قال القاضي أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي اختلف العلماء في تخليلها على أربعة أقوال أحدها أنه لا يستحب قاله مالك
الثاني أنه يستحب قاله بن حبيب
الثالث أنها إن كانت خفيفة وجب إيصال الماء إليها وإن كانت كثيفة لم يجب ذلك قاله مالك عن عبد الوهاب
الرابع من علمائنا من قال يغسل ما قابل الذقن إيجابا وما وراءه استحبابا وفي تخليل اللحية في الجنابة روايتان عن مالك إحداهما أنه واجب وإن كثفت رواه بن وهب وروى بن القاسم وبن عبد الحكم سنة لأنها قد صارت في حكم الباطن كداخل العين ووجه آخر وهو قول أبي حنيفة والشافعي أن الفرض قد انتقل إلى الشعر بعد نباته كشعر الرأس انتهى كلام بن العربي
قال الشوكاني:وقد اختلف الناس في ذلك فذهب إلى وجوب ذلك في الوضوء والغسل العترة والحسن بن صالح وأبو ثور والظاهرية كذا في البحر واستدلوا بما وقع في أحاديث الباب بلفظ : ( هكذا أمرني ربي ) وذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي إلى أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء قال مالك وطائفة من أهل المدينة ولا في غسل الجنابة . وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والأوزاعي والليث وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري وأكثر أهل العلم : إن تخليل اللحية واجب في غسل الجنابة ولا يجب في الوضوء هكذا في شرح الترمذي لابن سيد الناس . قال وأظنهم فرقوا بين ذلك والله أعلم لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشر )
واستدلوا لعدم الوجوب في الوضوء بحديث ابن عباس المذكور في الباب الأول قال : وقد روي [ ص 186 ] عن ابن عباس وابن عمر وأنس وعلي وسعيد بن جبير وأبي قلابة ومجاهد وابن سيرين والضحاك وإبراهيم النخعي أنهم كانوا يخللون لحاهم . وممن روي عنه أنه كان لا يخلل إبراهيم النخعي والحسن وابن الحنفية وأبو العالية وأبو جعفر الهاشمي والشعبي ومجاهد والقاسم وابن أبي ليلى ذكر ذلك عنهم ابن أبي شيبة بأسانيده إليهم
والإنصاف أن أحاديث الباب بعد تسليم انتهاضها للاحتجاج وصلاحيتها للاستدلال لا تدل على الوجوب لأنها أفعال وما ورد في بعض الروايات من قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( هكذا أمرني ربي ) لا يفيد الوجوب على الأمة لظهوره في الاختصاص به وهو يتخرج على الخلاف المشهور في الأصول هل يعم الأمة ما كان ظاهر الاختصاص به أم لا والفرائض لا تثبت إلا بيقين والحكم على ما لم يفرضه الله بالفرضية كالحكم على ما فرضه بعدمها لا شك في ذلك لأن كل واحد منهما من التقول على الله بما لم يقل . ولا شك أن الغرفة الواحدة لا تكفي كث اللحية لغسل وجهه وتخليل لحيته ودفع ذلك كما قال بعضهم بالوجدان مكابرة منه نعم الاحتياط والأخذ بالأوثق لا شك في أولويته لكن بدون مجاراة على الحكم بالوجوب . انتهى
جـ: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:
يجب غسل ظاهر اللحية الكثيفة ولا يجب غسل باطنها ولا البشرة التي تحته ولكن يشرع تخليلها، قال النووي رحمه الله تعالى: لا خلاف في وجوب غسل اللحية الكثيفة ولا يجب غسل باطنها ولا البشرة التي تحته اتفاقا، وهو مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وقال ابن رشد : (هذا أمر لا أعلم فيه خلافا) انتهى. وأما اللحية الخفيفة التي تبين منها البشرة فإنه يجب غسل باطنها وظاهرها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
*/سئل الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان حفظه الله:ما حكم تخليل اللحية في الوضوء ؟ . أثابكم الله ونفع بعلمكم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فتخليل اللحية في الوضوء مشروع وذلك إذا كانت اللحية كثيفة وهي التي تستر البشرة ، فعن عثمان – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء . أخرجه الترمذي ، وصححه ابن خزيمة ونقل الحافظ » « تصحيح الحديث عن ابن حبان وابن خزيمة والحاكم ، وحسنه ابن الملقن » « وذكر له اثني عشر شاهداً وتكلم عليها ثم قال : ( فهذا اثنا عشر شاهداً لحديث عثمان رضي الله عنه ، فكيف لا يكون صحيحاً ؟ والأئمة قد صححوه ….. ثم ذكر عدداً ممن صحح الحديث ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز : ( والحق أن أحاديث التخليل يشد بعضها بعضاً ، وتدل على شرعية التخليل وأنه سنة ، وإن كان النبي لا يفعله دائماً …) .
وقال ابن القيم: ( وكان يخلل لحيته أحياناً ولم يكن يواظب على ذلك ..) .
فإذا فعله الإنسان تارة وتركه تارة كان ذلك أقرب إلى السنة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولأجل أن يعلم غيره أنه ليس بواجب ، والنفوس إذا اعتادت شيئاً قد تلزمه وتجعله واجباً ، فما حافظ عليه النبي صلى الله عليه وسلم نحافظ عليه ، وما فعله تارة وتركه تارة فكذلك نفعله تارة وندعه تارة ، وإذا كان الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى أن يستفيدوا من فعله صلى الله عليه وسلم وتركه فكذا الناس بعدهم بحاجة إلى أن يستفيدوا من فعل العلماء وطلبة العلم وأن يفرقوا بين ما كان واجباً وما كان غير واجب ..
أما اللحية الخفيفة التي لا تستر البشرة فهذه يجب غسلها وما تحتها من البشرة ، لأنها في حكم الظاهر فيدخل في قوله تعالى : ( فاغسلوا وجوهكم ) والوجه ما تحصل به المواجهة ، وما تحت اللحية إذا كان بادياً تحصل به المواجه فيدخل في حكم الوجه .
والله تعالى أعلم
بارك الله فيكم ونفع بكم أخي الحبيب رياض المطرفي
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا…
جزاك الله خيرا و بورك فيك