تخطى إلى المحتوى

شبهة حول : تأخر تدوين الحديث عن تدوين الفقه 2024.

الشبهة

من الشبه الشائعة التي أصبحت عند البعض كأنها من المسلمات ، وقد يلقيها بعض المتخصصين في الدراسات الفقهية على الطلاب في الجامعات ، أن تدوين الحديث تأخر عن تدوين الفقه وانتشار المذاهب الفقهية ، الأمر الذي أدى إلى الخلاف بين الفقهاء ، بل بالغ بعضهم إلى درجة توهم البعد بين بعض المذاهب الفقهية المعتمدة وبين السنة النبوية . . !! .

الرد على الشبهة

هذه الشبهة من أصلها قول من أبعد النجعة عن الحقيقة ، والحقيقة التاريخية تثبت خلاف ما ادعاه هؤلاء ، وذلك للأمور التالية :

1 – إن حفظ الحديث قد توفر لدى الصحابة رضوان الله عليهم بأقوى ما يكون ، وكان جماعة من الصحابة على إحاطة بجملة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد وجد في كل قطر من الأقطار من يؤدي الحديث بجملته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة ثم من التابعين وهكذا ، ناهيك عن حفظهم للقرآن واعتنائهم بدراسته والتفقه فيه ، وهو الأصل الأول في التشريع ، فكانوا بذلك في غنى عن التدوين لما وعته صدورهم من العلم .

2 – ما سبق ذكره من تحقق التدوين منذ عهده صلى الله عليه وسلم ، وهو على كل حال يدل على أن الحديث حظي من التدوين والنشر بما لم يحظ به الفقه إلا بعد عهد .

3 – أن تدوين الفقه بدأ في ضمن تدوين الحديث ، حيث جَمَعت المصنفات والموطآت الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة والمقطوعة ، فالحقيقة أن العكس هو الصواب ، وهو أن تدوين الحديث سبق تدوين الفقه ، وانتشار المذاهب .

4 – أن أسباب الخلاف بين الفقهاء ترجع في حقيقتها إلى أمور جوهرية أوسع وأبعد بكثير من غياب حديث أو روايةٍ عن الفقيه ، ولو استقصينا المسائل التي وقع فيها الخلاف بسبب ذلك لكانت مسائل يسيرة من أبواب الفقه ، أما سائر المسائل الخلافية فيرجع الخلاف فيها إلى أسباب جوهرية أخرى تتصل بطبيعة تلك المسائل الاجتهادية التي من شأنها ومن سنة الله أن تختلف فيها العقول والأفهام ، وقد وقع الخلاف في عهده صلى الله عليه وسلم بين الصحابة في نص واحد وجَّهه إليهم جميعاً يوم بني قريظة ، ولم يعنف صلى الله عليه وسلم أحداً من الفريقين .

فهذا كله وغيره كثير من الوجوه التي تبطل ادعاء تأخر تدوين الحديث عن تدوين الفقه ، وتبطل زعم أن ذلك التأخر كان منشأ تفرق المذاهب الإسلامية الفقهية .
—————
المرجع :
منهج النقد في علوم الحديث د . نور الدين عتر بتصرف
=========

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.