السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
إخواني أخواتي يسعدني أن اكتب لكم هذه القصة و التي هي من أجمل ما قرأت قصة بنت خير البشر عليه الصلاة و السلام
**زينب بنت الرسول**
سأنقلها لكم حرفيا كما هي عندي أتمنى أن تنال إعجابكم و تترك فيكم نفس الأثر الذي تركته في حيث ستجدون أنفسكم تعيشون في ذاك الزمان و كان الإحداث تجري أمامكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
بسم الله الرحمان الرحيــــــــــــم
تقول عائشة رضي الله عنها:
رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يجلس الحسن و الحسين على فخذيه ، و فاطمة الزهراء عن يمينه ، و عليا على يساره ثم تلا قوله تعالى:
{{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا }}
زينب بنت النبي
الجزء الاول
تزوج محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد قبل البعثة المحمدية بخمسة عشر عاما…
فأنجبت له ((القاسم و عبد الله )) … و ماتا و هما طفلان الأول قبل البعثة ، و الثاني عام الهجرة.
ثم أنجبت له زينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة
ولما بلغت زينب سن الثانية عشرة تلفتت نحوها أنظار الشبان من إشراف قريش…
لقد كانت زينب رائعة الجمال و الحسن ، تهفو إليها القلوب ،و ترنو إليها الرغبات .
فكم شريف من أشراف قريش تطلعت إليها نفسه ، و تمنى أن تكون زوجة له .
وليس ذلك عجيبا ،فهي صبية جميلة الخلق و الخُلق ،و هي بنت محمد بن عبد الله ، الحسيب النسيب ، الشريف أبا و أما ، و الذي عظمته قريش و كرمته حتى لقبته بالأمين.
و أمها هي خديجة بنت خويلد ، اشرف امرأة في قريش ،و أجمل نساء مكة ، وأكرمهن سيرة وسمعة ، وأعظمهن حسبا ونسبا .
وكان لخديجة ابن أخت لها يسمى ((العاص بن الربيع )) ، وهو شاب فريشي أصيل ، له مكانة مرموقة بين شباب العرب ، كما كان له سمعة طيبة و سلوك مجيد ، و مروءة كريمة يعرفها أهل مكة ، و يذكرونها دائما بالمدح و الإعجاب .
* * *
كان العاص بن الربيع ذا مال وفير ، و ثروة واسعة اكتسبها من التجارة بين مكة و الشام و اليمن و العراق . لقد كان تاجرا صادقا أمينا ، و كان ذكيا لبقا في معاملة الناس ة التجار..
لهذا كان معظم تجار مكة يعهدون إليه بأموالهم في التجارة ، و يأتمنونه على بضائعهم و أموالهم ، و بذلك اكتسب بينهم مكانة عظيمة ، و احتراما و تقديرا .
وكانت خالته خديجة تقدر فيه هذه المزايا ،و تخصه بكثير من الحب و العطف ، و كانت دار خديجة هي المأوى الذي يأوي إليه العاص بن الربيع كلما قدم إلى مكة من سفر بعيد أو قريب .
وكانت خديجة تستقبله في دارها مرحبة به كولدها الوحيد ، و كانت تعينه بآرائها و أفكارها ، و تشير عليه بما يفيده في حل المشاكل التي تصادفه في الحياة .
و كان محمد بن عبد الله زوج خديجة يرحب به حين يراه في داره ،و يستقبله بالبشر و الترحاب ، و يسمح له في الحين بعد الحين أن يرى بناته و يتحدث إليهن .
و لم لا ؟ إن العاص بن الربيع لم يكن غريبا عن محمد بن عبد الله ، فهما يلتقيان في الجد الثالث ((قصي)) ، و هو بهذا قريشي أصيل ، كريم الحسب ، ينتهي نسبه إلى محمد زوج خديجة ووالد زينب ، كما أنه ابن ((هالة)) أخت خديجة أبا و أما .
* * *
تكررت زيارات بن العاص لدار خديجة ، وتكرر لقاؤه مع بنات خالته زينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة؟
و أحس العاص أن شيئا يجذبه نحو زينب ، الأخت الكبرى كلما رآها أو تحدث معها ، و إن كان ذلك نادرا جدا .. ذلك لأن زينب كانت ما تزال صبية تخطو قدماها رو يدا رويدا إلى طلائع الشباب ، فوق ما كانت عليه من الحياء و الخشية و الانزواء.
و لم يكن العاص أكثر شجاعة من زينب.
فهو شاب حيي ٌ خجول ، ذو رقة و أدب هادئ و طبع لطيف.. و هو مع ذلك مكتمل الرجولة ، حسن الهيئة ، نابض بالقوة و الشباب .
و هكذا.. كلما تكررت زيارة العاص لدار خالته خديجة..كلما نما شعوره و تيقظ إحساسه بالحنين و الرغبة و الميل العفيف نحو زينب ابنة خالته.
لقد أصبحت زينب في حياته كل شيء، فهو يتذكرها و هو في سفره، و يحن إلى رؤيتها كلما أشرقت الشمس أو غربت.
لقد أصبحت زينب تملأ فراغ قلبه ، و تندي قفر حياته و تنظر آماله التي يتمناها في القرب منها ، و الفوز بها دون الناس أجمعين.
و لعل ابنة خالته زينب كانت تحس هذا الشعور في ابن خالتها فتتحرك عواطفها نحوه ن و يتيقظ إحساسها نحو ما يضمر لها من الحب و الإعزاز.
أما خالته خديجة ..و هي السيدة التي جربت الحياة ، و عرفت الحب و تذوقته ، فقد أحست من أول لحظة ما يعانيه ابن أختها .. و ما يضمره من إحساس نحو ابنتها زينب .. و ما يفكر فيه من أمال و أحلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الجزء الأول
في انتظار ردودكم العطرة لطرح الجزء الثاني
تحياتي **رشا**
الجزء الثاني
عاد العاص بن الربيع من سفر بعيد ، فدخل على خالته خديجة في صباح يوم من الأيام ، و على وجهه علامات التعب و الإرهاق ..
و ارتاعت خديجة لمظهره و قالت له :
ماذا بك يا ابن أختي ؟ إن في ملامحك أثار التفكير و الإرهاق !!
و لم يجب العاص ..و لكنه انزوى في ناحية من الدار، و أطرق إلى الأرض، و راح في صمت عميق !!
واقتربت منه خالته و قالت له في حنان:
أتخفي في نفسك أمرا يا ابن أختي ؟
و هنا تشجع و قال في صوت خفيض :
يا خالتي ..: أنت تعلمين من أنا ..و تعلمين كذلك مكانة ((زينب )) عندي ، و مدى إعزازي لها ..
قالت خالته : أعلم ذلك يا لبن الأخت .. و ماذا تريد ؟
قال العاص :
تزوجيني ((زينب)) !!
قالت خالته :
إن شباب بني هاشم يتهافتون على زينب منذ أن أصبحت صبية !!
و أن بعضهم يقدم لها أعظم المهور و أغلى الهدايا ..
وانتفض العاص انتفاضة اهتز لها كل جسمه و صاح :
و هل خطبها أحد منهم يا خالتي ؟
و ابتسمت و قالت في رقة و عطف :
يا ابن أختي :
لقد شعرت منذ سنين بمدى شعورك نحو ابنتي ((زينب )) و أدركت أن لها في قلبك مكانا عزيزا ، و منزلة غالية !!
لهذا رددت الخطاب من أشراف بني هاشم ، و استصغرت ما قدموا فيها من المهور و الهدايا !
سمع ابن الربيع كلام خالته ، فغمره الفرح و البهجة و صاح : و أنا يا خالتي ؟؟
فقاطعته خالته و قالت :لا تقل كلمة واحدة قبل أن تفاتح أباها محمدا في الأمر !!
و توجع العاص و قال :
يا خالتي : أنا لا استطيع مفاتحة أبيها في أمري .. إنني أخشاه و أتهيبه !!
إنني كلما أراه أتضاءل و أفنى أمام عظمته و جلاله !!
قالت خديجة:سوف أعفيك من هذا ، و سأفاتحه أنا في هذا الشأن !!
بعد أسبوع من هذا الحديث ، عاد ابن الربيع إلى خالته خديجة ، فقالت له :
لقد كلمت أباها في شأنك فقال :
أن العاص بن الربيع قريب لنا و ابن قريب ..و نعم الشاب ..و نعم النسيب!!
كاد العاص بن الربيع يطير من الفرح حين سمع هذا الثناء …و قدم لزينب أغلى المهور و قامت خالته بشراء الملابس و العطور استعدادا للزواج !
ثم زفت زينب إلى ابن خالتها العاص بن الربيع ، بين مظاهر الابتهاج و الفرح ، و قد قدمت خديجة إلى ابنتها زينب قلادة ثمينة هدية لها في زواجها السعيد !!
* * *
عاش الزوجان سعيدين ، و أنجبا ولدا اسمه ((علي )) و بنتا اسمها ((أمامه )).
ثم تزوجت أختا زينب رقية و أم كلثوم من ابني عمهما أبي لهب ((عتبة و عتيبة )) و لم يبق في دار خديجة سوى ابنتها الصغرى فاطمة .
ثم هبط الوحي على محمد في غار حراء بالرسالة المحمدية الكريمة ، فأصبح رسول الله إلى قومه..
من ذلك الحين بدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم يكافح و يناضل ضد المشركين في سبيل نشر رسالته .. رسالة الإسلام العظيم !!
و آمن بمحمد أول من آمن خديجة زوجته ، و علي بن أبي طالب ، و بناته جميعا و على رأسهن زينب زوجة العاص بن الربيع !!
و بدأت قريش تعادي النبي صلى الله عليه و سلم و تضع في طريقه العقبات ، و تلحق به الأذى و الاضطهاد !!
و كان من أبرز هذه العداوة أن ((أم جميل )) زوجة ((أبي لهب )) أرغمت ولديها على رد رقية و أم كلثوم إلى أبيهما ، إذ لا ينبغي أن يصاهر ولداها رجلا مثل محمد صلى الله عليه و سلم يسفه دينهم و يحتقر آلهتهم و يدعوهم إلى دين آخر غير دينهم و دين آبائهم الأولين !!
نهاية الجزء الثاني
في انتظار ردودكم العطرة لطرح الجزءالثالث
تحياتي **رشا**
كان العاص بن الربيع في سفر طويل ، فلما عاد إلى مكة و دخل داره ، أبصر زوجته زينب تصلي ، و تقرأ بعض آيات القرآن من القرآن ، فوقف مبهوتا و عيناه تحدقان في زوجته تحديقا مخيفا ..!!
فلما فرغت زينب من الصلاة صاح فيها :
ماذا تصنعين يا زينب ؟
قالت : أصلي صلاة المسلمين !!
قال زوجها في غضب :
و هل أسلمت يا زينب ؟
قالت : نعم .. أسلمت و آمنت بمحمد رسول الله !!
قال الزوج : و كيف تسلمين دون إذن مني ؟
قالت زينب : أي إذن يا زوجي ؟
إن محمدا هو أبي ..و قد آمنت به ، و اتبعت دينه ، و عرفت أنه الدين الصحيح الذي يهدي إلى الرشاد ، و يخرج الناس من الظلمات إلى النور ؟
سمع الزوج حديث زوجته فركبه الغم و الهم .. و أقبل على ولديه ((علي و أمامة )) يضمهما إلى صدره ، و يقبلهما في حرارة و شوق !!
و سادت لحظات من الصمت بين الزوجين ، قالت زينب بعدها :
يا زوجي !! و ابن خالتي :
هل فكرت أن تسلم كما أسلمت ، و أن تؤمن بأن محمدا هو رسول الله ؟؟!
و أجاب الزوج في صوت تخنقه العبرات !
يا زينب ، يا ابنة خالتي :
إن قريشا لا ترضى أبدا أن تترك دينها و دين آبائها ..و أنا واحد من قريش !! بل واحد من سادتها و أشرافها .. فكيف تريدين مني أن أخرج عليهم و أترك ديني لأدخل في دين أبيك الجديد ؟!
قالت زينب :
لقد دخل في الإسلام عدد من سادات قريش و أشرافها .. منهم أبو بكر و عمر و عثمان و الزبير بن العوام و سعد بن أبي وقاص ..!!
و هؤلاء جميعا مشهود لهم بالزعامة و الشرف و سلامة التفكير و صحة الرأي .. أفلا تريد يا زوجي أن تكون واحدا من هؤلاء الأعلام السابقين في الإسلام ؟
سمع الزوج كلام زوجته زينب ، فأطرق إلى الأرض في حزن أليم !!
و بعد لحظات من الصمت الحزين ، رفع وجهه إلى زوجته و قال :
يا زوجتي و ابنة خالتي :
أنا لا أضمر لأبيك حقدا ، و لا أعتبره لي عدوا كما تعتبره قريش ..
و لكني لا أستطيع أن أدخل في دينه الجديد خوفا من ملامة قريش و عتابهم و تحقيرهم لشأني .
قالت زينب : و كيف يحقرون شأنك حين تترك عبادة الأصنام و تؤمن بالله خالق السماوات و الأرض ؟
قال الزوج : ستقول قريش أنني تركت دين آبائي و دخلت في الإسلام من أجل زوجتي … و هذا على نفسي شاق و أليم !!
قالت زينب :
إن ديني يخالف دينك الآن ..! و سوف أعيش معك في الدار ، و لكن .. في حجرة خاصة !! أرعى ولدي و أقوم على خدمتهما ، و أرعى حقوقك كأب لولدي ، و كابن خالتي العزيز !!
لم يجب الزوج بكلمة واحدة ، و لكنه كتم في صدره آلاما مضنية ، و عذابا مريرا .. ذلك أنه يحب زوجته و أولاده حبا عميقا .. و لا يستطيع عنهما بعدا أو فراقا !!
لقد عامل الزوج زوجته معاملة كريمة بعد أن أسلمت و أصبحت على دين يخالف دينه ، فهو لم يقصر أبدا في واجب من واجباتها كزوجة و ابنة خالة له ..!
لقد كان في نفسه صراع عنيف !!
صراع بين حبه لزوجته وولديه ، و بين دينه و دين زوجته الجديد .. و لكنه تماسك و صبر صبر الرجل الشهم الكريم !
نهاية الجزء الثالث
في انتظار ردودكم العطرة لطرح الجزء الرابع
تحياتي **رشا*