سؤال الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني رحمه الله.
ما حكم عادة مد الخطوط في المساجد لتسوية الصفوف وما ضابط المصلحة المرسلة والبدعة .؟
الشيخ : نعم .
السائل : العادات هل تدخل من باب … ؟
الشيخ : لا ، العادات تدخل في عموم قوله عليه السلام : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) فإذا كانت العادة لا تخالف الشريعة فلك الخيرة في أن تفعلها أو تدعها وإنما جاء عليه السلام لتحقيق ما قاله الله تعالى في القرآن : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فهو جاء للقيام بوظيفة بيان الدين ؛ أما الدنيا فهي كما ترون في كل يوم شيء جديد ؛ ولهذا قال في الحديث المعروف : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
السائل : العادات المتعلقة بالعبادات ؟
الشيخ : ولو كانت هذه العادات متعلقة بالعبادات ، يمكن أنت تعني ولو كانت توهم أنها من العبادات ، توهم ؛ أما على حسب ظاهر كلامك ، تقدر تضرب مثال ؟
السائل : …
الشيخ : هذا خرج عن موضوع سؤالك الأول ، في عادات تتعلق بالعبادات وفي عادات منفصلة عن العبادات ؛ فأنت جئت مثالا بالخيط الذي يمد في بعض المساجد ، فهذه عادة تعود إلى ما قلت لك لعلك تعني عادات متعلقة بالعبادات وتبين أن ظني كان في محله ، مش عبادة محضة وإنما مرتبطة بعبادة ؛ حينئذ نحن ننظر لهذه العادة ما هوالدافع للناس إليها ، إن كان الدافع هو شيء له علاقة بالتدين فهنا ننظر إن كان هذا التدين القصد به زيادة التقرب إلى الله فخرج عن كونه عادة ودخل في كونه عبادة ، وفي ذلك كونها عبادة غير شرعية فشملها الحديث السابق ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أما إن كانت هذه الوسيلة ليست مقصودة في ذاتها وإنما لأنها في ظرف من ظروف بعض الناس تحقق مصلحة شرعية أولا هي هذه المصلحة لا تتحقق إلا بها ، وثانيا … وأحسن مثال لدينا هو ما ذكرته من الخط ، فمد الخط في المسجد بدعة ضلالة لا يجوز الاعتماد عليها في المساجد اللهم إلا في بعض المساجد وفي وقت محدد أعني المساجد التي بنيت منحرفة عن القبلة أو لم تكن في الأصل بنيت مسجدا إنما كانت دارا ثم أوقفت مسجدا واتفق على أن قبلة هذه الدار منحرفة يمينا أو يسارا فهنا لتصحيح تسوية الصف لجماهير من المصلين لا بأس من مد الخيط هذا أو هذا الخط تنبيها وتعليما ولكن ليس إلى الأبد ؛ لأنه ينبغي اتخاذ وسيلة أخرى يستغنى بها عن هذه الوسيلة الأولى كأن يصحح مثلا قبلة المسجد وذلك ببناء جدار ولو شكلي ولو من خشب خفيف أو ما شابه ذلك بحيث أن الداخل رأسا يتوجه إلى القبلة ؛ أما المساجد التي قبلتها صحيحة واتجاهها إلى الكعبة والقبلة صحيح فوضع هذا الخيط من البدع والضلالة لأنها تنافي السنة ، أعني تنافي سنة تسوية الصفوف وتنافي قيام أئمة المساجد بواجب الأمر بتسوية الصفوف وما يتعلق بالمصلين فإنهم إذا اعتادوا الصلاة في المساجد وتسوية الصفوف فيها على الخيط فقد يصلون في مسجد ليس فيه خيط وقد يصلون في المصليات التي بدأت تنتشر هذه السنة والحمد لله في كثير من البلاد يصلون في العراء فتجد الصف من أسوء الصفوف لا يحسنون لأنهم لم يتمرنوا في مساجدهم ولم يمرنهم أئمتهم على تسوية الصف لأنهم ما يصلون إلى على الخيط فهم يعتمدون مع أئمتهم على الصلاة على الخيط المبتدع ؛ وهذا بلاشك من وحي الشيطان وتأكيد لبعض الآثار التي جاءت عن بعض سلفنا الذي يقول " ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة " هذه حقيقة نلمسها لمس اليد ، ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة ، وهذا هو المثال بين أيديكم مد الخط في المسجد من أجل ما واحد يقول للثاني يا أخي تقدم وتأخر حتى يصبح الصف مستقيما تماما كما كان الرسول عليه السلام يفعل والخلفاء من بعده حتى كان في زمن عثمان رضي الله عنه لما اتسع المسجد النبوي بالمصلين وتكاثرت الصفوف تكاثرا عظيما جدا وكّل شخصا معينا لتسوية الصفوف فهو يأمر الجميع بتسوية الصفوف ويساعده ذلك الموظف ، فلا يقول الله أكبر إلا بعد أن يسمع من المسوي للصفوف بأن الصفوف قد استوت ، هذه السنن قد ألغيت منذ زمن بعيد ثم وجدت الآن الوسائل الميسرة لمد الخط في المساجد وتفننوا فيها فصاروا يطلعوا السجاجيد يخط أبيض ، وما حاجة لمد خط من أول المسجد إلى آخره ، هذا كله تعطيل لأمر تسوية الصفوف الذي كان الرسول عليه السلام يبالغ في الحض على تسويتها إلى درجة أنه كان يقول : ( لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من حسن الصلاة ) وفي الرواية الأخرى ( من تمام الصلاة ) ومع صحة هذه الأحاديث بالمناسبة أقول قد أهدرها الأئمة لأن الإمامة والتأذين اليوم ككل الوظائف الدينية أصبحت كسائر الوظائف الحكومية ، وظيفة يؤديها الموظف لا يقصد بها وجه الله ولا يبتغي بها مرضات وجه الله تبارك وتعالى ، فالإمام بده يخلص من هذه الوظيفة كإنسان حامل الحمل على أكتافه وبده يرميه أرضا بينما الإمام ما شاء الله ربنا هيأ له جو يكتسب بواسطته ألوف الحسنات ليلا نهارا ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيمة دون أن ينقص من أجورهم شيء ) فهذا الإمام كلما دل أحد المصلين على سنة أو على حكم شرعي فاهتدى به المصلي كلما فعله كتب أجره لذلك الذي أرشده ؛ لكن ما عاد فيه رغبة في مثل هذه الأجور الآجلة بقدر ما عندهم من الرغبة في الأجور العاجلة ؛ لذلك فإمام المسجد لا يكاد تقام صلاة إلا بقول الله أكبر لا يأمر الناس بتسوية الصلاة لمثل هذين الحديثين الصحيحين ونحوهما وإن سمعت فهلا تسمعن حديثا لا أصل له ( استووا إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج ) حديث لا أصل له .
الحلبي : …
الشيخ : الميت ما يستحق العزاء ، حديث لا أصل له في كتب السنة إطلاقا ويعجب الإنسان كيف تشيع هذه الأحاديث ، هذه عندنا في الشام في سوريا مشهور هذا الحديث وجئت هنا وسمعته أيضا وهكذا ؛ فالأحاديث الصحيحة أماتوها والأحاديث التي لا أصل لها أحيوها وكذلك يفعلون بالسنن يمتونها ، وكل يوم بدعة جديدة ومن هذه البدع هذا الخيط ؛ إذا الخط هذا الذي يوضع في المسجد تارة يكون بدعة ضلالة وهذا قد عرفتم السبب تارة يكون من باب المصلحة المرسلة لتقويم القبلة لمسجد صفته كما ذكرنا لكم آنفا ؛ لكن الرضى بهذا الخيط في المسجد هذا المنحرف عن القبلة هذا أيضا لا يجوز ؛ لأنه يجب تقويم الجدار حتى الإنسان يستوي في صلاته إلى القبلة ؛ ثم نحن نلاحظ بعض الملاحظات يكون المسجد نسميه قطعتين داخلي وخارجي ، الداخلي يسمونه الحرم ، الساحة ساحة المسجد أو قسم ملحق بالمسجد ، فتجد الناس الذين يصلون في الداخل على الخيط على القبلة أما الناس الذين يصلون وراء منحرفين عن القبلة ما هو السبب ؟ لأن قبلتهم الجدار الذي أمامهم ، وهذا الجدار فاصل بين القسم الخارجي والقسم الداخلي ، فهم استقبلوا الجدار فتجد الذين داخل المسجد عم يصلوا هيك ، وهذا عم يصلي هيك ؛ لأن هذا مقتدي بالخيط والخيط قد وجه إلى القبلة وهذا مقتدي بالجدار يلي هو الجدار متأخر عن جدار القبلة السبب غفلة الناس وعدم انتباههم واعتمادهم على وسائل مادية مش خارجة من العقل ولا من اللب والقلب ؛ فأظن أنك عرفت أن المثال الذي أتيت به قد يكون تارة وسيلة شرعية في وقت محدد وحينئذ يدخل في باب المصالح المرسلة وتارة يكون من باب البدعة الضلالة التي اتفق العلماء على الحكم عليها ببدعيتها ؛ لأنهم وإن اختلفوا في كون هل يوجد في الإسلام بدعة حسنة أم لا لكنهم اتفقوا أن البدعة إذا كانت مخالفة للسنة فهي ضلالة ، هذه ما فيها خلاف إطلاقا لكن بدعة لا تخالف السنة مخالفة مباشرة وجد من قال مع الأسف أنها تكون بدعة حسنة ، إذا ما سميته أنت من العادات ثم أوضحت بأن لها صلة أحيانا ببعض العبادات هذه قد تدخل في باب المصالح المرسلة فتكون جائزة ولا تدخل فتكون بدعة ضلالة ؛ يالله يا كريم تفضل .