السلام عليكم ورحمة ألله وبركاته
عوائق القرب من الله
هناك ثلاثة عوائق تمنعك من القرب من الله:
أولها:
الشهوة التي تحول بينك وبين القرب من الله.
ثانيها:
سوء الظن بالله.
ثالثها:
الشيطان الذي أخذ على نفسه العهد أن يبعدك من الله عز وجل.
فأما الشهوة:
فهي لذة ساعة وألم دهر.. شهوة اللهو واللعب الذي وصف الله عز وجل به هذه الحياة الدنيا أنها لهو ولعب،
ولكن كم من أجساد لهت ولعبت وهي الآن تتقلب في عذاب القبور!
وكم من أجساد لهت ولعبت ترى الآن الضنك في ضيق القبور!
وكم من أناس الآن تضيق عليهم اللحود، هؤلاء يتمنون لحظة واحدة من ذكر الله وطاعته.
لن تعرف قيمة هذه الحياة ولا حقيقة هذه الشهوة التي دعت إلى معصية الله،
إلا إذا جاء وقت فراق هذه الحياة،
ولن تجد ندماً أصدق من ندم الإنسان إذا ودع هذه الحياة،
وسيعرف الإنسان حقيقة الشهوة التي هي أول العوائق إذا فارق الحياة،
وبمجرد أن تأتي لحظة الفراق تبكي بكاء الندم، ويقول الإنسان -ولو كان صالحاً-:
رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ
[المؤمنون:99-100]
يتمنى -ولو كان صالحاً- أن يرجع؛ لكي يزيد من صحيفة العمل،
ولا يغتر الإنسان ويقول:
إن هذه الساعة بعيدة؛ لأنه شباب، فكم من حوادث أخذت أناساً في عز الشباب وزهرته،
وشدة النشوة واكتمال العمر، ولذلك ينبغي للإنسان أن يعرف حقيقة هذه الشهوة، والله عز وجل لم يحرمنا من الشهوة،
ولا منعنا من اللذة، بل جعل للشهوة موضعاً ومكاناً معيناً، أميناً سليماً نقياً،
ولا يأذن لك أن تضع الشهوة في غير هذا المكان.
أما الأمر الثاني من العوائق فهو:
سوء الظن بالله،
وبعض الناس إذا قلت له:
أقبل على الله!
يقول لك: يا أخي!
لماذا تضيق عليّ؟!
دعني أتمتع بالحياة!
دعني أسهر وأتمتع بسهري،
وأذهب وآتي وأتمتع بذهابي دون قيود أو حدود!
يحس أن الحياة الضنكة والأليمة إذا اقترب من الله!!
فوالله ثم والله!
أنه لا أطيب من القرب من الله!
ومن أراد أن يجدد لذة القرب من الله فليزدد من طاعة الله عز وجل،
وليزدد من الصالحات، وليزدد من الأعمال التي تحبب إلى الله عز وجل، وتدعوه إلى مرضاته؛
حتى يحس ساعتها بلذة العبودية لله تبارك وتعالى.
أما الأمر الثالث الذي يعيق الإنسان عن طاعة الله ومحبته فهو:
الشيطان الرجيم
وهذا الشيطان على نوعين:
شيطان إنس،
وشيطان جن
فمن أراد القرب من الله عز وجل فعليه أن يفر من شياطين الإنس وشياطين الجن،
أما شياطين الإنس فهم الذين يزهدون في طاعة الله، وييئسون الإنسان ويقنطونه من رحمة الله،
فينبغي للإنسان ألا يصغي إليهم،
وليعلم أن الصديق الصادق في محبته ومودته وخلته، هو الذي يهدي إليه عيوبه، ويدعوه إلى محبة ربه وذل العبودية لخالقه.
وأما شيطان الجن فهي الوساوس التي يقذفها في قلب الإنسان، ويقول له:
انتظر فلا زال في العمر بقية،
ولا تعجل، وتمتع بهذه الحياة، تمتع بالشهوات فيها، واسهر ما شئت من الليالي، وافعل ما شئت من لذات هذه الحياة،
فإن الحياة طويلة، ولا يزال يمنيه ويسليه حتى يسلمه إلى عاقبة الردى،
نسأل الله جل وعلا أن يعصمنا وإياكم من ذلك.
من شريط (الحياة الطيبة)
للشيخ محمد مختار الشنقيطي
https://www.djelfa.info/watch?v=YN4A5…eature=related
………………………………………
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الصالحين والصالحات.
واشهد أن لا إله إلا الله وحده فاطر الأرض والسماوات.
و أشهد أن سيدنا ونبينا محمد رسوله المصطفى والمجتبى لخير الرسالات.
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم تتفطر فيه الأرض والسماوات.
أما بعد …. فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وفي بداية هذا الحديث أسأل الله العظيم أن يجزي الأخوة الفضلاء الذين تسببوا في هذا اللقاء بخير وأفضل ما يكون به الأجر والجزاء.
وأسأله تعالى أن يجعل هذا الاجتماع اجتماعا مرحوما وأن يوفقنا فيه إلى القول السديد والعمل الصالح الرشيد.
أيها الأحبة في الله:
الحديثُ عن الحياةَ الطيبة هو الحديثُ الذي ينبغي أن يعيشه كلُ وحدٍ منا.
الحياةُ إما للإنسان وإما عليه، تمرُ ساعتُها ولحظٌاتها وأيامُها وأعوامُها تمرُ على الإنسان فتقودُه إلى المحبةِ والرضوان حتى يكونَ من أهل الفوز والجنان.
أو تمرُ عليه فتقوده إلى النيران والى غضب الواحدِ الديان.
الحياة إما أن تضحكك ساعةً لتبكيك دهرا، وإما أن تبكيك ساعة لتضحكك دهرا.
الحياة إما نعمةٌ للإنسان أو نقمةٌ عليه.
هذه الحياةُ التي عاشها الأولون، وعاشها الأباء والأجداد، وعاشها السابقون فصاروا إلى الله عز وجل بما كانوا يفعلون.
الحياةُ معناها كلُ لحظةٍ تعيشُها وكلُ ساعةٍ تقضيها، ونحن في هذه اللحظة نعيشُ حياةً إما لنا وإما علينا.
فالرجلُ الموفقُ السعيد من نظر في هذه الحياة وعرف حقها وقدرها فهي والله حياةُ طالما أبكت أناسً فما جفت دموعهم، وطالما أضحكت أناسً فما رُدت عليهم ضحكاتِهم ولا سرورُهم:
الحياة أحبتي في الله جعلها الله ابتلاء واختبارا، وامتحاناً تظهر فيه حقائقُ العباد ففائزٌ برحمةِ الله سعيد، ومحرومٌ من رضوانُ الله شقيٌ طريد.
كلُ ساعةٍ تعيشُها إما أن يكونَ اللهُ راضٍ عنك في هذه الساعةِ التي عشتها، وإما العكس والعياذُ بالله.
فإما أن تقربَك من الله وإما أن تبعدَك من الله، وقد تعيشُ لحظةً واحدةً من لحظاتِ حبِ وطاعةِ الله تُغفرُ بها سيئاتُ الحياة، وتُغفرُ بها ذنوبُ العُمر.
وقد تعيشُ لحظةُ واحدةٍ تتنكبُ فيها عن صراط الله وتبتعدُ فيها عن طاعة الله تكونُ سبباً في شقاء الإنسانِ حياتَهُ كلَها (نسأل الله السلامةَ والعافية).
وهذه الحياة فيها داعيان:
داع إلى رحمة الله وداع إلى رضوان الله وداع إلى محبة الله.
وأما الداعي الثاني فهو داع إلى ضدِ ذلك.
شهوةُ أمارةُ بالسوء، أو نزوة داعية إلى خاتمة سوء، والإنسانُ قد يعيشُ لحظةً من حياته يبكي فيها بكاء الندم على التفريطِ في جنبِ ربه يبدلُ الله في ذلك البكاءِ سيئاتهِ حسنات.
وكم من أناسٍ أذنبوا وكم من أناس أساءوا وكم من أناس ابتعدوا وطالما اغتربوا عن ربهم فكانوا بعيدين عن رحمةِ الله غريـبين عن رضوانِ الله وجاءتهم تلك الساعةُ واللحظة وهي التي نعنيها بالحياة الطيبة لكي تراقَ منهم دمعةُ الندم، ولكي يلتهب في القلب داعِ الألم فيحسُ الإنسانُ انه قد طالت عن الله غربتُه، وقد طالت عن الله غيبته لكي يقولَ إني تائبٌ إلى الله منيبٌ إلى رحمة الله ورضوانه.
وهذه الساعة هي الساعة التي هي مفتاحُ السعادةِ للإنسان ساعةُ الندم.
وكما يقولُ العلماء إن الإنسان قد يذنبُ ذنوباً كثيرة ولكن إذا صدق ندمه وصدقت توبتُه بدل الله سيئاتهِ حسنات فأصبحت حياته طيبةً بطيب ذلك الندم وبصدق ما يجده في نفسهِ من الشجى والألم.
ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحي في قلوبِنا هذا الداعي إلى رحمته وهذا الألم الذي نحسه من التفريط في جنبه.
أحبتي في الله كلُ واحدٍ منا نريُده أن يسأل سؤلا أن نفسَه عن الليل والنهار.
كم يسهرُ من الليالي، وكم يقضي من الساعات ؟
كم ضحكَ في هذه الحياة وهل هذه الضحكة ترضي الله عز وجل.
وكم تمتعَ في هذه الحياة وهل هذه المتعة ترضي الله عز وجل عنه؟
وكم سهر وهل هذا السهرُ يرضي الله عنك؟ وكم، وكم؟
سؤالُ يسأل فيه نفسَه.
وقد يبادرُ الإنسان ولماذا أسأل هذا السؤال؟
نعم تسألُ هذا السؤال لأنه ما من طرفةِ عين ولا لحظةٍ تعيشها إلا وأنت تتقلبُ في نعمةِ الله، فمن الحياءِ مع الله والخجلِ مع الله أن يستشعرَ الإنسانُ عظيمَ نعمةِ الله عليه من الحياة.
ومن الخجل أن نحس أننا نطعمُ طعام الله، وأن نستقي من شراب خلقه الله، وأننا نستظلُ بسقفه، وأننا نمشي على فراشِه، وأننا نتقلبُ في رحمته فما الذي نقدمه في جنبه؟
يسأل الإنسانُ نفسه.
يقولُ الأطباء إن في قلب الإنسان مادة لو زادت واحد في المائة أو نقصت واحد في المائة مات في لحظة، فأي لطف وأي رحمة وأي عطف وأي حنان من الله يتقلب فيه الإنسان.
يسأل الإنسان نفسه عن رحمة الله فقط
إذا أصبح الإنسان وسمعُه معه وبصره معه وقوته معه فمن الذي حفظَ له سمعَه ؟
ومن الذي حفظَ له بصره ؟
ومن حفظ له عقلَه ؟
ومن الذي حفظ له روحه؟
يسأل نفسه من الذي حفظ هذه الأشياء؟
من الذي يمتعُه بالصحة والعافية؟
الناس المرضى على الأسرة البيضاء يتأوهون ويتألمون،
والله يتحبب إلينا بهذه النعم،يتحبب إلينا بالصحة،بالعافية.
بالأمن، بالسلامة كلُ ذلك فقط لكي نعيشَ هذه الحياة الطيبة.
الله سبحانه وتعالى يريدُ من عبده أمرين:
الأمر الأول فعلُ فرائضه.
والأمر الثاني تركُ نواهيه وزواجره.
ومن قال أن القرب من الله عز وجل فيه الحياة الأليمة أو فيه الضيقَ فقد أخطاء الظن بالله، والله إذا ما طابت الحياةُ بالقرب من الله فلن تطيب بشيٍ سواه.
وإذا ما طابت بفعل فرائضِ الله وترك محارم الله فوالله لا تطيبَ بشيٍ سواه.
ويجرب الإنسانُ مُتع الحياةِ كلِها فإنه ولله لن يجد أطيب من متعة العبوديةِ لله بفعل فرائضه وترك محارم الله.
أنت مأمور بأمرين إما أن يأتيك الأمرُ أفعل أو لا تفعل.
إذا جئت تفعل أي شيء في هذه الحياة أسأل نفسك هل اللهُ عز وجل أذنَ لك بفعل هذا الشيء، أي شيء تفعله، فالأجساد ملك لله، والقلوب ملك لله، والأرواح ملك لله.
فينبغي للإنسان إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر يسأل نفسه هل الله راض عنه إذا تقدم فليتقدم.
أو الله غير راض عنه فليتأخر، فوالله ما تأخر إنسانُ ولا تقدم وهو يرجو رحمةَ الله إلا أسعدَه الله.
ولذلك السعادة الحقيقة والحياة الطيبة تكون بالقرب من الله.
القرب ممن؟
من ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، الأمر أمرُه والخلق خلقه، والتدبير تدبيره.
ولذلك تجد الإنسان المعرض دائما في قلق وفي تعب.
تجد الشخص يتمتع بكل الشهوات، ولكن والله تجد ألذ الناس بالشهوات أكثرهم آلاما نفسية.
وأكثرُهم قلقا نفسيا، وأكثرُهم ضجرا بالحياة.
واذهب وابحث عن أغنى الناس تجده اتعس الناس في الحياة، لماذا؟
لأن اللهَ جعل راحة الأرواح بالقرب منه.
وجعل لذة الحياة بالقرب منه.
وجعل اُنس الحياة في الأنس به سبحانه .
والصلاة الواحدة يفعلَها الإنسان من فرائض الله بمجردِ ما ينتهي من ركوعه وسجوده وعبوديته إلى ربه، بمجرد ما يخرج من مسجده، يحس براحة نفسية والله لو بذل لها أموال الدنيا ما استطاع إليها سبيلا.
الحياة الطيبة في القرب من الله، الحياة الهنيئة في القرب من الله.
إذا كان ما طابت الحياة بالقرب من الله فبمن تطيب؟
وهناك ثلاثُ عوائقٍ تمنعك من القرب من الله:
أولها الشهوة، الشهوة التي تحول بينَك وبين القرب من الله.
ثانيها سوء الظنِ بالله.
ثالثها الشيطان الذي أخذ على نفسَه العهد أن يبعدك من الله عز وجل.
فأما الشهوة فهي لذةُ ساعةٍ وألم دهر، الشهوة، شهوة اللهو واللعب الذي وصف الله عز وجل هذه الحياة الدنيا أنها لهو ولعب.
ولكن كم من أجسادٍ لهت ولعبت الآن تتقلب في عذاب القبور.
وكم من أجسادٍ لهت ولعبت ترى الآن الضنكَ في ضيقِ القبور.
وكم من أناس الآن تضيقُ عليهم اللحود وتضيق عليهم القبور يتمنون لحظةً واحدةً من ذكر الله، وطاعة الله.
ما تعرف قيمةَ هذه الحياة، ولا تعرف قيمة هذه الشهوة التي دعت إلى معصية الله إلا إذا أردت فراقَ هذه الحياة، ولن تجد ندما أصدقُ من ندم الإنسان إذا ودع هذه الحياة.
وسيعرفَ الإنسان قيمة الشهوة التي هي أو العوائق إذا فارق الحياة، وبمجردِ ما تأتي لحظة الفراق يبكي بكاء الندم ويقول الإنسان ولو كان صالحاً:
(ربي أرجعوني لعلي اعملُ صالحا في ما تركت).
يتمنى ولو كان صالحا أن يرجع لكي يزداد من صحيفة العمل.
ولا يغتر الإنسان ويقول إن هذه الساعة بعيده لأنه شباب.
لا والله كم من حوادث أخذت أناس في عز الشباب وزهرة الشباب وشدة النشوة واكتمال العمر.
فلذلك ينبغي للإنسان أن يعرف قيمة هذه الشهوة.
والله عز وجل ما حرمنا من الشهوات ولا منعنا من اللذة بل جعل للشهوة موضعا معينا ومكانا أمينا سليما نقيا، جعل لها مكانا لا يأذن لك أن تضع الشهوة في غير هذا المكان.
ثم الأمر الثاني من العوائق سوء الضن بالله، بعض الناس إذا قلت له أقبل على الله يقول لك:
يا أخي لماذا تضيق علي؟
يا أخي الحياة، دعني أتمتع بالحياة، دعني أسهر، وأتمتع بسهري، وأذهب وآتي وأتمتع بذهابي دون قيود أو حدود.
يحس أن الحياة الظنكة والأليمة إذا اقترب من الله.
و والله ثم والله نشهدُ لله انه لا أطيبَ من القربِ من الله.
ومن أراد أن يجرب لذة القربِ من الله فليزدد من طاعة الله عز وجل، ليزدد من الصالحات، ويزدد من الأعمال التي تحبب الله عز وجل فيه وتدعوه إلى مرضاة الله حتى يحس ساعتها بلذة العبودية لله تبارك وتعالى.
أما الأمر الثالث الذي يعيق الإنسان عن طاعة الله ومحبة الله فهو الشيطانُ الرجيم وهذا الشيطانُ على نوعين شياطينُ إنس وشياطين جن.
فمن أراد القرب من الله فعليه أن يفرَ من شياطينُ الإنسِ وشياطين الجن.
أما شياطينُ الإنس فهم الذينَ يزهدون في طاعة الله وييئسون الإنسان ويقنطونه من رحمة الله فينبغي للإنسان أن لا يصغيَ إليهم، وليعلم أن صديقه الصادق في محبته ومودته وخلته هو الذي يصدقه ويهدي إليه عيوبه ويدعوه إلى محبة ربه وذل العبودية لخالقه.
وأما شيطان الجن فهيَ الوساوس التي يقذفها في قلب الإنسان، ويقولُ له انتظر فلا زال في العمر بقية ولا تعجل، تمتع بهذه الحياة، تمتع بشهواتها واسهر ما شئت من الليالي وافعل ما شئت من لذات هذه الحياة، فإن الحياةَ طويلة ولا يزال يمْنيه ولا يزال يسليه حتى يسلمه إلى عاقبة الردى نسأل الله أن يعصمنا وإياكم من ذلك.
إخواني في الله، الحياة الطيبة هي متمثلة في ضد هذه الثلاثة الأمور.
أما داعي الشيطان فيستبدله الإنسان بداعي الرحمن.
وأما شياطين الإنس فستبدلهم بدعاة الخير من الصالحين وعباد الله المتقين.
وأما سوء الظن بالله فيبدله بحسن الظن بالله عز وجل.
أما إبدال داعي الشيطان بداعي الرحمن، فاعرض نفسك على كتاب الله عز وجل، وأجعل لك كل يومٍ جلسةً مع القرآن، لا يحس الشاب أن هذا القرآن نزل لغيره.
والله إنك ممن يخاطب بالقرآن شئت أم أبيت اقتربت أو بعدت.
كل إنسان يوم القيامة سيأتي هذا القرآن حجة له أو حجة عليه، لا يقول الإنسان أن هذا القرآن لغيري، القرآن لك وأنت مخاطب به ولو كنت من أبعد الناس عن طاعة الله، مخاطب بهذا القرآن، وسيكون هذا القرآن حجة لك أو حجة عليك، واستبدال هذا الداعي وهو كتاب الله عز وجل فيه طمأنينة القلوب انشراح الصدور، والله تعالى يقول في كتابه:
(ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
تعرض نفسك على كتاب الله فتعيش في رحمة الله إذ يخاطبك الله عز وجل، وتعرض نفسك على داعي الله عز وجل بتحقيق ما أمر الله به في القرآن، وترك ما نهى الله عز وجل في كتابه.
و أما إبدال دعاة السوء بدعاة الخير، فالجلوس مع الصالحين وغشيان حلق الذكر التي لا يشقى بهم جليس.
زيارة الصالحين والأنس بالصالحين.
وحب الصالحين خير للإنسان في الدنيا و الآخرة، والله هم القوم ونعم القوم.
ما جلس إنسان مع رجل صالح إلا ووجد منه خيرا، لا يدعوه إلا لصلاح دينه ودنياه وأخرته.
وأما قرين السوء فعلى العكس، فهو الذي يدعو إلى محارم الله.
ولو سأل الإنسان نفسه عن أي معصية فعلها وجد ورائها جليس سوء، ووجد ورائها شيطان الإنس الذي حبب إليها وسهل في الوصول إليها.
فيستبدل الإنسان الأشرار بالأخيار، ويقول للأخيار أريد الجلوس معكم.
أريد الأنس بكم، يزورهم، ويجلس معهم.
ولذلك ورد أن الرجل يأتي إلى مجلس من مجالس الذكر، فيجلس مع الصالحين جلسة واحدة قد تكون هذه الجلسة سببا في نجاتك من النار
ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم):
( أن الله إذا أنزل أهل الجنةَ الجنة وتمتعوا بما هم فيه من النعيم قالوا يا ربنا كيف نتنعم في الجنة وإخواننا يعذبون).
إخوانهم من ؟ أناس كانوا معهم ولكن كانت عندهم سيئات.
مثلا رجل كان مع الصالحين ولكن عنده سيئات يشرب الخمر، يزني أو يفعل أي شيء من المحرمات نسأل الله السلامة والعافية.
فشاء الله لما جاء يوم القيامة ما تاب من هذه الأشياء فيدخل النار، فإذا دخل ذلك الرجل الصالح الذي كان يجلس معه الجنة يقول يا رب كيف أتنعم في نعيم الجنة وأخي يعذب فيأذن الله بالشفاعة، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم):
(فلا يزال الرجل يشفع حتى يشفع للرجل الذي جلس معه لحظة واحدة في ذكر الله عز وجل).
لحظة واحدة في ذكر الله عز وجل توجب للإنسان الشفاعة، فهذه من خيرات الجلوس مع الصالحين.
ومن خيرات الجلوس مع الصالحين أن القلوب تنشرح والصدور تنشرح وتطمئن بذكر الله عز وجل.
ولذلك تجد الإنسان إذا جلس مع الصالحين يقوم ونفسه معلقة بالسماء، معلقة بطاعة الله، يريد أن يفعل أي خير يقربه إلى الله.
والله ما جلس الإنسان مع صالح موفق إلا دله على الله، وهذا والله هو الصديق الذي تقوم من عنده وحالك أصلح من حالك إذ جلست.
بعض الناس مبارك إذا جلست معه تقوم من عنده وقلبك معلق بالله، وقلبك وروحك تريد رضوان الله، ما تريد إلا شيء يدلك على الله.
وبعض الناس إذا جلست معه تريد فقط خصلة من خصال الخير تقربك إلى الله.
ومجلس واحد من ذكر الله عز وجل قد يجعل الإنسان يغير حياته كلها إذا صدق في عبوديته لله وتأثر بما يقال له من أوامر الله ونواهيه.
فالمقصود أن الجلوس مع الصالحين يعتبر من أهم الأسباب التي تدل الإنسان على ربه.
والجليس الصالح هو الذي إذا نسيت الله ذكرك.
وإذا ذكرت الله أعانك.
والكلمة الطيبة من الرجل الطيب تطيب بها القلوب والنصيحة الصالحة من الرجل الصالح يصله الله بها الأحوال.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم مجالس الصالحين.
وقد بين النبي (صلى الله عليه وسلم) أن مجالس الصالحين تغشاها الملائكة وهي حلق الذكر التي تحفها الملائكة إلى السماء، ويطيب بها وقت الإنسان، وتطيب بها حياته.
وأما استبدال سوءُ الظن بحُسنِ الظن فهذا أمر مهم جدا لكل إنسان، فاللهَ تعالى فوق ما تظنَ من الرحمة، إن تقربت منه شبرا تقرب منك ذراعا، إن تقربت منه ذراعا تقرب منك باعا، إن أتيته تمشيِ أتاك يهرول.
كل واحد ينبغي أن يكون عنده شعور يعلم أنه لا أرحم به من الله عز وجل.
ولله لو أن الإنسان حملَ ذنوبَ هذه الحياةَ كلها، وجاء في لحظة واحدة تائبا إلى الله منكسرا بين يدي الله يرجُو رحمة الله، والله ما يخيبه الله من رحمته، ولا يقنطه من روحه سبحانه وتعالى.
فهو اكرم من سؤل وأعظم من رجي وأمل.
وفي قصص التائبين عبر، فإن الإنسان قد يتوب من ذنوب الحياة ويجعل الله عز وجل توبته في لحظة واحدة موجبة لغفران حياته كلها.
ولذلك أصدق شاهد بعض الناس، بعض الحجاج يقدم على الله في هذه البلاد الطيبة، يمكن سبعين سنة ما يعرف الله عز وجل، في معاصي وفي ذنوب وفي سيئات، يأتي إلى الله في آخر عمره تائبا منيبا، الدمعة ما تتملكها عينه.
قبل أسبوعين تقريبا كنت مع رجل من كبار أهل المدينة، فيقول لي أنه في حج هذه السنة حصلت عبرة، يقول:
(كان هناك أحد أصدقائنا رجل كنا نخشى الجلوس من كثر معاصية، وكثرة ما يفعل والعياذ بالله من المعاصي.
يقول فشاء الله عز وجل في أخر حياته قبل الحج أن ابتلاه بمرض، فدخل المستشفى فأجريت له عملية.
فخرج من المستشفى منهوك القوى، يعني في آخر حياته بحالة لا يعلمها إلا الله عز وجل.
يقول فجلس فترة النقاهة بعد العملية وهذا قبل الحج تقريبا بشهر، فارتاحت نفسه واطمأنت نفسه.
فشاء الله عز وجل مع المرض -وماله في الإفاقة من المرض إلا أيام قليلة واقتربت أيام الحج- فإذا به يصيح على أبنائه (وهو رجل ثري في نعمة وفي جاه)، يصيح على أبنائه ويقول أريد الحج.
قالوا يا أبانا أنت ضعيف ومريض وأنت لا تستطيع أن تحج مع العملية.
قال أريد الحج.
فما كان من أبنائه إلا أن أعانوه على الحج، وكانت معه امرأته فشاء الله عز وجل أنه قدم إلى جده.
ومضى في اليوم السابع يريد الحج، وفي طريقه إلى مكة إذا به يتأوه من قلبه، فلما تألم من قلبه.
تحكي عنه زوجته وتقول جلس يقول لا إله إلا الله يكررها.
تقول امرأته ماذا بك يا فلان؟ قال لها الموت.
ثم قال لا إله إلا الله وسقط ميتا في ساعته.
فهذا إن دل على شيء يدل على سعة رحمة الله، رجل حياته كلها بعيدا عن الله، ما انتقم الله عز وجل منه، الله قادر وهو جالس على المعصية أن بخسف به الأرض.
والله لو أذن الله لأرض أن تنتقم من العاصي والله لخسفت به في لحظة واحدة.
الله مالك الملك، له العزة وله الكمال وله الجلال، كل شيء في هذا الكون تحت أمره وتحت قهره وتحت ملكه.
سبحان الله يعصيه الإنسان ويفعل المعصية ومع ذلك أولا يعطيه الصحة ويمكنه من لذة المعصية، وهو قادر أن يسلبه الروح في لحظة واحدة، حتى إذا فعل المعصية يأتي ويستره فسبحانه ما أحلمه.
يفعل المعصية عافية وصحة وستر، ثم مع ذلك يدعوك.
يدعو الإنسان ويقول له هلم إلى رحمتي.
هلم إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
يا عبدي ما أريد منك إلا لسان طيب وعمل طيب، ما أريد منك غير هذا.
كذاب من يقول أن القرب من الله فيه ضيق، لا والله ما يريد الله منك إلا كلام طيب وفعل طيب وعقيدة ترضيه، فقط ثلاث أشياء.
قلب صالح نقي من الشوائب.
لسان طيب تقول به الكلام الطيب.
وجوارح تسخرها في الشيء الطيب.
ما فيه غير هذا أبدا.
بدل ما كان الواحد يسب الناس ويحتقر الناس ويتكلم على الناس، يتكلم الكلام الطيب، يحترم الناس.
بدل ما كان يفعل الأمور التي لا تليق بأتفه الناس إذا به يحترم نفسه فيفعل الأفعال التي تليق به كمسلم يؤمن بلقاء الله عز وجل.
ما فيه غير هذا، ما عندنا في الطاعة والحياة الطيبة إلا هذه الثلاث الأشياء.
صلاح العقيدة.
صلاح القول.
صلاح العمل.
من فعل هذه الثلاث الأشياء عصمه الله عز وجل إلى لقائه، وأوجب له حبه ورضائه:
(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
إذا أتيت الثلاث الأشياء هذه أقسم الله أنه يحييك الحياة الطيبة.
ولذلك لن تجد إنسان يطيع الله ويخاف، وجرب.
الخوف لا يأتي إلا من معصية الله، فهذا الرجل حياته بعيدة عن الله، والله يقسم لي الرجل كبير سن وأعرفه في المدينة رجل في آخر حياته، حتى والله لما يقص لي القصة والله دمعته على عينه.
يقول لي سبحان الله في آخر حياته، ما أحلم الله وما الطف الله يختم له هذه الخاتمة الحسنة.
على أي شيء يدل هذا؟ يدل على رحمة الله.
فليس هناك داع لسوء الظن بالله، والشيطان يأتي الإنسان ويقول له أنت فعلت وفعلت وفعلتَ والله ما يغفر لك.
فبمجرد ما يفعل الإنسان المعاصي ولو عظمت ويقول:
اللهم إني تائب إليك، إذا بالله عز وجل يبدل تلك المعاصي حسنات.
قال تعالى إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيم).
هذا الكلام الذي نقوله لنا جميعا، ليس لأناس دون أناس، الكلام لنا جميعا لأن المفروض أن المؤمن في كل لحظة أن يكون قريب من الله، وليس أحد هناك إلا وهو يعصي، وليس هناك أحد إلا وهو يذنب.
فنحن مطالبون بهذه الثلاث الأشياء التي توجب الحياة الطيبة.
ومن ثمرا الحياة الطيبة أنك إذا أقبلت على الله هناك خصلة عجيبة، خصلة كريمة، لو خسر ما خسرت.
لو خسرت الأصحاب، وخسرت الليالي الطيبة، هناك شيء ما تخسره وهو الله جل جلاله.
والله، وما هو الله ؟
إذا أقبلت على الله وفعلت هذه الثلاثة أشياء وضمنت لله عز وجل:
عقيدة صالحة.
وقول طيب.
وعمل طيب.
ما ترفع كف وتقول يا رب إلا أجاب الله دعوتك.
ولا قلت أسألك إلا أجاب الله سؤالك.
ولذلك ورد في الحديث أن العبد إذا كان صالحا وأفعاله صالحة وأقواله طيبة وأعماله صالحة طيبة أصبح معروفا في السماء لأن العمل الصالح يصعد إلى الله عز وجل.
فإذا صعدت منك الكلمات الطيبة دائما:
لا إله إلا الله، أستغفر الله، تذكر الله، الكلام طيب.
تحسن إلى الناس، تفعل الأعمال الصالحة، إذا بالأعمال الصالحة تصعد، فإذا بكثرة الأعمال الصالحة يحبك بها الملائكة، ويجعل الله حب الملأ الأعلى لك في السماوات.
فإذا جاء كرب من الكروب، جاءتك مشكلة، جاءك شيء تخافه فقلت يا رب، قالت الملائكة في السماء صوت معروف من عبد معروف، هذا الصوت معروف من عبد معروف. من هو؟
المطيع لله، عبد بلغ به أنه إذا دعا الله يجيب الله دعائه، ماذا ينقصه في هذه الحياة؟ ما الذي ينقصه؟
إذا أصبحت في لحظة بعبوديتك الخالصة وطاعتك الصادقة إذا قلت يا رب أجاب الله دعائك.
أي مقام أصبحت؟ أي منزلة وأي شرف أصبحت فيه؟
فهذا هو العز وهذا هو الجاه؟
وهذه هي الحياة الطيبة التي ينبغي لكل إنسان أن يفكر فيها، وأن يجتهد في تحصيلها.
فأكرر أن الضيق كل الضيق في معصية الله.
والسعة كل السعة في طاعة الله والقرب من الله عز وجل.
ونسأل الله بعزته وجلاله وأسمائه الحسنى أن يرزقنا هذه الحياة الطيبة.
وأما الخصلة الثانية التي يجنيها صاحب الحياة الطيبة فهي خصلة الاستقامة.
وهذه الخصلة ثمرتها أن أصحابها إذا شاء الله ما من إنسان إلا سيخرج من هذه الدنيا قريبا أو بعيدا، وما أحد يضمن أن يقوم من هذا المجلس، والله ما نضمن.،فلابد من لحظة وهي لحظة الفراق.
فمن ثمرات الاستقامة الطيبة والعمل الصالح أن الإنسان إذا الإنسان إذا حانت ساعة قيامته ودنت ساعة فراقه لهذه الحياة، كانت أطيب ساعة عنده ساعة لقاء الله عز وجل.
الناس عند الموت تخاف إلا صاحب الحياة الطيبة إذا جاءه الموت يحس أنه في حنين وشوق إلى الله عز وجل.
ولذلك تجد أصحاب الحياة الطيبة إذا دنت منهم سكرات الموت تجدهم سبحان الله في انشراح نفس وطمأنينة وراحة بال، وبعضهم يسلم الروح وهو يتبسم.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل ممن حسنت خاتمته وكان من الذين قيل لهم:
(ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون).
(ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون).
نسأل الله العظيم أن يجعل أسعد لحظة لنا في هذه الحياة لحظة فراقها ولحظة الخروج من الدنيا.
هذه من الثمرات التي يجنيها الإنسان.
وينبغي للإنسان أن يجتهد قدر استطاعته في الثلاث الأمور الثلاث الأمور التي ذكرنها:
صلاح الباطن.
صلاح الظاهر.
وصلاح القول والعمل.
لا تتكلم إلا وأنت تعرف أن الله يرضى عن كلامك.
ولا تعمل إلا وأنت تعلم أن الله يرضى عن عملك.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا وإياكم لصالح القول والعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
تم بحمد الله.
https://www.djelfa.info/watch?v=YN4A5…eature=related
منقول للفائدة
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك اخي معاذ