال تعالى: ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
فأوعزنا اللهم أن نشكر نعمتك التي أنعمت بها علينا وامنن علينا بحسن حفظها، وبارك لنا فيها، واجعلنا لنعمك مستأهلين.
شكرا على الموضوع القيم