تخطى إلى المحتوى

مقالة رائعة والتقييم لكم 2024.

أثبت صحة الأطروحة القائلة: "الشعور فرضية لازمة مشروعة"
شاع لدينا و لدى البعض من الفلاسفة أن كل سلوكاتنا نشعر بها و نعي أسبابها و عواملها، فحياة الإنسان مبنية على الشعور، من حيث هو ديمومة نفسية، لكن هناك من يرى أن للنفس جانب آخر و هو اللاشعور و يقر بأنه فرضية لازمة مشروعة، فإن قابلنا هذه الأطروحة، كيف عسانا نثبتها و ندافع عنها؟
إن للنفس جانب خفي، مليء بالرغبات و الميولات و أسرار النفس المكتومة و هو اللاشعور،و هناك من قطع بعض السلوكات عن وعي الذات التي تصدر عنها، و عزوها لقوة غير قوة الإرادة الواعية، كما يرى الفيلسوف الألماني "لايبنيتز" ، فقال أن الكثير من تصرفاتنا تنفرد و تفلت من وعينا، فهي متعلقة باللاشعور و هي تثبت وجوده و لزومه و من مظاهر الهستيريا و هي اضطرابات بدنية و عقلية تطرأ على الإنسان دون أن تكون هناك علل عضوية قد تكون عاملا لهذه الاضطرابات، و هذا ما دفع ببرنهايم إلى القول بأنها ترجع لأسباب نفسية، فلجأ لطريقة التنويم حيث يجعل المريض بين النوم و اليقظة، ثم أثبت شاركو هذه النظرية و استعمل طريقة التنويم المغناطيسي ، ففي هذه الحالة يستطيع المريض أن يستعيد الأحداث التي لم يكن يستطيع أن يقف بها في حالة اليقظة، أو قد يكون نسيها، لكن تبقى مخزنة في الجانب اللاشعوري و هي ما تفسر اضطرابات سلكوه، حيث مرض الهستيريا ناتج عن إخفاء بعض الذكريات و الأحداث المكبوتة، و قال سيغموند فرويد أن هذه الذكريات أثناء التداعي الحر للأفكار تساعد كثيرا في زوال هذه الأعراض و من خلالها تمكن من اكتشاف اللاشعور. كذلك من مظاهر وجود اللاشعور هي النسيان، فمثلا شخص ما ينسى ديونا عليه بدفعها عمدا لأنه لا يريد تسديدها، كذلك أخطاء الإدراك، مثلا رؤية صورة شخص ما فتتخيله شخصا آخر و هذا ما يفسر لاشعوريا بأننا نتذكر هذا الشخص و لنا معه ذكريات و أحداث، كذلك تعتبر الأحلام مجالا لتفريغ المكبوتات و الرغبات اللاشعورية التي كما قال فرويد " لا يستطيعون تحقيقها في الواقع" و هذا ما عبر عنه بالصراع بين الهو و الأنا الأعى حين قسم الجهاز النفسي، فالهو هو مستودع الطاقات الغريزية ذات المصادر البيولوجية، يسير وفق مبدإ اللذة، فهو يحوي كل الرغبات و الأهواء التي قد تكون منافية للقيم الأخلاقية و الاجتماعية و مما يولد صراعا بين الهو و الأنا الأعلى، فهذا الأخير بمثابة مقاومة للرغبات الغريزية الجنسية، و لكن اذا ما تم هذا الصراع فقد ينتج عنه كبت دائم و عقد نفسية كثيرة تؤدي للجنون أو حتى موت الشخص، أو إلى التفريغ و اللامبالاة مما يؤدي إلى ضياع قيم المجتمع، و هنا كشف فرويد عن الأنا و هي الرقيب و الوسيط بين الهو و الأنا الأعلى، فالهو يسير وفق مبدإ اللذة و الأنا يسير وفق مبدإ الواقع، فبهذا يستطيع تحقيق نوع من التوافق و التقليل من حدة هذا الصراع، فقد يعتمد على منعها من التحقيق و بثها في مجال اللاشعور، أو تحقيقها نسبيا وفق مبادئ المجتمع بشكل مقبول أخلاقيا. هنا نستنتج وجود اللاشعور و هو ناتج عن الصراع بين رغبات الهو و موانع الأنا الأعلى ، فهذه الأخيرة تجبره على عدم بثها خارج النفس لاتنافيها مع الواقع ، فيلجأ إلى كتمها في ما يسمى باللاشعور و قد تظهر هذه الرغبات المكبوتة في شكل أعراض عصبية أو فيزيولوجية كزلات القلم أو اللسان، و يلجأ الإنسان إلى تبريريها بأسباب منطقية و معقولة مع أن الأسباب الحقيقية هي عاطفية و انفعالية مخفية. ففرضية اللاشعور لها قيمة علمية تكمن في فهم الحالات المرضية النفسية و التي يكون سببها هو الكبت، حيث طبقت طريقة التحليل النفسي في دراسة الأعراض العصبية و التي أدت فيما بعد إلى كشف مجاهل النفس الإنسانية.
لكن، هناك من يرى أن اللاشعور ليس أساسا وحيدا للحياة النفسية و هو ما يفسر سلوكات الإنسان، كذلك لا يمكن اعتبار النتائج التي توصل إليها فرويد من نظرية التحليلي النفسي يقينية و تعميمها على عامة الناس، و هذا ما ذهب إليه "آدلر" حين فسر أن اللاشعور ليس مرده إلى الليبيدو، بل راجع للشعور بالقصور، فالمصاب بقصور عضوي يسعى إلى تعويضه بأعراض عصبية، أما كارل يونغ فميز بين نوعين من الناس، نوع توجه إلى الخارج ليتكيف معه أكثر مما يتوجه لنفسه، و هو المنبسط، و نوع يتوجه لنفسه و يميل إلى الخيال و التأمل ، يكون نشاط الليبيدو عنده متوجها نحو ذاته و هو المنطوي، و يونغ وضع اللاشعور في قالب جمعي، إذ لاشعورنا ليس مرتبطا بالأزمات التي عشناها قديما فقط، بل التي عاشتها الإنسانية جمعاء.
لكن يبقى اللاشعور لازما و موافقا للحياة النفسية، فمستحيل أن يكشف الإنسان عن كل رغباته، فنصف رغباتنا منافية للواقع تسير وفق مبدإ اللذة و الشهوات و ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، و لهذا يلجأ إلى كبت هذه الرغبات في اللاشعور لأنه لا يستطيع إخراجها للواقع، و بالتالي ليست مسألة قصور، لأن القصور العضوي يتوضح في الإنسان و لا يلجأ إلى كبته.
أما في منظوري الشخصي، فأرى أن حيتنا ليست في مجملها مبنية على اللاشعور، إذ أن قصورا عضويا ما، مرضا خطيرا يصيبنا، نلجأ إلى إلى كتمه و نبرره بأعراض عصبية كاذبة، و ليست كل سلوكاتنا نابعة من الليبيدو، فالإنسان ليس مجموعة من الأهواء و الرغبات و الميولات الجنسية، فهو كائن عاقل يستطيع لتحكم في رغباته بواسطة عقله و بواسطة الشعور أو الديمومة الشعورية، فهو لا ينفصل عن ذاته أبدا و يبقى واعيا دائما، فسلوكاته نابعة عن مختلف ما يشعر به، إذن اللاشعور هو نظرية نسبية فقط و ليس لازمة دائما للحياة النفسية.
نستنتج في الأخير أن الإنسان لا يستطيع إخراج جميع ما يدور في نفسه من رغبات و أهواء و ميولات، فيلجأ لكتمها لتنافيها مع الواقع، أو عدم رغبته في بثها خارج نفسه لأنه يريد نسيانها مثلا، و منه يبقى اللاشعور لازما و مشروعا للحياة النفسية و بالتالي هذه الأطروحة صحيحة و يجب الأخذ بها.
أعطوني آراءكم في هذه المقالة، إنها من إنجازي الشخصي، أرجوكم من لديه معلومات أخرى فليضفها أو نصائح من طرف أساتذة الفلسفة، رجاء و شكرا مسبقا.
الجيريا

في انتظار ردودكمالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيريا

بارك الله فيك اخي
الحمد الله لاحظت من خلال تجربة في امتحان ان كتبة مقالة فلسفية ليست شيء صعب جدا
تحتاج تركيز فقط
شكرا مجددا لا تبخل علينا بمثل هده مواضيع

شكرا لك اخي بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.