تخطى إلى المحتوى

عقيدة المسلم في كتاب الله 2024.

  • بواسطة

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ﴾

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ظهر في الغرب القول بأن المكتوب في المصاحف ليس بقرآن، وأن القرآن ليس بمحفوظ إلا في اللوح المحفوظ وفي صدور الناس، لا في المصاحف، وهذا تجديد لعقيدة فرقة اللفظية من الجهمية، وتطوير انحرافهم في هذا العصر!

فدعنا نراجع المعتقد الصحيح في هذه المسألة كما هو مبيَّن في القرآن، والسنة، على ما فهمه الصحابة وأئمة السلف.
وقد سمّى الله القرآن كتابًا في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾، ومعنى الكتاب معروف، أنه المكتوب. وقال تعالى في افتتاح سورة الطور: ﴿ وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ﴾. وقال مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس: الرق صحيفة. وقال الضحاك: الرق ورق.

قال الخليفة الرابع علي بن أبي طالب _ رضي الله عنه _ : "رَحِمَ اللهُ أَبَا بَكْرِ، هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ القُرآنَ بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ."

وقال الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت204) _ رحمه الله _ : "مَا نَتْلُوهُ مِنَ القُرْآنِ بِأَلْسِنَتِنَا وَنَسْمَعُهُ بِآذَانِنَا وَنَكْتُبُهُ فِي مَصَاحِفِنَا يُسَمَّى كَلَامَ اللهِ."

وقال الإمام أحمد بن حنبل (ت241) _ رحمه الله _ : "تُوَجِّهُ القُرْآنَ عَلَى خَمْسِ جِهَاتٍ: حِفْظٍ بِالقَلْبِ، وَتِلَاوَةٍ بِاللِّسَانِ، وَسَمْعٍ بِالأُذُنِ، وَبَصَرٍ بِعَيْنٍ، وَخَطٍّ بِيَدٍ." وشرح ذلك لمن استفسر، فقال: "القَلْبُ مَخْلُوقٌ، وَالمَحْفُوظُ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٌ، وَاللِّسَانُ مَخْلُوقٌ، وَالمَتْلُوُّ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالأُذُنُ مَخْلُوقٌ، وَالمَسْمُوعُ إِلَيْهِ غَيْرُ مَخْلُوقٌ، وَالعَيْنُ مَخْلُوقٌ، وَالمَنْظُورُ إِلَيْهِ مِنْهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ."

وقال الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (ت256) _ رحمه الله _ : "فَأَمَّا القُرْآنُ المَتْلُوُّ المُثْبَتُ فِي المَصَاحِفِ المَسْطُورُ المَكْتُوبُ المُوعَى فِي القُلُوبِ، فَهُوَ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، لَيْسَ بِخَلْقٍ."

وقد اشتدَّ نكير إئمة المسلمين على من تبنَّى قول اللفظية وغيرهم من طوائف الجهمية بأن المكتوب في المصاحف ليس قرآنًا، والذي في المصاحف عبارة عن كلام الله، وإنما القرآن موضعه في اللوح المحفوظ، ونحوه مما صرَّح به بعض الغربيين.

فقال إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري _ رحمه الله _ : "وَأَقُولُ فِي المُصْحَفِ قُرْآنٌ، وَفِي صُدُورِ الرِّجَالِ قُرْآنٌ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الكُفْرِ."

ومن هنا فقد سئل فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري _ حفظه الله تعالى _ عن قول داعٍ أمريكي معروف بأن المكتوب في المصاحف ليس قرآنًا، وإليك نص السؤال مع جواب الشيخ عليه:
قال السائل: "يوجد في الغرب واعظٌ يقول: إن المكتوب في المصاحف ليس قرآنًا، وإنما القرآن الحقيقي هو المقروء على الألسن والمحفوظ في اللوح المحفوظ وفي صدور الناس، وإنما المكتوب في مصاحفنا عبارة عن القرآن، كالنقد الورقي في أيدي الناس، ليس لها قيمة لذاتها، وإنما المعنى القيم محفوظ في مكان آخر تدل عليه الورقة. وبدأ ينتشر هذا القول بين بعض الناس، يقولون المصحف وما فيه حبر وأوراق، وليس قرآنًا. فما موقف المسلم من هذا الكلام؟"

فأجاب الشيخ عبيد حفظه الله:

"أولا: أحذِّر _ إذا ثبت هذه المقولة عن ذلكم الواعظ _ فإني أحذِّر المسلمين والمسلمات من الاستماع إليه، فإنه مختلّ: إما ضالٌّ مُضِلٌّ، وإما فاسد العقل. ثانيًا: هذا الرجل خالف إجماع أهل السنة، فقد أجمعوا على أن القرآن كيفما تصرِّف فيه: تُلي بالألسن، أو حُفظ في الصدور، أو كُتب في الألواح، أو في المصاحف، فلا يُخرجه ذلك عن كونه كلام الله _ عزَّ وجلَّ _ . وهذا إنما استعمل القياس العقلي، هذا هو منشأ الضلال، وأَنا أظنه سوف يتدرَّج حتى يقول القرآن قسمان: لفظ ومعنى، فالمعنى هو كلام الله، والحروف واللفظ هذا مخلوق، [لا بد له] لا يوقفه إلا عند هذا الحد."

ملخص من مقال موسى الطويل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.