الوحدة الأولى: وسائل القرآن الكريم في تثبيت العقيدة في النفوس
/ التحليل:
تضمنت الآيات في مجملها بيان أصول العقيدة الإسلامية من خالص التوحيد وصافي الاعتقاد وتنوعت فيها الوسائل لترسيخها وتثبيتها في النفوس فكان منها ما يلي:
· إثارة الوجدان وإيقاظ الفطرة بما في الوجود من دلائل الإعجاز والإبداع والقدرة فيتحرك الحس وينفعل بما يشهده من آيات ودلائل يخشع لها الجبل ويتصدع فكيف بذي العواطف والمشاعر ومن ذلك قوله تعالى" وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ.."
· إثارة العقل ليتأمل ويتفكر ويتدبر في الملكوت فيستدل على المسبب بالأسباب وعلى المؤثر بالآثار فيدرك الحق ويستيقن أنه لا إله إلا الله المدبر المسير الخالق الرازق….ومن ذلك قوله تعالى" خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا… وقوله" وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ….." وكثيرا ما يقرن سبحانه في آية واحدة بين ما يحرك الوجدان ويثير العقل.
· مناقشة الانحرافات وإبطالها بالوجدان فطرة وإحساسا وبالعقل تأملا وتدبرا فإن وقعت في نفسك الآيات وكان لها أثرها فتدبرت فيها وتأملت في الملكوت ولم تقف على تناقض أو تباين وأبهرتك القدرة التي لم يبلغها ضعفك وأعجزتك الدقة والنسق الذي لا مثيل له فكيف تستنكف أن تكون عبدا لله ومن ذلك قوله" قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ…
· مواجهة الإنسان بحقيقة ما يدور في نفسه من الالتجاء إلى الله إذا مسه الضر قال تعالى" وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ "-الزمر08- وذلك لما جبل عليه من الفطرة قال صلى الله عليه وسلم" يولد المولود على الفطرة" ومن ذلك قول الله" لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء….
· رسم الصور المحببة للمؤمنين وما أعد لهم من جنات ونعيم ونزل كريم بما استيقنوا وصبروا وثبتوا وفي ذلك من الترغيب ما يرسخ قدم الإيمان والعمل ومن ذلك قوله" وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ ….والصور المنفرة للكافرين وما أعد لهم من سلاسل وأغلال وخلود في النار قال تعالى" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا"-النساء56-
· التذكير بعلم الله الذي لا يخفى عنه شيء قال تعالى" إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء" –آل عمران05- وبقدرته وعظمته وجلاله حتى يخشع الفلب ويتقبل الهدى ويسلم تسليما لما يستشعره من رقابة اللطيف الخبير قال تعالى" وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو….
3/ ما يستفاد من الآيات :
· العقيدة الإسلامية توحيد صاف, إيمان راسخ ويقين جازم.
· تعدد وتنوع وسائل القرآن في تثبيت العقيدة.
· في تعدد وسائل التثبيت دليل على أن الاعتقاد هو الأصل وما سواه فرع ولا يثبت الفرع إلا بثبوت الأصل.
· المستخدم للعقل بالتأمل والمحرك للوجدان بالإحساس والانفعال يصل إلى اليقين.
· الدنيا دار عمل وعبادة والآخرة دار جزاء.
· أنه سبحانه الرقيب على أعمالنا المحاسب عليها.
· لا يقبل عمل إلا باعتقاد صحيح و لا يثبت إيمان إلا بتسليم ولذلك قيل لا تثبت قدم الإيمان إلا على ظهر التسليم ومن لم يقنع بالتسليم فهمه حرمه عقله عن خالص التوحيد وصافي الاعتقاد.
الوحدة الثانية: موقف القرآن من العقل
2/ التحليل:تضمنت الآيات ما يلي:
· أنه سبحانه كرم الإنسان بالعقل وميزه به عن سائر خلقه وجعله مناط تكليفه قال تعالى" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ….."
· أنه سبحانه أودع في العقل طاقات إدراكية عظيمة تدفع إلى الاجتهاد والإبداع فدعا إلى إعماله تدبرا وتأملا وتفكيرا فقال" أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ ….."وقال" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى……"
· أن المتأمل بعقله والمتدبر فيما حوله يصل إلى الحق ويهتدي إليه فيدرك الخالق الواحد العظيم بصفاته التي تليق بجلاله فلا يملك إلا أن ينقاد له ولا يجد في نفسه حرجا من ذلك ويسلم تسليما قال تعالى" وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ …."
· أنه نعمة والنعمة تحفظ كما أراد لها منعمها ,وحفظه من جانب الوجود بتنميته بنافع العلم والمعرفة قال تعالى" قُلْ هًلْ يَسْتَوِي الَّذِين يَعْلَمُونَ والَّذِين لَا يَعْلَمُونَ" – الزمر 09- ومن جانب العدم بتحريم ما يغطيه ويعطل وظيفته كالخمر والمخدرات فضلا عن الانحراف الفكري والغلو والتطرف الناتج عن الجهل والتكبر والإعراض عن الحق قال تعالى" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ …."
· أن للعقل مجالات واسعة للتأمل والتدبر كما له حدود يعجز عن الإدراك بتجاوزها ويضل ضلالا بعيدا وهذا ما يفسر استجابة طلب إبراهيم الذي لا يخرج عن نطاق الباحث عن الحق بما يملك من وسائل الإدراك فقال تعالى" "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ….." وعدم إجابة طلب موسى الذي تجاوز ما يسع العقل استيعابه فقال تعالى" وَلَمَّا جَاء مُوسَى …."
2/ ما يستفاد من الآيات:
· العقل وسيلة للإدراك والارتقاء.
· التأمل والتدبر سبيل اليقين
· النعمة تحفظ ويحمد منعمها.
· العقل مناط التكليف.
· تكريم الله للإنسان وتفضيله عن سائر الخلق.
الوحدة الأولى: أثرالإيمان والعبادة في مكافحة الجريمة
1/مفهوم الجريمة والانحراف:
الجريمة لغة: من الجرم وهو الذنب.
الجريمة شرعا: هي محظورات شرعية عاقب الله عليها بحد أو تعزير.
والانحراف أن تكون مجرما فتترك المأمور و ترتكب المحظور.
2/ أثر الإيمان في مكافحة الجريمة:
الإيمان هو التصديق الجازم والاعتراف التام بجميع ما أمر الله ورسوله والإتيان به والانقياد له ظاهرا وباطنا, ويقوم على ستة أركان حددها صلى الله عليه وسلم في قوله " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره " -رواه مسلم-
والإيمان قوة خارقة في الهداية والتوجيه, ومؤثرة ودافعة إلى العمل والالتزام,وله طيب الأثر في استقرار الفرد والمجتمع من حيث التزام الأحكام ومن حيث الأمن والمحافظة على النظام العام,وهذا ما يفسر اتخاذ المجتمعات القديمة للآلهة التي تنحتها أيديهم ضمانا لاستقرار أوضاعهم,وتسيير شؤونهم على أتم وجه.
فالإيمان بالله وصفاته من سمع وبصر وعلم شامل يولد في نفس المؤمن الرقابة الذاتية على أقواله وأفعاله فيفعل ما أمر الله ويترك ما نهى,فهو حين يفقه قول الله" إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء" –آل عمران05- وقوله " الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ" –الشعراء218- يستشعر رقابته في شؤونه كلها,فإن خلا يوما فلا يقول خلوت ولكن يقول علي رقيب.
والإيمان بالملائكة وخصائصهم وأنهم الكتبة الكرام البررة, الذين يسجلون أعماله قال تعالى" مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" –ق18-يبعث في نفسه الحياء ويلزمه بأحكام الشرع والحذر كل الحذر من سوء قول أو فعل لا تغفل الملائكة عن تسجيله.
والإيمان باليوم الآخر وما فيه من الثواب والعقاب يحمله على الاستقامة لنيل الجنات والنهر والنجاة من سقر وما أدراك ما سقر… ويصرفه عن سفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض,وكيف لا وهو يتلى عليه قول الله" وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا "-النساء93- وقوله " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا "-المائدة32- وقوله " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " –النساء10-أو يسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن الزناة وما أعد لهم من العذاب وغيرهم من العصاة.
والإيمان بالكتب يحمله على تعظيمها وما نجد كتابا سماويا إلا ونهى عما يهلك الحرث والنسل وعن الفساد في الأرض,والقرآن فيه من التشريعات ما يبعد عن الجريمة بل ويقطع دابرها.
والإيمان بالرسل يلزم المؤمن بإتباع هديهم والاقتداء بهم في محاربة الانحراف فهذا موسى يقول لقومه " كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ "-البقرة60- وشعيب يقول لقومه " وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا "-الأعراف86- ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يودع أمته يقول "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم"
والإيمان بالقدر يصنع الشخصية المؤمنة السوية بعيدا عن الأمراض النفسية التي تؤدي في الغالب إلى الانحراف.
ولما كان الإيمان كذلك نجد جل تكاليف الإسلام يستفتحها القرآن بقوله" يا أيها الذين آمنوا…" أو يختمها بقوله"إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" ومن أحاديثه صلى الله عليه وسلم ما يستفتح بقوله" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.." أو قوله " لا يؤمن أحدكم…." لأن مقتضى الإيمان يستلزم أن تفعل كذا أو تترك كذا.
وخلاصة القول إن المؤمن إن طاوعته نفسه يوما على سلب مال أوسفك دم أو أي انحراف ذكًرها بالحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم,وبالكتبة الكرام البررة,وبما في الكتاب المنير وبما جاء به الرسول الأمين,وبيوم الدين فتستكين ولا تميل وترضى بالقدر بيقين.
3/ أثر العبادة في مكافحة الجريمة:
العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. ولها بالغ الأثر في الحد من الجريمة والقضاء على الانحراف لما تتضمنه من مطلق الانقياد والخضوع لله في غاية الذل مع الحب له.
فالصلاة تهذب النفس وتقوي الصلة بالله واستشعار رقابته قال تعالى" إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ"-العنكبوت45-
وتوزعها على خمس صلوات في اليوم أعون على ترك المنكرات, لذلك كان لها دورها في صرف الناس عن شرب الخمر لما قال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى "-النساء43- وأمر سبحانه بالاستعانة بها في فعل الأمر وترك النهي فقال"وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ "-البقرة45-
والصوم مدرسة روحية تطهر النفس وتزكيها,وبه تحصل التقوى والورع من إتيان المحظور قال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " –البقرة183- وبه يستعان على ترك المنكر لذلك قال صلى الله عليه وسلم" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"-رواه البخاري ومسلم- أي وقاية.
والزكاة لها طيب الأثر في الحد من الجريمة فضلا عن القضاء عليها بما تحققه من سد حاجة الفقراء والمساكين,لأنه لا يسرق أو يعتدي من يجد ما يكفيه وبنيه.
وعليه نكاد نجزم بأن كل الجرائم والانحرافات في المجتمع إنما هي من ضعاف الإيمان تاركي الصلاة والصيام.
ملاحظة: الإسلام له منهج رباني في مكافحة الجريمة والقضاء عليها متمثل فيما يلي:
1/ الوقاية وتكون قبل وقوع الجريمة وذلك من خلال الإيمان وتشريع العبادات.
2/ العلاج: ويكون بعد وقوع الجريمة حتى لا تتكرر وذلك بتشريع العقوبات من حدود وقصاص فيما هو ثابت من الجرائم ولا يتغير إلا من حيث الطرق والأساليب والتعازير فيما دون ذلك من المحظورات.
الوحدة الثانية: الإسلام والرسالات السماوية السابقة
1/ الرسالات السماوية: وفق ترتيب نزولها هي:
· اليهودية: هي الرسالة التي جاء بها موسى عليه السلام لبني إسرائيل في التوراة قال تعالى" إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ "-المائدة44- وتضمنت التوحيد الذي جاء به كل الرسل وشريعة اختصت بها اليهود,وإنما سمو كذلك نسبت إلى يهوذا من أبناء يعقوب عليه السلام,وقيل نسبة لقول موسى لربه"إنا هدنا إليك" أي تبنا.
· النصرانية: هي الرسالة التي جاء بها عيسى عليه السلام لبني إسرائيل في الإنجيل قال تعالى" وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ "-المائدة46-وتضمنت التوحيد وشريعة اختصت بها النصارى, وإنما سموا كذلك لنصرتهم لعيسى وقيل نسبة لقريتهم ناصرة.
· الإسلام: هو الرسالة التي جاء بها خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافة وكتابه القرآن قال تعالى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا" –النساء174-الداعي إلى التوحيد,وتميزت شريعته عن غيرها بعالميتها وشموليتها ويسرها.
ومقتضى الإسلام الانقياد والخضوع والاستسلام لله في أمره ونهيه.
2/ وحدة الرسالات السماوية:
من حيث المصدر: فكلها وحي من عند الله قال تعالى" وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا"-الأحزاب07-
من حيث الغاية: فوجهتها وهدفها واحد تحقيق العبودية وفق مراد المعبود وبلوغ مرضاته قال تعالى" وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ "-آل عمران79-وقال" وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى"-النجم42-
من حيث المضمون: اتفقت في الأصل وهو التوحيد فكلها تدعوا إلى لا إله إلا الله ومطلق الاستسلام والانقياد له فقال تعالى عن موسى" وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ"-يونس84- وعن الحواريين" وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ"-المائدة111-وإنما الاختلاف في الشرائع لقوله صلى الله عليه وسلم"أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد" – رواه البخاري –
والعلات هم الإخوة لأب
3/ انحراف الديانات السماوية :
اليهودية: استحب اليهود الكفر على الإيمان وظهر ذلك منهم ونبيهم معهم قال تعالى" ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ" –البقرة51- وقال"" وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ"-البقرة55- فلما توفاه الله تمادوا في كفرهم واتخذوا الأحبار والرهبان أربابا من دون الله بدلوا لهم الدين تبديلا قال تعالى" مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ" النساء46- ومن جملة عقائدهم المحرفة مايلي: – اتخذوا إله خاصا بهم سموه "يَهْوَه" وهو عدو للآخرين وأن روحه موجودة في التابوت الذي يحوي شريعتهم على حد زعمهم.
– أن عزير بن الله قال تعالى" وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ "-التوبة30-
– أن يد الله مغلولة قال تعالى" وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ "-المائدة64-
– أنهم أبناء الله وأحباؤه قال تعالى" وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ"-المائدة18-
– أن الله فقير وهم أغنياء قال تعالى" لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ "-آل عمران 181-
– أنه لا يحل لأحد اعتناق دينهم واليهودي عندهم من أمه يهودية.
– أنهم لا يذكرون اليوم الآخر والبعث والحساب.
v النصرانية: غالت النصارى في عيسى بن مريم فأشركت و ضلت سواء السبيل ويمكن اختصار باطلهم فيما يلي:
– التثليث: ومقتضاه أن الإله ثلاثة في واحد الأب,الابن,الروح القدس.
– الخطيئة والفداء: فذريته آدم من بعده تحملت وزر خطيئته فكان من يموت منهم يذهب إلى الجحيم,و لحب الله ورحمته بهم أرسل ابنه الوحيد الذي سلم نفسه للصلب فداء لخلاصهم.
– أن الرب أعطى للمسيح سلطان حساب الناس يوم القيامة.
– غفران الذنوب: ما يتم في الكنيسة من الاعتراف والإقرار بالذنب أمام القسيس الذي يطلب الغفران من الله فيسقط الذنب.
ملاحظة:- قال تعالى"سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا "-الإسراء43-وقال"وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا"-مريم90-93-
– إن اليهود والنصارى يعيب بعضهم البعض معتقد الآخر قال تعالى"وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ " –البقرة113-والقرآن يفصل بينهم قال تعالى""قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ "-المائدة68-
4/ علاقة الإسلام بالديانات السماوية السابقة:
يمكن تلخيصها فيما يلي: – أنه جاء مذكرا بالتوحيد الذي جاء به الرسل قال تعالى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" –النساء 170-
– أنه جاء مصححا لما أفسدوه من العقائد كاشفا لما كتموه من الحق قال تعالى"" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ "-المائدة68-
– أنه جاء هاديا لهم إلى سواء السبيل قال تعالى" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"-آل عمران 64-
– أنه جاء مهيمنا على كتبهم قال تعالى"وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا " –المائدة48 وجاء رادا لباطلهم مفندا لشبههم قال تعالى" لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"المائدة73- وقال" مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ"-المائدة75- وقال" لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا"-النساء172- وقال" غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء" –المائدة64- وغيرها كثير.
– أنه جاء بشريعة هيمنت على شرائعهم وتميزت عنها.
الخلاصة: الذي يتعبد الله به من الأديان هو الإسلام ولن يقبل غيره قال تعالى" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ "-آل عمران190-وقال" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ "-آل عمران85-وقال"" وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" البقرة132- وقال صلى الله عليه وسلم"والذي نفسي بيده لا يسمع في أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" – رواه مسلم عن أبي هريرة –
الوحدة الثالثة: مصادر التشريع: الإجماع – القياس – المصالح المرسلة
2 القياس:
تعريفه: لغة: التقدير والمساواة.
شرعا: هو إلحاق مسألة لا دليل على حكمها بمسألة منصوص على حكمها لاشتراكهما في علة الحكم.
حجيته: قال تعالى" فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ "-الحشر02- فالله تعالى أمر بالاعتبار والقياس نوع من أنواع الاعتبار.
وقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي سألت عن جواز الحج عن والدتها المتوفاة
وعمل الصحابة به يدل على ذلك قول عمر لواليه بالبصرة"اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور"
أركان القياس:
أ/ الأصل: وهو المقيس عليه الذي ثبت حكمه بالنص.
ب/ الفرع: وهو المقيس الذي لا دليل على حكمه ويراد إلحاقه بالأصل للاشتراك في
العلة.
ج/ الحكم: الثابت للأصل بالنص أو الإجماع غير المختص به والمراد تعديته إلى
الفرع.
د/ العلة: هي الوصف الظاهر المناسب المنظبط المشترك بين الفرع والأصل.
مثال عن القياس:
الخمر
الفرع
المخدرات
الحكم
التحريم لقوله تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" –المائدة90-
العلة
السكر
2/ ظروف ومناسبة الخطبة:
ألقى خطبته في حجته السنة العاشرة للهجرة بعرفة وهو على راحلته ( ناقته القصواء ) على مسمع جمهور المسلمين,وتعد ملخص رسالته كلها بما تضمنته من التأكيد على التوحيد وأصول الدين وهدم مواطن الشرك والضلال وكبرى التشريعات ,وفيها من التلميح على الوداع ما له أثره في نفوس السامعين,ومكث صلى الله عليه وسلم بعدها غير بعيد والتحق بالرفيق الأعلى في يوم الإثنين- على اختلاف في تحديده- من ربيع الأول السنة الحادي عشر للهجرة
3/ التحليل:
تضمنت خطبته صلى الله عليه وسلم ما يلي:
· اختياره صلى الله عليه وسلم ليوم عظيم ومكان عظيم في نسك عظيم مما يدل على ثقل ما سيلقيه فيكون أدعى للإصغاء وإلقاء السمع.
· استفتاحه صلى الله عليه وسلم بحمد الله والثناء عليه وصرف العبادة له من الاستعانة والاستعاذة والإنابة والاستغفار وإقراره للشهادة مما يرسخ أصل الدين من صافي التوحيد وخالص الاعتقاد ومما يستحب الاستفتاح به في الخطب كلها اقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم.
· قوله"أيها الناس" دليل على عالمية رسالته وأنها لا تقتصر على الجمهور المخاطب ولكن تعم الأجيال قاطبة إلى يوم الدين قال تعالى" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" – سبأ 28- وقال" قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " –الأعراف158-
· وصيته صلى الله عليه وسلم بالتقوى وتصدرها لخطابه دليل على ثقلها لأنها مما يستلزم الخضوع لمطلق الأمر والنهي قال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" آل عمران102-" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ " – النساء 1-
· حرمة الدماء والأعراض وأن ذلك من مقاصد الشريعة الضرورية فقال تعالى"" وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ " الإسراء 33- وقال" وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً" -الإسراء 32-
· قوله"إلى أن تلقوا ربكم" دليل على أن أحكام الشريعة لا تتقيد بزمان أو مكان وأنها سارية المفعول جاري العمل بها إلى يوم الدين.
· تكرار قوله "ألا هل بلغت" مما يدل أنه المبلغ والله الهادي إلى سواء السبيل قال تعالى" وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ" –المائدة 92-
· حفظ الأمانة ورعايتها بجميع أنواعها مع الله بطاعته وحسن عبادته ومع الغير بحس التعامل والصدق معهم وترك خيانتهم,ومع النفس بحملها على التقوى والصلاح
تعالى" إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا"-النساء 58-
· تحريم الربا لما فيه من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل وبخسهم حقهم قال تعالى" وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" البقرة 275-
· إبطاله ربا عمه العباس قبل أي ربا مما يرسخ مبدأ العدل والمساواة المشار إليه في حديث عائشة السابق قال تعالى" وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى " –الأنعام 152-
· تحريم القتل وأنه مما يوجب سخط الله وغضبه وتشريع القصاص في المتعمد منه وهو ما كان بقصد العدوان بما يقتل عادة قال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى " –البقرة 178- والدية في شبه العمد وهو ما كان بقصد العدوان بما لا يقتل عادة كحجر صغير.
· أن كل أعراف وعادات الجاهلية باطلة إلا ما أقره الإسلام منها مما لا يخالف أصلا أو يعارض نصا كالسدانة والسقاية.
· أن الشيطان للإنسان عدو مبين إن لم يحمله على الشرك حمله على الكبيرة وإلا اكتفى بالصغيرة مما يستلزم الحذر كل الحذر منه وتحصين النفس بالذكر وقراءة القرآن قال تعالى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" البقرة 168-
· أن من الكفر تحريم الحلال أو تحليل الحرام ومن ذلك النسيء وهو تأخير حرمة الشهر الحرام إلى شهر آخر فيُحَرَّمُ الحلال ويُحَلُّ الحرام وهو الذي كانت عليه سنة قريش قال تعالى " إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" – التوبة 37-
· قوله إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض" إشارة إلى الخلق والإيجاد وما فيه من دلائل القدرة والإعجاز ومن ذلك الليل والنهار والشمس والقمر لتقدير الزمان قال تعالى"هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" يونس 05- وقوله"وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً" الإسراء 05- وأن الشهور في السنة اثنا عشر شهرا لا تتغير وكثير من التكاليف مرتبطة بها ومن ذلك الصوم والحج وعليه فما حدد زمنه بوحي فهو توقيفي لا يتغير بتغير الزمان الظروف فلما فرض الحج فيما هو معلوم من الأشهر فهو كذلك إلى يوم الدين قال تعالى" الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ " –البقرة 197-وقال" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ" البقرة 189-
· بيان الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب قال تعالى" إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ " –التوبة 36-
· بيان الحقوق والواجبات الزوجية من حسن معاشرة الزوجة والنفقة والرفق واللين والتشاور في مقابل الطاعة في المعروف وحسن التبعل للزوج وحفظه في ماله وعرضه وولده بما يحقق التوازن الأسري وهيمنة المبادئ والقيم.
· الوصية بالمرأة خيرا بما ضمنه لها الإسلام من حق الحياة قال تعالى" وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ " –التكوير 08- وحق الميراث قال " وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا " –النساء 07-والعزة والكرامة والعفاف من قبل وبما يؤكد عليه صلى الله عليه وسلم في وداعه هنا مبالغة في زيادة الحرص على غير مثال سابق من الشرائع .
· بيان حرمة الأموال وأن حفظها من مقاصد الشريعة الضرورية قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ" –النساء 29-
· النهي عن الفرقة وأسباب الفتنة قال"فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" والدعوة إلى الوحدة والتمسك بالقرآن والسنة وما كان عليه سلف الأمة قال تعالى" وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" –الأنعام 153-
· بيان ما يجمع البشر من الخالق الواحد والأب الواحد مما يعزز رابطة الإنسانية للتعارف والتواصل والتكافل قال تعالى" وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ" –الأنعام 98-
وأن معيار التفاضل بينهم عند الله إنما هو التقوى قال تعالى" إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " الحجرات 13-
· أنه سبحانه شرع الميراث واختص بقسمته بناء على علمه وحكمته قال تعالى " آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا" النساء11
· تشريع الوصية وأنها مستحبة ومما يتزود به للآخرة وتكون في حدود الثلث ولا تعطى لوارث قال تعالى" مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ "-النساء11-
· قوله" الولد للفراش وللعاهر الحجر" أي أن الولد يلحق بأبيه في النسب عن نكاح شرعي والزاني ليس له إلا الخيبة ولا حق له في نسب الولد إليه ويلحق بأمه ويستفاد منه تبعا تحريم الزنا بما يحفظ النسل.
· حرمة التبني ونسبة الولد إلى غير أبيه حفظا للحقوق قال تعالى" وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ" – الأحزاب 04-" وأن ذلك موجب للعنة والطرد من رحمة الله.
3/ ما يستفاد من أحكام وتوجيهات:
· استحباب الاستفتاح بخطبة الحاجة.
· وجوب تقوى الله.
· تحريم أكل أموال الناس بالباطل.
· تحريم الربا.
· وجوب أداء الأمانة وحفظها.
· تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .
· تشريع الميراث والوصية.
· تحريم التبني.
· تحريم الزنا.
· حفظ مقاصد المكلفين من الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
· التأكيد على أصل الدين من الإيمان والتوحيد.
· التنويه بعظم شأن الأمانة قال تعالى"" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"-الأحزاب 72-
· إقرار مبدأ العدل والمساواة في الحكم.
· عالمية الشريعة الإسلامية ومرونتها ويسرها.
· واقعية الشريعة الإسلامية ومثاليتها.
· أن شريعة الإسلام ناسخة لما سواها من الشرائع.
· حفظ الأسرة وتعزيز كيانها.
· تحقيق وحدة وتماسك المجتمع المسلم.
· عناية الإسلام بالمرأة وضمان ما يكفل لها العزة والكرامة.
جزاك الله خيرا