عندما تنهار قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب
غرقت نقابات المركزية النقابية في مئات الآلاف من الشكاوى والإحتجاجات والتي تتهاطل عليها من مختلف قطاعات الوظيف العمومي والمؤسسات الإقتصادية العمومية والتي يتهم فيها المترشحون لمسابقات التوظيف الإدارة بإقصائهم واعتماد معايير المحاباة والمحسوبية والإنتماءات السياسية وترجيحها دون الاعتبارات الفنية والعلمية والقانونية في توزيع المناصب المعلن عنها في مسابقات التوظيف.
• مديرية الوظيف العمومي مطالبة بشن حملة لمراقبة تطابق بيانات السيرة الذاتية مع المناصب
• جزائريون أميون تماما، وبعضهم لديهم شهادة ابتدائية، أو شهادة التعليم الأساسي يجلسون خلف المكاتب الفخمة في الإدارات والشركات العمومية كبرى، معظمهم يتبوؤون مناصب قيادية في الشركات العمومية ويتقلدون مناصب لا علاقة لهم بها، ولا يحملون أي مؤهلات تناسب الإدارات التي يديرونها.. بسبب التوظيف عن طريق "المعارف والوساطة"، هكذا بررت نقابات الشركات الإقتصادية العمومية في قطاع الصناعات الميكانيكية والمعادن ونقابات مؤسسات البناء ومواد البناء والفلين والخشب، والري، ونقابات مؤسسات النسيج والجلود، مرجعين سبب إفلاس الشركات العمومية إلى سوء التسيير جراء تعيين مسيرين غير مؤهلين على رأسها قاموا بجرها نحو الموت البطيء من خلال إغراقها في الديون.
• ميكانيكيون يعملون في الصيدليات، ومحاميات يعملن سكرتيرات، ومهندسون في الإلكترونيك يرعون الأغنام والماعز في سهول الجلفة وبرج بوعريريج والبويرة والمسيلة والمدية.
• كما كشفت تحقيقات وزارة التجارة أن مستوردي البطاريات ومواد التنظيف يستوردون الأدوية، ومستوردي الحديد يستوردون اللحوم المجمدة، والثلاجات معها. ووجه رؤساء عديد نقابات الشركات العمومية التابعة للمركزية النقابية وممثلي العمال رسائل احتجاجية للحكومة والوظيف العمومي مرفوقة بملفات يكشفون فيها تجاوزات المسيرين الذين يقودون الشركات الوطنية نحو الإفلاس بحملة تفتيشية واسعة، مطالبين الحكومة ومديرية الوظيف العمومي بفتح تحقيق وطني لدى جميع الإدارات العمومية لمراقبة تطابق بيانات السيرة الذاتية لموظفي وإطارات القطاع العمومي مع بيانات السيرة الذاتية الـ "السي. في" (c.v)، وكشف المتواطئون في التوظيف عن طريق المحسوبية والمعارف والوساطة، وكشف الفوضى العارمة في عمليات التوظيف، رغم أن القانون الجديد للوظيف العمومي ينص على أن أي توظيف في القطاع العمومي يجب أن يتم عن طريق المسابقات.
• وحسب ممثلي النقابات المنضوية تحت جناح المركزية النقابية فإنه لو تم فقط شن حملة لفحص بيانات الـ "سي.في" المودعة على مستوى الإدارات للتأكد من مطابقتها للوظيفة التي يديرها الشخص المعني، سنكتشف صدمة كبيرة، ونقف على أمور "مضحكة مبكية"، بمن فيهم الخبراء "الأجانب"، والخطورة لا تكمن في مجرد جلوس الشخص "الغلط" في المكان "الغلط"، إنما الخطورة تكمن في أن هؤلاء يتخذون قرارات مصيرية، في هيآت ومؤسسات حساسة وهامة، في حين أنهم غير مؤهلين لإدارة "دكان" صغير.
• "الوساطة والمعارف" تحل محل مبدأ "الرجل المناسب في المكان المناسب"
• وفي هذا الصدد، قالت منظمات طلابية أن المتخرجين مضطرون لا مخيرين للعمل في المناصب التي لا تناسب مع تخصصاتهم، وذلك لأنهم يودعون ملفاتهم في الإدارات التي لديهم فيها حظوظ أكثر للظفر بمنصب عن طريق "الوساطة والمعارف" حتى وإن كان المنصب المتوفر لا يناسب تخصصهم، وهو ما يبرر العدد الكبير من الموظفين غير المؤهلين في القطاع العمومي مقارنة بالقطاع الخاص.
• وهو ما يبرر وجود عدد هائل من المستشارين في الهيآت العمومية، دون مبرر لوجودهم، حيث أنهم لا يقومون بأي مهام، ولكنهم يتقلدون مناصب مرموقة ويحملون لقب مستشارين.
• ويعتمد هؤلاء على الاعتبارات السياسية والشخصية وصلات القرابة وترجيحها على الاعتبارات الفنية والعلمية والقانونية لتعيين أقاربهم وأبناء أصدقائهم في المناصب الإدارية رغم أن المعايير والضوابط التي تنظم توزيع المناصب وإسناد المهام وتفويض السلطة موجودة وواضحة غير أنها لا تحترم.
• طالبتان جامعيتان في الماجستير.. نادلات في مطعم مشرقي
• وعندما وصلنا إلى معهد علوم الإعلام والإتصال بحثا عن طلبة يعملون خارج ساعات الدراسة أرشدنا الإتحاد الطلابي الحر بمعهد الإعلام في بن عكنون بالجزائر العاصمة إلى الطالبتين "إيمان. ب" من وهران و"ياسمينة . أ" من تيارت طالبتين اللتان تحضران رسالة الماجستير، إلتقتهما "الشروق اليومي" في غرفتهما داخل الحي الجامعي، وتحدثن لنا بمرارة عن عملهن كنادلات في مطعم شرقي معروف بدالي ابراهيم لتوفيرالمصروف
• الصيادلة المزيفون… أبناء يبيعون الأدوية بدلا عن والدهم
• اكتشف مفتشو وزارة الصحة أن العديد من الصيادلة يوظفون أشخاصا غير حاصلين على شهادات في التخصص، كأبنائهم أو أقربائهم الذين لا علاقة لهم بالأدوية، في وقت ينص فيه القانون على ضرورة أن يكون الصيدلي حاصلا على شهادة في التخصص، كما اكتشف مفتشو وزارة الصحة أن بعض الصيادلة قاموا بكراء شهادة التخصص لرجال أعمال لتمكينهم من فتح صيدليات، وهو واقع اعترفت به النقابة الجزائرية للصيادلة وطالبت بضرورة تدخل الوزارة لوقفه، لأنه تحايل على القانون، وقد اضطر وزير الصحة إلى مباشرة حملة تفتيشية لوقف هذه الممارسات على مستوى الصيدليات.
• "خالد. أ" من تيزي وزو، 30 سنة متحصل على شهادة في الميكانيك من مركز التكوين المهني يعمل صيدليا في صيدلية معروفة بباب الوادي منذ عدة سنوات رفقة والده … "ب.علي" من بلدية البيرين بالجلفة مهندس في الإلكترونيك يعمل كراعي للأغنام والماعز منذ أربع سنوات، "هشام. ع" مهندس في الإلكترونيك، يعمل راعي للأغنام كذلك في بلدية بوحجل بولاية المسيلة، يقول بأنه "شارك في كل المسابقات التي نظمت أو التي أعلن عنها في الجرائد، لكنه لم يظفر بمنصب"، شكاويه أغرقت مكاتب نقابات المركزية النقابية والإدارات العمومية يتهمها فيها بالمحاباة في التوظيف وإقصاءه في كل المسابقات التي أجتازها.
• "أيمن. ب" من الأخضرية بولاية البويرة، تقني سامي في الميكانيك يعمل بناء منذ تخرجه سنة 2024، ويقول بأن أربعة آخرين من زملائه يعملون بنائين، أحدهم مهندس دولة في الكهرباء، والثاني متحصل على ليسانس في الفلسفة، والإثنين المتبقيين متحصلين على شهادة تقني سامي في الميكانيك مثله.
• رعاة وفلاحون يؤسسون شركات مقاولة، ومقاولون يستثمرون في العقار
• العديد من الفلاحين الجزائريين قاموا بتأسيس شركات مقاولة حديثة ورغم أنهم لا يملكون الخبرة تحصلوا على مشاريع بالتواطؤ مع رؤساء البلديات لإنجاز صفقات عمومية تتعلق بالسكن أو الطرقات أو الجسور، مثلما هو الحال بالنسبة لعدد من السكنات التي انهارت في زلزال 21 ماي 2024، وهي القضية التي أحيل على إثرها 32 مقاولا على العدالة، تبين أن هؤلاء المقاولين ليس لهم أي شهادة في علوم البناء والأشغال العمومية ولا في الهندسة المدنية أو المعمارية.
• ممرضات لا يحملن أي شهادات يساعدن الجراحين في قاعة العمليات
• وعلمت "الشروق اليومي" أنه في عدد من المستشفيات تقوم ممرضات غير متحصلات على أي شهادة عليا بمساعدة الطبيب في إجراء العملية الجراحية داخل غرفة العمليات تقدم له المشرح والمقص والخيط، وكل ما يطلبه، وتقوم بتخذير المريض، وتجهز قاعة العمليات، وذلك تحت مراقبة الطبيب طبعا، بحكم الممارسة والخبرة، ولا يوجد من الجزائريين من لا يعرف قريبة له تعمل ممرضة منذ التسعينات، دون أن تكون متحصلة على أي شهادة.
• شخصيات تضيف حرف "الدال" لإسمها كديكور إجتماعي
• يلجأ بعض السياسيين والمسؤولين إلى إضافة حرف "دال" لإسمهم، كنوع من "الديكور الاجتماعي" والبريستيج حتى يوهم الناس أنه دكتور، لكن لا أحد يعرف ما هي هذه الدكتوراه التي يحملونها، ومن أين تحصلوا عليها، لكن لا يمكنه استخدامها حين يتقدم لوظيفة أو عمل من دون أن يذكر الجامعة التي منحته الدكتوراه، خاصة في أوساط السياسيين، ومعظم هؤلاء لا يريدون الشهادة من أجل الحصول على وظيفة، ولكن الخطورة أنهم يؤثرون في المجتمع بصورة أو بأخرى، ويحصلون على وزن ومكانة إضافيتين بسبب حرف الدال.
• رئيس جمعية مرضى السكري غير مصاب بداء السكري
• رئيس جمعية مرضى السكري "فيصل أوحادة" يترأس جمعية لمرضى السكري، ويتحدث بإسمهم، لكنه ليس مصابا بداء السكري، ويتمتع بصحة جيدة، بل هو شقيق الرئيس السابق لجمعية مرضى السكري مراد أوحادة رحمه الله.
• عمار تو: دكتوراه في الإقتصاد.. وزير خارج التخصص
• عمار تو، متحصل على دكتوراه في العلوم الإقتصادية، لكنه لم يشغل ولا مرة وزارة التجارة أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أو وزارة ترقية الإستثمار، بل كان وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، ووزيرا للبريد وتكنولوجيات الإعلام والإتصال، ورئيسا لسلطة الضبط للإتصالات السلكية واللاسلكية، ووزيرا للصحة وإصلاح المستشفيات، والآن وزيرا للنقل.
• بن بادة: مهندس في العلوم الفلاحية.. بعيد عن الأرض والفلاح
• مصطفى بن بادة متحصل على شهادة مهندس دولة في العلوم الفلاحية تخصص تقنيات الإنتاج النباتي، وهو حاليا بصدد تحضير شهادة دكتوراه في الجغرافيا الفيزيائية بجامعة كان بفرنسا، كل الأبحاث والدراسات التي قام بها حول التغذية المعدنية في الأوساط المالحة داخل المحيطات الصحراوية للإستصلاح، وحول تطوير النباتات الصحراوية وعلاقتها بعلم جيومورفولوجيا، أخطار الرياح وإستصلاح المناطق القاحلة، تطور الإطار القانوني للعقار الزراعي بالجزائر، وهي كلها تخصصات فلاحية، وكان الأجدر أن يكون وزيرا للفلاحة والتنمية الريفية، ولكن بن بادة لم يكن أبدا وزيرا للفلاحة، بل وزيرا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
• الهاشمي جيار: ليسانس في التاريخ.. لكن الرياضة أولى
• الهاشمي جيار، متخرج من المدرسة العليا للإدارة، متحصل على ليسانس في التاريخ وليسانس في الأدب من جامعة الجزائر، ودكتوراه في تهيئة الإقليم من جامعة العلوم بالجزائر، لكنه ليس وزير للبيئة أو للمجاهدين، بل وزير للشباب والرياضة.
• عمار غول: النظري للفيزياء النووية والتطبيقي للأشغال العمومية
• عمار غول متحصل على دكتوراه في الفيزياء النووية وأخرى في الكيمياء، لكنه لم يكن أبدا وزيرا للطاقة والمناجم، بل شغل منصب وزير الموارد الصيدية والصيد البحري، وهو قطاع ليس له أي علاقة بالفيزياء النووية، ثم عين وزير للأشغال العمومية الى اليوم ولعدة سنوات منقول