قال العلامة السعدي رحمه الله:
وقع رجل في رجل من أهل الدين ، وجعل يعيبه ويعين بعض ما يعيبه به ، فقال بعض الحاضرين له : أريد أن أسالك : هل أنت متيقن ما عبته فيه؟ ومن أي طريق أخبرت به ؟ ثم إذا كان الأمر الذي ذكرته يقيناً ، فهل يحل لك أن تعيبه ام لا ؟
أما الأول ، فإني أعرف انك لم تجالس الرجل وربما أنك لم تجتمع به ، وإنما بنيت كلامك على ما يقوله بعض الناس عنه ، وهذا معلوم أنه لا يحل لك أن تبني على كلام الناس ، وقد علم منهم الصادق والكاذب والمخبر عما رأى ، والمخبر عما سمع ، والكاذب الذي يخلق ما يقول ، فاتضح أنه على كل هذه التقادير لا يحل لك القدح فيه.
ثم ننتقل معك غلى المقام الثاني ، هو أنك متيقن أن فيه العيب الذي ذكرته ، وقد وصل إليك بطريق يقيني ، فهل تكلمت معه ونصحته ونظرت هل له عذر أم لا ؟ وهل يقين النصيحة أم لا ؟
فقال : لم أتكلم معه في هذا بالكلية.
فقال له : هذا لا يحل لك ، إنما يجب عليك إذا علمت من أخيك أمراً معيباً أن تنصحه بكل ما تقدر عليه قبل كل شيء ، ثم إذا نصحته وأصر على العناد ، فانظر هل في عيبك له عند الناس مصلحة وردع ، أم في ذلك خلاف ذلك ؟ وعلى الأحوال كلها ، فأنت أظهرت في عيبك هذا له الغيرة على الدين وإنكار المنكر ، وأنت في الحقيقة الذي فعل المنكر ، وما أكثر من يجري منه مثل هذه الأمور الضارة التي يحمل عليها ضعف البصيرة وقلة الورع ! والله أعلم.
مجموع الفوائد واقتناص الأوابد (ص 44-45)
منقول
نصيحة عجيبة من العلامة السعدي رحمه الله
نعم النصيحة…ونعم القول.
جزاك الله خيرا .
واياك بارك الله فيك