سائل يسأل يقول : فضيلة الشيخ لماذا هذا العداء على الجهاد وتحريض على عدم الناس الذهاب إليه ؟! مع العلم أن الأمة الإسلامية محتاجة إلى الجهاد والأعداء لا يريدون الجهاد فلماذا نوافقهم ؟! وما معنى " ترهبون " وجزاك الله خيرا ؟
العلامة صالح الفوزان حفظه الله :
نحن نحب الجهاد ونرغب فيه لكن هذا ليس بجهاد ، قلنا إن هذا ليس بجهاد ! هذا تخريب قتل للنفوس بغير حق هذا جهاد !!! حتى نفسه يقتلها بغير حق هذا جهاد !! هذا ما هو بجهاد … الجهاد له أحكام له شروط له ضوابط يتولَّاه ولي أمر المسلمين ويدعو إليه ، حتى بنو إسرائيل : (( قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله )) { سورة البقرة الآية 246 } ما راحوا يقاتلون هم ! كل واحد أخذ سلاحه ! (( ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله )) يعني قائد طلبوه ممن ؟ من نبي لهم من ولي الأمر ، فالجهاد مرجعه – وهذا من الأحكام السلطانية – مرجعه لولي الأمر هو الذي يأمر به وهو الذي يتولَّاه ، وهو الذي يجند الجنود وهو الذي يعد الأسلحة ، وترهبون عدو الله ما قال ترهبون المسلمين أو ترهبون المعاهدين قال ترهبون به عدو الله وعدوكم . نعم .
// الشيخ : أبو عبد الله السعدي //
لَيس للمسلمين اليوم خَليفة يحكمهم، ولا أمِير مُسلم يَسوسهم ..
فالحُكام المُرتدون مِن العَرب والعَجم قد تسلطوا عَلى المسلمين فِي بلادهم كُلها، والله المستعان.
إلاَّ أنَّ قَوما مَخذولين يُحاولون أن يُلَبِّسوا عَلى النَّاس دِينهم ..
فكلما سَعى سَاع مِن المسلمين إلى أرض يُجاهد فِيها أعداء الله قالوا له: لا بد من إذن الإمام !! فأضَلوا كَثيرا وضَلُّوا عَن سَواء السَّبيل..
ومِنهم مَن يتفَنَّن فِي الافتراء عَلى الله فَيزعُم أنَّ مَن خَرج للجهاد اليَوم بغير إذن إمَامه – الطَّاغوت طَبعًا – فَقتل فإنَّه يَموت عَاصِيًا غير شَهيد!
وهَذا مِن أبطل الأبَاطِيل، فإن هؤلاء الحُكَّام الذين يَشترط الجَهلة إذنُهم
أم كَيف يستأذنون في جِهاد أسيادهم مِن الكُفَّار اليَهُود أو النَّصَارى ..؟
فمن وجب عَليه الجِهاد مِن المُسلمين اليوم لم يَجب عَليه استئذان الطَّاغوت الذي يُسمى في بلده بالإمام زُورًا وبُهتَانًا.
وما ذكره السَّلف والفقهاء رَحمهم الله مِن وُجوب استئذان الإمَام في الجِهاد فَمعَاذ الله أن يَكون فِي حَقِّ هَؤلاء الطَّواغيت وأمثَالُهم، وإنَّما هُو فِي حَقِّ الإمَام المُسلم الذِي لَزمت طَاعَتُه، ووجبت بَيعتُه، فالأصل حِينئِذٍ وُجُوب استئذانِه في الجِهاد لِمَا في ذلك مِن الإعانة عَلى تحقيق مَقاصد الإمَامة التي أرَادها الشَّرع.
قاَل تَعالى:{يَا أيُّها الذِين آمَنوا أطِيعوا الله وأطِيعوا الرَّسُول وأولي الأمر مِنكم}
[النساء /59] وهَذا عَام فِي كُلِّ أمر.
قاَل صلى الله عَليه وسلم: { لا يَحل لثلاثة يَكونون بفلاة مِن الأرض إلا أمروا عَليهم أحدهم}.
قال ابن تَيمية رَحمه الله تَعليقا عَلى هذا الحديث: { أوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الوَاحد في الاجتماع القَليل العَارض في السَّفر تنبيها بِذلك عَلى سَائر أنواع الاجتماع. ولأن الله تَعالى أوجب الأمر بالمعروف والنَّهي عَن المُنكر ولا يَتم ذلك إلا بِقوة وإمَارة. وكَذلك سَائر مَا أوجبه مِن الجِهاد والعَدل وإقامة الحَج والجَمع والأعياد ونُصر المَظلوم. وإقامَة الحُدود لا تَتِم إلا بالقوة والإمَارة} [1].
وأمَر الجهاد أولى وأوجب بأن ينصب لَه أمير تُلزم طَاعته، ويُستأذن في تَفاصيل الجِهاد، قاَل ابن قدامة رحمه الله: { وأمر الجهاد مَوكُول إلى الإمام واجتِهَاده , ويَلزم الرَّعية طَاعته فِيمَا يَراه مِن ذلك } [2].
ومَع ذلك فإن إذن الإمَام لا يشترط ولا يَجب في حَالات، مِنها:
1) إذا تَعذر استئذان الإمام إمَّا لِبُعد المَسافة كَما حصل في غَزوة مُؤتة لما استشهد الأمَراء الثَّلاثة – جَعفر وزيد وابن رواحة رَضي الله عنهم – إذ تَولى الإمَارة خَالد بن الوَليد رضي الله عنه مِن غير استئذان مِنَ النبي صلى الله عليه وسلم.
وكَذلك إذا خَشي فَوات العَدو لم يلزم استئذان الإمام، كَما حصل مِن سَلمة بن الأكوع حِين أغَارت غطفان عَلى إبل النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقاتلهم سَلمة رضي الله عنه لِوحدِه حَتى استنقذ الإبل دُون إذنٍ مِن النَّبي صلى الله عليه وسلم، والقصة فِي صَحيح مُسلم.
2) إذا تَرك الإمَام المُسلم الجهاد خَوفًا أو جُبنًا أو انشغالا بِمَلذَّاتِه وشَهَواته،
قال تعالى: {فَقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} [النساء/84].
قال ابن حزم {كَما يغزى مَع الإمام ويغزو المَرء أهل الكُفر وحدَه إن قَدر} [3].
فَفي مِثل هَذه الحَالات لا يَجوز تَرك الجِهاد الوَاجب لأجل إذن الإمَام، أمَّا إذا عَدم الإمام كَما هُو الحال اليَوم حَيث لا يُوجد إمَام مُسلم يَحكم بلدا مِن البلاد، والله المُستعان فلا يُعطل الجِهاد انتظارا لِوجُود الإمَام، ولا يعلق الجِهاد بإذن هَؤلاء الحُكام الطَّواغيت بَل يَقوم كُل مُسلم بمَا يقدر عَليه مِن الجهاد، فإن اجتمع جَماعة على هَذا الهدف – الجهاد في سبيل الله – وجب عَليهم أن يُؤمروا أمِيرا تلزمهم طَاعته واستئذانه عَلى التفصيل السَّابق.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله ردا على من اشترط الإمام في الجهاد: {بأي كِتاب، أم بِأية حُجة أن الجِهاد لا يَجب إلا مَع إمام مُتبع؟! هَذا مِن الفرية عَلى الدِّين، والعُدول عَن سبيل المؤمنين، والأدلة عَلى إبطال هَذا القول أشهر مِن أن تذكر، مِن ذلك عموم الأمر بالجهَاد، والترغيب فِيه، والوُعيد في تَركه… العبر والأدلة على بطلان ما ألفته، كثير في الكتاب والسنة، والسير، والأخبار، وأقوال أهل العِلم بالأدلة والآثار، لا تَكاد تَخفى على البليد، إذا عَلم بقصة أبِي بَصير، لما جَاء مُهَاجرًا فطلبت قُريش مِن رَسول الله صَلىَّ الله عَليه وسلم أن يَرده إليهم، بالشَّرط الذي كَان بينهم في صُلح الحديبية، فانفلت مِنهم حين قُتل المشركين، اللذين أتيا في طلبه، فرجع إلى الساحل لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل أمه مُسعر حَرب لو كان مَعه غَيره"، فتعرض لعِير قُريش – إذا أقبلت مِن الشام – يَأخذ ويقتل، فاستقل بحربهم دُون رَسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كَانوا مَعه في صلح – القصة بطولها – فَهل قَال رَسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأتم فِي قتال قُريش لأنَّكم لَستم مَع إمام؟ سُبحان الله مَا أعظم مَضرة الجَهل عَلى أهلِه؟ عِياذا بالله مِن مُعارضة الحَق بالجَهل والبَاطل، قَال الله تعالى: {شَرع لكم مِن الدِّين مَا وصَّى بِه نُوحَا والذِي أوحينَا إليك}}
[4] اهـ.
والحَمد لله رب العالمين
—————————————————–
2) المغني 9-7423
3) المحلى 5- 929
4) الدرر السنية
جزاك الله خيرا على الموضوع
وحفظ الله الشيخ العلامة الفوزان الناصح الأمين
mchkooooooooooooooooooooooooooooor
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا على الموضوع
وحفظ الله الشيخ العلامة الفوزان الناصح الأمين |
اخي زيتوني و حفظ الله العالم الكبير الشيخ الفوزان… وأسأله تعالى أن ينفع به.
بارك الله أخي الوادعي و الخوارج أخزاهم الله لا يتبعون إلا أهواءهم
جزاكم الله على هذه الدرر
وجزى الله شيخنا الجليل على هذه الفتوى