الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثرَ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ»(١- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صوم شعبان: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، وعن أُمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: «كَانَ لاَ يَصُوم فِي السَنَةِ شَهْرًا تامًّا إِلاَّ شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»(٢- أخرجه أبو داود كتاب «الصوم»، باب فيمن يصل شعبان برمضان: (2/521)، والترمذي كتاب «الصوم»، باب وصال شعبان برمضان: (736)، وأحمد: (6/311)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «صحيح أبي داود»: (2336)).
ويُحمَل صيام الشهر كُلِّه على معظمه؛ لأنَّ «الأَكْثَرَ يَقُومُ مَقَامَ الكُلِّ»، وإن كان اللفظ مجازًا قليلَ الاستعمال والأصلُ الحقيقة، إلاَّ أنَّ الصارف عنها إلى المعنى المجازي هو ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَآله وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»(٣- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صوم شعبان: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، من حديث عائشة رضي الله عنها). وعنها رضي الله عنها قالت: «وَلاَ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ مُنْذُ قَدِمَ المدينَةَ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٤- أخرجه مسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، والنسائي كتاب «الصيام»: (2349)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، ويؤيِّده حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٥- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم وإفطاره: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1157)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما).
والحكمة في إكثاره صَلَّى الله عليه وآله وسلم من صوم شعبان؛ لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى وكان النبيُّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم يحب أن يُرفع عمله وهو صائم، كما ثبت من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله: لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(٦- أخرجه النسائي كتاب «الصيام»، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم: (2357)، وأحمد: (5/201)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه. والحديث حسّنه الألباني في «الإرواء»: (4/103)).
ولا يُمنع أن تكون أيام التطوُّع التي اشتغل عن صيامها لسفرٍ أو لعارضٍ أو لمانعٍ اجتمعت عليه فيقضي صومَها في شعبان رجاءَ رفع عمله وهو صائم، وقد يجد الصائم في شعبان -بعد اعتياده- حلاوةَ الصيام ولذَّتَه فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط وتكون النفس قد ارتاضت على طاعة الرحمن(٧- انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب: (135)).
هذا، وينتفي التعارض بالجمع بين الأحاديث الدالَّة على مشروعية صوم معظم شعبان واستحبابه وما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلاَ تَصُومُوا حَتَى يَكُونَ رَمَضَان»(٨- أخرجه أبو داود كتاب «الصوم»، باب في كراهية ذلك: (2/521)، والترمذي كتاب «الصوم»، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان: (738)، وابن ماجه كتاب «الصيام»، باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم إلا من صام صوما فوافقه: (1651)، وأحمد: (2/442)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (397))، وكذلك النهي عن تقدُّم رمضان بصوم يومٍ أو يومين في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْم»(٩- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين: (1/457)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/483)، رقم: (1082)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
فيُدفع التعارض بما ورد من الاستثناء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بقوله: «إِلاَّ أَنْ يَكونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَه فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْم»، أي: إلاَّ أن يوافق صومًا معتادًا(١٠- انظر: «المجموع» للنووي: (6/400))، كمن اعتاد صوم التطوُّع: كصوم الاثنين والخميس، أو صيامِ داود: يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو صومِ ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وعليه فإنَّ النهي يحمل على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده(١١- انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (4/215)، و«سبل السلام» للصنعاني: (2/349))، أي: من صيام التطوع.
ويُلحق بهذا المعنى: القضاءُ والكفارة والنذر سواء كان مطلقًا أو مقيَّدًا إلحاقًا أولويًّا لوجوبها؛ ذلك لأنَّ الأدلة قطعية على وجوب القضاء والكفارة والوفاء بالنذر، وقد تقرَّر-أصوليًا- أنَّ القطعي لا يُبطِلُ الظني ولا يعارضه(١٢- انظر عدم تعارض القطعي مع الظني في: «شرح الممتع» للشيرازي: (2/951950)، «الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي: (1/215)، «المنهاج» للباجي: (120)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي: (421)).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثرَ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ»(١- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صوم شعبان: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، وعن أُمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: «كَانَ لاَ يَصُوم فِي السَنَةِ شَهْرًا تامًّا إِلاَّ شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»(٢- أخرجه أبو داود كتاب «الصوم»، باب فيمن يصل شعبان برمضان: (2/521)، والترمذي كتاب «الصوم»، باب وصال شعبان برمضان: (736)، وأحمد: (6/311)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «صحيح أبي داود»: (2336)).
ويُحمَل صيام الشهر كُلِّه على معظمه؛ لأنَّ «الأَكْثَرَ يَقُومُ مَقَامَ الكُلِّ»، وإن كان اللفظ مجازًا قليلَ الاستعمال والأصلُ الحقيقة، إلاَّ أنَّ الصارف عنها إلى المعنى المجازي هو ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَآله وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»(٣- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صوم شعبان: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، من حديث عائشة رضي الله عنها). وعنها رضي الله عنها قالت: «وَلاَ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ مُنْذُ قَدِمَ المدينَةَ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٤- أخرجه مسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، والنسائي كتاب «الصيام»: (2349)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، ويؤيِّده حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٥- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم وإفطاره: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1157)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما).
والحكمة في إكثاره صَلَّى الله عليه وآله وسلم من صوم شعبان؛ لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى وكان النبيُّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم يحب أن يُرفع عمله وهو صائم، كما ثبت من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله: لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(٦- أخرجه النسائي كتاب «الصيام»، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم: (2357)، وأحمد: (5/201)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه. والحديث حسّنه الألباني في «الإرواء»: (4/103)).
ولا يُمنع أن تكون أيام التطوُّع التي اشتغل عن صيامها لسفرٍ أو لعارضٍ أو لمانعٍ اجتمعت عليه فيقضي صومَها في شعبان رجاءَ رفع عمله وهو صائم، وقد يجد الصائم في شعبان -بعد اعتياده- حلاوةَ الصيام ولذَّتَه فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط وتكون النفس قد ارتاضت على طاعة الرحمن(٧- انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب: (135)).
هذا، وينتفي التعارض بالجمع بين الأحاديث الدالَّة على مشروعية صوم معظم شعبان واستحبابه وما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلاَ تَصُومُوا حَتَى يَكُونَ رَمَضَان»(٨- أخرجه أبو داود كتاب «الصوم»، باب في كراهية ذلك: (2/521)، والترمذي كتاب «الصوم»، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان: (738)، وابن ماجه كتاب «الصيام»، باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم إلا من صام صوما فوافقه: (1651)، وأحمد: (2/442)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (397))، وكذلك النهي عن تقدُّم رمضان بصوم يومٍ أو يومين في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْم»(٩- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين: (1/457)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/483)، رقم: (1082)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
فيُدفع التعارض بما ورد من الاستثناء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بقوله: «إِلاَّ أَنْ يَكونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَه فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْم»، أي: إلاَّ أن يوافق صومًا معتادًا(١٠- انظر: «المجموع» للنووي: (6/400))، كمن اعتاد صوم التطوُّع: كصوم الاثنين والخميس، أو صيامِ داود: يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو صومِ ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وعليه فإنَّ النهي يحمل على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده(١١- انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (4/215)، و«سبل السلام» للصنعاني: (2/349))، أي: من صيام التطوع.
ويُلحق بهذا المعنى: القضاءُ والكفارة والنذر سواء كان مطلقًا أو مقيَّدًا إلحاقًا أولويًّا لوجوبها؛ ذلك لأنَّ الأدلة قطعية على وجوب القضاء والكفارة والوفاء بالنذر، وقد تقرَّر-أصوليًا- أنَّ القطعي لا يُبطِلُ الظني ولا يعارضه(١٢- انظر عدم تعارض القطعي مع الظني في: «شرح الممتع» للشيرازي: (2/951950)، «الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي: (1/215)، «المنهاج» للباجي: (120)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي: (421)).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
عن موقع فركوس ..
شكرااااااا على ما قدمت بارك الله فيك