تخطى إلى المحتوى

مُخْتَارَاتٌ مِنْ مَسَائِل الأَحْكَامِ الخاصّة بِعيد الأَضحى 2024.

مِنْ مَسائل صلاة العيد :

[رفع اليدين مع التَّكبيرات الزَّوائد]
(يعني التى بعد تكبيرة الإحرام في صلاة العيد)

ثبت عن ابن جُرَيْج – رحمه الله – أنـَّه قال:

"قلتُ لعطاء: يرفع الإمام يديه كلما كبَّر هذه التَّكبيرات الزِّيادة في صلاة الفطر؟
قال: نعم، ويرفعُ النَّاسُ أيضًا ’’ رواه عبد الرزاق (5699).

وقال الإمام البَغوي – رحمه الله – في كتابه (( شرح السُّنَّـة )) (4/310): ‘‘ و رفعُ اليدين في تكبيرات العيد سُنَّة عند أكثر أهل العلم ’’. اهـ .

وقال الإمام ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله ـ في كتابه (( رفع اليدين في الصلاة )) ( ص295):
‘‘ وقد ثبت عن الصحابة رفع اليدين في تكبيرات العيدين ’’. اهـ .

ومن مسائل صلاة العيد :

المسألة العاشرة: وهي عن خطبة العيد، و هل هي واحدة أو اثنتان؟

للعيد خطبتان لا واحدة، يفصلُ بينهما بجلوسٍ، لا خلاف في ذٰلك بين أهل العلم، وقد نقله عنهم ابنُ حزم الأندلسي – رحمه الله – في كتابه (( الـمُحلَّىٰ )) (3/543) (مسألة: 543) فقال:

‘‘ فإذا سلَّم الإمام قام فخطَب النَّاس خطبتين يجلسُ بينهما جلسة، فإذا أتـمَّها افترق النَّاس، فإن خَطَبَ قبل الصَّلاة فليست خطبة، ولا يجبُ الإنصات له، كلُّ هٰذا لا خلاف فيه إلَّا في مواضع نذكرُها إن شاء الله تعالىٰ ’’. اهـ .

ونقل جمال الدين ابن عبد الهادي الحنبلي – رحمه الله – في كتابه ((مغني ذوي الأفهام )) (7/350 مع غاية المرام) اتِّفاق المذاهب الأربعة علىٰ الخطبتين.

وقال العلامة العثيمين – رحمه الله – في (( الشرح الممتع )) (5/145): ‘‘ هذا ما مشىٰ عليه الفقهاء – رحمهم الله – أن خطبة العيد اثنتان’’. اهـ .

و قد ثبت عن عُبيد الله بن عبد الله ابن عُتبة – رحمه الله – أنـَّه قال: ‘‘ يُكبِّر الإمام علىٰ المنبر يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، ثمَّ يخطب، وفي الثَّانية سبع تكبيرات ’’.

و(عُبيد الله) هٰذا؛ قال عنه الحافظ ابن عبد البَرّ – رحمه الله – : ‘‘ هو أحدُ الفقهاء العشرة ثمَّ السَّبعة الَّذين تدورُ عليهم الفتوىٰ’’. اهـ ،
وقال الحافظ ابن حبَّان – رحمه الله -: ‘‘ وهو مِن سادات التَّابعين ’’. اهـ .

وثبت عن إسماعيل بن أميَّة – رحمه الله – وهو من أتباع التَّابعين- أنـَّه قال:
‘‘ سمعتُ أنـَّه يكبَّر في العيد تسعًا وسبعًا – يعني: في الخطبة’’.
وهذان الأثران يؤكِّدان الخطبتَين، وجَريان العمل في عهدِ السَّلف الصَّالح بذٰلك.

وقد ذهب بعضُ المعاصرين – سلَّمهم الله – إلىٰ أنَّ للعيد خطبة واحدة، وقالوا: ظاهر أحاديث خطبة النَّبيِّ ﷺ في العيد يُشعر بأنـَّه لم يخطب إلَّا واحدة، وقد يُجاب عن قولهم هٰذا بما يأتي:

أولاً- الواردُ في الأحاديث محتمل وليس بصريح، وذٰلك لأنـَّه ليس فيها النَّصُّ علىٰ أنَّ النَّبيَّ ﷺ لم يخطب إلَّا واحدة.

ثانياً- هٰذا الفَهم مدفوعٌ بالإجماع الَّذي نقله ابنُ حزم.

ثالثـًا- هٰذه الأحاديث معروفة مشهورة عند السَّلف الصَّالح، وأئمَّة السُّنَّـة والحديث، ومع ذٰلك لم يكن هٰذا فهمهم، وهم عند الجميع أعلمُ بالنُّصوص وأفهَم، ومتابعتهم وعدم الخروج عن فهمهم وعملهم أحقُّ وأسلم.

رابعًا- أنـَّه يَكْبُر أن تكونَ السُّنَّـة خطبة واحدة ثمَّ يتتابعُ أئمَّة السُّنَّـة والحديث من أهل القرون المفضلة علىٰ مخالفتها ثمَّ لا يُعرف بينهم منكِر ٌومبيِّن للسُّنَّة، لا سيمَّا والخطبة ليست من دقائق المسائل التِّي لا يطَّلع عليها إلَّا الخواص؛ بل من المسائل الظَّـاهرة التِّي يَشهدهاويُشاهدها ويُدركها العالم والجاهل، والصغير والكبير، الذَّكر والأنثىٰ.

ومن مسائل صلاة العيد :

المسألة الحادية عشرة:

[و هي عن بَدأ خطبتي العيد بالتَّكبير]

بَدأ خطبة العيد بالتَّكبير جرَىٰ عليه عملُ السَّلف الصَّالح؛ قال الإمام ابن قدامة- رحمه الله- في كتابه (( المغني )) (2/239):

‘‘ وقال سعيد- يعني: ابن منصور – : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمٰن عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: يكبِّر الإمام علىٰ المنبر يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، ثمَّ يخطب، وفي الثَّانية سبع تكبيرات ’’ وسندُه صحيح .

و(عبيد الله) هٰذا، قال عنه الحافظ ابن عبد البرّ – رحمه الله – : ‘‘ هو أحدُ الفقهاء العشرة ثمَّ السَّبعة الَّذين تدور عليهم الفتوىٰ’’. اهـ .

وقال الحافظ ابن حبان – رحمه الله -: ‘‘ وهو من سادات التَّابعين ’’. اهـ .

وثبت عن إسماعيل بن أميَّة – رحمه الله- وهو من أتباع التَّابعين- أنـَّه قال: ‘‘ سمعتُ أنـَّه يكبَّر في العيد تسعًا وسبعًا – يعني: في الخطبة’’ رواه عبد الرزاق (3/290) بسندٍ صحيح.

و هو قول أبي حنيفة و مالك و الشَّافعي و أحمد و ابن أبي ذئب و ابن المنذر و غيرهم, بل جاء في مذاهبهم أنـَّه يُسنُّ.

فقال العلَّامة ابن مفلح – رحمه الله – في كتابه (( الفروع )) (2/141-142): ‘‘ و يسنُّ أن يستفتح الأولىٰ بِسبع تكبيرات (وم) نسقًا (و) ، … و الثَّانية بسبع (وش) ، قال أحمد: وقال عُبيد الله بن عُتبة: إنَّـه من السُّنَّـة ’’. اهـ .

وقال جمال الدِّين يوسف بن عبد الهادي – رحمه الله – في كتابه ((مغني ذوي الأفهام)) ( 7/350 مع غاية المرام): ‘‘ يكبِّر (و) في الأولىٰنسقًا، و سنَّ (خ) تسعًا، و يكبِّر (وش) في الثَّانية سبعًا ’’. اهـ .

و [ الواو ] تعني: موافقة الحنفية و المالكية و الشافعية للحنابلة في المسألة.

وتابعهما على ذلك العلَّامة عبد الرحمٰن القاسم – رحمه الله – في كتابه (( حاشية الروض المربع )) (2/551).

وعلىٰ التَّكبير في الخطبة بوَّب جماعة كثيرة من أهل الحديث في مصنَّفاتهم، ولم يذكروا إلَّا التَّـكبير عن السَّلف, و لم يذكروا عن أحدٍ أنـَّه خالف، و لم يمرّ بي بعد بحثٍ طويل وسؤال لإخواني من طلبة العلم عن أحدٍ من السَّلف و لا الأئمَّة المتقدِّمين أنـَّه قال بخلاف ذلك.

ومن مسائل صلاة العيد:
المسألة السَّابعة عشرة: وهي عن التَّكبير في أيَّام العشر الأُوَل من شهر ذِي الحجَّة، ويوم عيد الأضحىٰ، وأيام التَّشريق.
وتحت هذه المسالة ثمانية فروع:

الفرع الأوَّل:
وهو عن مشروعيَّـة التَّكبير في أيَّام العشر.

التَّكبير في أيَّام العشر جرىٰ عليه العمل في أيـَّام السَّلف الصَّالح مِن أهل القرون المفضَّلة وعلىٰ رأسهم أصحاب النَّبيِّ ﷺ.

وقد قال الإمام البخاري – رحمه الله – في (( صحيحه )) (عند حديث رقم:969):
(( وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجَان إلىٰ السُّوق في أيـَّام العشر، يكبِّران ويكبِّر النَّاس بتكبيرهما )) ، و زاد غيرُه: (( لا يخرجان إلَّا لذلك)) .

وقال ميمون بن مهران – رحمه الله : –
‘‘ أدركتُ النَّاس وإنـَّهم ليكبِّرون في العشر’’.

و هذا التَّكبير مشروعٌ في حقِّ سائر النَّاس من الرِّجال والنِّساء، والصِّغار والكبار، في البيوت و الأسواق و المساجد والمراكب، و في السَّفر والحضر، والإنسانُ جالسٌ أو راكب أو مضطجع أو وهو يمشي، وفي سائر الأوقات، إلَّا أنـَّه لا يُكبَّر بعد صلاة الفريضة مع الأذكار بعد السَّلام منها، وسواء صُلِّيَت في المسجد، أو في البيت، أو في العمل، أو أي مكان.

الفرع الثَّاني:
وهو عن مشروعيَّـة التَّكبير في أيـَّام عيد الأضحىٰ.

التَّكبير في عيد الأضحىٰ مشروعٌ باتِّفاق أهل العلم، نقله عنهم: ابن قدامة في كتابه (( المغنِي )) (3/287) ، و النَّووي في كتابه ((المجموع )) (5/38-39) ، و ابن تيمية كما في (( مجموع الفتاوىٰ )) (24/220) و غيرهم، وقد ثبت عن جمعٍ من الصَّحابة رضوان الله عليهم ،
ومنهم:عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأم المؤمنين ميمونة.

ويُنظر :[ ((مصنَّف ابن أبي شيبة)) (1/488-489) ، و ((سنن الدَّار قطني)) (2/44) ، و(( المعجم الكبير)) للطَّبراني (12/26 و (9/9537) ، و(( الأوسط))(4/301،305،306) ، و((سنن البيهقي)) (3/312-315) ، و((فتح الباري)) لابن رجب (6/123-131) ، و(( تغليق التَّعليق)) ( 2/378-380) ، و (( المطالب العالية)) ( 9/151) ، و ((إرواء الغليل)) (3/124-125)].

الفرع الثَّالث:
وهو عن أقسام التَّكبير في أيـَّام عيد الأضحَىٰ.

شُرع للنَّاس أن يكبِّروا في أيـَّام عيد الأضحىٰ في هٰذين الموضعين:
الأوَّل- عُقَيب الانتهاء من أداء صلاة الفريضة.

ويسمَّىٰ هٰذا بـ (التَّكبير المقيَّد) وذلك لأنَّ فعله قُيـِّد بالانتهاء من الصَّلاة.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه (( فتح الباري)) (6/124):

‘‘ اتَّفق العلماء علىٰ أنـَّه يُشرع التَّكبير عُقَيب الصَّلوات في هٰذه الأيـَّام في الجملة، وليس فيه حديثٌ مرفوع صحيح؛ بل إنـَّما فيه آثارُ عن الصَّحابة رضي الله عنهم ومَن بعدهم وعملُ المسلمين، وهذا يدلُّ علىٰ أنَّ بعضَ ما أجمعت الأمـَّة عليه لم يُنقل إلينا فيه نصٌّ صريح عن النَّبيِّ ﷺ ؛ بل يُكتفَىٰ بالعمل به ’’. اهـ .

وقال الإمام ابن تيمية – رحمه الله -كما في (( مجموع الفتاوىٰ )) (24/220):
‘‘ وأمـَّا التَّكبير في النَّحر فهو أَوْكد من جهة أنـَّه يُشرع أدبارالصَّلوات، وأنـَّه متَّفقٌ عليه ’’. اهـ .

الثَّاني- في سائر الأوقات من ليلٍ أو نهار.

ويسمىٰ هذا بـ (التَّكبير المطلق) وذلك لأنَّ فِعله لا يتقيَّد بوقت؛ يفعله المسلم في أيِّ وقت شاء من ليلٍ أو نهار؛ في بيته أو مركبته أو سوقه، وهو قائم أو جالس أو وهو يمشي.

وقال الإمام البخاري – رحمه الله – في ((صحيحه)) (عند رقم: 970):

1ـ (( و كان عمر رضي الله عنه يكبِّر في قبَّته بمنًىٰ فيسمعُهُ أهلُ المسجد فيكبِّرون، ويكبِّـرُ أهل الأسواق حتَّىٰ ترتجَّ منىٰ تكبيرًا )) .

2ـ (( وكان ابن عمر رضي الله عنه يكبِّر بمنًىٰ تلك الأيـَّام، وخلف الصَّلوات، وعلىٰ فراشه، و في فُسْطاطه ومجلسة وممشاه، تلك الأيـَّام جميعًا)).

3ـ (( وكانت ميمونة – رضي الله عنها – تكبِّر يوم النحر )) .

4 ـ (( و كُنَّ النساءُ يكبِّرنَ خلف أبـَانَ بن عثمان وعمرَ بن عبد العزيز، ليالي التَّشريق، مع الرِّجال في المسجد )) . اهـ .

الفرع الرَّابع:
وهو عن وقت التَّكبير المقيَّد بأدبار الصَّلوات.

يبدأ وقت التَّكبير المقيَّد بالنِّسبة لمن في الأمصار:
من فجر يوم عرفة إلىٰ صلاة العصر من آخر أيـَّام التَّشريق، ثمَّ يُقطع.

قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله – كما في (( مجموع الفتاوىٰ )) (24/220):
‘‘ أصحُّ الأقوال في التَّكبير الَّذي عليه جمهور السَّلف والفقهاء من الصَّحابة رضي الله عنهم والأئمَّة: أن يُكبَّر من فجر يوم عرفة إلىٰ آخر أيـَّام التَّشريق عقِب كلِّ صلاة ’’. اهـ .

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه (( فتح الباري)) (6/124):
‘‘وقد حكَىٰ الإمام أحمد هٰذا القول إجماعًا من الصَّحابة رضي الله عنهم ؛ حكاه عن عُمر وعَلي وابن مسعود وابن عباس ’’. اهـ .

وقال السَّرخسي – رحمه الله – في كتابه (( المبسوط )) (2/42) :
‘‘ اتَّفق المشايخ من الصَّحابة رضي الله عنهم: عُمر وعَليّ وابن مسعود أنـَّه يُبدأبالتَّكبير من صلاة الغَداة من يوم عرفة ’’. اهـ .

الفرع الخامس:
وهو عن مشروعيَّـة الجهر بالتَّكبير عند الخروج إلىٰ صلاة عيد الأضحىٰ.

ثبت عن ابن عمر- رضي الله عنهما – :
(( أنـَّه كان إذا غدَا يوم الأضحىٰ ويوم الفطر، يجهرُ بالتَّكبير حتَّىٰ يأتي المصلَّىٰ، ثمَّ يكبِّر حتَّىٰيأتي الإمام )) رواه الدَّار قطني(2/45) ، والفريابي في (( أحكام العيدين )) (رقم:43،53).

وقال الإمام ابن تيمية – رحمه الله – كما في (( مجموع الفتاوىٰ )) (24/220): ‘‘ و يُشرع لكلِّ أحد أن يجهر بالتَّكبير عند الخروج إلىٰ العيد، وهٰذا باتِّفاق الأئمَّة الأربعة ’’. اهـ .

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي- رحمه الله – في كتابه (( فتح الباري)) (6/133):
‘‘ولذلك يُشرع إظهار التَّكبير في الخروج إلىٰ العيدين في الأمصار، وقد رُوِي ذلك عن: عمر وعلي وابن عمر وأبي قتادة، وعن خَلْق من التـَّابعين ومَن بعدهم، وهو إجماع مِن العلماء ولا يُعلم بينهم خلاف في عيد النَّحر، إلَّا ما رواه الأثرم عن أحمد: أنـَّه لا يجهر به في عيد النَّحر، ويجهر به في عيد الفطر، ولعلَّ مراده أن يجهر به في عيد النَّحر دون الجهر في عيد الفطر، فإنَّ تكبير عيد الفطر عنده آكد ’’. اهـ .

الفرع السَّادس:
وهو عن مشروعيَّة الجهر بالتَّكبير أيـَّام العشر, وفي يوم النَّحر, وأيـَّام التَّشريق.

قال الإمام البخاري – رحمه الله – في ((صحيحه )) (عند حديث رقم: 969):
(( وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلىٰ السُّوق في أيـَّام العشر، يكبِّران، ويكبِّر النَّاس بتكبيرهما )).

و قال أيضًا (عند رقم: 970):
((وكان عمر يكبِّر في قبَّته بمنًىٰ، فيسمع أهل المسجد فيكبِّرون، ويكبِّر أهل الأسواق حتَّىٰ ترتجَّ منيٰ تكبيرًا )).

الفرع السابع:
وهو عن تكبير النِّساء.

قالت أمُّ عطيـَّة – رضي الله عنها -:
(( كنَّا نُؤمَر أن نَخْرُج يوم العيد، حتَّىٰ نُخْرِجَ البكر من خدرها، حتَّىٰ نُخْرِجَ الحِيَّض، فيَكنَّ خلف النَّاس، فيكبِّرن بتكبيرهم )) رواه البخاري(971) واللَّفظ له، ومسلم (890) ، وفي رواية لمسلم: ((يكبِّرن مع الناس )) ،

وهٰذا نصٌّ في مشروعيـَّة التَّكبير للنِّساء حتَّىٰ ولو كُنَّ حِيَّض، وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه (( فتح الباري )) (6/130):
‘‘ و لا خلاف في أنَّ النَّساء يكبِّرن مع الرِّجال تبعًا إذا صلَّيْنَ معهم جماعة، ولكنَّ المرأة تخفض صوتها بالتَّكبير ’’. اهـ .

وقال النَّووي – رحمه الله – في (( شرح صحيح مسلم )) (6/429) عقب حديث أمِّ عطيـَّة – رضي الله عنها – :
‘‘ وهٰذا دليلٌ علىٰ استحباب التَّكبير لكلِّ أحد في العيدين وهو مجمعٌ عليه’’. اهـ .

وقال البخاري- رحمه الله – في (( صحيحه )) (عند رقم: 970) : (( وكُنَّ النساءُ يكبِّرنَ خلف أبـَانَ بن عثمان وعمرَ بن عبد العزيز، ليالي التَّشريق، مع الرِّجال في المسجد )).

قال ابن بطَّـال – رحمه الله – في (( شرح صحيح البخاري )) (2/567): ‘‘ و هذا أمـرٌ مستفيض ’’. اهـ .

الفرع الثَّامن:
وهو عن صِيغة هٰذا التَّكبير.

للتَّكبير في العيد عِدَّة صِيغ جاءت عن الصَّحابة رضي الله عنهم:

– الأولىٰ:
( الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر ولله الحمد). وثبتت عن ابن عباس- رضي الله عنهما – عند ابن أبي شيبة في ((مصنَّفه )) (1/489).

– الثَّانية:
ما أخرج عبد الرزاق (11/295رقم: 20581) ، ومن طريقه البيهقي (3/316) عن أبي عثمان النَّهدي قال:
( كان سلمان يعلِّمنا التَّكبير يقول: كبِّروا الله، الله أكبر، الله أكبر- مرارًا – الَّلهم أنت أعلىٰ وأجلُّ من أن تكون لك صاحبة، أو يكون لك ولد، أو يكون لك شريك في الملك، أو يكون لك وليٌّ من الذُّلِّ، وكبِّره تكبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الَّلهم اغفر لنا، الَّلهم ارحمنا. ثمَّ قال: والله لتكتبنَّ هٰذه، ولا تترك هاتان، وليكوننَّ هٰذا شفعاء صدق لهاتين).

ولفظ البيهقي: ( كان سلمان رضي الله عنه يعلِّمنا التَّكبير يقول: كبِّروا: الله أكبر، الله أكبر كبيرًا – أو قال: تكبيرًا – اللهم أنت أعلىٰ وأجلُّ من أن تكون لك صاحبة, أو يكون لك ولد, أو يكون لك شريك في الملك, أو يكون لك وليٌّ من الذُّلِّ، وكبِّره تكبيرًا، الَّلهم اغفر لنا، الَّلهم ارحمنا. ثمَّ قال: والله لتكتبنَّ هٰذه، لا تترك هاتان، ولتكوننَّ شفعاً لهاتين).

وقال الحافظ ابن حجر- رحمه الله – في كتابه (( فتح الباري )) (2/462)عن هٰذه الصِّيغة: ‘‘ أصحُّ ما ورد ’’. اهـ ،
و وافقته اللَّجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء بالمملكة برئاسة العلَّامة ابن باز رحمه الله.

– الثَّالثة: ( الله أكبر, الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر, الله أكبر، ولله الحمد).

وجاءت عن ابن مسعود رضي الله عنه عند ابن أبي شيبة في (( مصنَّفه ))(1/488-490) وصحَّحها العلَّامة الألباني – رحمه الله – في كتابه (( إرواء الغليل )) (3/125).

وقد ثبتت هٰذه الصِّيغة أيضًا عن جمعٍ كثير من التَّابعين – رحمهم الله – كما عند ابن أبي شيبة في (( مصنَّفه )) (1/488-490) ، والفريابي في (( أحكام العيدين )) (رقم: 62 ) ، وغيرهما.

الفرع الأخير:
وهو عن أَخْذ مُريد الأضحية من شعره وأظفاره وجلده إذا دخلت العشر.

إذا دخلت العشر الأُوَل من شهر ذي الحجَّة فإنَّ مُريد الأضحية منهيٌّ عن الأخذ من: شَعره وأظفاره و جِلده حتَّىٰ يضحِّي؛ وذلك لحديث أم سلمة – رضي الله عنها – أنَّ النَّبي ﷺ قال:
( إذا دخلت العشر وأراد أحدُكُم أن يضحِّي؛ فلا يمسّ من شعره وبَشَره شيئًا (رواه مسلم (1977) ،

وفي لفظ آخر:
( من كان له ذِبْحٌ يذبحه، فإذا أهلَّ هلال ذي الحجَّة؛ فلا يأخذنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتَّىٰ يضحِّي ).

وقال النَّووي – رحمه الله – في كتابَيه (( المجموع )) (8/363) و (( شرح صحيح مسلم )) (13/147-148رقم:1977):
‘‘والمراد بالنَّهي عن الحلق والقَلْم: المنعُ من إزالة الظُّفر بقلْمٍ أو كسرٍ أو غيره، والمنعُ من إزالة الشَّعر بحلقٍ أو تقصيرٍ أو نتْفٍ أو إحراقٍ أو أخْذٍ بنَوْرةٍ أو غير ذلك, وسواء شعر العَانة والإبِط والشَّارب والرَّأس وغير ذلك من شُعُور بدنه ’’.اهـ.

فإن أخذ من ذلك شيئًا ؛ فقد أساء، وخالف السُّنَّـة.

قال الإمام ابن قُدامة – رحمه الله – في كتابه (( الـمُغني )) (13/362-363):
‘‘ فإن فعل؛ استغفر الله- تعالىٰ – ولا فدية عليه إجماعًا, وسواء فعله عمدًا أو نسيانـًا ’’. اهـ .

وأمـَّا بالنِّسبة لأهل البيت من زوجةٍ وأولاد وغيرهم الَّذين يُضَحِّي عنهم من يعُولهم من أبٍّ أو زوجٍ أو ابنٍ فلأهل العلم في أخْذِهم قولان:

القول الأوَّل: جواز الأخْذ.

وبهٰذا القول يُفتي هؤلاء العلماء: ابن باز والألباني و العثيمين؛ وذٰلك لأنَّ حديث أم سلمة – رضي الله عنها – إنَّما فيه نهْي مُريد الأضحية وحدَه من الأخْذ.

القول الثَّاني: الكراهة.

وذٰلك لأنَّ الشَّرع قد جعل لهم نوعُ مشاركة في الأضحية مع المضحِّي؛ وهي المشاركة في الثَّواب؛ فيشاركوه في حُكم الأخْذ .وقد ثبت عن سليمان التَّيمي – رحمه الله – أنـَّه قال:
(( كان ابنُ سيرين يَكره إذا دخل العشر أن يأخذ الرَّجل من شعره، حتَّىٰ يَكره أن يحلِق الصِّبيان في العَشر)).

و يبدأ وقت النَّهي عن الأخْذ من الشَّعر والأظفار والبَشَرة بغروب شمس ليلة أول أيـَّام شهر ذي الحجَّة وينتهي بذبح الأضحية، وسواء ذبحها المضحِّي في يوم العيد أو اليوم الأوَّل أو الثَّاني من أيـَّام التَّشريق؛ وذٰلك لقوله ﷺ :
( من كان له ذِبْحٌ يذبحه، فإذا أهلَّهلال ذي الحجَّة؛ فلا يأخذنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتَّىٰ يضحِّي ) رواه مسلم (1977) .

وفي لفظ آخر: ( إذا رأيتم هلال ذيالحجَّة، وأراد أحدُكُم أن يضحَّي؛ فليُمسك عن شَعره وأظْفاره ).

وكتبه: عبدُ القادر بن محمَّد بن عبد الرَّحمٰن الجنيد:
ar.miraath.net/article/2382

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.