في الأيام القليلة القادمة يقصد كثير من أبناء المجتمعات الإسلامية شبابا وشابات قاعات الاختبار؛ ليُميَّز المجتهد والمجد من غيره خلال فترة دراسته وتلقيه للعلوم الدينية أو الدنيوية في المؤسسات التعليمية التي ينتسب إليها، وقد قيل: يوم الامتحان يُكرم المرء أو يُهان، وترى الكثير ـ إن لم نقل الكلَّ ـ ممَّن سيُختبر أياماً قبل ذلك في جِدٍّ وتحصيل، ومراجعة ومذاكرة، لا وقت لدى أحدهم، ولا همَّ له إلا ما هو مقرر عليه حفظه وفهمه، لا يكاد أحدهم يضيع لحظة من لحظاته، بل منهم من يزهد فيما كان لا غنية له عنه، من مأكل وراحة ونوم، يسهر الكثير منهم إلى آخر الليل، ويستيقظ عند سماع أذان الفجر أو صياح الديك، بينما كان قبل ذلك ينام عن صلاة الفجر، ولا تكاد تغرب شمس النهار حتى يأوي إلى فراشه، أو يستقبل شاشة تلفازه، يقلب أنظاره فيما حرم الله، وإن أذَّن مؤذن الصلاة كأنَّ في أذنيه وقْرا.
ألا فليعلم هؤلاء أنَّ امتحانات الدنيا مهما اجتهد فيها الإنسان وبذل، وترك من الملذات والشهوات، فهو امتحان بين المخلوق والمخلوق، وحياة المرء وسعادته لا تتوقف على نجاحه في هذا الامتحان أو خسارته؛ لأنَّ المرء لا يدري فيما كُتب له الخير، أفي مواصلة تحصيل العلوم وطلبها، أم في تركه لتلك العلوم وانصرافه إلى ما هو مسخَّر له.
لذا تجد من لا يفقه هذا السرَّ، إن خاب وخسر في امتحاناته يتسخَّط على القدَر الذي ساقه الله إليه، بل قد يفقد أمله في الحياة، بل منهم من يضع حدًّا لحياته بعد خسارته، فيخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
أمَّا المؤمن الصَّادق، الذي ملأ قلبَه بحبِّ الله والرضا بقدره خيره وشره، حلوه ومرِّه، فإن نجح علم أنَّ نجاحه بيد الله وتوفيقه، وإن خسر ـ بعد أن يبذل ما في وسعه من حرص على النَّجاح ـ علم أنَّ ما كتبه الله له واقع لا محالة، ولم يكن لأحد كائنا من كان أن يردَّ قضاء الله وقدره، فيفرح بنعم الله عليه،ـ ويصبر على ابتلاء الله له، وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»، فالصبر والاحتساب يخفِّف مصيبَتَه ويوفِّر أجرَه، والجزع والتسخط والتشكي يزيد في المصيبة ويذهب الأجر.
ثم إنَّ المرء لا يعلم في أي الأمرين يكون الخير، أفي نجاحه في دراسته أم في عدم ذلك؛ والله تعالى يقول:﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾، بل قد يكون الشرُّ كلُّ الشَّرِّ في استمرار المرء في دراسته، كما نرى في واقعنا من بين حاملي الشهادات من أداه علمه إلى الكفر بالله والإلحاد في دينه، وإلى الفسق والفجور والاستهزاء بأهل الخير والصلاح.
وأفضل العلم ما كان نافعا للعبد في دينه ودنياه، ونافعا لأمته ووطنه وأهل دينه، لا ما كان سببا في تعاسته وتعاستهم، وشقائه وشقائهم، فمثل هؤلاء يُتمنى لهم البقاء على الجهل أحسن من التَّمادي في العلم الذي يورث الخيبةَ والحسرةَ لهم ولأبناء أمتهم.
ثم ليعلم المرء أنَّ العلم غير متوقف حيث أوقفته شهادته، بل يستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمن فاته متابعة العلم في المدارس والجامعات، فقد فتح الله له آفاقا ومجالات للتعلم والتكسب غير تلك المؤسسات، خاصة فيما جدَّ ويجدُّ من وسائل التعلم الكثيرة السهلة التناول، إذا أحسن الإنسان استغلالها منحته الكثير من المعارف والعلوم، وهذا كلُّه حتى لا ييأس الإنسان من طلب العلم النَّافع، ويبذل قصارى جهده لينفع أمته وينهض بها من سباتها وغفلتها.
وهذا الذي قدَّمتُ الحديثَ عنه هو في امتحانات الدنيا التي تدور بين المخلوق ومثله، والعبد وجنسه، ولا ينبغي لمن أراد الخير لنفسه أن يغفل عن الامتحان الذي ليس بعده امتحان، فعنده يُكرم المرء حقيقة أو يُهان، ففريق في النعيم والجنان وفريق في السعير والنيران، وهو امتحان يكون بين المخلوق وخالقِه، فحريٌّ بمن دخله ـ وكلٌّ داخله لا محالة ـ أن يعمل ويجدَّ لينجح ويجتاز هذه العقبة، فليتنا نعدُّ له عُدَّته كما نعدُّ للامتحان الدنيوي عدَّته، بل ولم نبلغ معشار ذلك.
وقد اختبر الله تعالى عباده في هذه الدنيا بعدة اختبارات؛ ليعلم العبد مع أي الفريقين يكون، مع الفائزين أم الخاسرين، ومن تلكم الاختبارات التي يُمتحن بها العباد في الدنيا ما نراه ونسمعه من كثير من المنتسبين إلى الإسلام من ادعاء محبة الله تعالى وأنهم أهل الله وخاصته، فهؤلاء يُنظر في متابعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن كانوا موافقين له في أعمالهم وأقوالهم فقد نالوا محبة الله لهم، وإن كانوا نقيض ذلك فهو مجرد ادعاء لم يُقيموا عليه بينات؛ وذلك أنَّ الله تعالى قال في كتابه العزيز: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، قال ابن كثير رحمه الله: « هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادَّعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية؛ فإنَّه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ» ولهذا قال: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم مِن مَحَبَّتِكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحِبّ، إنَّما الشأن أن تُحَبّ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية».
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحبه ويحب من يحبه ويحشرنا في زمرة حبيبنا ونبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويجعلنا من أتباعه والمهتدين بهديه، والمحبين له، فالمرء مع من أحب، وأن يوفقنا لاجتياز امتحانات الدنيا وامتحانات الآخرة، والله أعلم وصلى الله على نبيه الأكرم وسلَّم.
ألا فليعلم هؤلاء أنَّ امتحانات الدنيا مهما اجتهد فيها الإنسان وبذل، وترك من الملذات والشهوات، فهو امتحان بين المخلوق والمخلوق، وحياة المرء وسعادته لا تتوقف على نجاحه في هذا الامتحان أو خسارته؛ لأنَّ المرء لا يدري فيما كُتب له الخير، أفي مواصلة تحصيل العلوم وطلبها، أم في تركه لتلك العلوم وانصرافه إلى ما هو مسخَّر له.
لذا تجد من لا يفقه هذا السرَّ، إن خاب وخسر في امتحاناته يتسخَّط على القدَر الذي ساقه الله إليه، بل قد يفقد أمله في الحياة، بل منهم من يضع حدًّا لحياته بعد خسارته، فيخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
أمَّا المؤمن الصَّادق، الذي ملأ قلبَه بحبِّ الله والرضا بقدره خيره وشره، حلوه ومرِّه، فإن نجح علم أنَّ نجاحه بيد الله وتوفيقه، وإن خسر ـ بعد أن يبذل ما في وسعه من حرص على النَّجاح ـ علم أنَّ ما كتبه الله له واقع لا محالة، ولم يكن لأحد كائنا من كان أن يردَّ قضاء الله وقدره، فيفرح بنعم الله عليه،ـ ويصبر على ابتلاء الله له، وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»، فالصبر والاحتساب يخفِّف مصيبَتَه ويوفِّر أجرَه، والجزع والتسخط والتشكي يزيد في المصيبة ويذهب الأجر.
ثم إنَّ المرء لا يعلم في أي الأمرين يكون الخير، أفي نجاحه في دراسته أم في عدم ذلك؛ والله تعالى يقول:﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾، بل قد يكون الشرُّ كلُّ الشَّرِّ في استمرار المرء في دراسته، كما نرى في واقعنا من بين حاملي الشهادات من أداه علمه إلى الكفر بالله والإلحاد في دينه، وإلى الفسق والفجور والاستهزاء بأهل الخير والصلاح.
وأفضل العلم ما كان نافعا للعبد في دينه ودنياه، ونافعا لأمته ووطنه وأهل دينه، لا ما كان سببا في تعاسته وتعاستهم، وشقائه وشقائهم، فمثل هؤلاء يُتمنى لهم البقاء على الجهل أحسن من التَّمادي في العلم الذي يورث الخيبةَ والحسرةَ لهم ولأبناء أمتهم.
ثم ليعلم المرء أنَّ العلم غير متوقف حيث أوقفته شهادته، بل يستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمن فاته متابعة العلم في المدارس والجامعات، فقد فتح الله له آفاقا ومجالات للتعلم والتكسب غير تلك المؤسسات، خاصة فيما جدَّ ويجدُّ من وسائل التعلم الكثيرة السهلة التناول، إذا أحسن الإنسان استغلالها منحته الكثير من المعارف والعلوم، وهذا كلُّه حتى لا ييأس الإنسان من طلب العلم النَّافع، ويبذل قصارى جهده لينفع أمته وينهض بها من سباتها وغفلتها.
وهذا الذي قدَّمتُ الحديثَ عنه هو في امتحانات الدنيا التي تدور بين المخلوق ومثله، والعبد وجنسه، ولا ينبغي لمن أراد الخير لنفسه أن يغفل عن الامتحان الذي ليس بعده امتحان، فعنده يُكرم المرء حقيقة أو يُهان، ففريق في النعيم والجنان وفريق في السعير والنيران، وهو امتحان يكون بين المخلوق وخالقِه، فحريٌّ بمن دخله ـ وكلٌّ داخله لا محالة ـ أن يعمل ويجدَّ لينجح ويجتاز هذه العقبة، فليتنا نعدُّ له عُدَّته كما نعدُّ للامتحان الدنيوي عدَّته، بل ولم نبلغ معشار ذلك.
وقد اختبر الله تعالى عباده في هذه الدنيا بعدة اختبارات؛ ليعلم العبد مع أي الفريقين يكون، مع الفائزين أم الخاسرين، ومن تلكم الاختبارات التي يُمتحن بها العباد في الدنيا ما نراه ونسمعه من كثير من المنتسبين إلى الإسلام من ادعاء محبة الله تعالى وأنهم أهل الله وخاصته، فهؤلاء يُنظر في متابعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن كانوا موافقين له في أعمالهم وأقوالهم فقد نالوا محبة الله لهم، وإن كانوا نقيض ذلك فهو مجرد ادعاء لم يُقيموا عليه بينات؛ وذلك أنَّ الله تعالى قال في كتابه العزيز: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، قال ابن كثير رحمه الله: « هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادَّعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية؛ فإنَّه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ» ولهذا قال: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم مِن مَحَبَّتِكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحِبّ، إنَّما الشأن أن تُحَبّ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية».
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحبه ويحب من يحبه ويحشرنا في زمرة حبيبنا ونبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويجعلنا من أتباعه والمهتدين بهديه، والمحبين له، فالمرء مع من أحب، وأن يوفقنا لاجتياز امتحانات الدنيا وامتحانات الآخرة، والله أعلم وصلى الله على نبيه الأكرم وسلَّم.
https://www.rayatalislah.com/index.ph…d/item/14-1429
جازاك الله خيرا أعاننا الله و إياكم
يرفع للتذكير
جزاك الله خيرا
يرفع للتذكير
رفع للتذكير
الله يبارك قول سديد
حفظ الله الشيخ رضا وبارك في علمه وعمره
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد خلقك ورضاء نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك