تخطى إلى المحتوى

مفسدات القلوب 2024.

ومفسدات القلب خمسة: تعلق القلب بغير الله، ثم كثرة الاختلاط بالناس، ثم الأماني، ثم كثرة الأكل، ثم كثرة النوم.
وهذه خمسة أشياء تفسد القلب:
المفسد الأول: تعلق القلب بغير الله
أعظمها وأهولها: تعلق القلب بغير الله، قال تعالى: { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } [مريم:81-82]، إن الذي يعبد شيئاً إنما يعبده ليحميه، وليأخذ العز منه، فعبدوا من دون الله آلهة لتكون لهم عزاً، فتعلق القلب بغير الله أصل الشرك.
المفسد الثاني: كثرة الاختلاط بالناس
المفسد الآخر: كثرة الاختلاط بالناس، فكثرة الاختلاط بالناس تورثك الهم والغم، وتشتت عزم قلبك، فقد ترى رجلاً غنياً فتسأله عن غناه، يقول لك: أنا أعمل كذا وكذا، وعندي خطط، ودراسات جدوى، وأعمل عشرين ساعة، أنا لست كسولاً، والحياة صراع فـ(كن ذئباً وإلا أكلتك الذئاب) فيدخل على قلبك الغم، فتفكر في سبيل الغنى اقتداء به، وتريد أن تكون كهذا الرجل، ورجل آخر يخوفك من الدعوة إلى الله، قائلاً: لا تسلك هذا الطريق، لا تصدع بكلمة الحق، لا تنكر منكراً، كن آمناً، كن في حالك، لا تتكلم! وأنت تريد أن تتقرب إلى الله؛ فيدخل على قلبك الغم والخوف الذي بثه وهكذا.
الاختلاط بالناس لابد أن يكون بقدر حاجتك، واختلط معهم فيما يفيد: في الجمعة والجماعات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اعتزلهم في فضول المباحات فضلاً عن المعاصي والمحرمات.
المفسد الثالث: الأماني
الأماني، وهذا بحر لا ساحل له ولا شاطئ، يركبه مفاليس العالم، فالأماني رءوس أموال المفاليس، وما ضيع أكثر العباد إلا الأماني، فاليهود والنصارى ضيعتهم الأماني، والمفرطون من هذه الأمة ضيعتهم الأماني، وهذا شرَك عظيم وخطير، فأمانيك تستغرق عمرك وعمر أولادك وأحفادك، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا كما في صحيح البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام: رسم لأصحابه على الأرض مربعاً -أربعة أضلاع- ثم قال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به لا يفر ولا يخرج منه، ثم رسم خطاً مستقيماً بدءاً من الضلع الأخير من المربع وخرج خارج المربع، ثم رسم خطوطاً قصاراً حول هذا الخط المستقيم داخل المربع، فقال: ( هذا الإنسان وهذا أجله، والخط الطويل أمله ) -أمله خرج من أجله، تلك الآمال تستغرق عمره وعمر أولاده وأحفاده- وهذه الخطوط القصار التي هي داخل المربع حول الخط الطويل قال فيها: ( هذه الأعراض والابتلاءات والأمراض، إذا نجا من عرض نهشه الآخر ) -أي: لابد أن يبتلى، لا ينجوا أبداً-.
ونفهم من هذا: إن الأمل الطويل والرغبة في الحياة هي التي تمكن الشيطان من قلب العبد، فيقول: أنا سأفعل غداً وبعد غد، والعام القادم سأفعل وأفعل، وهو ميت هذه الليلة.
أعرف رجلاً رحمه الله سلمت عليه في محله بعد صلاة الظهر، ووجدت بجانبه بطانية فقالت: ما هذا؟ قال: بطانية أسبانية، وفرشها طولاً، وقال: على الإنسان أن يتغطى، فالجو بارد وأنا سأتغطى بها الليلة، ولكنه بات في قبره، مات بعدما تركته بساعة، ودفنوه بعد العصر، وما استمتع بها.
ولذلك قال من قال من السلف: (ما ذُكر الموت في واسع إلا ضيقه، ولا في ضيقٍ إلا وسعه).
وأنت جالس مع أولادك وكلهم بعافية، وأنت رجل موسر تأكل وتشرب وتضحك، لو ذكرت الموت تتعكر عليك هذه اللذة، ولو ذُهِلْتَ عنهم خمس دقائق فقط وفكرت أنك ستنزع من بين هؤلاء الأولاد، وتسأل نفسك: هؤلاء الصغار كيف يكون حالهم من بعدي لو مت؟ أترى أنهم يسلمون تقلب الزمان ونوائب الدهر؟ سيصير، أترى هناك من يحنو عليهم بعدي؟! فتضيع عليك اللذة الحاضرة ولا تستمتع بها.
فكنت في سعة فضيقها عليك.
وكذلك أنك رجل مبتلى بالمصائب من كل جانب، وتذكرت الموت والبلاء، وأن ظالمك لن يخلد بعدك، وأن هناك قصاصاً، وأنك ستقتص من ظالمك، فأول ما تفكر في هذه المعاني يتسع عليك الأمر وتصبر.
وهذا مصداق قولهم: (فما ذكر الموت في واسع إلا ضيقه، ولا في ضيق إلا وسعه)، والأماني أخطر شيء يعكر صفو القلب بعد تعلق القلب بغير الله.
المفسد الرابع: كثرة الطعام
قال لقمان لابنه: (يا بني! إن المعدة إذا امتلأت نامت الفكرة، وكفت الأعضاء عن العبادة)، إن كبير البطن لا يحرز شيئاً في السبق -لو تسابق الناس لا يحرز شيئاً- واعتبر بحال الجياد، إن الجواد الذي تركبه لتفوز بالسبق فيه لابد أن يكون مضمر البطن لا عظيمها).
المفسد الخامس: كثرة النوم
واعلم أن كثرة الطعام مجلبة للنوم، وكثرة النوم مظنة الفساد، وفوات المصالح وقد سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن جده في نهاره وقيامه في ليله، وأن في هذا إرهاقاً وأي إرهاق، يقول: (إنني لو نمت في نهاري ضيعت رعيتي، ولو نمت في ليلي ضيعت نفسي، فكيف الخلاص منهما؟!).
وكان أبو حصين رضي الله عنه كثير قيام الليل، وكان يضع عصاه بجانب مصلاه، فإذا أحس أن رجليه لا تقويان على رفعه ولا على حمل بدنه، كان يضرب رجليه بالعصا، ويقول لهما: (أنتما أحق بالضرب من دابتي، أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم لم يخلفوا بعدهم رجالاً؟ والله لأزاحمنهم على الحوض ويقوم)، وهذه لا يفعلها رجل ممتلئ البطن، وهذا ما يدل عليه قول لقمان الحكيم فيما يروى عنه: (إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وكفت الأعضاء عن العبادة.
وكذلك إذا امتلأت المعدة ازداد الشبق، وعظمت الشهوة، وبدأ الشيطان يلعب بصاحبها ويفكر؛ كيف يصرف هذه الشهوة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) -يعني: وقاية يتترس بها من عدوه-.
فإذا كان الصيام -الجوع- وقاية من حدة الشهوة؛ فإن كثرة الطعام مجلبة لهذه الشهوة؛ ولذلك أكثر الناس عصياناً أصحاب الترف، الذين يأكلون ما شاءوا ويشربون مالذ لهم ويملئون بطونهم، وعندهم من المال ما يستطيعون به تنفيذ أهوائهم.

من دروس الشيخ أبوإسحاق الحويني حفظه الله

برك فيك يااخي

جــزاك الـلــه خــيـــرا

بارك الله فيك اخي الكريم

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا إن شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.