في معنى المقاصد ونظرية المقاصد
جمع الأستاذ علال الفاسي مقاصد الشريعة العامة والخاصة في تعريف واضح موجز : (المراد بمقاصد الشريعة الغاية منها والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها) فشطره الأول" الغاية منها" يشير إلى المقاصد العامة وباقي التعريف للمقاصد الخاصة.
ويمكن القول بناءا على مختلف الإستعمالات والبيانات الواردة عند علماء المقاصد إن مقاصد الشريعة هي الغايات التي وضعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد.
ويمكن تقسيم المقاصد إلى ثلاثة أقسام :
1- مقاصد عامة : هي التي تراعيها الشريعة في كل أبوابها التشريعية أو في كثير منها.
2- مقاصد خاصة : هي التي تهدف الشريعة إلى تحقيقها في باب معين أو في أبواب قليلة متجانسة ولعل ابن عاشور من أفضل من اهتم بهذا القسم .
3- مقاصد جزئية : ما قصده الشارع من كل حكم شرعي من إيجاب أو كراهة…وقد اعتنى بهذا القسم الفقهاء ويعبرون عنها بالحكمة أو العلة.
علاقة ألفاظ مثل الحكمة والعلة والمعاني بمقاصد الشريعة:
*الحكمة :
المالكي في تبصرة الحكام محددا مقاصد القضاء : " وأما حكمنه فرفع التهارج ورد التوائب وقمع المظالم ونصر المظلوم وقطع الخصومات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " وقال الونشريسي في المعيار : " والحكمة في اصطلاح المتشرعة هي المقصود من إثبات حكم أو نفيه…".
وتأتي بمعنيين : الأول هو أن الحكمة هي المعنى المقصود من شرع الحكم وهي المصلحة , أما الإطلاق الثاني فيراد به المعنى المناسب لتشريع الحكم أي المقتضي لتشريعه وذلك كالمشقة.
ولكن الإطلاق الثاني عند التحقيق آيل إلى المعنى الأول , إذ الثاني إطلاق مجازي كما قال شمس الدين الفناري الحنفي في أصول البدايع في أصول الشرايع : " أما ما يقال في رخص السفر : إن السبب السفر والحكمة المشقة وأمثاله فكلام مجازي والمراد أن الحكمة الباعثة دفع مشقة السفر ".
* العلة:
العلة لفظ يعبر به عن مقصود الشارع فهو مرادف للحكمة وهذا هو الإستعمال الأصلي والحقيقي لمصطلح العلة .
ثم غلب فيما بعد استعماله بمعنى " الوصف الظاهر المنضبط الذي تناط به الأحكام الشرعية " على أساس أن الحكمة هي مناط الحكم ومقصوده .والحكمة ترتبط غالبا بذلك الوصف الظاهر المنضبط ففي باب الرخص الشرعية مثلا : لا شك أن رفع المشاق عن الناس هي الحكمة والمقصود وهي العلة الحقيقية للرخص الشرعية ولكن الشارع لم يقل للمكلف كلما وجدتم عنتا فترخصوا!!! بل حدد لهم أوصافا ظاهرة منضبطة (العلل) فبنائها عليها يقع الترخيص , أما ما لم يسمه الشارع من أنواع المشاق الكثيرة فقد ترك تقديرها للمجتهدين…
فهذه الأوصاف الظاهرة المنضبطة يطلق عليها العلل أو الأسباب بينما العلة أو السبب الحقيقي هو مقصود الحكم وحكمته من جلب مصلحة أو درء مفسدة أو هما معا , فالشارع يربط الحكم بأمارات ظاهرة منضبطة تجنبا للميوعة والفوضى في التشريع لكنها تكون متلازمة عادة مع المصالح والمفاسد التي هي علة التشريع الحقيقية أو باصطلاح القوم : تكون مظنة لها .قال الشاطبي : "نصب الشارع المظنة في موضع الحكمة ضبطا للقوانين الفقهية".
قال الشاطبي : " …فعلى الجملة العلة هي المصلحة نفسها أو المفسدة نفسها لا مظنتها كانت ظاهرة أو غير ظاهرة منضبطة أو غير منضبطة وكذلك نقول في قوله عليه السلام : " لا يقضي القاضي وهو غضبان " فالغضب سبب وتشويش الخاطر عن استيفاء الحجج هو العلة على أنه قد يطلق هنا لفظ السبب على نفس العلة لارتباط ما بينهما ولا مشاحة في الإصطلاح"
وهذا الذي صنعه الشاطبي من تفسير العلة بالمصلحة والمفسدة المقصودة بالحكم فضلا عن موافقته للإستعمال الأول هو اللائق بأهل المقاصد لأن البحث في المقاصد هو بحث في العلل الحقيقية التي هي مقاصد الأحكام …
وإننا لو أردنا أن نضع لمصطلح التعليل مرادفا واضحا يناسب موضوع المقاصد …لكان هذا المرادف هو مصطلح : "التقصيد " لأن تعليل الأحكام هو في حقيقته تقصيد لها , أي تعيين لمقاصدها فالتعليل يساوي التقصيد .
* المقاصد والمعاني :
كان المتقدمون كالغزالي و الجويني والإمام الطبري …يعبرون بلفظة "المعاني" ويريدون بها "المقاصد" فمثلا قال الإمام الطبري في جامع البيان متحدثا عن مقاصد الزكاة : " والصواب من ذلك عندي : أن الله تعالى جعل الصدقة في معنيين أحدهما : سد خلة المسلمين والآخر معونة الإسلام وتقويته…"
ومثال آخر قال البزدوي الحنفي في سياق تعريفه للفقه وأقسامه : "والقسم الثاني : إتقان المعرفة به وهو معرفة النصوص بمعانيها…" فقال شارحه عبد العزيز البخاري في كشف الأسرار : " والمراد من المعاني : المعاني اللغوية والمعاني الشرعية التي تسمى عللا وكان السلف لا يستعملون لفظ " المعنى" أخذا من قوله عليه السلام " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى معاني ثلاث " أي علل بدليل قوله : إحدى بلفظة التأنيث وثلاث بدون هاء".
معنى نظرية القاصد :
يعتبر الدكتور مراد وهبة في معجمه الفلسفي أن " نظرية : مرادفة للفظة نسق" وقد عرف النسق بأنه " مجموعة من القضايا المرتبة في نظام معين" وقريب منه ما قاله جميل صليبا في معجمه الفلسفي متحدثا عن معاني النظرية : " …وإذا أطلقت على ما يقابل الحقائق الجزئية دلت على تركيب واسع يهدف إلى تفسير عدد كبير من الظواهر…" وعليه فنظرية المقاصد عامة وواسعة تندرج فيها النظريات الفقهية التي تعني كما قال وهبة الزحيلي : " بناء عام لقضايا ذات مفهوم واسع مشترك أما القاعدة فهي ضابط أو معيار كلي في ناحية مخصوصة من نواحي النظرية العامة" كما تندرج في نظرية المقاصد القواعد الفقهية والأحكام الجزئية…
وتقوم نظرية المقاصد على على النظر العقلي المنطقي القويم الذي يرى أن شريعة الله تعالى لا يمكن إلا أن تكون شريعة رحمة وحكمة كما تقوم على استقراء تفاصيل الشريعة ما تقوم وتستند على ما نطقت به النصوص القطعية من تعليلات لإرسال الرسل …
فعلى هذا الأساس تنبني نظرية المقاصد لتصبح نظرية تحكم تفاصيل الشريعة وتحكم كل فهم لها ونقطة الإنطلاق في هذا هي : التسليم الجازم بكون الشريعة إنما وضعت لجلب مصالح العباد ودرء مفاسدهم في الدنيا والآخرة.
– والمصالح هي غير الأهواء والنزوات بل المصالح في الإسلام أبعد وأرقى …ومن هذه المنطلقات تحدد نظرية المقاصد سلم المصالح والمفاسد الضرورية منها ثم الحاجية و التكميلية…ثم تتشعب لتلقي بظلالها على جميع قضايا الشريعة
من المشاهير الذين اهتموا بالقاصد – من المتقدمين- أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي وقد لايعد فقيها ولا أصوليا بالمعنى التخصصي لكنه من أكثر العلماء عناية بتعليل أحكام الشريعة وهو من أقدم من استعمل لفظ المقاصد في كتابه " مقاصد الصلاة " وإن كان ينحو في تعليلاته منحى ذوقيا إشاريا وله كتب أخرى ك : "علل الشريعة"و"علل العبودية" حيث حاول في هذا الكتاب تعليل الفرائض تعليلا عقليا فكان أن سبب له الطرد من ترمذ …
ثم نجد أبو المنصور الماتريدي وله مؤلفات أصولية لكنها في حكم الضياع ثم أبو بكر الشاشي القفال له كتاب " محاسن الشريعة" والظاهر أن له صلة وثيقة بموضوع المقاصد ثم أبو بكر الأبهري واللافت في ترجمته أن كان شيخا لفطاحلة الأصوليين كابن خويز منداد والباقلاني وابن القصار والقاضي عبد الوهاب…
ثم الباقلاني الذي يمثل المنعطف الثاني في أصول الفقه حيث انتقل بالتأليف الأصولي إلى مرحلة التوسع الشمولي والتمازج مع علم الكلام وهو تفاعل كانت له فوائده وأضراره …
الحلقات الشهيرة البارزة من الأصوليين الذين تعرضوا لذكر المقاصد:
1 – الجويني صاحب البرهان :
كانت له ريادة في المقاصد لا ينازعه فيها أحد لكثرة ذكره لها وكثيرا ما كان يعبر عنها بلفظ " الغرض" …ومن تنبيهاته قوله في سياق الرد على الكعبي المعتزلي : " ومن لم يتفطن لوقع المقاصد في الأوامر والنواهي فليس على بصيرة من وضع الشريعة" .
ومما يذكر أنه كان صاحب السبق في التقسيم الثلاثي لمقاصد الشارع كما أنه صاحب السبق في الإشارة إلى الضروريات الخمس الكبرى في الشريعة.
2- أبو حامد الغزالي :
لم يأت بجديد في كتابه المنخول بل كان تلخيصات لكلام شيخه الجويني , لكنه تقدم كثيرا في كتابه الثاني " شفاء الغليل" ثم انتهى إلى ما هو أنضج وأحكم في كتابه " المستصفى" .
قال في سياق كلامه على المصلحة في المستصفى : " ونعني بالمصلحة المحافظة على مقصود لشارع" وقال : " وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشارع فلا وجه للخلاف في إتباعها بل يجب القطع بكونها حجة" .
كما قرر في كتابه المستصفى بصورة حاسمة أن حفظ الأصول الخمسة : " يستحيل أن لا تشتمل عليه ملة من الملل وشريعة من الشرائع التي أريد بها إصلاح الخلق ولذلك لم تختلف الشرائع في تحريم الكفر والقتل والزنا والسرقة وشرب المسكر" .
3- الفخر الرازي : أورد في كتابه المحصول كل ما سبق عند الجويني والغزالي ولا غرابة فكتابه تلخيص لهما والمعتمد لأبي الحسين البصري.
4- سيف الدين الآمدي : له كتاب " الإحكام " وما هو إلا تلخيص آخر للكتب الثلاثة السابقة , إلا أن الجديد المفيد عند الآمدي هو أنه أدخل المقاصد في باب الترجيحات وبالذات في الترجيح بين الأقيسة المتعارضة …ثم تطرق – وربما لأول مرة- إلى بيان كيفية ترتيب الضرورات الخمس والترجيح بينهما بناءا على ذلك فرجح حفظ النسل على حفظ العقل كما رجح تقديم حفظ الدين على حفظ النفس.
ومن الأمور الجديدة أيضا عند الآمدي : تنصيصه صراحة على كون الضرورات منحصرة في الكليات الخمس حيث قال : " والحصر في هذه الخمسة الأنواع إنما كان نظرا إلى الواقع والعلم بانتفاء مقصد ضروري خارج عنها في العادة"
ولقد حصل ما يشبه الإجماع على هذا الحصر لكنه أمر يحتاج إلى إعادة نظر…
وبعد الآمدي توقفت عقارب الساعة وأصبحت المؤلفات الأصولية عبارة عن مختصرات لما سبق أو شرح أو حواشي…
5- ابن الحاجب :كان دائرا في فلك الآمدي .
6- البيضاوي :
تابع الرازي في تقسيم المصالح إلى دنيوية وأخروية.
7- الإسنوي: تابع الآمدي في ترتيب الضروريات الخمس (1الدين2النفس3العقل4المال 5النسب) كما حكى قوله في باب الترجيحات دون تعليق .
وإن ترتيب هذه الكليات الخمس لا صلة له بالمذاهب خلافا لما ادعاه وهبة الزحيلي , كما ادعى البوطي أن ترتيب الغزالي محل إجماع وهذا بين البطلان!
8- ابن السبكي:زاد العلامة السبكي إلى الكليات الخمس سادسا وهو : " العرض" ووافقه الإمام الشوكاني وأيده .
لكن حفظ العرض ينقصه الضبط والتحديد أين يبدأ ؟ وأين ينتهي ؟ كما أن هذه الإضافة هي نزول عن مستوى التحرير والتدقيق الذي بلغه الغزالي ولو جاز إضافة العرض لجاز إضافة ضرورة الإيمان وضرورة العبادة وضرورة الأكل…وقد اعترض الطاهر ابن عاشور على من أضاف العرض واعتبره من الحاجيات فقط…
ومن الملاحظ أننا لا نجد بين كل الأصوليين ولا حنفيا واحدا لأنه لا يوجد في مؤلفاتهم ما يستحق الذكر مع أنهم أكثر الفقهاء تعليلا للأحكام!!!
العز بن عبد السلام وتلميذه القرافي :
للعز كتاب يكاد يكون خاصا بالمقاصد وهو " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " وفيه ينص على أن: " معظم مقاصد القرآن : الأمر باكتساب المصالح وأسبابها والزجر عن اكتساب المفاسد وأسبابها " وهو يرى أن الشريعة كلها معللة بجلب المصالح ودفع المفاسد يقول : " والشريعة كلها مصالح تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح.."
أما تلميذه القرافي فهو دائر في فلك شيخه لكنه أكثر ضبطا وتحريرا.
الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم :
لا يكاد يخلو كلام الإمام ابن تيمية عن الشريعة من بيان مقاصدها فهو لا يفتأ يؤكد : " أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وأنها ترجح خير الخيرين وشر الشرين …"
كما أنه يعترض على حصر الأصوليين لمقاصد الشريعة في المقاصد الخمسة المعروفة.
وما قلناه في القرافي نقوله في ابن القيم
1- المصلحة المرسلة :
معنى مراعاة المصلحة في المذهب المالكي أن يكون الإجتهاد قائما على أساس الإستصلاح ويكون فهم النصوص والإستنباط منها قائما على أساس أن مقاصدها : جلب المصلحة ودرء المفسدة وأن يكون القياس عليها مراعيا لهذا الأساس أصلا : فهو ليس مجرد أخذ بالمصلحة المرسلة حيث لا نص ولا قياس بل هو استحضار المصلحة عند فهم النص وعند إجراء القياس فضلا عن حالات إعمال المصلحة المرسلة .
والمذهب المالكي صريح في مراعاته للمصلحة المرسلة خلافا للمذاهب الأخرى فيشوبها التردد والغموض …
وفي هذا السياق يقول القاضي عياض في ترتيب المدارك في معرض الحديث عن المرجحات : " الإعتبار الثالث يحتاج إلى تأمل شديد وقلب سليم من التعصب سديد , وهو الإلتفات إلى قواعد الشريعة ومجامعها وفهم الحكمة المقصودة بها من شارعها…"
ولقد كان للتقدم لزمني وقربه من العهد النبوي والخلافة الراشدة دور في وضوح المصلحة المرسلة عن المالكية لكونها قاعدة عمرية بامتياز …فلما تأخر العهد صارت أكثر ضبابية وبلغ ذلك الحد أن أنكر بعض المالكية كابي الطيب الباقلاني وابن الحاجب حجيتها!!
فالإستحسان عند الإمام مالك يعني شيئا واحدا واضحا هو:رعاية المصلحة …أما عند أبي حنيفة فالأمر غير واضح …ولذلك قال مالك : " الإستحسان تسعة أعشار العلم " أي رعاية المصالح… فكان ينبغي على الفقيه أن لا يغيب عنه الإلتفات إلى مقصود الشرع…
هذا الأصل حمل لواءه المذهب المالكي وهو من أصول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو وجه آخر من وجوه رعاية مقصود الشارع في حفظ المصالح ودرء المفاسد…
3- مراعاة مقاصد المكلفين:
لهذا الأصل تداخل كبير مع أصل " سد الذرائع " إلا أنه أو سع وأشمل لأنه يراعي القصد الفاسد – كالحال في سد الذرائع – ويراعي أيضا القصد الحسن…فهو أصل جامع .
ورغم أن قاعدة " الأمور بمقاصدها" توجد في كل المذاهب السنية إلا أن المذهب المالكي يظل رائدا في مراعاة مقاصد المكلفين.
فعلى سبيل المثال : يبطل المالكية – خلافا لغيرهم- الأنكحة والبيوع التي يظهر فيها القصد الفاسد وقد وافقهم فيه الإمام ابن تيمية واعتبره أقرب إلى الكتاب والسنة والعدل…
كما أنهم يصححون مطلقا بيع المعاطاة بينما يمنعه الشافعية والظاهرية ويصححه الحنابلة والحنفية بشرط تحديد الثمن وأن لا يصرح أحد العاقدين بما ينافي العقد .
جزاك الله خير الجزاء.
ثروة معرفية غزيرة تكشف عن جهد عقول السلف والخلف لفهم شرع الله من خلال واقع الناس .
المجال واسع جدا،فقهاء القانون الوضعي والشرعي يربطون بين الحكم الشرعي ،ومصدره والغاية منه،فلاتوجد شريعة تطبق غاية في ذاتها،بل هي وسيلة لغاية لاتخرج عن خدمة الإنسان في دنياه وآخرته.
موضوع جيد خاصة في الإنتقاء ،والتنقل من عصر لآخر،ومن قراءة لأخرى،وهذا ثراء يجعل الجيل الحاضر أكر وعيا،وعلما،وتفقها ،من الأجيال السابقة..
الباح المعاصر اتصل بمن سبقه ،لكن الباحث السابق لم يطلع على بحث الذي أتى بعده.
فعلال الفاسي يكون أكر دراية من ابن حزم مثلا.
والقضية نسبية حسب الفروق الفردية في الإجتهاد،والإطلاع.
جزيل الشكر .
المقاصد لايمكن فصلها عن المصادر.
الربط بين الكتاب والحكمة في القرءان الكريم ليس عشوائيا.
جزاك الله خير الجزاء
جزيل الشكر .
المقاصد لايمكن فصلها عن المصادر.
الربط بين الكتاب والحكمة في القرءان الكريم ليس عشوائيا.
جزاك الله خير الجزاء
جزاك الله خير الجزاء.
ثروة معرفية غزيرة تكشف عن جهد عقول السلف والخلف لفهم شرع الله من خلال واقع الناس . المجال واسع جدا،فقهاء القانون الوضعي والشرعي يربطون بين الحكم الشرعي ،ومصدره والغاية منه،فلاتوجد شريعة تطبق غاية في ذاتها،بل هي وسيلة لغاية لاتخرج عن خدمة الإنسان في دنياه وآخرته. موضوع جيد خاصة في الإنتقاء ،والتنقل من عصر لآخر،ومن قراءة لأخرى،وهذا ثراء يجعل الجيل الحاضر أكر وعيا،وعلما،وتفقها ،من الأجيال السابقة.. الباح المعاصر اتصل بمن سبقه ،لكن الباحث السابق لم يطلع على بحث الذي أتى بعده. فعلال الفاسي يكون أكر دراية من ابن حزم مثلا. والقضية نسبية حسب الفروق الفردية في الإجتهاد،والإطلاع. |
جزيل الشكر .
المقاصد لايمكن فصلها عن المصادر. الربط بين الكتاب والحكمة في القرءان الكريم ليس عشوائيا. جزاك الله خير الجزاء |
جزيل الشكر .
المقاصد لايمكن فصلها عن المصادر. الربط بين الكتاب والحكمة في القرءان الكريم ليس عشوائيا. جزاك الله خير الجزاء |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…اما بعد
إتجهت أنظار الكثير من العلماء إلى الطرح المقاصدي في الفكر الإسلامي واعتبروه أطروحة بديلة قد تساهم في حل الأزمة المعرفية التي تعيشها منهجية الاجتهاد الأصولي الحديثة، ولكن بما أن أبعاد الأزمة المعرفية لا يمكن تحديدها علمياً من زاوية واحدة فقط، كأن تقول مثلا أنها أزمة الفقه أو الأخلاق أو الإجتهاد، لأنها تمثل وحدة تتداخل فيها عدة عوامل بدرجات متفاوتة يصعب عزل أحدها عن الآخر، لهذا يتطلب الأمر منا قراءة هذه الأنماط من الأفكار قراءةً معرفية نستطيع من خلالها أن نكتشف نسبة التأثير لكل عامل من تلك العوامل، ومدى إعتبار معالجة تلك الإشكالية نقلةً معرفية تنقل الفكر الأصولي من عامل معرفي قديم إلى عامل معرفي جديد.
على ضوء هذه الرؤية تحاول هذه الورقة أن تحلل نظرية المقاصد عند الشاطبي من الزاوية التي يمكن من خلالها أن نحدد إلى أي مدى يمكن إعتبارها منهجية تستطيع أن تنقذ الاجتهاد الأصولي وتطبيقاته في المجتمع الإسلامي المعاصر.
للإجابة على هذه التساؤلات قسمت البحث إلى أربعة مباحث: في الأول بينت فيه مفهوم المقاصد. ثم في المبحث الثاني تطرقت إلى الجذور المعرفية للمقاصد وعوامل نشأتها التي حصرتها في بعدين؛ الأصولي والإجتماعي. أما المبحث الثالث فحاولت تحليل النظام الداخلي للنظرية وبيان المفاهيم الأساسية التي لايمكن الاستغناء عنها لفهمها. وأما في المبحث الرابع فقد حاولت أن أبين القيمة المعرفية للمقاصد
في الخاتمة حاولت أن أبين كيفية مساهمة نظرية المقاصد في حل الزمة المعرفية في علم الأصول خصوصا وفي حقل المعرفة عموما.
* المبحث الأول: مفهوم المقاصد :
لقد حاول الذين جاءوا بعد الشاطبي أن يحددوا المجال الدلالي والمفهومي لهذا المصطلح، ذلك أن الشاطبي لم يعط المفهوم تعريفا جامعا مانعا، ولعله أعتبر الأمر واضحاً، ولعل مازهده في تعريف المقاصد كونه كتب كتابه للعلماء، بل للراسخين في علوم الشريعة. وبالرغم من هذا، فإن أسباباً أخرى خفية علينا جعلته يتخذ هذا الموقف، ذلك لأن تحديد المفاهيم من الأولويات الأساسية لبناء أي نموذج معرفي جديد، لهذا أعتقد أن سبب عدم إيراده لمفهوم المقاصد يعود إلى الطبيعة الأساسية لمشروعه الفكري الذي كان ينظر إليه على أنه ليس بحثا في المعرفة فقط بل هو مشروع وظيفي يحاول أن يحدث به تغيراً اجتماعياً ومنظورا جديدا يفهم من خلاله خطاب الشارع الحكيم. ولهذا، فإننا تواجهنا صعوبة في تحديد "مفهوم المقاصد"، ولهذا نجد مؤخراً تأويلات وأحكام مختلفة حول المفهوم نفسه.
غير اننا لحاجة منهجية في ضبط المفهوم نورد بعض تعاريف المتأخرين، التي قد تساعدنا في فهم الاتجاه العام الذي تسير عليه نظرية المقاصد.
ولقد انتبه الطاهر ابن عاشور إلى هذه الإشكالية وحاول تحديدها بمفهوم عام يقول فيه أن "مقاصد التشريع العامة هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل في هذا ما في الشريعة وغايتها العامة والمعاني التي لايخلو التشريع من ملاحظاتها، ويدخل في هذا أيضاً معاني من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام ولكنها ملحوضة في أنواع كثيرة".
ويقسمها الى معان حقيقية، تتحقق في نفسها، ومعاني عرفية عامة تدل على المجريات التي ألفتها نفوس الجماهير واستحسنتها. ولإثبات معاني المقاصد يشترط فيها تحقق أربع صفات: الثبوت، والظهور، والانضباط، والاطراد.
لكن إذا اعتمدنا على هذا التحديد فقط، قد لا يسمح لنا أن نرى النظرية من بعدها الخارجي حتى نتمكن بطريقة علمية أن نحدد موقعها المعرفي الذي نحاول أن نقف عنده بقدر المستطاع. ومن أجل توضيح هذا القصد حاول طه عبدالرحمن أن يستخرج المعاني الممكنة من ذلك المفهوم، وتوصل إلى بيان ثلاث معانٍ أساسية؛ كل واحد منها يتعلق بنمط معين من المحتوى، وهي كلها تمثل فصولا خاصة وضعها الشاطبي في كتابه "الموافقات".
فالمعنى الأول يستعمل الفعل قصد بمعنى ضد الفعل "لغا" "يلغو". ولما كان اللغو هو الخلو من الفائدة أو صدق الدلالة فإن المقصد يكون على عكس ذلك "هو معلول الفائدة أو معقول الدلالة"، وهذا المضمون الدلالي يعود إلى الفصل الذي وضعه الشاطبي تحت عنوان "مقاصد وضع الشريعة للإفهام"، وقد ناقش فيه قضيتين أساسيتين حاول فيهما اثبات صفة العربية والأمية للشريعة اللاسلامية.
والمعني الثاني "يستعمل الفعل "قصد" أيضا بمعنى ضد فعل "سها" "يسهو". ولما كان السهو هو فقدان التوجه أو الوقوع في النسيان، فان المقصد يكون على خلاف ذلك، وهو حصول التوجه والخروج من النسيان. هذا المعنى يدل على البعد الشعوري والارادي الذي تعكسه الفصول التي وضعها الشاطبي تحت فصل "مقاصد وضع الشريعة للامتثال" و"مقاصد المكلف".
في المعني الثالث" يستعمل فعل "قصد" ضد الفعل "لها " "يلهو"، لما كان اللهو هو خلو من الغرض الصحيح و فقدان الباعث المشروع، فان المقصد يكون على العكس من ذلك هو حصول الغرض الصحيح و قيام الباعث المشروع". هذه الدلالة كما بينها طه عبد الرحمن تعكس "المضمون القيمي" وهو الذي ناقشه الشاطبي في فصل "مقاصد وضع الشريعة ابتداءا " .
من خلال هذا التحليل يتبين لنا أن دلالة نظرية المقاصد يصعب حصرها في بعد واحد لإحتوائها على قابلية عجيبة للفهم المتعدد، لهذا وصل في الأخير إلى القول "و على الجملة فان الفعل "قصد" قد يكون بمعنى "حصل فائدة" أو "حصل نية " أو بمعنى "حصل الغرض"، فيشمل "علم المقاصد" إذ ذاك على ثلاث نظريات أصولية متمايزة فيما بينها، أولها نظرية المقصودات، وهي تبحث في المضامين الدلالية للخطاب الشرعي والثانية نظرية القصود، وهي تبحث في مضامين الشعورية أو الارادية، والثالثة نظرية المقاصد، وهي تبحث في المفاهيم القيمية للخطاب الشرعي .
بهذا المعنى يتضح أن الفهم الصحيح للمقاصد ينبني على هذه الشمولية التي تفرضها النظرية نفسها، لذا تقتضي منا الضرورة أن لا نتقيد بالتعريف الذي وضعه الطاهر ابن عاشور.
من جهة أخرى فإن هذه القابلية للفهم المتعدد لم تمنع الشاطبي من إرساء نظام قيمي دقيق نظم في داخله ما يحمله ذلك المصطلح من الدلالة، إذ ذهب إلى االتركيز على تحديد مفهوم المصلحة تحديدا يعبر عن تلك الدقة، حيث يقسمها إلي نوعين:
فالأول يعتبر من جهة قصد الشارع في وضع الشريعة إبتداءا، ومن جهة قصده في وضعها للأفهام، ومن جهة قصده في وضعها للتكليف بمقتضاها، ومن جهة قصده دخول المكلف تحت حكمها".
أما النوع الثاني فيتمثل في مقاصد المكلف االتي بينها في "أن الأعمال بالنيات، والمقاصد معتبرة في التصرفات، من العبادات والعادات" و "قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقا لقصده في التشريع".
هذه المقولات تنبني عليها قضايا فرعية أخرى لا يتسع الأمر لذكرها لكن تبقى محتواة في الأولى. وهذا الإعتبار هو الذي منح نوعاً من الأنسجام بين مقاصد الشارع ومقاصد المكلف.
إضافة إلى هذ التقسيم المنهجي، عمد الشاطبي إلى بيان أن المقاصد في حد ذاتها تنقسم إلى ضرورية وحاجية وتحسينية، وهذا بطبيعة الحال يعكس النظام القيمي الذي على أساسه تتوزع وتترتب عملية تحقق المقاصد في أبعادها الشرعية والاجتماعية. ولذلك وضع خمس قواعد أساسية؛ هي:
القاعدة الأولى: أن الضروري أصل لما سواه من الحاجي والتكميلي.
القاعدة الثانية: أن اختلال الضروري يلزم منه اختلال الباقين بإطلاق.
القاعدة الثالثة: أنه لايلزم من اختلال الباقين اختلال الضروري.
القاعدة الرابعة. أنه قد يلزم لاختلال التحسيني بإطلاق أو الحاجي اختلال الضروري بوجه ما.
القاعدة الخامسة: أنه ينبغي المحافظة على الحاجي والتحسيني للضروري.
بهذا نصل إلى خلاصة واضحة وهي أن الشاطبي له مبرراته الموضوعية التي دفعته إلى عدم وضع تعريف جامع مانع لمفهوم المقاصد، بل عمد إلى إيراد إيضاحات إجرائية متعلقة بالجانب التطبيقي لهذا المفهوم….يتبع
بارك الله فيك أخي سفيان علم القاصد من العلوم التي ينبغي الاهتمام بها و نقلها للعامة و الخاصة
موضوع هام،ولأهميته كنت قد وقفت على دروس غاية في الدقة والإتقان وغاية في تدريج المعرفة الأصوليه لطلابها// هي في الأصل دورة تعليمية بالشارقة،والذي عُهِد إليه بتدريس الجانب التطبيقي من الأصول هو الشيخ البحاثة النظار،المحدث الأصولي اللغوي المفسر أبي سلمان الحاج مصطفى البحياوي//وهذه دروس لعصري الريسوني وبلديُّه المراكشي الطنجي وهو مدير معهد الإمام الشاطبي للقرآءات…..هاهي انظروها؛وهي دروس اثنا عشر:
و لي ملاحظة،بل سؤال ورد أعلاه وهو: ان الأحناف لم يكن فيهم أصوليون ؟ أصحيح هذا النقل يا محبة الحبيب،أو سبق يد ؟
و لي ملاحظة،بل سؤال ورد أعلاه وهو: ان الأحناف لم يكن فيهم أصوليون ؟ أصحيح هذا النقل يا محبة الحبيب،أو سبق يد ؟
|
1 – تقويم الأدلة لأبي زيد الدبوسي .
2 – أصول السرخسي للسرخسي .
3 – أصول البزدوي للبزدوي .
4 – كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي لعبدالعزيز أحمد البخاري .
5 – الكافي في شرح البزدوي لحسام الدين السغناقي .
6 – جامع الأسرار لمحمد الكاكي .
7 – الشامل في شرح البزدوي للإتقاني .
8 – كشف الأسرار لأبي البركات النسفي
9 – ميزان الأصول للسمرقندي و قد حققه عبد الملك السعدي