وكان السلف رحمهم الله والصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم يخصون شهر رمضان بمزيد من الاهتمام بتلاوة القرآن، فكانوا يجتمعون في المساجد ويحضرون المصاحف ويقرؤون القرآن في هذا الشهر العظيم، كان جبريل عليه السلام ينزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ويتدارسه القرآن كل ليلة، مما يدل على أهمية تلاوة القرآن في هذا الشهر العظيم، ليجتمع في ذلك فضل التلاوة وفضل الوقت الذي هو الشهر العظيم، وأهم شيء قراءة بتدبر، تفهم معانيه على حسب ما يؤتي الله العبد من الفهم؛ ولكن كل يفهم من القرآن بقدر ما منَّ الله عليه ولا أحد لا يفهم شيء من القرآن أبدا لأن القرآن كلام الله وهو أفصح الكلام، وهو باللغة العربية فيفهم الإنسان من القرآن بقدر ما أتاه الله من الفهم، لكن في الشأن الذي يتلوه بحضور قلب وتدبر لما يتلوا، تفهم معانيه، مراجعة كتب التفسير، سؤال أهل العلم عن ما أشكل عليه من معاني القرآن الكريم حتى يحصل له فضل التلاوة وفضل التدبر: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)، (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)، (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ)، (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، فالقراءة بالتدبر وليس المقصود أن الإنسان يمر على الآيات أو يختم القرآن بدون تدبر، كل إنسان ينظر ماذا خرج به بعد تلاوة القرآن؟ هل فهم شيئا؟ يحاسب نفسه يراجع نفسه هذا هو المقصود.
ثم المرحلة الثالثة بعد التلاوة والتدبر العمل، العمل بالقرآن فإن الذي يقرأ القرآن ولا يعمل به يكون القرآن خصما له يوم القيامة، يكون القرآن حجة عليه، الذي يقرأ القرآن ولا يتدبره ولا يعمل به فإنه يكون القرآن حجة عليه يوم القيامة، لأنه بلغته حجة القرآن ولم يعمل بها قامت عليه الحجة، فما هو عذره عند الله سبحانه وتعالى؟
كان الصحابة لا يتجاوزون عشر آيات إذا حفظوها حتى يتعلموا معانيها والعمل بها، قال: تعلم القرآن والعلم والعمل جميعا، هذا شأن المؤمن مع القرآن الكريم لاسيما في رمضان المبارك، السلف كانوا يكثرون من تلاوة القرآن في شهر رمضان أكثر من غيره منهم من يختمه كل ليلة، منهم من يختمه لليلتين، منهم من يختمه لثلاث، منهم من يختمه لسبع، منهم من يختمه لعشر، فكانوا يكثرون من ختم القرآن لاسيما في صلاة الليل وفي غير رمضان كانوا دائما مع القرآن لهم ورد من الليل، طول السنة كل واحد له ورد من الليل يقرأ فيه ما تيسر من القرآن حتى يختم القرآن هكذا كانت حالة السلف وأهل العلم.
و قال حفظه الله أيضا:
" الله سبحانه و تعالى أنزل هذا القرآن ليقرأ و يعمل به ..لم ينزله ليجعل في كتب و مصاحف و يحفظ في الرفوف و في الدواليب ..و إنما يتلى ليلا و نهارا ، في كل الأحوال المتيسرة ، يتلوه المسلم . و قد ذكر العلماء ، و قد كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يحزبون القرآن ، يحزبونه على الليالي لقيام الليل . فمنهم من يقرئه في ثلاث ليال و منهم من يقرئه في سبع ليال و منهم من يقرئه في عشر ليال و آخر حد لتحزيب القرآن في ثلاثين يوما ..كل يوم يقرأ جزء من القرآن ..لا يمر عليه اليوم و الليلة إلا و قد قرأ جزءا من القرآن ..هذا آخر حد ..و إذا قرأ أكثر من ذلك فهذا أفضل ..في عشر ، في ثلاث ، في سبع..هذا أفضل ..لكن إذا مر عليه شهر و لم يختم القرآن فهذا جفاء ..هذا جفاء و هجر للقرآن. هجر القرآن أنواع منها هجر التلاوة و منها هجر العمل بالقرآن .."
سئل العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله:ما هي أطول مدة لختم القرآن الكريم؟
ليس له مدة محدودة، وأحسن ما يفعل في ذلك ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص لما سأله عن كيفية قراءة القرآن؟ وأخبره عبدالله أنه يختم في كل يوم ويصوم الدهر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصوم ويفطر، وأن ينام ويقوم، وأن يختم في كل شهر قائلاً: (إن لنفسك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، فأعطِ كل ذي حق حقه) واستزاده عبدالله فانتهى معه إلى أسبوع، قال: اقرأه في كل أسبوع كل سبعة أيام، فأفضل ما يقرأه في سبعة أيام، وإن زاد فلا حرج، في شهر في عشرين في أكثر، وأقل ما يقرأه في ثلاثة أيام كما في الحديث، لا يتفقه في القرآن أو (لا يفقهه من قرأه في أقل من ثلاث) أو كما قال عليه صلاة والسلام، فإذا اعتاد الإنسان أن يقرأه في سبع كما كان كثير من الصحابة يفعلون ذلك كانوا يحزبونه سبعة أحزاب، ويختمون كل أسبوع، هكذا كان جمع من صحابة رضي الله عنهم، يوم البقرة وآل عمران والنساء، واليوم الثاني المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة، وهكذا، حتى يكملوا ….. ثلاثاً خمساً سبعاً تسعاً إحدى عشرة ثلاثة عشرة، والحزب السابع حزب المفصل (ق، والقرآن المجيد) إلى آخره، هذا من عمل جملة من الصحابة وهو عمل طيب، وفيه تيسير وعدم مشقة، وإن قرأه في شهر أو في عشرين يوم أو في أكثر فله أجر، والحمد لله.
بارك الله فيك على نقل تلك النصائح القيمة ومشاركة إخوانك إياها
زادكم الله علما وهداكم إلى العمل به إن شاء الله
آمين و اياكم
من لم يختم القرآن في ثلاثين يوما
السؤال هل هو حقيقة أن من لم يختم القرآن في ثلاثين يوما يعتبر هاجرا للقرآن؟
الجواب:يشرع للمسلم الإكثار من تلاوة كتاب الله جل وعلا؛ لقوله تعالى: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} ، ويشرع أن لا يتجاوز في ختمه للقرآن شهرا؛ لفعل السلف، ولكن لو ختمه في أكثر من شهر لا يعد هاجرا لتلاوة القرآن.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (13408)
عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
|
شكرا لك على المعلومات و رمضان كريم