عندما نقف على آيات الله ونتأمل حكمة الله عز وجل في توصية الأبناء بالآباء خيرا
ونجد الآيات في مواضع مختلفة تحثنا على البر والإحسان بالوالدين فلا عجب من ذلك ,
والآيات كثيرة والوصايا عديدة تشمل جميع نواحي الحياة , وحتى بعد الممات أيضا
وقد قرن الله عز وجل رضاه ببر الوالدين , وقرن توحيده وعدم الشرك به بالإحسان إلى الوالدين .
قال تعالى :
" وَاعْبُدُواْاللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً "
النساء
وكذلك الأحاديث النبوية قد أمرتنا وحثتنا على طاعتهما وبرهما وحسن معاملتهما
فعن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله قال :-
" يا رسول الله :
من أحق الناس بحسن الصحبة؟
قال : أمّك ثم أمّك ثم أمّك ثم أباك ثم أدناك أدناك "
متفق عليه
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس واليمين الغموس "
رواه البخاري.
فكما وجدنا الآيات والأحاديث كثيرة وعديدة
وهذا أمر طبيعي ولا عجب أن نؤمر بطاعتهما وحبهما والعطف عليهما
وعدم عقوقهما , والتحذير بشدة من ذلك .
لكن العجب العجاب الذي يدعو إلى التساؤلات العديدة والذي قلب موازين الأمور الطبيعية
هو عقوق الآباء للأبناء !!!!!
فقد جبلت الفطرة البشرية على حب الآباء للأبناء
وتقديم كل ما يملكون وأغلى ما يمتلكون لأبنائهم
وفداء أبنائهم بأرواحهم
ولكن في زمن تاهت فيه القيم الأساسية للحياة
وفي زمن انقلبت فيه الأمور رأسا على عقب
نجد آباء – ولن نعمم لان التعميم ظالم دائما –
نجد أباء فقدوا نعمة البصيرة ,
أباء فقدوا نعمة الحب والعطاء والعطف على أبنائهم ,
أباء أضاعوا حقوق أبنائهم وجحدوهم ,
ونجد الظلم منهم لأبنائهم واضحا وبينا .
وسأتكلم عن شريحة ونوعية من هذا العقوق
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ابنه ,فأحضر عمر الولد
و أنّبه على عقوقه لأبيه و نسيانه لحقوقه عليه ,
فقال الولد :
يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ !!!
قال : بلى ،
قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟
قال عمر :
أن ينتقي أمه و يحسن اسمه و يعلّمه الكتاب أي " القرآن " .
قال الولد :
يا أمير المؤمنين إنّ أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ،
أما أمي فإنها زنجيّة كانت لمجوسي …
و قد سماني جعلا أي " خنفسا "
و لم يعلّمني من الكتاب حرفاًواحداً,
فالتفت عمر رضي الله عنه إلى الرجل
وقال له : جئت إليّ تشكو عقوق ابنك
و قد عققته قبل أن يعقّك ,
و أسأت إليه قبل أن يسيء إليك .
لم يهتم بعض الآباء الآن باختيار الزوجة الصالحة
التي تكون أما صالحة لأبنائها ,
فنجد شريحة من الرجال تهتم بالشكل والمظهر الخارجي
والمال وتنسى ذات الدين والخلق والأصول ,
فهو إذ لم يهتم بمن ستربي له أبنائه
فيكون قد عقهم قبل أن يأتوا إلى الدنيا .
وعندما أنجبهم لم يقم على حسن اختيار اسم مناسب لعصرهم
وأوانهم وكيانهم
فعقهم قبل أن يعواويفطنوا,
وعندما اهتم الآباء بتعليم أبنائهم في مدارس أجنبية ,
وزرعوا ثقافات مختلفة ومغايرة للدين
وتعاليمه , وأهملوا جانب الدين والأركان الأساسية للإسلام ,
وعندما غفل أو تغافل عنهم بنزواته وشهواته
وكسب المال من أي طريق كان سواء حلال أم حرام .
وعندما لم يهتم أن يطعمهم من مال حلال حتى يحميهم من النار
فقد عقوهم قبل أن يستطيعوا تقييم الأمور .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به )
صححه الالباني والنماذج كثيرة ومتعددة الأشكال لعقوق الآباء للأبناء
تقول أحدى السيدات ( وهى جارتي )
لقد تزوجت زوجا صالحا بحمد الله يحب والديه حبا لم أره على احد من البشر
كان مطيعا لهما مخلصا مفنيا عمره لأجلهما
كان لا يأتي المنزل بعد يوم شاق طويل من العمل خارج بلدتنا
إلا بعد أن يزور والديه يوميا
كان يخرج من البيت في الثامنة صباحا ولا يعود إلا في الواحدة ليلا
ويذهب اليهما ويطمئن عليهما ويلبي طلباتهما
وكنت انزعج من ذلك الوضع في بداية حياتي الزوجية
لكنه بطريقته المعهودة في الإقناع أقنعني بأنه
كما تدين تدان
وبروا آباءكم تبركم أبناءكم
هو بر والديه وأحسن معاملتهما وعشرتهما وكبرهما
كما امرنا الله تعالى بذلك
ولكن هل والداه قد قاما ببره ؟ !!!
لا أظن
تقول مسترسلة
لقد حرمنا والداه من حقنا الشرعي الطبيعي الذي أمر الله به في الميراث
وقام والديه بتقسيم ثروتهما على حياة عينهما
ووزع والده الثروة بأكملها لابنه الآخر
ولم يبقي لنا إلا الفتات
ولم يتذمر زوجي على والديه برا لهما
حتى إنهم عندما نقلنا إلى شقة أخرى
بعيدا عن مكان شعرنا فيه بظلم قاتل
قام والداه بطلب الشقة كي يقيما فيها بقية عمرهما
ولم يحرمهما زوجي منها رغم شدة احتياجنا لها
كي نستفيد منها عن طريق تأجيرها
ومع ذلك بر والديه ولم يأخذ منهما طبعا مقابل
ثم بعد ذلك أعطى والده الشقة لابنه الآخر
كي يوسع على نفسه وأبنائه
وهنا انزعج زوجي وقال هذا ما نلته من تقسيم الميراث الكبير
حتى هذا لا أستطيع الاستفادة منه
وحتى هذا أعطاه والدي مؤقتا لأخي
ومع ذلك لم يعق زوجي والده
وما زال يحسن إليه بمعاملته الحسنة وقلبه الأبيض المثالي
والآن اشعر بالظلم وان زوجي بر والديه ولكن
هل يا ترى بره والداه كذلك ؟
وحتى الفتات طمع فيهالآخرين
أليس هذا عقوقا واضحا؟
وهناك من عق أبنائه من الناحية الدينية
تقول فتاة أخرى
وهي تتعجب من رفض والدها من تدينها، وتحكي عن نفسها قائلة :
تخرجت في كلية الهندسة
والحمد لله… أنا ملتزمة، ولدت في أسرة لا تعرف أي نوع من أنواع
الالتزام .
كان أحب إلي والدي أن أقول له :
" أنا سأذهب إلى النادي "
من أن أقول له : إني ذاهبة إلى مسجد .
وعندما أحتج على هذا يتم ضربي وسبي،
فكنت أكذب لكي أنزل إلى المسجد أو أحضر درس علم ،
وأقول أني ذاهبة إلى النادي ،
أو أني سأذهب إلى إحدى صديقاتي نتنزه وسأرجع متأخرة
وليس هذا فقط ،
بل عندما يتقدم لي شاب ملتزم يتم رفضه وطرده ، لأنه ملتزم ".
فأتحسر …. فكم كنت أتمنى أن أحيا بين أب وأم يعرفون أمور دينهم
ويعلمونها إياي
أو على الأقل يحبون الدين ويشجعونني على الالتزام والقرب من الله
وطاعته ورسوله
وليس الأمر مقصورا على الفتيات
فهذا رأي احد الشباب فيقول :
" أنا شاب نشأت في أسرة لاأرى فيها أبي كثيرا
فهو كثير السفر، كل همه أن يأتي بالمال
اشترى لنا شقة في مكان مميز، واشترى لي سيارة .
كل شيء أريده معي ، غير أبي!!!
تعرفت على مجموعة من الشباب ،ألهو وأعبث معهم أسهر الليالي ،
أنجح في دراستي " بالعافية "
غير أني سئمت الحياة ، كرهت كثرة المال
ليتني فقدت كل شيء ليتني كنت فقيرا ومعي أبي "
وهذه شكوى من أبناء عن سوء علاقة أمهم بالله عزوجل
وسببها عدم حسن اختيار الأب للزوجة الصالحة والأم
التي تربي أبناءه على حب الله ورسوله ودينه
أكتب إليك يا سيدي، وكان من المفروض ألا أكتب
بل أكتب عمن كان يجب عليها أن تكتب إليك ،
إنها أمي .. نعم أمي ، وقبل أن أحكي لك ما أريد
وأبث ما في صدري تجاه من ولدتني
أحب أن أعرفك أني شاب من مصر،
في بدايات الشباب طالب في الثانوية العامة
وأنا أكبر إخوتي ، وكلهن إناث أكرمنا الله تعالى بمعرفة أمور ديننا
ونحاول قدر جهدنا أن نلتزم بأمور ديننا
ووالدي العزيز يسعى لهذا معنا
ولكنه ضعيف الشخصية أمام والدتي
فهي سيدة البيت ، وليس أبي
ويا ليت هذا وحده
فعلاقتها بالدين هشة ضعيفة وبيتنا كبيت العنكبوت
بل لو كان هناك وصف أكثر من هذا لقلته
فوالدتي – هداها الله – لا تعرف الله
فالصلاة عندها شيء خارج عن قاموس حياتها
وكم سعينا أن نأخذ بيدها ، ولكن هيهات
ربما أرضتنا أحيانا بصلاتها يوما أو يومين
ولكن سرعان ما تعود إلى أدراج بعدها عن الله
فانظر كيف يكون حالنا نحن ، ونحن نرى أمنا بعيدة عن الله
لا ندري مصيرها عند الله ؟
وهذه نماذج نعتبر أنها غيض من فيض، وقليل من كثير
ولو كشف الغطاء عن عقوق الآباء لأبنائهم
لرأينا العجب العجاب
همسة في أذن كل أب وأم أن يتقوا الله في أبنائهم
وان يزرعوا الحب ليحصدوا الوفاء
وان يحمدوا الله عز و جل على نعمة الإسلام أولا
ثم نعمة أن رزقهم الله الذرية التي حرم منها غيرهم
وان يقدروا تلك النعمة ويحسنوا معاملتها وتربيتها
وان يراعوا حق الله في أبنائهم
وان كان أحد الأبوين قد أسئ إليه من أبويه وهو صغير
فعليه بالتعويض في أبنائه بحبهم والعطف عليهم
وتعويض ما حرم منه وفقده من أهله
في الجيل الجديد الذي سيحاسبه الله
على إهماله وعقوقه اشد حساب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" كفى المرء إثماً أن يضيع من يعول"
فعليك أيها المربي أن تبذل قصارى جهدك مع من تعول وتربيه على الإسلام والخلق والقيم
واتق الله فيه كي يخرج نشأ صالحا نافعا لنفسه ولأهله ولمجتمعه
وعلى كل أب وأم أن لا يقول هكذا أنا تربيت
ولا أستطيع فعل شيء آخر
فعليه ألايتخذ آباءه قدوة له
و يقول رغما عنى أفعل مع أبنائي ما فعله معي أبى و أمي
لان ديننا الإسلام و قدوتنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم و أمهات المؤمنين
فعلينا إتباع نهج الرسول صلى الله عليه وسلم
في المعاملة الحسنة
فهو الرحمة المهداة للعالمين في كل زمان ومكان
منقوووووووووووووووووووووووووووووووووووووول
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
شكرا لمروركم
موضوغ غاية في الروعة جزاك الله الف خير