تخطى إلى المحتوى

رسالة إلى أخت بمناسبة زواج زوجها بأخرى [ الشّيخ د.عاصم القريوتي ] 2024.

رسالة إلى أخت بمناسبة زواج زوجها بأخرى
[ الشّيخ د.عاصم القريوتي ]

( الأستاذ المشارك بكلية أصول الدين
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية )
بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة إلى أخت بمناسبة زواج زوجها بأخرى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فاعلمي – رحمك الله ورعاك – أن الله عز وجل قد منّ عليكِ بنعمة الإسلام ،
وهذه نعمةٌ لا تعادلها نعمة، ومن حُرِمها فقد حُرِم خيري الدنيا والآخرة،
إذ لا سعادة حقيقية لأحد بدونه.

ومما لا شك فيه أن الإسلام يستلزم الاستسلام والانقياد التام لأوامر الله وشرعه،
ولذا كان من صفات المؤمنين قول الله تعالى:

(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
[النور/51].

ولذا كان الصحابة – رضي الله عنهم – يُبادرون بالامتثال إلى أوامر الله
وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم في وقائع وقصص كثيرة
مسطورة في كتب السنة والسيرة.

واعلمي – حفظك الله – أن من لوازم الإيمان بالله عز وجل الرضا بقضاء الله وقدره،
وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك،
فإذا عُلم هذا فالواجب التسليم بقضاء الله وقدره فيما يعتري المرأة من شيء
وإن خالف هواها، طالما أن زوجها قد فعل شيئاً مما شرعه
الله في كتابه وسنة نبيه.

وأوصيكِ – حفظك الله – بالصبر إذ لم يُعطِ الله عز وجل أجراً بغير حساب
كما وعد الصابرين في قوله تعالى:

( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ
وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
(10) [الزمر/10].

وليهنأ الصابرون حيث يكون الله معهم حيث يقول جلَّ وعلا :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )

فما أجمل الصبر وما أروعه وما أعظم أجره، فالسعيدة من وفقها آلله لذلك،
إذ بذلك يُكتب لها الأجر العظيم عند ربها بغير حساب ،
ويكون عوناً كبيراً على السعادة للأسرة،
ويدوم به الوئام والود والمحبة.

وحذارٍ – أختنا في الله – أن نترك الشيطان يلعب بعقولنا ،
ويجعل من سخطنا تقصيراً في شؤون الزوج ، الذي له الحق العظيم،
كما جاء في أحاديث كثيرة معلومة ، ومنها :

قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم :

" إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ "
[رواه أحمد وابن حبان والطبراني].

فالمرأة كلما كانت مطيعةً لربها ، مؤديةً حق زوجها كان هذا من أسباب
دوام المحبة والمودة بينهما، وأما ردة الفعل اتجاه زوجها بالتقصير
في حقه فلا يبعد أن يكون سبباً كبيراً لحصول ما لا يُحمد عقباه.

وأما العلاقة مع الأهل خصوصاً فآمل ألا يُعكِّر ذلك من قِبَلَك ، بل احرصي
على أن تهوّني عليهم ذلك، بدل أن تكوني سبباً لزيادة انفعالهم – إن حصل – .

وأنصحك بأن لا تصغي لمن تحدثك بما يعكر عليك دوام الألفة بينك وبين زوجك،
وتقول لك بأنك أنت كذا وكذا فكيف تزوج عليك ؟!

أقول : نعم أنت كذا وكذا من الصفات الفاضلة ، ونرجو أن تكوني خيراً مما نعلم ،
ولكن زواج الرجل لا يستلزم وجود النقص أو التقصير في حقه من الزوجة ،
وما دام الأمر كذلك فالواجب على المسلمة أن تهوّن على أختها أو صاحبتها
وتصبّرها وتنصحها في أداء حق ربها ، وبعدم التقصير في حق زوجها ،
وأن تستمر في الإحسان إليه وحسن العِشرة.

وذلك لأن المسلم مطلوبٌ منه أن يكون صالحاً مصلحاً ،
ومفتاحاً من مفاتيح الخير والوفاق بين الزوجين ،
لا أن يكون مفتاحاً من مفاتيح الشر وتصدع الأسرة حتى يدب الفراق.

و على المرأة إذا تزوج زوجها بأخرى أن تكون خيراً مما كانت عليه سابقاً ،
وأدنى ذلك ألا تقلّ عما كانت عليه من حال في أداء حقه قبل زواجه.

و هذا ما سال به القلم ، و انقدح في الخاطر ، وإن أردت إلا الإصلاح،
وما توفيقي إلا بالله.

والله أسأل أن يديم السعادة والمودة بينكم ، وأن يبارك لكم في حياتكم ،
ويكللها بالوئام والوفاق ، إنه سميع مجيب .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم:

د.عاصم القريوتي

لاعليك……………………….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.