الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، أما بعد:
فاتقوا الله – عباد الله – واستعدوا لما أمامكم؛ فإن هول المطلع شديد، خذوا من حياتكم لموتكم، خذوا من صحتكم لمرضكم، خذوا من فراغكم لشغلكم ومن غناكم لفقركم، استعدوا – رحمكم الله – للقبر وظلمته وضمته، وللحشر وكربه وشدته، وللصراط ودقته .. يقول الحسن البصري – رحمه الله – أيها الناس! احذروا التسويف، فإني سمعت بعض الصالحين يقول: نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب، ثم لا نتوب حتى نموت …
أيها المسلم والمسلمة ..التسويف هو عدو الإنسان الذي يريد الصلاح والارتقاء والتقدم، وهو سلاح من أسلحة الشيطان يصرف به الناس عن الخير، ويقعد بهم في زوايا الخمول ..ومن ترك المبادرة اليوم وارتمى في أحضان (سوف) وقع فريسة لأسدين عظيمين: أحدهما تراكم ظلمة المعصية على قلبه حتى تصير رينا وطبعا وأقفالا يستحيل معها الشفاء والثاني أن يباغته الموت فتضيع فرصة للنجاة، لذا صاح فيك الصاحب شرف الدين الأنصاري:
دع التسويف وامض إلى المعالي … بعزم من ذباب السيف أمضى
وخذ في الجد وارفض من أباه … من الأهلين والإخوان رفضا
وأصغ لما أشرت به فإني … صحبتك منه كأس النصح محضا
أيها الإخوة المسلمون: إن من أعظم الصوارف التي تصرف المسلم عن التغيير: التسويف وطول الأمل، وتأجيل البدء في عملية التغيير إلى مستقبل الأيام، هذه هي العقبة التي تحول بين المسلم وبين المبادرة بالأعمال الصالحة، فالحذر الحذر من التسويف.
يا من اشتكى قلبه ..أوجع الألم حرقة الندم، ومن راقه طعم الأماني فاته أسمى المعالي، ومن أقلقه خوف الهلاك هجر أرجو وسوف وعسى، ومن أيقن أن الأماني تنقص العقل عافت نفسه كل تأخير؛ وعلم أن المرء كلما كبر صعبت عليه المحاولة، ذلك أنه ليس أشد من فطام الكبير، ومن العناء رياضة الهرم ..
كم عمرك الآن؟!
وفي ضوء نشاطك أو كسلك، ومبادرتك أو تقاعسك، وانتباهتك أو غفلتك تستطيع أن تحدد عمرك الحقيقي اليوم، وأعني بذلك عمرك المحسوب بميزان الإيمان لا بذاكرة الأيام، وبحساب الكرام البررة لا بسجلات موظف الحي الذي تسكنه وهو ما قال به ابن القيم: "فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبا في حياته وإن عاش عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير له من حياته، وإذا كان العبد – وهو في الصلاة – ليس له من صلاته إلا ما عقل منها، فليس له من عمره إلا ما كان فيه بالله ولله "..
قال يوسف بن أسباط: كتب إلي محمد بن سمرة السائح بهذه الرسالة:
أي أخي، إياك وتأمير التسويف على نفسك، وإمكانه من قلبك؛ فإنه محل الكلال، وموئل التلف، وبه تقطع الآمال، وفيه تنقطع الآجال.
وبادر يا أخي فإنك مبادر بك، وأسرع فإنك مسروع بك، وجد فإن الأمر جد، وتيقظ من رقدتك، وانتبه من غفلتك، وتذكر ما أسلفت وقصرت وفرطت وجنيت وعملت، فإنه مثبت محصى، فكأنك بالأمر قد بغتك فاغتبطت بما قدمت، أو ندمت على ما فرطت ..
أسأل الله – عز وجل – أن يوفقنا جميعا لهداه، وأن يأخذ بنواصينا للبر والتقوى، أسأله – سبحانه وتعالى – أن ييسرنا لليسرى، وأن يجنبنا العسرى؛ أسأله – سبحانه وتعالى – أن يجعل حياتنا معمورة بذكره وطاعته وحسن عبادته ..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم..
بارك الله فيك على المشاكة القيمة
بارك الله فيك
*** جزاك الله الف خير ***
السلام عليكم
بارك الله فيك و جزاك خيرا و جعله في ميزان حسناتك إن شاءالله
بارك الله فيك وجزاك الله عنا خيرا
دع التسويف وامض إلى المعالي … بعزم من ذباب السيف أمضى
وخذ في الجد وارفض من أباه … من الأهلين والإخوان رفضا
وأصغ لما أشرت به فإني … صحبتك منه كأس النصح محضا
بارك الله فيك على الموضوع القيم.
بارك الله فيك