ما أكثر الآيات التي تدعو الإنسان للتأمل والتفكر والتدبر، ومن الآيات الكثيرة التي تسترعي الانتباه والتي تلفت الانتباه أن الله تبارك وتعالى يقول: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]. يقول تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس: 65]. ويقول أيضاً: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور: 24].
مما لفت انتباهي في هذه الآية العظيمة قوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) هذه الآية تؤكد أن مركز الفقه أو العقل هو القلب، وليس الدماغ كما يقول أو يعتقد العلماء اليوم، ولو تأملنا آيات القرآن نلاحظ أن الله تبارك وتعالى دائماً يؤكد أنه هنالك صفات كثيرة للقلب، فمثلاً يقول تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28] إذاً هنالك خصائص للقلب ومنها الاطمئنان أو الاستقرار ويقول أيضاً: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22].
إذاً القلب يقسو والقلب يطمئن والقلب يخاف أيضاً ويخاف، يقول تبارك وتعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2] هذه الآية تصف لنا صفات المؤمنين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) أي خافت (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
يقول أيضاً: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أو آذان يَسْمَعونَ بها فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). والخطاب هنا لأولئك المشككين بكلام الله تبارك وتعالى ورسالته، فهذه الآية تؤكد على نقطة مهمة جداً، أن القلب له عمل، وليس مجرد مضخة كما يعتقد كثير من الأطباء اليوم، فالقلب يمكن أن يعمى (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) والقلب أيضاً يمكن أن يفقه ويعقل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا). والسؤال: كيف يمكن للقلب أن يعقل؟ وكيف يمكن له أن يتذكر؟ وكيف يمكن له أن يحب أو يكره؟
ذاكرة القلب
هذه العمليات تتم عندما يتعرض إنسان أو يُشرف على الهلاك يكون لديه خلل في نظام عمل القلب أو بسبب انسداد شرايين القلب انسداداً كاملاً أو غيرها من الاضطرابات في نظام عمل القلب فهذه جميعها تستدعي أن يتم تغيير هذا القلب فيأتون بقلب لإنسان آخر مات مثلاً منتحراً أو مات بسبب حادث أو إصابة مفاجئة ويأخذون هذا القلب ويضعونه في قلب المريض فيعيش بعد ذلك عدة سنوات بقلب غير قلبه.
والسؤال ما هي عملية زراعة القلب؟ إنها بكل بساطة عبارة عن استبدال قلب بقلب إنسان آخر، وكما نعلم أن الإنسان الذي يموت بسبب حادث أو صدمة مفاجئة أو بحادث قتل مثلاً أو يموت منتحراً، لا يموت قلبه على الفور بل يبقى لفترة محددة فإذا ما أدرك الأطباء هذا القلب وانتزعوه ووضعوه في سائل خاص وأشرفوا عليه فإنه يبقى أيضاً لفترة أطول يمكنهم أن يستفيدوا منه في مريض آخر من أجل استبدال قلبه فقد يكون لدينا مريض مثلاً لديه شرايين القلب جميعها فيها انسداد كامل وقد أشرف على الموت أيضاً فيتم استبدال قلبه ويعيش بهذا القلب الجديد والذي لاحظه الأطباء أن هؤلاء المرضى الذين تم استبدال قلوبهم بقلوب أخرى أنه تحدث فيهم تغييرات عميقة في تصرفاتهم أو في شخصيتهم، فمثلاً هنالك طالبة في علم النفس لديها فشل في عمل القلب أو خلل منذ الولادة وعمرها ثمانية وعشرون عاماً عندما قاموا باستبدال قلبها بقلب شخص آخر مات حديثاً ماذا كانت النتيجة؟؟
عندما أفاقت بعد العملية وجد الأطباء أنه هنالك تغييرات في شخصية هذه المريضة فعلى سبيل المثال: كانت لا تحب الألعاب الرياضية أبداً، وفجأة بعد أن تم زراعة القلب لها أصبحت من المتابعين للعبة كرة القدم. هنالك أنواع من المأكولات لم تكن ترغب في تناولها قبل العملية، وبعد العملية أصبح لديها ميل شديد باتجاه هذه الأطعمة. وهنالك تغييرات كثيرة حدثت في هذه الفتاة.
كذلك هنالك طفل تم أيضاً استبدال قلبه بسبب خلل وراثي في عمل القلب، وعندما قام الأطباء باستبدال قلبه بقلب طفل آخر، ماذا حدث؟ حدث لديه خلل في الدماغ، في الجانب الأيسر، وعندما بحث الأطباء عن سبب هذا الأمر وجدوا أن الطفل الأصلي صاحب القلب الأصلي كان لديه خلل في الدماغ في الجهة اليسرى. وهنالك مئات العمليات التي أجراها الأطباء في زراعة القلوب وجميعها كانت تحدث معها تغييرات عميقة في شخصية هذا المريض.
وكمثال آخر هنالك طفل أيضاً قتل في حادث، طبعاً في حادثة قتل، هنالك شخص قتل هذا الطفل، فأخذوا قلبه ووضعوه لطفل آخر لديه فشل في عمل القلب وإذا بهذا الطفل بدأ يرى كوابيس وأحلام مزعجة، وبدأ يحس وكأن هنالك شخصاً يريد أن يقتله وهذه الحالة استدعت انتباه الأطباء فلما سألوه عن أوصاف هذا الشخص الذي يحاول قتله ووصف لهم بدقة ما يراه، وجدوا بأن هذا الشخص هو القاتل الذي قتل ذلك الطفل صاحب القلب الأصلي.
من هنا نستطيع أن نستنتج أن هنالك تغييرات مهمة جداً تحدث لهؤلاء الذين يزرعون القلب. ولكن.. ما هو التفسير العلمي لهذه الظاهرة؟ هذه الظاهرة المحيرة لم يجد لها العلماء إلا تفسيراً واحداً وهو: أن في القلب مراكز خاصة بالذاكرة تُشرف على عمل الدماغ، يعني في قلب الإنسان (القلب) ليس مجرد مضخة لضخ الدم إنما في خلايا هذا القلب هنالك برامج أودعها الله تبارك وتعالى تتحكم في عمل هذا القلب وتستقبل هذه البرامج تستقبل المعلومات وكل ما يسمعه ويراه الإنسان ويتم تخزينه في القلب ثمّ يصدر القلب أوامره إلى الدماغ ليقوم بأداء مهامه.
إذاً نستطيع أن نقول إن مركز العقل هو القلب وليس الدماغ ولذلك قال تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) [الأعراف: 179] وقال في آية أخرى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) [الحج: 46] (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
طبعاً هذه النتائج هي ملامح لظاهرة غريبة يراها الأطباء اليوم فهذا هو الدكتور (جاك كوبلاند) أشرف على أكثر من 700 حالة زراعة قلب فماذا وجد هذا الطبيب؟ الذي وجده أن هؤلاء المرضى يحدث دائماً مع كل تغيير للقلب تغييرات عميقة في شخصيتهم ولذلك قال أنا لا أستبعد أن يكون هنالك شيء ما في هذا القلب نجهله تماماً. وهنالك الكثير من الأطباء الذين يؤكدون هذه الحقيقة اليوم ولكن ليس لديهم دليل مادي ملموس على ذلك سوى الظواهر التي يشاهدونها أمامهم.
وهنا تتجلى أمامنا عظمة القرآن تتجلى أمامنا هذه الآيات العظيمة عندما قال رب العزة تبارك وتعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا)! إذاً هذا سبق قرآني في طب القلوب، هذا السبق أكّد لنا أن القلب فيه مراكز كثيرة ويقول كثير من علماء الغرب اليوم إن خلايا القلب تختزن الذاكرة وتختزن ما يسمعه الإنسان وما يراه.
ذاكرة خلايا القلب
لذلك دائماً أنصح كل إنسان أن يلجأ في علاج نفسه من أي خلل أو أي حالة نفسية أو أي مرض إلى القرآن الكريم لأن هذا القرآن أودع الله فيه تبارك وتعالى قوة شفائية، أودع في آياته لغة تفهمها خلايا القلب، لذلك قال تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
المصدر : https://www.islamicglory.com/ar/index…08-15-07-04-53
و من هذا كله لو اسلم قلبه لله و عوده على ذكره لكانت حاله غير هاته الحالة
جزاك الله خيرا ……. وأثابك جنات الفردوس