تخطى إلى المحتوى

موعظة حول كيفية محاسبة النفس 2024.

  • بواسطة

كيفية محاسبة النفس
ذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى كيفية محاسبة النفس فقال :
أن يحاسب نفسه أولا على الفرائض، فإن تذكر فيها نقصا تداركه إما بقضاء أو إصلاح .
ثم يحاسبها على المناهي ، فإن عرف أنه ارتكب منها شيئا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية .
ثم يحاسب نفسه على الغفلة ، فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى .
ثم يحاسبها بما تكلم به أو مشت إليه رجلاه أو بطشت يداه أو سمعته أذناه ماذا أرادت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أي وجه فعلته؟
ويعلم أنه لابد أن ينشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان : ديوان لمن فعلته وكيف فعلته فالأول سؤال عن الإخلاص ، والثاني سؤال عن المتابعة، قال تعالى : فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون. الحجر 92 وقال تعالى : فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين. الأعراف 6 وقال تعالى : ليسئل الصادقين عن صدقهم. الأحزاب.
فإذا سئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟.( )
فعليك أخي الحبيب بطاعة الله وخشيته في السر والعلن .
وقد مدح الله عز وجل أهل الطاعة والخشية ، فقال تعالى : إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون، والذين هم بآيات ربهم يؤمنون، والذين هم بربهم لا يُشركون، والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ، أولئك يُسارعون في الخيرات وهم لها سابقون.( )
وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قالت عائشة أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون قال لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون. ( )
هكذا كانوا يتقربون إلى الله تعالى بالطاعات ويسارعون إليه بأنواع القربات ويحاسبون نفوسهم على الزلات ويخافون ألا يتقبل الله أعمالهم .
الأسباب المعينة على محاسبة النفس :
هناك أسباب تعينك أخي الحبيب على محاسبة نفسك :
أولا ً : إن محاسبة النفس عاقبتها دخول الجنة بإذن الواحد المنان .
ثانياً : قيام الليل والتقرب إلى الله بأنواع الطاعات .
ثالثاً : الإكثار من قراءة القرآن مع تدبر الآيات والعلم بها .
رابعاً : حضور مجالس الوعظ والتذكير بالآخرة .
خامساً : صحبة الصالحين .
سادساً : البعد عن أماكن اللهو وصحبة أهل المعاصي .
سابعاً : سوء الظن بالنفس وعدم الغرور .
ثامناً : زيارة المقابر والتأمل في أحوال الموتى وما آلوا إليه .
وأخيراً لا تغفل عن ذكر الله تعالى ليلاً ونهاراً .
فيا أبناء العشرين أنتم في ريعان الشباب ماذا قدمتم لربكم ؟
ويا أبناء الثلاثين كم مات من أقرانكم ؟!
ويا أبناء الأربعين ذهب الصبا وأنتم غافلون وعن الطاعات بعيدون .
ويا أبناء الخمسين كم بقي من عمركم فماذا فعلتم ؟
ويا أبناء الستين أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم أتلهون وتلعبون وقد أسرفتم!ٍ
قال الله : { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير }.( )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة".( )
أعذر : من الإعذار وهو إزالة العذر . أخر أجله: أطال حياته .
فعليك يا رعاك الله بالمداومة على الصلاة والعبادة والطاعة ، ولا تدع مجالاً للشيطان وجنوده ، ولا تقل شيطاني قوي بل هو ضعيف .
فاستعن بالله وتوكل عليه ولا تكسل ، لأن وراءك جنة أو نار .
واغتنم صحتك قبل مرضك ، وفراغك قبل شغلك ، قبل أن تندم.
فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي  : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" .( )
قال ابن بطال : معنى الحديث إن المرء لا يكون فارغا حتى يكون مكفيا صحيح البدن ، فمن حصل له ذلك فليحرص على أن لا يغبن بأن يترك شكر الله على ما انعم به عليه ومن شكره امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، فمن فرط في ذلك فهو المغبون ، اهـ .( )
وقال بن الجوزي : قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش ، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا ، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون ، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون لأن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم ولو لم يكن إلا الهرم كما قيل :
يسر الفتى طول السلامة والبقا
فكيف ترى طول السلامة يفعل
يرد الفتى بعد اعتدال وصحة
يــنــــوء إذا رام الــقيــام ويــحـــــــمـــل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.