الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ الكلام في هذه المسألة قبل سنوات قليلة، عشرٍ أو زد عليها قليلا، كان يُعدّ من المسلّمات، ومن الحقائق الواضحات، بل من الواجبات المحتّمات، دون أيّ خلفيّات مُسْبَقَة [1] ، ولا ظنونٍ خاطئة ملْصَقة، ولكن ..
لمّا اختلط الحقّ بالنّابل، والتبس الحقّ بالباطل، أصبح لزاما علينا قبل التحدّث عن هذه المسألة أن نبيّن ثلاث قواعد توضِح الكثير من الحقّ للنّاس، وتزيل كثيرا من الإلباس ..
قواعد ثلاث إلى الّذين يلمزون المطّوّعين من المؤمنين في الدّعوة إلى الله والّذين لا يجدون إلاّ جهدهم ..
قواعد :
القاعدة الأولى : المقصود بالأئمّة الّذين هم أهل لحسن الظّن بهم والاعتذار لهم، هم أئمّة الكتاب والسّنة على سير وفهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن تبعهم بإحسان .. الّذين عُرِفوا بتحرّي الاستدلال من هذا المعين الصّافي، والمنبع الكافي:
– لا يقدّم في باب ( العقائد ) قواعد أهل الكلام على كلام ربّ البريّة.
– ولا يقدّم في باب ( الأحكام ) آراء الرّجال على النّصوص الشّرعية.
– ولا يقدّم في باب ( السّلوك والتّربية ) خرافات الصّوفيّة.
– ولا يقدّم في مجال ( الدّعوة ) وطريقِها الأفكار البشريّة والسّياسات الوضعيّة والنّزعات الحزبيّة.
فإذا علمت أحدا هذه طريقته في الاستدلال، فهو السّنّي وإن أخطأ في بعض الفروع. لأنّ الخطأ في فرع من مسائل العقيدة أو الأحكام أو السّلوك أو المنهج الدّعوي لا يسلم منه أحد إلاّ المعصوم صلّى الله عليه وسلّم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيمن وقع في بدعة من البدع :
" ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين، يوالون عليه ويعادون، كان من نوعِ الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك، ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمّة وأئمّتها، لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنّة، بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه وفرّق بين جماعة المسلمين، وكفّر وفسّق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحلّ قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرّق والاختلافات، ولهذا كان أوّل من فارق جماعة المسلمين من أهل البدع الخوارج المارقون، وقد قاتلهم أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فلم يختلفوا في قتالهم كما اختلفوا في قتال الفتنة يوم الجمل وصفِّين، إذ كانوا في ذلك ثلاثة أصناف: صنف قاتلوا مع هؤلاء، وصنف قاتلوا مع هؤلاء، وصنف أمسكوا عن القتال "[2].
ويقصد رحمه الله بقوله: " ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمّة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنّة " بعض بحار هذا الدّين، كعكرمة، والثّوري، وسعيد بن جبير، والضّحاك، ومقاتل، وغيرهم كثير ممّا لا يمكن إحصاؤه.
إذن فهذا الكلام عن المقتدين بالكتاب والسنّة، أمّا المتّبعون لأهوائهم من المبتدعة وغيرهم، فليس على مثلهم يُلوى، ولا على مثلهم يحزن، من أمثال من جعل:
– علم الكلام أصلا يبني عليه الاعتقاد.
– والتعصّب للمذهب أصلا يبني عليه الأحكام.
– والطّرق الصّوفية وروّادها أصلا يبني عليه التّزكية والسّلوك.
– والتحزّب وقواعد اللّعب السّياسي أصلا يبني عليه الدّعوة إلى الله.
القاعدة الثّانية : إذا علمنا أنّ هذا العالم الواقع في هذا الخطأ لا يزال معتبرا من أئمّة الدّين، فهذا لا يعني أبدا ألاّ يبيّن خطؤه، بل بيان الخطأ واجب شرعيّ، وهو من الميثاق الذي أخذه الله تعالى من العلماء، ولا يزال العلماء سلفا وخلفا يتكلّمون في المسائل المختلف فيها، ويبيّنون الصّواب، ويدمغون به الباطل. ومن أحسن الكتب التي ألّفت في بيان هذا المنهج الأصيل كتاب:" الردّ على المخالف من أصول الإسلام " للشّيخ بكر بن عبد الله أبي زيد رحمه الله.
نقول لذلك ليتبيّن الموقف الصّحيح من خطأ هؤلاء، وهو أن يكون وسطا بين الإفراط والتّفريط:
– فهناك طائفة فرّطت فقالت: نسكت على الأخطاء والزلاّت، ونغطّي الهفوات والهِنات !
– وطائفة قالت: لا، بل لا بدّ من التّشهير، والتّبديع والتّحذير !
– وطائفة رأت أنّ الحقّ وسط، لا نقص فيه ولا شطط، شعارها ودثارها: لا بدّ من بيان الخطأ، ولكن في رفق وأدب، وهي:
القاعدة الثّالثة: لا بدّ من الأدب والرّفق في النّصح وبيان الخطأ .
إذا كان هذا المخطئ لا يزال في دائرة أهل السنّة، وكان لزاما بيان ما وقع فيه من الخطأ، فلا بدّ من الأدب والرّفق في النّصح وبيان الخطأ. لأنّ الحقّ بطبعه ثقيل، فإذا أسبغت عليه طابع الشّدة نفر منك السّامع، ولم يتحقّق المقصود وهو بيان الحقّ والدّعوة إليه.
هذا حقّ المسلم على المسلم أن يجد الأعذار كلّ منهما للآخر، وأن يعطف كلّ منهما عل الآخر، وأن يحبّ كلّ منهما الخير للآخر، ما دام الجميع قد أجمع على أنّه لا معصوم من البشر، والكمال المطلق لله تعالى.
فالعالم أولى بهذا الحقّ من غيره، إذ فضلهم مشهور، وذنبهم بعد الاجتهاد مغفور.
واقرأ في كتب الأئمّة الأعلام الذين ملئوا الدّنيا بمصنّفاتهم، تجد الأدب الجمّ .. تجد التّواضع .. تجد الاحترام والتّقدير والإجلال .. تجد حفظ الفضل لأهله-ولا يعرف الفضل إلاّ من كان من أهله- .. تجد الأئمّة الحفّاظ إذا اطّلعوا على شيء قالوا: وقد قال فلان-عفا الله عنه- كذا، كلّ ذلك من باب الأدب، ولذلك قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: { عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ } [التّوبة 43]، فقدّم له المغفرة والعفو قبل العتاب واللّوم، لذلك ينبغي التّأدّب مع الأئمّة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
قال ابن القيّم رحمه الله تعالى[3]:
" فلأهل الذّنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهّرون بها في الدّنيا، فإن لم تفِ بطهرهم طُهِّروا في نهر الجحيم يوم القيامة:
– نهر التوبة النّصوح.
– ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها.
– ونهر المصائب العظيمة المكفّرة.
فإذا أراد الله بعبده خيرا أدخله أحد هذه الأنهار الثّلاثة، فورد القيامة طيِّباً طاهرا، فلم يحتج إلى التّطهير الرّابع ".
وقد حقّق ابن تيمية رحمه الله تحقيقا ماتعا القاعدة في التعامل مع المخالف في مواضع من مصنّفاته، فبيّن وجوب التّفريق بين ما يسطّره وبين شخصه: فيجب بيان الخطأ المسطور وردّه أمّا الشخص:
– فقد يكون صادقا في خدمة الدّين، ولا يتعمّد الكذب.
– وقد يجتهد ويكون ما قاله هو مبلغَ علمه أو مقلِّداً، قال رحمه الله: " يقول الإنسان قولا مخالفا للنصّ والإجماع القديم حقيقةً، ويكون معتقداً أنّه متمسّك بالنصّ والإجماع، وهذا إذا كان مبلغَ علمه واجتهاده، فالله يُثِيبه على ما أطاع الله فيه من اجتهاده، ويغفر له ما عجز عن معرفته من الصّواب الباطن " اهـ [4].
– ملاحظةُ ما مات عليه، فقد يكون قد تاب.
– ملاحظةُ الجهود المبذولة في نصرة الحقّ.
وقال ابن القيّم رحمه الله:
" من قواعد الشّرع والحكمة أيضا أنّ من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنّه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره، ويعفي عنه مالا يعفي عن غيره، فإنّ المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلّتين لم يحمل الخبث. بخلاف الماء القليل، فإنّه لا يحمل أدنى خبث، ومن هذا قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعُمَر رضي الله عنه: « وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ » ، وهذا هو المانع له صلّى الله عليه وسلّم من قتل من حَسَّ عليه وعلى المسلمين، وارتكب مثل ذلك الذّنب العظيم، فأخبر صلّى الله عليه وسلّم أنّه شهد بدرا، فدلّ على أنّ مقتضى عقوبته قائم، لكن منع من ترتّب أثره عليه ما له من المشهد العظيم، فوقعت تلك السّقطة العظيمة مغتفرة في جنب ماله من الحسنات ". [5]
وعلى هذه القواعد جرى أولئك الأعلام رحمهم الله رحمة واسعة وجعلهم من ورثة دار السّلام، وإليك بعض الأمثلة:
فمن المعلوم المشهور أنّ ابن تيمية رحمه الله كان سيفا حادّا على أهل البدع، ولا نعلم أحدا كثُرت ردوده على أهل الكلام والفلاسفة مثله، ومن أحسن وأروع وأفضل الكتب المصنّفة في الردّ على الأشاعرة إنّما كان شيخ الإسلام، ومع ذلك انظر إلى إنصافه:
قال رحمه الله عنهم: " بل هم أهل السنّة والجماعة في البلاد الّتي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرّرافضة وغيرهم "[6].
ولمّا أفرط أبو إسماعيل الأنصاريّ رحمه الله صاحب كتاب " ذمّ الكلام " في ذمّهم، دافع عنهم شيخ الإسلام وقال: " ويُبالغ في ذمّ الأشعريّة، مع أنّهم أقرب هذه الطّوائف إلى السنّة "[7].
ويذكر رحمه الله أنّهم من المتكلّمين المنتسبين إلى السنّة.[8]
وقال: " وخطؤهم بعد الاجتهاد مغفور "[9].
ومدح كتاب " كشف الأسرار وهتك الأستار " للباقلاّني، وبعض كتب الغزالي، وأثنى على علمائهم لدفاعهم عن السنّة، وبينّ أنّ حسناتهم نوعان: موافقة للسنّة، وردّ عل البدعة. [10]
– وقال شمس الدّين بحقّ الإمام الذّهبي:
" قال سلمة بن شبيب: قلت لأحمد بن حنبل: طلبت عفّان في منزله، قالوا: خرج، فخرجت أسأل عنه، فقيل: توجّه هكذا، فجعلت أمضي أسأل عنه حتّى انتهيت إلى مقبرة، وإذا هو جالس يقرأ على قبر بنت أخي ذي الرّياستين، فبزقت عليه، وقلت سوءةٌ لك ! قال: يا هذا الخبزَ الخبزَ"، قلت: لا أشبع الله بطنك. قال: فقال لي أحمد: لا تذكرنّ هذا، فإنّه قد قام في المحنة مقاما محمودا عليه، ونحو هذا من الكلام.[11]
– وقال أيضا في ترجمة الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى:
" وكتابه في " التّوحيد " مجلّد كبير، وقد تأوّل في ذلك حديث الصّورة، فليُعذر من تأوّل بعض الصّفات، وأمّا السّلف فما خاضوا في التّأويل، بل آمنوا وكفّوا، وفوّضوا علم ذلك إلى الله رسوله[12]، ولو أنّ كلّ من أخطأ في اجتهاده مع صحّة إيمانه، وتوخّيه لاتّباع الحقّ أهدرناه وبدّعناه، لقلّ من يسلم من الأئمّة معنا، رحم الله الجميع بمنّه وكرمه "[13].
– وقال رحمه الله: " قال الحاكم: سمعت محمّد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت ابن خزيمة يقول: من لم يُقِرّ بأنّ الله على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر حلال الدّم ! وكان ماله فيئا. قال الذّهبي معلّقا: وكلام ابن خزيمة هذا –وإن كان حقّا- فهو فجّ لا تحتمله نفوس كثيرٍ من متأخّرين العلماء ". [14]
– وقال أيضا في ترجمة الإمام ابن حبّان رحمه الله تعالى بعد ما ذكر إنكار النّاس عليه قوله: " النبوّة العلم والعمل "، وكيف حكموا عليه بالزّندقة، وهُجِرَ، وكتِب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله:
" هذه حكاية غريبة، وابن حبّان من كبار الأئمّة، ولسنا ندّعي فيه العصمة، لكن هذه الكلمة التي أطلقها قد يطلقها المسلم ويطلقها الزّنديق الفيلسوف، فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن يُعتذر عنه، فنقول لم يُرِد حصر المبتدأ في الخبر، ونظير ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: « الحَجُّ عَرَفَةُ » ، ومعلوم أنّ الحاجّ لا يصير بمجرّد الوقوف بعرفة حاجّا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنّما ذكر مهمّ الحجّ، وكذا هذا، ذكر مهمّ النبوّة، إذ من أكمل صفات النبيّ كمال العلم والعمل، فلا يكون أحد نبيّا إلاّ بوجودهما .. أمّا الفيلسوف فيقول: النبوّة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفر ولا يريده أبو حاتم أصلا، وحاشاه " اهـ.[15]
وقال في ترجمة محمّد بن نصر رحمه الله: " ولو أنّا كلّما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفورا له، قمنا عليه وبدّعناه وهجرناه لما سلِم معنا ابن نصر ولا ابن منده، ولا من هو أكبر منهما، والله هادي الخلق إلى الحقّ، وهو أرحم الأرحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة ".[16]
– روى الخطيب رحمه الله في " الكفاية ": عن ابن المسيّب قال: " ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلاّ وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله ".
الشّاهد- معاشر القرّاء الكرام – أنّه يحرم تتبّع عثرات العلماء، والتّنقيب عن أخطائهم، والتّشهير بهم، والحطّ من مرتبتهم، فإنّه نقص كبير وشرّ مستطير. ولا ينبغي لنا أن نتقمّص قميص النّساء في كفرانهنّ للعشير، يحسن إليها زوجها الدّهر كلّه، فإذا رأت منه ما تكره قالت: ما رأيت منك خيرا قطّ.
وأختم أخي القارئ مقالتي هذه بكلام نفيس، للشّيخ عبدالرّحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، حيث قال في " فتاويه ":
– التَّعَامُلُ مَعَ خَطَأِ العَالِمِ
ومن أعظم المحرّمات، وأشنعِ المفاسد: إشاعةُ عثراتِهم، والقدح فيهم في غلطاتهم، وأقبحُ من هذا إهدارُ محاسنِهم عند وجود شيء من ذلك، وربّما يكون–وهو الواقع كثيراً–أنّ الغلطات التي صدرت منهم لهم فيها تأويلٌ سائغٌ، ولهم اجتهادهم فيه، معذورونوالقادح فيهم غير معذور؛ وبهذا وأشباهه يظهر لك الفرق بين أهل العلم النّاصحين، والمنتسبين للعلم من أهل البغيِ والحسدِ والمعتدين، فإنّ أهلَ العلمِ الحقيقيّ قصدُهمالتّعاون على البرّ والتّقـوى، والسّـعي في إعانة بعضهم بعضاً في كلّ ما عاد إلى هذاالأمر، وستْرُ عورات المسلمين، وعدم إشاعة غلطاتهم، والحرصُ على تنبيههم بكلّ ممكن منالوسائل النّافعة، والذّب عن أعراض أهل العلم والدّين، ولا ريبَ أنَّ هذا من أفضلالقُرُبات.
– ثمّ لو فُرِض أنّ ما أخطئوا أو عثروا فيه ليس لهم تأويلٌ و لا عذر، لم يكن من الحقّ والإنصاف أن تُهدَر المحاسنُ وتُمحَى حقوقُهم الواجبةُ بهذا الشّيء اليسير، كما هودأبُ أهل البغيِ والعدوانِ، فإنّ هذا ضررُه كبيرٌ وفساده مستطيرٌ..أيُّ عالِمٍ لم يخطِئْ ؟ وأيُّحكيمٍ لم يَعْثُرْ ؟..
يعجبني ما وقع لبعض أهل العلم: كتب له إنسان من أهل العلم والدّين ينتقده انتقاداً حارًّا في بعض المسائل، ويزعُم أنّه مخطئٌ فيها حتّىإنّه قدح في قصده ونيّته، وادّعى أنّه يَدِينُ اللهَ ببُغضِه بناءً على توهُّم من خطئه، فأجاب المكتوب له:
(( يا أخي، إنّك إذا تركتَ ما يجب عليك من المودّة الدينيّة، وسلكت ما يحرُمُ عليك من اتّهام أخيك بالقصدِ السيِّئ على فرض أنّه أخطأ، وتجنّبت الدّعوة إلى الله بالحكمة في مثل هذه الأمور، فإنّي أخبرك قبل الشّروع في جوابي لك عمّا انتقدتني عليه: بأنّي لا أترُكُ ما يجب عليَّ من الإقامة علىمودّتك، والاستمرارِ على محبّتك المبنيّة على ما أعرفه من دينِك انتصاراً لنفسي، بلأزيد على ذلك بإقامة العذرِ لك في قدْحِك في أخيك، بأنّ الدّافع لك على ذلك قصدٌ حسن، لكنْ لمْ يصحبْه علمٌ يصحِّحه ولا معرفةٌ تبيّن مرتبتَه، ولا ورعٌ صحيحٌ يوقِف العبْدَ عند حدّه الّذي أوجبَه الشّارع عليه، فلحسن قصدك عفوتُ لك عمّا كان منك لي من الاتّهام بالقصد السّيّئ، فهب أنّ الصّواب معك يقيناً، فهل خطأُ الإنسان عنوانٌ على سوء قصده ؟فلو كان الأمر كذلك، لوجب رمْيُ جميع علماء الأمّة بالقُـصود السّيئة ! فهل سلم أحد منالخطأ ؟! وهل هذا الذي تجرّأت عليه إلاّ مخالفٌ لما أجمع عليه المسلمون من أنّه لا يحلّ رميُ المسلمِ بالقصدِ السّيّئ إذا أخطأ ؟!
الله عز وجل قد عفا عن خطأ المؤمنين في الأقوال والأفعال، وجميع الأحوال..ثمّ نقول:هبْ أنّه جاز للإنسان القدحُ في إرادة من دلّتالقرائِن والعلامات على قصده السّيّئ، أَفَيَحِلُّ القدحُ فيمن عندك من الأدلّة الكثيرةُ علىحسن قصده، وبعده عن إرادة السّوء ما لا يسوّغ لك أن تتوهّم فيه شيئا بما رميته به،وإنّ الله أمر المؤمنين أن يظنّوا بإخوانهم خيراً إذا قيل فيهم خلافُ ما يقتضيهالإيمان، فقال تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَوَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ } [النور12].
واعلم أنّ هذه المقدّمة ليس الغرض منها مقابلتك بما قلت، فإنّي كما أشرت لك: قد عفوت عن حقّي إن كان لي حقّ، ولكنّ الغرض النّصيحة، وبيان موقع هذا الاتّهاممن العقل والدّين والمروءة الإنسانيّة )).[17]
[2] " مجموع الفتاوى " (3/349).
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..جزاك الله خيراً أخي الفاضل..قال الذهبي رحمه الله: إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زللـه، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه، ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك.
وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: [ليس من شريف ولا عالم، ولا ذي فضل، إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه].
اخ رضا هل هذا هو الشيخ عبد الحليم توميات الجزائري
https://www.djelfa.info/watch?feature…OfDPDtLg#at=12
صحيح لقد ظهر في زماننا من يكشف عيوب أوزلات علمائنا من نكون حتى نجرح عالم جليل وهب حياته للدعوة لله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..جزاك الله خيراً أخي الفاضل..قال الذهبي رحمه الله: إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زللـه، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه، ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك.
وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: [ليس من شريف ولا عالم، ولا ذي فضل، إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه]. |
جزاك الله خيرا أخي سفيان على النقل الطيب.
اخ رضا هل هذا هو الشيخ عبد الحليم توميات الجزائري
https://www.djelfa.info/watch?feature…OfDPDtLg#at=12 |
هذا موقعه الرسمي
https://www.nebrasselhaq.com/
و هذه مكتبة خاصة بخطب و دروس الشيخ المرئية.
https://toumiat.blogspot.com/