في حدود تكشُّف المخطوبة للخاطب
السـؤال:
أرجو منكم أن تبيِّنوا لنا لباسَ المخطوبة الذي تدخل به على الخاطب عند الرؤية الشرعية، أي: هل يجب عليها أن تدخل عليه بالدِّرع والخمار والجِلباب, أم بالخمار والدِّرع, أم بالخمار وأحدِ فساتين البيت؟ وما هي المواضع التي تكشفها المخطوبة للخاطب؟ وجزاكم اللهُ كلَّ خيرٍ.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فيجوز للمخطوبة أن تبديَ للخاطب -في لباسها الشرعي الكامل- حدودَ أقلِّ ما قيل في جواز النظر، وهو: الوجه والكفان، وهذا القدر مُجمعٌ عليه بين أهل العلم؛ لأنه أجنبي عنها، وليس له أن يطالبَها بأزيدَ من ذلك؛ لأنها ليست مُكَلَّفَةً بالتكشُّف له، وإنما تعلَّق خطاب الشرع في النظر بالخاطب لا بالمخطوبة، لذلك يسعه أن ينظر إلى كلِّ ما يدعوه إلى نكاحها سواء بالاختباء لها بقصد النظر كما فعل جابرٌ بنُ عبدِ الله رضي الله عنهما حيث روى عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه قال: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ المَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ»، فقال: «فخطبتُ جاريةً فكنتُ أتخبَّأُ لها، حتى رأيتُ ما يدعوني إلى نكاحها وتزوُّجها، فتزوَّجْتُهَا»(١)، أو بالاستفسار عن محاسنها الزائدةِ عن الوجه والكفين بواسطة محارمه.
وانطلاقًا من النصوص الشرعية الآمرة بالنظر على وجه الاستحباب فلا يشترط استئذان المخطوبة أو استئذانُ وليِّها للنظر إليها، ولا يُشترط عِلمها بالنظر إليها؛ لأنَّ النصوص جاءت مُطلقةً بالإذن فيه من غير تقييدٍ، مثلُ قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»(٢)، وقولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئًا»(٣).
وعليه، فإنَّ له أن ينظرَ إليها بغَرَضِ الزواج مقدارَ الحاجة إلى الاقتناع بأهلِيَّتها وصلاحيتها بأن تكون زوجةً له، ولو أدَّى الأمرُ إلى تَكرُّر النظر تفاديًا لحصول الندم بعد الزواج، وإذا ما زالت الحاجة والعذرُ عاد الحَظْرُ، عملاً بالنصوص الشرعية المانعة من النظر إلى الأجنبية حتى يَعقِدَ عليها، وللمخطوبة بالمقابل أن تنظر إلى خاطِبها ما يعجبها منه، وحدودُ النظر إليه ليست قاصرةً على الوجه والكفين؛ لأنَّ عورةَ الرجل ما بين السُّرة والركبة.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.