مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز
لا يجوز للأولياء التساهل في أمور الدين
س 183 : من المؤسف أن بعض أولياء الأمور يتساهلون في مسائل تعد من الأهمية بمكان وذلك كالتقوى وكالصلاة وكإقامة شعائر الإسلام ، بينما يتمسكون بأمور أخرى لعل لسماحتكم في هذا وجهة نظر ، ومن ذلك تكون البنت مخطوبة لابن عمها والواقع ليس كذلك ، بل يقولون هي موقوفة لابن عمها ولا يجوز لأحد أن يتزوجها من الخارج ، فما توجيهكم حول هذا الأمر يا سماحة الشيخ ؟
ج : التساهل بأمور الدين ؛ كالصلاة والزكاة والصيام والحج ، أو بالمعاصي ؛ كالزنا والربا وشرب المسكر وغير ذلك من المعاصي ، أو بر الوالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر خطير ، وليس للأولياء ولا غيرهم التساهل بأمور الدين .
وإن وقع التساهل من بعض الناس ؛ لضعف دينه وإيمانه وقلة تقواه حيث يتساهل في أمور الدين ويشدد في أمور أخرى ؛ مجاراة لجماعته وقبيلته وهذا من ضعف الإيمان فمثل هذا لا تفيد به الموعظة . كأن يقول : إن بنتي تبقى لابن عمها أو
(20/425)
——————————————————————————–
أختي تبقى لابن عمها . وهذا ظلم وغلط ومنكر . والواجب على الولي تزويج موليته إذا خطبها الكفء ولو من غير أقاربها ؛ لقول الله سبحانه : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (1) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض » (2) ، بل يجب تزويجها على الكفء الذي ترضاه . ولو كان من غير أقاربها ولا يجوز إجبارها على التزوج بمن لا ترضاه ولو كان كفؤا من أقاربها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن " ، قالوا : يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال : " أن تسكت » (3) (4) ، متفق على صحته ، وقال عليه الصلاة والسلام : « البكر يستأذنها أبوها وإذنها صمتها والأيم أحق بنفسها من وليها » (5) ، وبذلك يعلم أن الأب ليس له أن يجبرها على من
__________
(1) سورة الحجرات الآية 13
(2) رواه الترمذي في ( النكاح ) باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه برقم ( 1084 ) .
(3) صحيح البخاري النكاح (4843),سنن الترمذي النكاح (1107),سنن النسائي النكاح (3265),سنن أبو داود النكاح (2092),سنن ابن ماجه النكاح (1871),مسند أحمد بن حنبل (2/434),سنن الدارمي النكاح (2186).
(4) رواه البخاري في ( النكاح ) باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم ( 5136 ) ومسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1419 ) .
(5) رواه مسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1421 ) .
(20/426)
——————————————————————————–
لا ترضى ، وإن كانت بكرا فلا يجوز إجبار البكر ولا الثيب ، بل يجب استئذانهما وأخذ موافقتهما . والثيب تنطق وتقول : نعم ، والبكر يكفي سكوتها ؛ للأحاديث المذكورة . والواجب أن يختار لها وليها الرجل الصالح ولو كان من غير قبيلتها . حتى ولو كان غير قبيلي ، أي غير عربي ولو كان عجميا إذا كان ذا دين وخلق ، قال الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (1) وإذا كانت قبيلته لا ترضى بذلك أو يخشى من أذى في ذلك ، فعليه أن يلتمس من قبيلتها أو من القبائل العربية المعروفة من يرضى دينه وخلقه ؛ لقول الله سبحانه : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (2) وقوله سبحانه : { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } (3) ومعلوم أن البنت والأخت ونحوهما أمانة يجب على الولي أن يرعاهما حق رعايتهما . وذلك بالتعليم والتوجيه إلى الخير والتماس الزوج الصالح ولو من غير قبيلته ، والله الموفق .
__________
(1) سورة الحجرات الآية 13
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة المؤمنون الآية 8
(20/427)
——————————————————————————–