بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فهذه فائدة رواها الإمام البزازي في المناقب، عن إمام المحدثي: محمد بن إسماعيل البخاري، صحاب الصحيح المشهور:
الرجل لا يصير محدثا كاملا إلا أن يكسب أربعا مع أربع ، كأربع مع أربع ، في أربع عند أربع ، بأربع على أربع ، عن أربع لأربع ، وهذه الرباعيات لا تتم إلا بأربع مع أربع ، فإذا تمت له كلها هانت عليه أربع وابتلي بأربع ، فإذا صبر أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع وأثابه في الآخرة بأربع .
أما الأولى فأخبار الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وشرائعه ، وأخبار الصحابة ومقاديرهم ، والتابعين وأحوالهم ، وسائر العلماء وتواريخهم .
مع أربع : أسماء رجالهم وكناهم وأمكنتهم وأزمنتهم .
كأربع : التحميد مع الخطب ، والدعاء مع الترسل ، والتسمية مع السورة ، والتكبير مع الصلوات .
مع أربع : المسندات والمرسلات والموقوفات والمقطوعات .
في أربع : في صغره ، في إدراكه ، في شبابه ، في كهولته .
عند أربع : عند شغله ، عند فراغه ، عند فقره ، عند [ ص: 127 ] غناه .
بأربع : بالجبال ، بالبحار ، بالبراري ، بالبلدان .
على أربع : على الحجارة ، على الأخزاف ، على الجلود ، على الأكتاف إلى الوقت الذي يمكن نقلها إلى الأوراق .
عن أربع : عمن هو فوقه ، ودونه ، ومثله ، وعن كتاب أبيه إذا علم أنه خطه .
لأربع : لوجه الله تعالى ، ورضاه وللعمل به إن وافق كتاب الله تعالى ، ولنشرها بين طالبيها ، ولإحياء ذكره بعد موته .
ثم لا تتم له هذه الأشياء إلا بأربع من كسب العبد وهي : معرفة الكتابة واللغة والصرف والنحو .
من أربع من عطاء الله تعالى : الصحة والقدرة والحرص والحفظ .
فإذا تمت له هذه الأشياء هانت عليه أربع : الأهل والولد والمال والوطن .
وابتلي بأربع : بشماتة الأعداء وملامة الأصدقاء وطعن الجهال وحسد العلماء .
فإذا صبر أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع : بعز القناعة وهيبة النفس ولذة العلم وحياة الأبد .
وأثابه في الآخرة بأربع : بالشفاعة لمن أراد من إخوانه بظل العرش حيث لا ظل إلا ظله والشرب من الكوثر وجوار النبيين في أعلى عليين .
فإن لم يطق احتمال هذه المشاق فعليه بالفقه الذي يمكنه تعلمه وهو في بيته قار ساكن لا يحتاج إلى بعد أسفار ووطء ديار وركوب بحار ، وهو مع ذلك ثمرة الحديث ، وليس ثواب الفقيه وعزه أقل من ثواب المحدث وعزه ( انتهى ) .
فائدة قيّمة: قال في آخر المصفى : إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفينا في الفروع ، يجب علينا أن نجيب بأن مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفينا خطأ يحتمل [ ص: 128 ] الصواب ; لأنك لو قطعت القول لما صح قولنا إن المجتهد يخطئ ويصيب .
وإذا سئلنا عن معتقدنا ومعتقد خصومنا في العقائد يجب علينا أن نقول : الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا .
هكذا نقل عن المشايخ رحمهم الله تعالى ( انتهى ) .
بارك الله فيك