التقرير السنوي لهيئة التحقيق والادعاء العام الذي نشر والذي سيطرح بمجلس الشورى للنقاش ويتعلق بقضايا الاعتداء على النفس, أي بوضوح قضايا اعتداء على الآخرين إما قتل أو انتحار, عدد هذه القضايا التي «تم التحقيق» بها وصل إلى 18505 قضية بارتفاع 19%, وهذه القضايا التي تم التحقيق بها ولا يشمل ما لم يتم بالطبع التحقيق بها وهذه لا إحصاء لها أو معرفة بها, وتصدرت الرياض أعلى نسبة حيث وصلت إلى 3916 قضية بارتفاع بنسبة 61% عن العام الماضي أي ازدياداً لا انخفاضاً, وبالمدينة المنورة وصلت إلى 1974 قضية, بزيادة 14%, وانخفضت بمناطق أخرى أيضا كالحدود الشمالية وغيرها حتى تكون رؤيتنا موضوعية. هنا التركيز على «الاعتداء على النفس» سواء على الآخرين أو النفس بواسطة الشخص نفسه, وهذا ليس حصرا للجرائم بمختلف أنواعها وغيرها, ولكن نتوقف هنا عند هذه النسب والمؤشرات, والدور الاقتصادي والاسهام بهذا الجانب, فالواقع يقول إن تطور ونمور المدينة «أي مدينة» يزيد الفرص للعمل والعكس أيضا كل طبق رؤيته وإمكانياته, ولكن نحتاج إلى دراسة الأثر السكاني والنمو الكبير كما يحدث بالرياض وجدة وغيرها كمدن رئيسة, عن مستوى ارتفاع الاعتداء على النفس «كما تقول الأرقام» وبين الحاجة المالية والضعف في القدرة على الحياة الكريمة, إن ضعف القدرة المالية والفقر والحاجة لا شك تولد حاجة وضغوطاً نفسية كبيرة لكل إنسان, والمعالجة تعتمد وتتباين من شخص لآخر, ولكن الملاحظ هو «ارتفاع» نسبة الاعتداء على النفس, فهل هذا يفسر بالضعف المالي لدى المواطنين الذين هم المفترض أن يمثلوا إحصائية الاعتداء على النفس, باعتبار الأجنبي يأتي ولديه عقد عمل لا بطالة, ولكن كم نسبة من يهربون أو من هم مخالفو الإقامة؟
من لا يردعه دين أو أخلاق وغيرها من الضوابط الاجتماعية, ويعيش ضغوط حياة لا تتوقف ويعيش بمدن كبرى, ويرى أن القدرة المالية لدينا عالية وكبيرة ولا يستوعب أنه يعيش في حاجة وفقر, وأن هناك فئة غنية جدا أو تملك وظائف جيدة وتعيش حياة كريمة ومكتفية, فماذا نتوقع من هذا الشخص الذي لا يجد كفاف عيشه؟ ما الذي سيمنعه من الجريمة وهو لا يجد ما يخسره؟ ارتفاع نسب الاعتداء على النفس رغم ارتفاع مستوى الدخل للدولة ورغم نمو المشاريع وتعدد الفرص وحجم الحراك الاقتصادي الذي نعيشه ماذا يعني؟ ماذا عن المرأة هل ستقوم بجريمة الاعتداء على النفس أو الآخرين؟ قد يكون ولكن ضئيل جدا, ولكن هناك فجوة في مجتمعنا أيا كانت هذه الفئة, ولكن حين لا يجد الشخص ما يخسره أو يتوقف عنده، ما الذي سيمنعه من القيام بجريمة أيا كانت؟ يجب أن يفتح ملف هذا التغير الاجتماعي الذي بدأنا نراه ونسمعه ونتحدث به, أصبحنا نرى سرقة سيارات بنوك تمول مكائن الصرف, سرقة هاتفك وأنت تسير بالشارع, سرقة حقيبة امرأة بالأسواق, كسر سيارات وسرقة سيارات, سرقة «برميل» غاز, سطو على صيدليات وبقالات وليموزين وغيرها, أصبحت صحفنا تحمل الكثير من هذه الأخبار, رغم كل هذا النمو المالي والدخل العالي, ولكن هناك فقر وحاجة تزدادان, فهل هذا حقيقية أو ضعف في العقاب والتطبيق؟ كل الملفات مفتوحة وسنرى ما سيفعل مجلس الشورى.
بارك الله فيك أخي ربي يحفظك يا رب