تخطى إلى المحتوى

قال ابن القيم الجوزية : عن العشق 2024.

  • بواسطة

قال ابن القيم الجوزية في مؤلفه المشهور الجواب الكافي لمن سال عن الدواء الشافي :

فإن قيل : قد ذكرتم آفات العشق ومضاره ومفاسده ، فهلا ذكرتم منافعه وفوائده التي من جملتها : رقة الطبع ، وترويح النفس وخفتها ، وزوال ثقلها ورياضتها ، وحملها على مكارم الأخلاق ، من الشجاعة ، والكرم ، والمروءة ، ورقة الحاشية ، ولطف الجانب .

[ ص: 219 ] وقد قيل ليحيى بن معاذ الرازي : إن ابنك قد عشق فلانة ، فقال : الحمد لله الذي صيره إلى طبع الآدمي .

وقال بعضهم : العشق دواء أفئدة الكرام .

وقال غيره : العشق لا يصلح إلا لذي مروءة ظاهرة ، وخليقة طاهرة ، أو لذي لسان فاضل ، وإحسان كامل ، أو لذي أدب بارع ، وحسب ناصع .

وقال آخر : العشق يشجع جنان الجبان ، ويصفي ذهن الغبي ، ويسخي كف البخيل ، ويذل عزة الملوك ، ويسكن نوافر الأخلاق ، وهو أنيس من لا أنيس له ، وجليس من لا جليس له .


وقال بعض العشاق أولو العفة والصيانة : عفوا تشرفوا ، واعشقوا تظفروا .

وقيل لبعض العشاق : ما كنت تصنع لو ظفرت بمن تهوى ؟ فقال : كنت أمتع طرفي بوجهه ، وأروح قلبي بذكره وحديثه ، وأستر منه ما لا يحب كشفه ، ولا أصير بقبيح الفعل إلى ما ينقض عهده ، ثم أنشد :

أخلو به فأعف عنه تكرما خوف الديانة لست من عشاقه
كالماء في يد صائم يلتذه ظمأ فيصبر عن لذيذ مذاقه

وقال أبو إسحاق بن إبراهيم : أرواح العشاق عطرة لطيفة ، وأبدانهم رقيقة خفيفة ، نزهتهم المؤانسة ، وكلامهم يحيي موات القلوب ، ويزيد في العقول ، ولولا العشق والهوى لبطل نعيم الدنيا .

وقال آخر : العشق للأرواح بمنزلة الغذاء للأبدان ، إن تركته ضرك ، وإن أكثرت منه قتلك ، وفي ذلك قيل :

خليلي إن الحب فيه لذاذة وفيه شقاء دائم وكروب
على ذاك ما عيش يطيب بغيره ولا عيش إلا بالحبيب يطيب
ولا خير في الدنيا بغير صبابة ولا في نعيم ليس فيه حبيب

المشكلة ليست في الحب والعشق وفطرة الرجل التي خلقه الله عليها اتجاه المراة ..بل المشكلة في جيل اخر زمن الذي شوه كل هاته المعاني السامية وداس على الاخضر واليابس.

لو كنا ناخذ بالقليل من علم ابن القيم لما كان حال شبابنا كما نسمع ونرى…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.