تخطى إلى المحتوى

رمضان وولادة القلوب 2024.

رمضان ..وولادة القلوب
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عبده المصطفى نبينا محمد
وعلى آله ومن بأثره اقتفى
إخواني الكرام

أيام معدودة وتستقبِل الأمّة هذا الزائرَ الحبيب
الزائر الذي تهفو له الأرواح
وتنتظر القلوب قدومه السنوي العطر

إنه رمضان ..
موسم الرحمة والغفران.. والعتق من النيران
أيامه المعدودة لا نكاد نستقبلها إلاوسرعان ما نودعها
أيام بدأنا نتنسم عبقها الطاهر
رمضان نعيم لا يمل

وبهجة لاتنسى

مسالك الخير فيه جمة متنوعة
ونفحاته كثيرة ماتعة
لا يغتنمه المحروم
ولايفرط به المرحوم

فمن ذا الذي لا يحبك يا رمضان

رمـضانُ أقـبلَ يا أُولي الألبابِ = فاستَـقْـبلوه بعدَ طولِ غيـابِ
لايَدخـلُ الـريَّـانَ إلا صائـمٌ = أَكْرِمْ بـبابِ الصْـومِ في الأبوابِ
الصومُ مـدرسةُ التعفُّـف ِوالتُّقى = وتـقـاربِ البُعَداءِ والأغـرابِ
الصومُ رابـطةُ الإخـاءِ قويـةً = وحبالُ وُدِّ الأهْـلِ والأصحـابِ

ولكن يبقى السؤال العملي الهام
ماذا أعددنا لرمضان ؟

هل بدأنا الإعداد له بنية وعزم صادق؟
هل أهلنا قلوبنا لاستقباله
هل خططنا للاستفاده منه
ألا يستحق العتق من النار أن أعد له
أبواب الجنة مفتحة فهل تشوقت لها النفوس
وشمرت عن ساعد الجد
تائقة للنهل من هذا المعين

أم سنستقبل رمضان

بمجالس الغفلة والتقصير والمعاصي
تاركين حلاوة المناجاة ولذة الدموع

أما آن لك يا نفس
أن تنفضي غبار الذنوب التي اثقلتك
والأحزان التي أقعدتك
جاءتك يا نفس فرصة
لميلاد جديد سعيد
لتولدي تقية نقية
صادقة مخلصة
أبية مجاهدة
فأبشري وتجهزي لهذا الموعد
وتذكري من الآن نداء رمضان
أن يا باغي الخير أقبل
ويا باغي الشر أقصر

قد يقول بعضهم لما تهولون علينا وتطلبوا منا الجد والتشمير للفوز في هذا الشهر
العظيم فرحمة الله واسعة ونحن متكلون على مغفرته وراجون عفوه..ولهؤلاء
نسوق هذا الكلام النافع اختصرته من كتاب الداء والدواء لابن القيم طبيب القلوب بامتياز

شروط الرجاء:
ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا رجاؤه ثلاثة أمور:
أحدها: محبته ما يرجوه
الثاني: خوفه من فواته
الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان
وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني والرجاء شيء والأماني شيء
آخر فكل راج خائف والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير مخافة الفوات.

وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل إلا إن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله الجنة"
وهو سبحانه كما جعل الرجاء لأهل الأعمال الصالحة فكذلك جعل الخوف لأهل الأعمال
الصالحة فعلم أن الرجاء والخوف النافع هو ما اقترن به العمل قال الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ
بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}

وقد روى الترمذي في جامعه عن عائشة رضي الله عنها قالت:
"سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقلت أهم الذين يشربون
الخمر ويزنون ويسرفون؟ فقال: لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون
ويتصدقون ويخافون أن لا يتقبل منهم أولئك يسارعون في الخيرات"

والله سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن
ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف ونحن
جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن فهذا الصديق يقول:
"وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن" ذكره أحمد عنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.