•
s
* ـ تعتبر الصعوبات في إطار عملية التعلم ظاهرة طبيعية، غير أن بعضها لم يؤخذ بعين الاعتبار ممّا يعمق معاناة المتعلم ويدفعه إلى الإخفاق الدراسي، لقد حاول الكثير من العلماء طرح أسئلة لتوضيح وتمييز صعوبة التعلم من الإخفاق الدراسي.
• على حد تعبير (ميريو 1987) Meirieu، ينمّي المتعلم الذي يعاني من صعوبات التعلم سلوكات لا تتعارض مع طريقة تدريس المعلم، كلاهما يلتقيان في فضاء مرجعي واحد وخطاب مشترك، ويقدمان نفس المعنى لنفس الأدوات والوضعيات، أمّا المتعلم الذي يعاني من إخفاق، فينمّي منطقاً من المعاني والتواصل مبتوراً عن المؤسسة الدراسية والمعلم، وبالتالي تصبح العلاقة صعبة للغاية طالما أنّ الهوّة بينهما قد اتّسعت.
• قبل ذلك لاحظ ربول 1980 Reboul أنّ المتعلم الذي يعاني من إخفاق، بإمكانه اكتساب معارف دون المساهمة في سيرورة العملية التعلمية، ومن ثمة يميز ربول بين الاكتساب والتعلم، بالنسبة لهذا الباحث عملية الاكتساب تتجسد من خلال قدرة المتعلم على إعادة المعرفة المكتسبة حرفياً في سياقها الحقيقي، تعود عليه بالفائدة وحده وفي آفاقه التطبيقية، أمّا التعلم بالمقابل، فهو القدرة على استعمال المعرفة في سياقات جديدة من خلال تكييفها إذا اقتضت الضرورة أو تجزئتها.
• تبيّن المقاربة الأكثر سوسيولوجية لهذا المفهوم أهمية التركيبة الاجتماعية بالإخفاق المدرسي، مهما كانت المؤشرات المستعملة فإنّ البحوث تبيّن أن أطفال الطبقات المحرومة أكثر عرضة للإخفاق الدراسي، أقام كلّ من (شارلو بوتيي Charlot Bautier وروشوكس Rochexs 1992) علاقة بين نقل المعارف الخاصة من المدرسة والمفهوم الذي يحمله أو لا يحمله هذا النقل عند المتعلمين، بحيث الثقافة لا تعتمد على نفس المعالم، إنّ الملاحظة المتبادلة للأمور غير المتجانسة، وتبادل الرؤى والتفاوض تبيّن أنّ المعلم من منظور تراكم المعارف يكون غير واضح ولا مفهوم من طرف طلبته الذين لا يقاسمونه نفس الأفكار والرؤى بالمقابل، المعلم الذي يرغب في فهم المسافات الثقافية التي تبعده عن غيره يكون مؤهلاً لتقديم الحلول المناسبة، هذه الفكرة تؤيد فرضية دور المعلم في العملية التعليمية التي تميل إلى جانب الوساطة أكثر منها إلى جانب التلقين، تؤكد التجربة السابقة أنّ الذي يميّز المتعلم في حالة الإخفاق هو تواجد مجموعة من الاختلالات والسلوكات المترابطة.
– تتواجد هذه الاختلالات التي يمكن ملاحظتها، في المقام الأول، في الحقل المعرفي والدراسي للمتعلم من خلال عدد محدود من الإجراءات المستعملة، الإيمان بأحادية المعرفة التطبيقية كوسيلة لإيجاد الحلول.
– في حين أن الإخفاق المعرفي تنجر عنه بسرعة اختلالات يمكن ملاحظتها من خلال سلوكات أخرى، بعضها لها علاقة بموقف التلميذ اتجاه العمل : إنجاز عمل بسرعة للتخلص منه، عدم الاهتمام، أو تحاشي العمل المراد إنجازه، التعبير عن إحساسه بالإخفاق قبل شروعه في النشاط.
– في الأخير، نسجل، غالباً، هذا التدهور الملاحظ عند المتعلم في حالة الإخفاق في مجال التواصل مع زملائه المتعلمين وكذلك مع المعلم، بالإضافة إلى سلسلة من العوائق المعرفية والشخصية، والعلائقية التي تحيط بالمتعلم وتشكّل تدريجياً انغلاقاً يصعب حلّه.
• ليست هناك خطوات خارقة تسمح بمنع المتعلم من الانغلاق في بوتقة الإخفاق، ومع ذلك من الممكن للأستاذ أن يتساءل عن جدوى طريقته المتبعة واستشارة زملائه وتبادل الآراء والأفكار معهم، واستفادة من آراء العالم التربوي ربول فإنّ كلّ أستاذ بإمكانه طرح سؤال بسيط حول إمكانية وضع المتعلمين، إمّا في مسار الاكتساب، أو في مسار التعلم، بتعبير آخر، هل منحنا للتلاميذ وسيلة للابتعاد عن المعرفة الملائمة، من أجل العمل على تأكيدها والتحاور بها مع زملائهم ؟ أو أنّ الأستاذ يجعل التلميذ حبيس المهام التطبيقية ؟ هذا يبين بالتأكيد، قدرة التلميذ في استرجاع المعرفة التي تلقاها، فالمعلم ينجز درساً في المقابل يقوم المتعلم بحلّ مسألة بما اكتسبه من المعلم.
• إذا أردنا أن نساعد متعلماً يعاني من صعوبة كي لا ينمّي سلوكات إخفاق، علينا أن نتساءل عن نوعية المهام المقترحة عليه وعن طريقة استغلاله لأعماله الكتابية، تأخذ هنا معالم المساعدة انطلاقاً من احتياجاته المعروفة كلّ معانيها، خلافاً للفكرة الشائعة، فإنّ اقتراح تمارين بسيطة للمتعلم الذي يعاني من صعوبة، أو إخفاق بغية مساعدته ليس هو الحلّ المناسب للخروج من هذه المشكلة، بل العكس من ذلك، يُعرّض هذا التلميذ إلى خطر الانغلاق في بوتقة الأسئلة والتمارين السهلة مما يؤدي به إلى الرتابة والجمود.
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا