تخطى إلى المحتوى

سليمان بن عبد الملك وأبو حازم 2024.

  • بواسطة

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

دخل سليمان بن عبد الملك المدينة، فأقام بها ثلاثاً، فقال‏:‏
ما ههنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدثنا‏؟‏
فقيل له ‏:‏ ههنا رجل يقال له أبو حازم ، فبعث إليه فجاء‏.
‏ فقال سليمان‏:‏ يا أبا حازم، ما هذا الجفاء‏؟‏
قال أبو حازم‏:‏ وأى جفاء رأيت منى‏؟‏
فقال له‏:‏ أتاني وجوه المدينة كلهم ولم تأتنى ‏؟‏‏!‏
فقال ‏:‏ ما جرى بينى وبينك معرفة آتيك عليها‏.‏ قال صدق الشيخ‏
.‏ يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت‏؟‏
قال ‏:‏ لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب‏.‏
قال‏:‏ صدقت يا أبا حازم، فكيف القدوم على الله تعالى‏؟
‏ قال ‏:‏ أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله فرحاً مسروراً ، وأما المسيء فكالآبق ( الآبق: أي العبد الهارب من سيده) يقدم على مولاه خائفاً محزوناً‏.‏
فبكى سليمان وقال‏:‏ ليت شعرى، ما لنا عند الله يا أبا حازم؟ فقال أبو حازم‏:‏ اعرض نفسك على كتاب الله ‏؟‏ قال‏:‏ عند قوله: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ. وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} ‏[الانفطار 13- 14‏].‏
قال يا أبا حازم، فأين رحمة الله‏؟‏ قال‏:‏ {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}‏ ‏[‏الأعراف ‏:‏56‏]
قال‏:‏ يا أبا حازم، من أعقل الناس‏؟‏ قال ‏:‏ من تعلم الحكمة وعلمها الناس‏.
‏ قال ‏:‏فمن أحمق الناس‏؟‏ قال‏:‏ من حط نفسه فى هوى رجل وهو ظالم، فباع آخرته بدنيا غيره‏.‏
قال ‏:‏ يا أبا حازم فما أسمع الدعاء‏؟‏ قال‏:‏ دعاء المخبتين‏.
‏ قال ‏:‏ فما أزكى الصدقة‏؟‏ قال ‏:‏ جهد المقل‏.‏ قال يا أبا حازم، ما تقول فيما نحن فيه‏؟‏ قال ‏:‏ أعفني من هذا‏.‏
قال سليمان: نصيحة تلقيها‏.‏
قال أبو حازم ‏:‏ إن ناساً أخذوا هذا الأمر عَنوة من غير مشاورة المسلمين، ولا إجماع عن رأيهم، فسفكوا فيه الدماء على طلب الدنيا، ثم ارتحلوا عنه، فليت شعرى، ما قالوا‏؟‏ وما قيل لهم‏؟‏ فقال بعض جلسائهم‏:‏ بئس ما قلت يا شيخ،
فقال أبو حازم‏:‏ كذبت، إن الله أخذ ميثاق العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه‏.
‏ قال سليمان‏:‏ يا أبا حازم، أصبحنا تصيب منا ونصيب منك‏.‏ قال‏:‏ أعود بالله من ذلك ‏.
‏ قال ‏:‏ ولم‏؟‏ قال‏:‏ أخاف أن أركن إليكم شيئا قليلاً، فيذيقنى ضعف الحياة، وضعف الممات ‏.
‏ قال ‏.‏ فأشر على، قال ‏:‏ اتق الله أن يراك حيث نهاك ، أو يفقدك حيث أمرك‏.‏ قال ‏:‏ يا أبا حازم، ادع لنا بخير‏.‏ فقال‏:‏ اللهم إن كان سليمان وليك فيسره للخير، وإن كان غير ذلك ، فخذ إلى الخير بناصيته،
فقال ‏:‏ يا غلام، هات مائة دينار ثم قال‏:‏ خذ يا أبا حازم ‏.‏قال لا حاجة لى به، لى ولغيرى فى هذا المال أسوة، فإن واسيت بيننا وإلا فلا حاجة لى فيها، إنى أخاف أن يكون لما سمعت من كلامى‏.‏

اللهم اصلح حالنا

بارك الله فيك …………………

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.