قصتي مع العمل النقابي
أكتبها أو لا أكتبها.
ترددت منذ عدة سنوات على كتابتها.
لكن هذه المرة قررت نشرها،للرد على غوغاء بعض الأصوات المعادية لنقابة اعترفت بها كل شرائح المجتمع، ما عدا بعض الأقزام التي تعمل كل مرة على بث سمومها.
أكنبها لعل و عسى تلهم هذه القصة الزملاء الأساتذة و الأستاذات الذين تعرضوا لمآسي أكثر في قطاع، و يثورون لتغيير الأمر الواقع و المر الذي فرضته الرداءة الزاحفة في قطاع التربية، و دواليب الدولة،رداءة عملت على تكسير المدرسة الجزائرية بتثبيط الفكر الجزائري.
ترددت في البداية، لكن بعض الزملاء نصحوني بكتابتها،ربما ستكون مفيدة و تحث أولى الألباب من الأساتذة على النهوض بواقعهم المزري، و نبذ الأنانية، و الوقوف صفا واحدا أمام أناس صم بكم عمي لا يعقلون في هرم السلطة، و حتى في قاعة الأساتذة و المؤسسات التربوية. أشباه مسؤولين عاثوا في هذا البلاد فساد،ا أصبح لديهم الأستاذ و الطبيب و المهندس و المثقف عدوا يجب تكسير شوكته، بدل توفير لهم آليات العمل البناء و الخلاق للنهوض بالجزائر.
أعلم أنه من الصعب أن يكتب الإنسان عن نفسه دون ذاتية، لأن الذاتية و الأنانية جزء من الإنسان. لكن سأحاول أن أكون موضوعيا في كتابة هذه القصة. قصة بلورت و غيرت من مجرى حياتي المهنية كأستاذ بسيط و وديع.
ربما يقول البعض أن هذه القصة نسج من الخيال، و البعض الآخر سيقول أنه حب للتظاهر. سأقول لهم بلى، إنها حقيقية حدثت لي، وتكون قد حدثت لكثير من الأساتذة في قطاع تاه بين إصلاحات لامتناهية منذ الاستقلال تتخللها إصلاحات عقيمة، و بين رداءة استفحلت في دواليب الدولة و في كل الآليات التي تسهر على تسييرها.
لذا ساسردها باختصار،علما أني أستاذ علوم طبيعية لا أملك فن و تقنيات و مواهب كتابة المقالات الأدبية. ربما ستكون هذه القصة عبرة ودفعا للزملاء في قطاع التربية للوقوف و للمضي قدما في درب العمل النقابي النضالي، لإفتكاك حقوق ضاعت بين قرارات رجال المهام القذرة في الحكومات المتعاقبة، و الذين لا يميزون بين الإنسان و آلة الإنتاج و تكديس و تبديد الأموال الطائلة.
سأحاول أن أكون مختصرا، لأن كثيرا من الزملاء عاتبوني على مقالاتي الطويلة في هذا الموقع.
تعود وقائع القصة إلى ديسمبر 2024، حين قام تلاميذ المؤسسة التي أزاول فيها مهمة الأستاذية حاليا، في إحدى قرى جبال جرجرة بإضراب عن الدراسة للتعبير عن الظروف المزرية التي يزاولون فيها دراستهم، من تدفئة في أعز فصل الشتاء، و تغذية (وجبة باردة في شهر ديسمبر)، و نقص في التأطير البيداغوجي (أساتذة معظمهم متعاقدين دون أجرة لمدة فاقت عامين) و التأطير الإداري (موظفون من الشبكة الاجتماعية)، إضافة إلى كون المؤسسة ورشة اختلط فيها عمال شركة الانجاز الخاصة بالتلاميذ، بين آلات الأشغال العمومية و أصوات محركاتها.
مؤسسة أراد أصحاب القرار في الولاية آنذاك تدشينها لإيهام الرأي العام و المسؤولين في الهيئات العليا للدولة، أن التنمية في ولايتهم على ما يرام، و إلا كيف تفسر فتح مؤسسات تربوية تفتقد إلى أدنى الشروط البيداغوجية و الاجتماعية و التربوية و التأطيرية في شهر نوفمبر أو حتى في شهر جانفي، لو لا حب تظاهر المسؤولين لمسؤوليهم في هرم السلطة التي لم تحرك ساكنا لوقف المهازل.
قام ممثلو جمعية أولياء التلاميذ و المسؤولين في البلدية بعدة محاولات لإقناع التلاميذ للعدول عن الإضراب، باءت كلها بالفشل، لأنهم لم يوفوا بوعودهم الكاذبة بتحسين الوضعية.
استنجد بعض الأولياء بي، بصفتي ابن القرية و أستاذ أملك تجربة في التعامل مع التلاميذ.
أثناء دردشة مع مجموعة من التلاميذ المضربين، بتلاوة وعود نفاقية بلغة الخشب المعهودة، تفاجئت بسماع تلميذ يقول لزملائه:" لا تصدقوا ما يقوله ، إنه كذاب و خواف و جبان("راه يخرط و يفستي عليكم) مثل باقي الأساتذة و المسؤولين، فلو كان قادرا على مساعدتنا للحصول على حقوقنا، فلماذا سكت عن حقوقه ("يروح يجيب حقو") و لم يجرأ على المطالبة بها ( يخي طناه ) ؟"، و لا يستطيع مجابهة مسؤوليه.
أحسست بزلزال تحت قدمي، و بجبل فوق ظهري، ارتبكت في البداية، اقشعر جلدي، بدأ العرق يسيل في كل أجزاء جسمي، و حرارة تنبعث من أعماق وجداني، رغم برودة الطقس. ملكت نفسي و أعصابي حتى لا أكشف عن حقيقتي، ضحكت نفاقا لمجموعة التلاميذ المتواجدة أمامي،و الذين حاولوا التخفيف علي بكلمات لبقة، لإظهار احترامهم لي و أسفهم لما حدث، و طمأنتهم أن مشكل التدفئة سيحل في غضون الأسبوع- و هذا ما تم فعلا- و إلا سأغلق المؤسسة بنفسي مهما كانت الظروف و العواقب.
صدقني التلاميذ على مضض احتراما لشخصي.
عند العودة إلى داري، انفردت في غرفتي، و بكيت لساعات طويلة، ذرفت دموع الإحساس بالإهانة و الذل، إهانة و ذل من طرف الرداءة المتفشية في قطاع التربية، و حتى في كل مؤسسات الدولة. أصبت في أعز ما يملكه الإنسان، صميم الكرامة. و قررت في أعماق نفسي أن أدخل و أخوض أي معترك أو حركة تعيد لي و لأمثالي من أبناء الشعب البسيط مثلي الكرامة و الحقوق الضائعة. قررت أن افتك حقوقي و أدافع عن كرامتي، و كرامة أشباهي بكل قواي الفيزيائية و العقلية مهما كلفني ذلك من تعب و تضحيات.
فكانت المناسبة يوم 4 جانفي 2024 على الساعة الواحدة زوالا، حين أخبرني أحد الزملاء بمقر الولاية عن بداية حركة احتجاجية، على تأخر المستحقات المالية، تلتها تأسيس تنسيقية ولائية لعمال التربية، ثم تأسيس نقابة كنابست في 01 أفريل 2024.
نقابة عشت كل مراحلها، بضغوطها وجنونها و أفراحها و نزاعاتها و تشنجاتها و تعبها، و لياليها البيضاء، و تنقلاتها المضنية ليل نهار في الحرارة و البرودة، و اجتماعاتها الماراطونية الساهرة، و خياناتها و كواليسها، و مراوغاتها، و قراراتها الصائبة و الخاطئة، و خسائرها و مكتسباتها.
و منذ التاريخ، أحس بنار تتأجج في وجداني، و بركان يثور من أعمق أعماقي، كلما تذكرت الحادثة المشؤومة السعيدة، و يزول الخوف و التعب، و تتسلسل الأفكار دون عناء.
منذ ذلك التاريخ أحس بشعور الكرامة و المواطنة و تنبعث من وجداني طاقة للتغيير.
اعتذر عند أهل القصص و الآداب، لأنني كتبت هذه الكلمات على المباشر دون تفكير و تمحيص وتصحيح للأخطاء اللغوية.
بهذه القصة، أكون ربما قد أضفت شعلة إلى قلب كل زميل أصيب في الصميم أثناء مساره في مهنة المتاعب.
مواطن من نقابة كنابست في جزائر المواطنة. –مسعودي زبير البويرة
منقول من سجل الزوار منتدى الكنابست
للاخ مسعودي زوبير-البويرة شكرا على النقل علها تحرك في قلوب البعض
للاخ مسعودي زوبير-البويرة شكرا على النقل علها تحرك في قلوب البعض
|
اكيد
انهم رجل من طينة اخرى
يتكلمون قليلا ويعملون كثيرا
شكرا لك زميلي العزيز بمثلكم يفتخر كل رجل تربية .
شكرا لك زميلي العزيز بمثلكم يفتخر كل رجل تربية .
شكرا لك زميلي العزيز بمثلكم يفتخر كل رجل تربية .
شكرا لك زميلي العزيز بمثلكم يفتخر كل رجل تربية
مهما اختلفت افكارنا وارائنا فاننافي الاخير طينة واحدة لهدف واحد النهوض بقطاع التربية والتعليم
في بلادنا الجزائر
ان لله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
بمثلك تعتز البلاد و تفخر ربي يبارك فيك وفي نقابة النضال الواقعي المستمد من معاناة رجل التربية ربي يوفقكم
ان لله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. نذروا انفسهم لخدمة التربية
ان لله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. نذروا انفسهم لخدمة التربية
|
بالفعل صدقت زميلي
وبارك الله فيك
شكرا لكل من رد