من عظمة اللغة العربية الإيجاز
فهو صفة واضحة في اللغة العربية . يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( أوتيت جوامع الكلم )). ويقول العرب (( البلاغة الإيجاز )) و (( خير الكلام ما قلّ ودلّ )). وفي علم المعاني إيجاز قصر وإيجاز حذف .
الإيجاز في الحرف :
وهو أحد أنواع الإيجاز فيها ،،،، حيث تكتب الحركات في العربية عند اللبس فوق الحرف أو تحته ،، بينما في اللغات الأجنبية تأخذ حجماً يساوي حجم الحرف أو يزيد عليه.
وقد نحتاج في اللغة الأجنبية إلى حرفين مقابل حرف واحد في العربية لأداء صوت معين كالخاء (KH) مثلاً ولا نكتب من الحروف العربية إلا ما نحتاج إليه، أي ما نتلفظ به،
وقد نحذف في الكتابة بعض ما نلفظ : لكن – هكذا – أولئك. بينما في الفرنسية نكتب علامة الجمع ولا نلفظها، وأحياناً لا تلفظ نصف حروف الكلمة. ونكتب في الإنجليزية حروفاً لا يمر اللسان عليها في النطق ، كما في كلمة (right) مثلاً التي نسقط عند النطق بها حرفين من حروفها (gh) نثبتهما في كتابتها .
وفي العربية إشارة نسميها ( الشدة )، نضعها فوق الحرف لندل على أن الحرف مكرر أو مشدد، أي أنه في النطق حرفان، وبذلك نستغني عن كتابته مكرراً ،، على حين أن الحرف المكرر في النطق في اللغة الأجنبية مكرر أيضاً في الكتابة على نحو : (frapper) و (recommondation)
ونحن في العربية قد نستغني كذلك بالإدغام عن كتابة حروف بكاملها، وقد نلجأ إلى حذف حروف. فنقول ونكتب ( عَمَّ ) عوضاً عن ( عن ما ) و ( مِمَّ ) عوضاً عن ( من ما ) و (بِمَ) عوضاً عن ( بما ) ومثلها ( لِمَ ) عوضاً عن ( لِما ) .
الإيجاز في الكلمات :
بمقارنة كتابة بعض الكلمات بين كل من العربية والفرنسية والإنجليزية نجد الفرق واضحاً :
العربية وحروفها // الإنجليزية وحروفها // الفرنسية وحروفها
أم2 // mère 4 // mother 6
أب 2 // père 4 // father 6
أخ 2// frère 5 // brother 7
وليست العربية كاللغات التي تهمل حالة التثنية لتنتقل من المفرد إلى الجمع، وهي ثانياً لا تحتاج للدلالة على هذه الحالة إلى أكثر من إضافة حرفين إلى المفرد ليصبح مثنى، على حين أنه لا بد في الفرنسية من ذكر العدد مع ذكر الكلمة وذكر علامة الجمع بعد الكلمة :
الباب البابان – البابين les deux portes the two doors
الإيجاز في التراكيب :
والإيجاز أيضاً في التراكيب ، فالجملة والتركيب في العربية قائمان أصلاً على الدمج أو الإيجاز . ففي الإضافة يكفي أن تضيف الضمير إلى الكلمة وكأنه جزء منها :
كتابه son livre ،،، كتابهم leur livre
وأما إضافة الشيء إلى غيره فيكفي في العربية أن نضيف حركة إعرابية أي صوتاً بسيطاً إلى آخر المضاف إليه ، فنقول كتاب التلميذ ومدرسة التلاميذ، على حين نستعمل في الفرنسية أدوات خاصة لذلك فنقول : le livre de l’élève ، l’école des élèves .
وأما في الإسناد ،، فيكفي في العربية أن تذكر المسند والمسند إليه ، وتترك لعلاقة الإسناد العقلية المنطقية أن تصل بينهما ،، بلا رابطة ملفوظة أو مكتوبة،،،،، فنقول مثلاً : ( أنا سعيد ) ،،، على حين أن ذلك لا يتحقق في اللغة الفرنسية أو الإنجليزية ،،، ولا بد لك فيهما مما يساعد على الربط ، فتقول :
( je suis heureux ) ، ( I am happy ) .
وتستعمل هاتان اللغتـان لذلك طائفـة من الأفعـال المساعدة مثل (avoir , étre) في الفرنسـية ،، و(to have , to be) في الإنجليزية .
كما أن الفعل نفسه يمتاز في العربية باستتار الفاعل فيه أحياناً،،،، فنقول (أكتب) مقدرين الفاعل المستتر، بينما نحتاج إلى البدء به منفصلاً دوماً مقدماً على الفعل ، كما هو الأمر في الفرنسية (je-tu…) ،، وفي الإنجليزية (I , you …).
وكذلك عند بناء الفعل للمجهول يكفي في العربية أن تغير حركة بعض حروفه فتقول : كُتب ،، على حين نقول بالفرنسية ( il a été écrit ) وفي الإنجليزية ( it was written ) .
وفي العربية إيجاز يجعل الجملة قائمة على حرف : فِ ( وفى يفي )، و (ع) من وعى يعي، و ( ق ) من وفى يفي ، فكل من هذه الحروف إنما يشكل في الحقيقة جملة تامة ، لأنه فعل ،،، وقد استتر فيه فاعله وجوباً .
وفي العربية ألفاظ يصعب التعبير عن معانيها في لغة أخرى بمثل عددها من الألفاظ كأسماء الأفعال .
نقول في العربية : ( هيهات )
ونقول في الإنجليزية : ( it is too far )
نقول في العربية : ( شتان )
ونقول في الإنجليزية : ( there is a great difference )
وحرف الاستقبال مثل : ( سأذهب )
ونقول في الإنجليزية : ( I shall go )
والنفي أسلوب في العربية يدل على الإيجاز :
نقول في العربية : ( لم أقابله ) ،
ونقول في الإنكليزية : ( I did not meet him )
ونقول في الفرنسية : ( Je ne l’ai pas rencontré )
نقول في العربية : ( لن أقابله ) ،
ونقول في الإنكليزية : ( I will never meet him )
ونقول في الفرنسية : ( Je ne le rencontrerai jamais )
الإيجاز في اللغـة المكتوبـة :
فمثلاً سورة ( الفاتحة ) استغرقت ترجمتها إلى الإنكليزية 70 كلمة .
ويقول الدكتور يعقوب بكر في كتاب ( العربية لغة عالمية : نشر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة 1966 ) : [ إذا ترجمنا إلى العربية كلاماً مكتوباًُ بإحدى اللغات الأوروبية كانت الترجمة العربية أقل من الأصل بنحو الخمس أو أكثر .]
هذا والله أعلى وأعلم
والحمد لله رب العالمين .
بارك الله فيك على الموضوع
يكفيها شرفا أن إختارها رب العزة أن تكون لغة كتابه الخاتم
بارك الله فيكم أخي على الموضوع الجميل