تخطى إلى المحتوى

مَـأزَق فصائل الإخـوان وفتنة دعاة المنهج الأفيح 2024.

مَـأزَق فصائل الإخـوان وفتنة دعاة المنهج الأفيح

مقال لأبي عبدالرحمن عبداللطيف بن محمد الجزائري ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله الذي شرف أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم بصحبته والجهاد تحت ألويته والدعوة إلى الله على طريقته ومنهجه ، والشكر لله الذي نصر أولياءه المتقين وحزبه المفلحين وكل من دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال : إنني من المسلمين .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين الذي اختار من عباده الأنبياء والمرسلين ووفق لاتباعهم والأخذ بميراثهم علماء ربانيين تفقهوا في الدين ونصحوا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين و عامتهم أجمعين ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله بعثه الله بالوحي المبين ، لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين ، ومن تشبه بهم من أعداء الحق وأنصار الشياطين، ورضي الله عن الصحابة أجمعين الأولين منهم والآخرين ، ورحمة الله على العلماء عموماً وعلى المجددين لما اندرس من معالم الدين خصوصاً والله أرحم الراحمين .

ثم أما بعد :

فلا شك أن الخـيار الذي وتورَّط فيه دعاة (المنهج الأفيح الواسع) مَـا هو إلا نتيجة لحِـسابات مُسبَقة لكنها كانت غير دقيقة ، تزوَّدوا بهــا منذ أمد بعيد و طيلة عقدٍ من الزمن أو أكثر !

تلك الحسابات النفعية التي دفعتهم إلـى التقرب من أهل السنة و جس نبض من ينتسبُــون إلـى السلفية عـلى اختـلاف مستوياتهم الاجتماعية و العلمية ، و استــطاعوا أن يجمع عنهم معلـومات كثيرة ، و مُـلاحـظات عديدة ؛ رتَّبوها عندهم حسب خطتهم التــي رسموها في مخيلتهم و ادخروها لميقات معلومٍ في دواخِــل نفسياتهم الطموحة الباحثة عن المنفعة و المكانة!!

أقــول : إنَّ احتــكاك (دعاة المنهج الأفيح) بأهل السنة منذ ذلك الوقت كـان مؤسسا و مبنيا عـلى قَــاعدة التدرج و خطة التسلق المرحَــلي و الاسـتفادة من أخــطاء من سبق إلـى حرب أهل السنة .
ثم انتقلوا إلـى التــأثير بِـوســائل أهل السنة نفسها عــلى أهل السنة مع حرصهم عــلى التكتم كما أشـار إلى ذلك كثير من أهل السنة.

و لما جـالوا و صـالوا بين السلفيين وجدوا ما يسهِّل عليهم إمكـانية الاختيار بين البـدائل المــتاحة و المتوفرة في الســاحة الدعوية ، و حسب ما يملكونه ـ هم ـ من إمكــانات مـادية و أبواق مؤيدة ، و مـا يملكه أنـصارهم من وسـائل و إمـكانات ليُــساعدومه مُستقبلا يعني يوم تحين سـاعة المُفـاصلة !!

وكلامي هذا لا يعــني أنهم لم يتأثروا خلال ذلك بـالحلول التـي يقترحها المنهج السلفي ، وأنهم تدثَّروا بلباس أهل السنة و هم ضائقون من كثير من أصول منهجهم التي توافق مزاجهم ونفسياتهم، أو أنهم محاربون لمنهجهم في طلب العلم و نشره ، و ما يتميز به أهل السُّنة و الإتِّباع من طول النفس في التغيير و صبرٍ على جني الثمار ، أو أنهم محاربون لمنهجهم الصلب في حرب التقليد و التعصب المذهبي .. هذا لا أريده و لا أقوله!

العجيب أن (دعاة المنهج الأفيح) اختاروا ما هو أصعب من ذلك و هو المزج بين منهجين أي بين المنهج السلفي و الإخواني بفصـائله المتنوعة فـي قَـالبٍ واحد ؛ و هذا لم يعد خَـافيا عـلى من تتبع الأصــول التي انتقدها أهل العلم عليهم ، و لابد لمن يريد أن يدرس شخصية (دعاة المنهج الأفيح) عدم إهمـال هذا الجـانب الحساس الذي حــاول المأربي والحلبي وغيره تغطيته بشتى الوسـائل و الحيل لــــكنه لم يفلحوا أمـام دقة " الغربـال " السلفي الدقيق !

و من هنا تعلم أيــها القــارئ النبيه خُـطــورة التفجير المهول الذي كــان يخطط له هذا المُبتدع الضــال و هذا الدسيسة المُخـادع ، [ذلك التفجير المـاكر المتعمد الذي تُديره و الله أعلم جِــهات قد قتَــلَها الحقد و الحسد عَــلَـى المنهج السلفي و أهله ].

و قد تعلَــمنا بعد كل محنة أو فتنة أن كل تفجير يحدث في صُــفوفنا أصحـابه أولئك الذين دُسُّوا في صفوفنا أو اندسوا بعد أن جنِّدوا من طرف عُـملاء إضـعاف هذه الأمة و تجـار الفوضى ، و سماسرة الفتن و الجهل الظــلام بداخلها.

يتحينون الفرص و المــواعيد المضبــوطة ، و المنــاسبات المعـلومة ـ عندهم ـ ليُـحدثوا شرخًــا عظيما و جرحًـا عميقا و أضرارا بالغة يصعب تجــاوزها إلا بعد جهدٍ جهيد ، و هذه القـلاقل مــا أُنشئت إلا [لِـمواجهة المنهج السلفي و أهله و هم كُثر و قد رتبت عَــلى حلَــقات في سِــلْسِـلة طــويلة يتبع بعضها بعضًـا ] .

وَ لِأنهم أهل خبث و مكرٍ شديد فَـ[قد حرصُــوا على التظــاهر بالمنهج السلفي و دعوة ذاك إلى أصــول الطــائفة المنصورة ، و دعوى هذا أنه عَــلى عقيدة السلف ، و دعوى الآخر أنه هو و من معه هم أهل السنة ثم دعوتهم إلــى التـأصيل و مـا أدراك ما هذا التــأصيل . إنه القذف بــالأصول الفــاسدة الهدَّامــة التي تهدم أصــول السنة و تُخَــالف الكــتاب و السنة و منهج السلف ]

يُســاندهم في ذلك ـ جهلوا أم علموا ـ فِــئةٌ أو زمرة مميعة عِندهم : يُـلاَمُ الفطن عَــلى فطنته ،
و النبيه عَــلى نباهته ،
و المرتبط بــالأكــابر على ارتباطه بهم ،
و يخذَّلُ الـقائم بِـواجبه في حِــماية حصون الطـائفة المنصورة الناجية ،
و لا يُؤازر و لا يُــناصر بحجة الإنصـاف و الوسطية و البعد عن تهمة التشدد و التعجل و التهور !!

و لو تمكَّنُـوا من أولئك القلة التي تنصر السنة و أهلها و قمع البدعة و أصحـبها لَـنكَّلوا بهم و قُبروا تحت الأرض بلا تغسيلٍ و لا صلاة جنازة !!
و عندها ـ أي تلك الشردمة المميعة ـ يُرفَـعُ الصغار الأصـاغر ، و يُحط من قدر الكبار الأكـابر ،
و يدل [ عَــلى خطــورة هذه الفئة ، و خُطــورة هذا المنهج الذي تسير عليه في التعــامل مع الأحداث و التَــعَـامل مَعَ العُلَــمَاء ].

و إن وجِّه النقد إلــى بعض رمُـوزهم ، أو جهةٍ رفيعة عندهم أقلقهم الأمر ففزعُـوا فزعة النذير المُحذِّر ، و أقَـاموا الدنيا و لم يقعدوها ، و أخرجوا البيانات و الرسـائل ، و نددوا و زمجروا و أقَامُوا الدنيا و لم يقعدوها ، و حركُوا صنَّاع الشُبه و الحيل و كـل من يساعدهم عــلى خلخلة الصف السلفي.

لقد علــم (دعاة المنهج الأفيح)أن أكبر حليف له داخل الصف السلفي هم أبواق التمييع لهذا لاحظنا أنه في بداية فتنتهم ركَّزوا كثيرا على إظهار أنفسهم بأنهم حماة الأخلاق و الآداب و النَّزاهة و المتمسك بالعدلٍ و الإنصافٍ لأنهم أدركوا أن اصطياد أبواق التمييع لابد أن يكون من هنا ‍‍!! لهذا تجد غالبية المميعة عندهم اشمئزاز كبير من صلابة أهل السنة أمام أهل البدع و الأهواء! فاستغل (دعاة المنهج الأفيح) هذا جيدا و ضموه إلى جملة أخرى من الأدوات استعملها في حربهم لأهل السنة.

لاشك أن القوة التي اشتملت عليها دعوة السلفيين كانت مصدرا لمـخاوف الحزبية و المبتدعة و من شابههم فأرادوا أن يقـاوموا هذه الدعوة القليل عدد أصحابها ، و الذين هم مع قلتهم يــصارعون جمهورا غالبا من المبتدعة ، ويؤيِّدهم إِلْف العـامة ، و هم الكثرة لمــا عندهم من البدع المنكرة التي ينكرها السلفيــون أشد الانكــار .

فعمدوا إلى بث فكرة قريبة إلـى النفوس ، سريعة إليها ، تؤيِّدها جميع الظــواهر ، و هي أن السلفيين قومٌ متشددون و غُــلاة ـ و زاد المأربي ثم الحلبي من كيسه وصف "البغاة " و "الغلاة " ـ ، يريدون أن يرهقوا النَّـاس بـما لا طــاقة لهم به من التكـاليف .

و هذه [ المهارة ! ] في إدراك الــوسائل التي تُــقاوم بها السلفية ، كانت معروفة مدروسة في دوائر القطبية و السرورية و جميع خصوم السلفية على مر الأزمَـان ؛ و إن كـان كثير منا لا يزال غـافلا عنها، غير قادر على إدراك المحيط الذي تستعمل فيه هذه الـوسائل ، و ذلك بما بثه أولئك القوم فينا من التهــاون و الغفلة و قلة الصبر عــلى ما نحن عليه من الحق و الخير .

فانظر ـ أيها السلفي ـ لتتــأكد من هذا إلــى خططهم ، و كيف عمدوا إلــى استغلال مثل هذه الفتنة التي أشعل نـارها السليــماني المصري و قنوات الدعم و من يهمهم انبــطاح دعاة المنهج السلفي ،و لاحظ كيف انقسم من كـان ظـاهرهم السلفية إلى ثلاثة أقسـام :

قسم مع علــماء أهل السنة الأكـابر ضد (دعاة المنهج الأفيح الواسع ).

قسم ادعوا الوسطية و الاعتدال لا عن دراسة و تمحيص ، بل هُم دائما يفتشون في كل قضية عن الوسطية و إن كانت هذه الوسطية أمر متخيل لا واقع له ، المهم عندهم هو مسك العصى من الوسط !!

و قسم وقفوا و دعموا (دعاة المنهج الأفيح) دون قيد أو شرط لأن معركته هي معركتهم ، و البحث عن المكانة و المنفعة هو هدفهم فلابد من الصمود معه و عدم تضيع هذه الفرصة!!

ثم ما إن حدث هذا الانقـسام ؛ رأينا كيف اشترك القسم الثاني مع الثالث في إحلال وصف الغلو و البغي بــالسلفيين و إلصـاق ذلك بهم !! فعرفنا سر هذا التقارب العجيب!

فتـــأمل ـ أيها القارئ ـ مليًا في تجليــات هذه الزوبعة الشيطـانية !

و منه تعلم كيف تَــحــالف حماة التمييع مع دوائر الهدم و الكيد ، و كيف أصبحوا يطبقون توصـيات و تَعَاليم سدنة القطبية و السرورية!!

كُل ذاك يحدث أمَــامك ـ أيها السلفي ـ لكن بمــعاول تدَّعـي السلفية و الحكمة و الوسطية !!

فهل علمت لمــاذا اشتعلت النيران من حولك ؟

ببــساطة : لأن سدنة فصَائل الأخوان ـ على تنوعها ـ قرروا إدخَـال بعض التغييرات عَلى مناهجهم في حربهم للسلفية و السلفيين بشراء ذمم بعض الطامحين الحالمين منا بالمـال و فتح باب المنافع على تنوعها أمامهم .

و الناظر بدقة يدرك أن هذه الزوابع هدفها إنقــاذ المنهج الإخواني بجميع فصائله من الاندثــار و الزوال ، و الله أعلم.

أرجو أن أكون قد بيَّنت و وضحت و لو من زاوية ضيقة حقيقة الهجمة البدعية على الطريقة السلفية.

و الله الموفق، و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.