تخطى إلى المحتوى

مقاربة في تحليل مضمون التعليمة رقم 01 المؤرخة في 11 أبريل 2024 المتعلقة بإضفاء المرونة على إجراءات التوظيف بعنوان الوظيف 2024.

مقاربة في تحليل مضمون التعليمة رقم 01 المؤرخة في 11 أبريل 2024 المتعلقة بإضفاء المرونة على إجراءات التوظيف بعنوان الوظيفة العمومية.

تأتي هذه التعليمة لتؤسس لسلسلة من الإجراءات الإدارية التي ينبغي اتخاذها من قبل المؤسسات والإدارات العمومية لتيسير إجراءات التوظيف.
وفي الحقيقة تتضمن اعترافا صريحا ببطء وتعقيد هذه الإجراءات والمنسوب للمديرية العامة للوظيفة العمومية، وهي في الحقيقة بريئة منه، لأن الإجراءات المقصودة هي نتاج لنظام قانوني قائم بذاته، وليس المديرية العامة إلا جهازا من أجهزة الدولة مكلفة بوضع تصورات وطرق التطبيق لقانون الوظيفة العمومية، من أجل إرساء وظيفة عمومية عصرية ومتطورة، ومتجانسة في الوقت نفسه مع النظام القانوني القائم في الدولة.
وبالتالي، فإن هذه التعليمة تسعى إلى بداية استدراك الخلل الواقع في المنظومة القانونية، ومحاولة وضع بدائل جديدة.
وفي سبيل ذلك، جاءت هذه التعليمة لاستعادة المؤسسات والإدارات العمومية لدورها الرئيسي في التوظيف، وهو في نظري تصحيح لدور الآمر بالصرف في مجال الموارد البشرية بتذكيره بأنه الفاعل الرئيسي في عمليات التوظيف، وأن دور أجهزة الرقابة يبقى مكملا ومقوما، وليس منشئا، كما هو الحال بالنسبة لمفتشيات الوظيفة العمومية. وهذا الرأي يتأكد إذا أنجزنا مقارنة بسيطة بين دور المدير (الآمر بالصرف) في مجال اتخاذ قرار توظيف، ودوره في مجال إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية، ففي المجال الأخير يكون أكثر جرأة ومسؤولية وإقداما بالرغم من الأثر المالي لهذه الصفقات (ملايين الدينارات) مقارنة بذلك الناجم عن توظيف موظف جديد!!!!
وفي هذا الصدد:
-تكليف المسيرين –وتحت مسؤوليتهم- باقتضاء وتطبيق واحترام الشروط القانونية الأساسية للتوظيف، وعدم إلقاء كل الحمل على جهاز الوظيف العمومي.
-عدم رهن انجاز عمليات التوظيف بالمصادقة على مخطط تسيير الموارد البشرية، الذي كان يشكل أكبر عائق أمام هذه الإجراءات. وبغرض التخفيف من أثر إلغاء هذه المصادقة، تم تكليف الدوائر الوزارية بإعداد مخططات خماسية لتسيير الموارد البشرية.
-المباشرة في إجراءات التوظيف بمجرد تسلم الإدارة المعنية لدفتر ميزانيتها (nomenclature de budget). وهذا الإجراء يساهم في استغلال الوقت، إذا علمنا أن أغلب الإدارات العمومية تتلقى هذه الدفاتر قبل نهاية الثلاثي الأول من السنة المعنية.
-اعتماد أسلوب المراقبة البعدية مع جهاز الوظيفة العمومية.
-تكليف الإدارة بتحديد طريقة توزيع المناصب المالية المفتوحة حسب مختلف طرق التوظيف (الشهادة، الاختبار، الترقية الداخلية) مع إخطار الوصاية والرقابة، وهذا من شأنه أن يلغي العمل بنظام النسب المنصوص عليه في القوانين الأساسية.
-الإعلان عن المسابقات دون استصدار الموافقة من مفتشية الوظيفة العمومية (تبقى مسؤولية مطابقة الشهادات للرتب المطلوبة على عاتق الإدارة المستخدمة).
-تنظيم المسابقة يتم بمبادرة من الإدارة المعنية، إما بذاتها أو بالاستعانة بمؤسسات أخرى للتكوين.
-الإعلان عن النتائج يكون بقرار إداري من طرف الإدارة المستخدمة، يخضع لاحقا للرقابة، أي يتم تنصيب الناجحين بمجرد الإعلان عن النتائج، وفي هذا الصدد يتم الاستغناء عن إعداد محاضر النجاح النهائية من طرف مفتشية الوظيفة العمومية.
-إحالة كل الإجراءات التي كانت تتخذ سابقا قبل المسابقات إلى التأشيرة اللاحقة، حسب الحالة من طرف مفتشية الوظيفة العمومية أو مصالح المراقبة المالية.
-إصدار منشور جديد يتعلق بمعايير تقييم المترشحين في المسابقات على أساس الشهادات (كحالة الأساتذة المساعدين)، وفي هذا الصدد ينتظر أن تولى أهمية أكثر لمعايير أقدمية الشهادة، تصنيفها وتنقيط المترشح.
-إجبارية إجراء المسابقات في الولاية المعنية، وهذه النقطة تخص مراكز الامتحان بالنسبة للمسابقة على أساس الاختبار، أي أنه سيجري العمل لتكليف أكبر عدد ممكن من مؤسسات التكوين لإجراء المسابقات على أساس الاختبار، واستثناء من هذه القاعدة:
*يمكن اللجوء للمسابقة الوطنية عندما يقررها الوزير المعني، كحالة قطاع التربية مثلا، أو قطاع الصحة، نظرا للعدد المعتبر من المناصب المالية المفتوح والذي يتطلب هذا النوع من التنظيم.
*إجراء المسابقة على مستوى بلدية معنية بذاتها، نظرا لخصوصية المنصب الذي يكون مفتوحا في الإقليم الجغرافي لهذه البلدية، أو كون هذه الأخيرة منطقة نائية يشكل التنقل على المترشحين إلى مراكز الامتحان خارجها عائقا بالنسبة لهم. هذه النقطة مهمة جدا خصوصا بالنسبة لسكان الجنوب، حيث أنه مترامي الأطراف وعادة ما تكون المسافة بين أقرب نقطتين لا تقل عن 500 كلم.
-إجبارية إقامة كل مترشح في الولاية المفتوح بها منصب العمل، وفي حالة البلدية المعزولة في الجنوب، يجب أن تعطى الأولوية لسكان هذه المناطق.
-إعطاء الأولوية للمتعاقدين على مستوى الإدارة المستخدمة في الظفر بالمناصب المفتوحة لديها، وذلك باعتماد المسابقة على أساس الشهادة بدلا من المسابقة على أساس الاختبار، لأن هذا الإجراء –وحسب التعليمة- يكمل ويثمن سياسة التشغيل الوطنية (عقود الإدماج، عقود ما قبل التشغيل).
وفي الواقع، كانت هذه البرامج بلا جدوى على مستوى المؤسسات والإدارات العمومية، نظرا لأن التوظيف فيها مرهون باجتياز مسابقة على أساس الاختبار، وهذا الإجراء الجديد من شأنه أن يساهم في توظيف أكبر فئة من مستخدمي الإدماج وما قبل التشغيل.
-استقطاب إطارات القطاع الاقتصادي العمومي نحو قطاع الوظيفة العمومية، وهذا المطلب في نظري لن ينجح ما لم ترافقه تدابير عملية في مجال الأجور، نظرا لان القطاع الاقتصادي يوفر سلما أجور مرتفع نسبيا مقارنة بالشبكة الاستدلالية لأجور الوظيفة العمومية، وأن الواقع هو هجرة إطارات الوظيفة العمومية نحو القطاع الاقتصادي وليس العكس، ولذا ومن أجل ضمان نجاعة هذا المطلب، يجب التفكير بجدية في مماثلة شبكة الأجور بين الوظيفة العمومية والقطاع الاقتصادي لتيسير حركية الإطارات (mobilité de cadres).
-تكليف الحكومة بإعداد نصوص تنظيمية جديدة، تتكفل بإسقاط مضمون هذه التعليمة على نصوص التوظيف، وبذلك تكون هذه التعليمة قد ألغت ضمنيا أحكام المرسوم التنفيذي رقم 95-125، المتعلق بمفتشيات الوظيفة العمومية، فيما يخص ممارسة الرقابة فقط على إجراءات التوظيف.
وفي النهاية نجد أن المؤسسات والإدارات العمومية قد حمّلت كل مبادرات التوظيف، مع تحمل المسؤولية كاملة في حالة التأخر أو الفشل.
هذا الواقع –على الرغم من أهميته- إلا أنه يضع –أكثر من 5000 مسير وآمر بالصرف للوزارات، الإدارات المركزية، المصالح الخارجية للوزارات، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي وغيرها- أمام تحدي حقيقي، لأنه يتطلب مسيرين جادين وجديين، وإعادة تشكيل الذهنيات والتحرر واكتساب روح المبادرة مع الشعور بالمسؤولية.
هذه قراءتي الأولية لمضمون هذه التعليمة، في ظل النصوص الحالية، والنصوص المنتظر صدورها لتطبيق محتواها.

منقول للامانة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.