أبناؤنا.. كيف نساعدهم ليحققوا أحلامهم؟
طفل يذاكر عندما نريد أن نعبر الطريق بأبنائنا نأخذ بأيديهم بعفوية، وبحرص شديد وحب؛ لنقيهم شر السيارات المسرعة وتهور السائقين.
والطرق التي نريد أن نعبرها مع الأبناء في هذه الحياة كثيرة؛ بل عليهم أن يتعلموا أن يعبروها بمفردهم.. ربما نأخذ بأيديهم في البداية، ثم نراقبهم عن قُرب.. ثم عن بُعد.. ثم نتركهم لمعترك الحياة وحدهم يجربون ما تعلموه؛ ليحققوا ما حلموا به معنا، أو وحدهم.
تدريب الأبناء على وضع الأهداف ورسم خطة التنفيذ يُعَدّ من أهم ما قد نقدمه لهم؛ لعدة أسباب، منها:
إن تعليم الصغار التخطيط ورسم الأهداف يجعلهم في المقدمة، ومن تعلَّم أن يكون في المقدمة لا يرضى إلا أن يكون كذلك، كما أن تعليم الصغار التفكير في المستقبل والتخطيط ووضع الأهداف الصغيرة ثم الكبيرة يجعلهم يستشعرون الهدف من وجودهم في هذه الحياة، ويجعل للحياة لديهم طعماً مختلفاً؛ كما أنه يملأ وقتهم بالمفيد، ويبعدهم عن ملء وقت فراغهم بما لا يفيد، ولقد وُجِد أن الأطفال الذين يحملون في داخلهم أهدافاً، سواء كانت دينية أو أكاديمية أو رياضية فإنهم ينجزون بشكل أفضل من الأطفال غيرهم الذين لا يعرفون إستراتيجية وضع الأهداف، وذلك لأن النجاح دائماً ما يكون مرادفاً للأشخاص الذين لديهم أهداف.
– تعليم الصغار وضع الأهداف والتعامل معها ضمن خطة زمنية ينظم حياتهم ووقتهم؛ بل يعطيهم وقتاً أكثر لممارسة هوايتهم والتمتع بأوقات لعبهم، كما أنه يعلمهم تطوير مهاراتهم المختلفة، مثل: تعلُّم رياضة معينة، أو حرفة.
صياغة الأهداف
لا تقتصر الفائدة من تعليم الصغار صياغة أهدافهم والعمل على تحقيقها على النقاط السابقة، بل إن من فوائد هذا التدريب أنه يكسبهم الثقة بالنفس، فهم يرون أنهم أشخاص قادرون على تحقيق إنجاز معين إذا أخلصوا فيه، وخططوا له مسبقاً، وهذا أمر أصبح ضرورياً في هذا الزمن.
تدريب الصغار على إنجاز هدف معين خلال وقت محدد يعلِّمهم معنى وأهمية الوقت، بل سيجعلهم يشعرون بمروره السريع فسيحرصون عليه، فحين تخبرهم أن عليهم أن يكونوا جاهزين خلال نصف ساعة يفهمون بالضبط ماذا يعني هذا؟
ما هي صفات الأهداف؟
أهداف الصغار تختلف بشكل واضح عن أهداف البالغين، وهي قد تتطور معهم أو تأخذ أشكالاً أخرى كلما تقدم بهم الزمن، وكلما تعلموا أشياء أكثر واكتسبوا خبرة أكبر. و لهذا كان لابد أن نبدأ معهم بأهداف بسيطة؛ فالمهم أن يتعلموا مفهوم وضع الأهداف، وأهميته لحياتهم.
الهدف يجب أن يكون منطقياً مناسباً لعمر الطفل، ويمكن للطفل إنجازه في زمن مناسب، ويمكن تقسيمه إلى خطوات سهلة، كما يجب أن نبتعد عن الإلحاح والمناقشة المستمرة التي قد تضرّ أكثر مما تنفع.
بعض الأهداف يمكن أن تتحقق، مثل إنهاء الواجب المدرسي خلال زمن معين، أو كتابة موضوع قصير عمّا مرّ عليه في يومه، أوالقيام بتمرين رياضي معيّن.
علينا كآباء أن نأخذ بأيدي أبنائنا، ونجهّزهم لمرحلة البلوغ والنضج، وإذا أردنا منهم أن يحققوا النجاح والاستقرار في المستقبل فلابد وأن يكونوا قد تدربوا مسبقاً بوضع أهداف في خمسة مجالات مهمة:
1- أهداف دينية: مثل الفوز برضا الله والجنة.
2- أهداف أكاديمية أو علمية: مثل الحصول على شهادة أو درجة أو حرفة معينة.
3- أهداف صحية: العيش بشكل صحي، ولياقة بدنية.
4- أهداف اقتصادية: كيفية التعامل مع المال بالشكل الصحيح.
5- أهداف شخصية: كيفية تطوير الذات والارتفاع بهمتها.
كيف نساعدهم؟
العقل آله عجيبة الخلق – سبحان مَنْ سوّاها – فهي تستجيب لما نقوم بالتركيز فيه، وهذا ما يجعل وضع الأهداف والتفكير فيها أداة مهمة في يد الإنسان صغيراً كان أم كبيراً.
هناك أمران يجب أن نلاحظهما عندما ندرب الصغار على وضع أهدافهم:
أحدهما: أن تكون العملية ممتعة يتخللها اللعب والمرح والتلوين.
الآخر: الوجود مع الصغير، ومساعدته؛ فهو يحب أن تكون هناك علاقة مقربة بينه وبين والديه.
فيما يلي سنقدم بعض المقترحات للوالدين لتحقيق الهدف الذي كتب من أجله هذا المقال، وهو مساعدة الصغار على تحقيق أحلامهم وصياغة أهدافهم:
1- مساعدة الأبناء في وصف أهدافهم، والتحدث عنها، ومن ثمَّ تدوينها على شكل جداول أو رسومات.
2- من الممكن أن يكون الجدول الزمني لتنفيذ الهدف الذي تكتبه مع الأبناء، أو الذي يكتبونه بأنفسهم على شكل رسمة «دَرَج» (سُلّم) متدرج يُعلّق في مكان واضح للطفل.
3- من المهم أن يتم ربط أنشطة الطفل بالساعة، فمثلاً يعرف متى يذهب للنوم، أو متى يستيقظ.. متى يبدأ الدراسة، أو متى ينتهي من اللعب؟ ومتى وقت الصلاة؟
4- إذا قام الأبناء بوضع أهدافهم بأنفسهم فسيكون لديهم حافز أكبر لتحقيقها.
5- التشجيع والمساندة وتقديم المساعدة تبني الثقة بالنفس لدى الصغار.
6- متابعة إنجاز الصغار أمر مهم، ومشاركتهم فرحة الوصول الى آخر خطوات تنفيذ الهدف هو عبارة عن الانتقال إلى المحطة الأولى لتحقيق هدف جديد ثان؛ فالحياة سلسلة من الأهداف.
7- أي إنسان صغيراً كان أم كبيراً يجب أن يدرك حقيقة مهمة، وهي أن كل فرد شخصية فريدة، سواء جسدياً أو فكرياً أو في الهدف الذي خلق من أجله؛ ولهذا عليه أولاً أن يحب نفسه ويقدرها، ويضعها في المكان اللائق بها، وإذا وصل الفرد منا إلى هذا المفهوم فسيكون له بالتالي أهداف في كل نواحي حياته. والطفل سيدرك هذه المعاني إذا بدأنا في شرحها له بصورة مبسطة قريبة من تفكيره.
8- الصداقة بين الأبناء ووالديهم أمر في غاية الأهمية؛ فهي تكسر الحواجز وتجعل من السهل على الطفل أن يلجأ لوالديه في الوقت الذي تختلط الأمور أمامه، أو عندما يشعر بعدم قدرته على تحقيق أحلامه.
9- إذا شعر الطفل بمدى اهتمام والديه بما يدرسه في المدرسة، وبواجباته، وبفهم الحقائق العلمية التي يتعلمها سيبدي اهتماماً أكبر بما يدرسه؛ بل ستكون له أهداف أكبر، وسوف يتفوق بما يقوم، وسيشعر بقيمة ما يدرسه وما ينجزه.
10- تحدث معهم دائماً عما يريدون أن يقوموا به في المستقبل، وعما يريدون أن ينجزوه، أو عن نوع العمل الذي يريدون أن يمتهنوه، وإذا كانت لديك صورة واضحة فساعدهم بما تستطيع لتحقيق هذه الأهداف.
11- كثيراً ما ينسى الصغار أمر الأهداف وإنجازها؛ ولذلك فإن متابعة الوالدين لهم ستشعرهم أنهم يجب أن يقوموا بعمل ما حتى يصلوا لأهدافهم، كما أن عليهم تقييم المراحل التي وصلوا إليها حتى يصلوا للنهاية.
12- أثناء تحقيق الأبناء لأهدافهم لا تبحث عن أخطائهم لتلومهم عليها؛ بل توقف معهم، ودعهم يتعلمون من تلك الأخطاء الصغيرة.. شجعْهم، وادفعْهم للعمل ولا تلُمهم، أو تجعلهم دائماً يبررون لك أخطاءهم.
13- تحدث معهم عن تجاربك، ليس فقط الناجحة، ولكن كل تجاربك.. وعلّمهم أن الحياة تأتي بجميع الأشكال، وعلينا أن نتعامل مع ذلك، وطالما أن هدفنا واضح أمامنا، فنحن وإن تأخرنا قليلاً في الوصول إليه لأي سبب فسنصل إليه في النهاية بمشيئة الله.>
تدريب الأبناء على وضع الأهداف ورسم خطة التنفيذ من أهم ما يقدمه الوالدان لهم
من المهم ربط أنشطة الطفل بـ«الساعة» ليعرف أوقات النوم والاستيقاظ والصلاة والدراسة واللعب
يجب ألاّ نلوم الأطفال على أخطائهم في تحقيق الأهداف
مخاوف في صياغة الأهداف
لا ترغب في صياغة أهدافك لأنك:
1- لا ترى أن هناك أسباباً وجيهة لوضع الأسباب.
2- لا ترى كيف أن الأهداف يمكن أن تساعدك.
3- لا تملك الوقت الكافي.
4- ترى أنه أمر يصعب القيام به.
5- تخاف من الفشل، أو من عدم تحقيق الهدف.
6- لا تأخذ أمر صياغة الأهداف بجدية كافية.
الأسباب التي تقف وراء هذه المخاوف:
1- لا تقوم بكتابة أهدافك.
2- أنت إنسان غير واقعي.
3- لا يوجد لديك الحافز الجيد الذي يدفعك للحياة المثمرة.
4- ليس لديك خطة، ولا خطوات تنفيذية واضحة.
5- غير قادر على التركيز في عمل معين.
6- هدفك، وخطة التنفيذ غير مرنة.
إذا تغلبت على النقاط السابقة فستختفي مخاوفك، وستبدأ في ممارسة حياتك وتحقيق أحلامك بشكل ممتع.