وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
وأولي رحلاتنا ستكون في العين
الصور التالية أُخِذت بالمجهر الالكتروني لشبكية العين:
هنا تظهر الخلايا العصوية والمخروطية والتي تشكل إحدى طبقات الشبكية، وظيفتها استقبال الضوء وتمييز الألوان
وهذه صورة مكبرة لخلية عصوية
هذه الصورة لطبقات الشبكية بالمجهر الضوئي تظهر فيها ال10 طبقات
هذه الصورة للعين كما تظهر عند استخدام جهاز ophthalmoscope وهو منظار العين المباشر، ويستفيد الطبيب من هذا الاختبار في تقييم حالة الشبكية والأوعية الدموية والقرص البصري.
هنا يظهر القرص البصري وتخرج منه الأوعية الدموية
نــصــيــحــة:
قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30].
رحلة داخل الكبد
الإنسان أحياناً يأتي بقطعة من هذا الكبد إلى البيت تؤكل في وقت المساء أو في الصباح، وهو طعام لذيذ، لكن لو عرف الإنسان أن هذا الجهاز يقوم بمهمات يعجز عنها كبار العلماء,
هذا الكبد بالتعريف الدقيق منطقة صناعية كاملة، وهو من آيات الله الكبرى الدالة على عظمته، هذا الكبد الذي أودعه الله في أحشائنا،
هو أكبر عضو في الأحشاء، والإنسان يتوهم أنه لا يستطيع أن يعيش من دون قلب أكثر من ثلاث دقائق،
يجب أن نعلم أنه أيضاً لا يستطيع أن يعيش من دون كبد أكثر من ثلاث ساعات،
الشيء الذي لا يصدق أن هذا العضو الكبير الخطير، الذي هو منطقة صناعية كاملة، لو أنك استأصلت أربعة أخماسه بمبضع الجراح يستطيع أن يعيد يناء نفسه في ستة عشر أسبوعاً، أسرع خلية على الإطلاق في النمو خلية الكبد ـ تعود إلى نفس الحجم ـ نعم لو أن نصف الكبد أصابه تلف، وجاء الطبيب الجراح فاستأصل نصفه بكامله في أسابيع معدودة يعيد الكبد بناء نفسه، الآن صار هناك زراعة كبد، لكن العملية نجاحها في المئة ثلاثون، وتكلف عشرات الملايين,
شيء آخر، إذاً هذا الكبد عنده قدرة فائقة عجيبة على ترميم ذاته، وإعادة بناء ذاته، لأن خلايا الكبد هي أسرع خلايا انقساماً على الإطلاق,
هذا الكبد يقوم بوظائف، بعضهم قال: يقوم بخمسمئة وظيفة، بعضهم قال بسبع مئة وظيفة، بعضهم قال: وظائفه تعد بالآلاف، لكن الشيء الذي لا يصدق أيضاً أن كل خلية من خلايا الكبد تقوم بكل هذه الوظائف، ليس في الكبد اختصاص، كل خلية فيه تقوم بكل الوظائف، ذلك لأنه عضو خطير، لو كان في كل حيز من الكبد اختصاص لو أصيب حيز لانتهى الأمر، ولكن كل خلايا الكبد تقوم بكل وظائف الكبد، وهذه خصيصة نادرة في الأعضاء .
أول وظائف الكبد أنه مخزِّن للدم، حيث يستوعب 1500 من السنتيمترات المكعبة من الدم، الكبد في الأساس مخزن للدم، فإذا طرأ طارئ، وحصل نزيف، أو حادث، أو عملية ولادة، فإن هرموناً في الكظر يأمر الكبد أن يحرر هذا الدم ليكون تعويضاً للدم الذي فقده هذا الإنسان
من وظائف الكبد تخزين السكر، وتخزين الدسم، وتخزين البروتين، وتخزين الفيتامينات،و فحصت دم إنسان ففيه نسب ثابتة معيّرة من كل المواد، لو أن نسبة زادت لاختل توازن الإنسان، لكن المخزون الأساسي هو الكبد، فالكبد مستودعات الأغذية,
بالمناسبة معيّرة الإنسان متى يجوع ؟ لا يجوع إذا نقص الغذاء في دمه، لو فحصت دم إنسان جائع ترى النسب كلها نظامية، يجوع إذا نقصت المواد في المستودعات، بدليل أن الإنسان حينما يضطرب أو يأتيه خبر سيء ينسى أنه جائع، ويقوم بعمل مديد بطاقة عالية من دون أن يأكل، معنى ذلك أن الجوع هو نقص في المواد الغذائية التي في المستودعات، في الكبد,هناك مخزوناً في الكبد لا يمكن أن يصرف، هذا يسمى الآن الاحتياطي الاستراتيجي، لا يمكن أن يصرف إلا في حالة نادرة، إذا وضع الإنسان في مكان ليموت جوعاً، في مثل هذه الحالة ينفق هذا المخزون الاحتياطي، فالإنسان قد يجوع، يبحث عن طعام، أما حينما ييأس من أن يأكل، وقد وضع في مكان ليموت فيه جوعاً، هذا الاحتياط الاستراتيجي يتحرر من الكبد ليكون وقوداً للإنسان,
البنكرياس يفرز مادة يمكن أن تحرق السكر في درجة حرارة الإنسان، لو جئت بملعقة سكر، ووضعتها على يدك لا تحترق، فكيف نوفق بين احتراق السكر الذي يحتاج إلى مئة درجة، وبين احتراق السكر في الدم ؟ السكر في الدم يحترق بدرجة 37، بفضل مادة يفرزها البنكرياس، وهي الأنسولين، إذا ضعف إفراز هذه المادة بقي السكر الذي لم يحترق في الدم فترتفع نسبته، والسكر الذي يخترق ينتهي، فالبنكرياس يفرز مادة اسمها الأنسولين تسهم في حرق السكر في درجة الحرارة العادية، فإذا كان قلَّت المادة معنى ذلك أن السكر سوف يرتفع في الدم,
شيء آخر في الكبد المادة، أن هناك وظيفة رابعة له، هي وظيفة التكوين، فالكبد يكون عنصر التجلط، وعنصر التمييع، تعلمون أن الدم بين أن يكون مائعاً وبين أن يكون جامداً، إذا جمد الدم في الأوعية مات الإنسان، يقال: له جلطة، مثلاً، وإذا ماع الدم كثيراً، سال كله من ثقب صغير، وفي الدم صفيحات، وهذا من فضل الله عز وجل، وكريات بيضاء وحمراء، الصفيحات مهمتها سد الثغرات، الإنسان إذا أصيب بشظية، أو جرح يجب أن يخرج الدم كله، ولولا الصفيحات لسال دمه كله من ثقب بسيط، ولمات الإنسان، فلذلك كان تعيير الكريات الحمراء والبيضاء والصفيحات,
ثم إن الكبد يفرز عنصر يميع الدم، وعنصر يجلطه، من توازن إفراز هذين العنصرين يكون الدم في حالة بين الميوعة القاتلة وبين التجلط القاتل، هذا ما يسمى عند الإنسان سيلان الدم، والأطباء ينصحون الناس بعد الأربعين بتناول حبة أسبرين يومية، ليكون هذا الدم مائعاً حيث يبتعد عن أي تجلط، فيسبّب أزمة لصاحبه,
الآن الكبد نفسه يفرز البروتين، يعيّر، ويحدّد نسب الماء في الجسم، ومن التهب كبده أصيب بالاستسقاء، أي إنّ الجسم يخزن ماء كثيراً يفوق حاجته، من علامات التهاب الكبد الاستسقاء، هناك ماء كثير يودع في الأنسجة دون أن يستهلك، لأن الكبد هو الذي يعير نسب الماء في الجسم، لو أصيب الكبد بالتهاب حاد لضاع الإنسان فيما يسمى الاستسقاءَ,
من وظائف الكبد أيضاً أنه يدرس وضع السم في الدم، فإما أن يعدله بتفاعل كيماوي، وإما أن يقيّده، وإما أن يطرده، شيء رائع جداً، المجرم إما أن نطره خارج البلاد، وإما أن نقبض عليه، ونضعه في السجن، وإما أن نجرده من سلاحه، إما أن يقوم تفاعل فيلغي سميته، وإما أن يقيَّد فلا يؤذي أحداً، وإما أن يطرد خارج الجسم، وهذا من وظائف الكبد، وكما قلت في أول اللقاء: لا يستطيع الإنسان أن يعيش من دون كبد أكثر من ثلاث ساعات، لأنه منطقة صناعية كاملة,
الإنسان حينما يفكر في هذه الأجهزة العملاقة البالغة في الدقة، البالغة في الاختصاص، ألا يسبّح الله عز وجل ؟ ألا يقول: سبحان الله ! لأن معرفة الله أصل الدين، كيف نعرفه، الله عز وجل ذاته غائبة عنا، بدليل قوله تعالى:
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾
( سورة الأنعام الآية: 103 )
لكن هذا الذي صنعه بين أيدينا، الصنعة تدل على الصانع، فنحن نرى الله من خلال صنعته الدقيقة، وإتقانه لصنعته,
قلت قبل قليل: هناك نمط اقتصادي في الجسم، فهذه الكريات الحمراء التي ماتت تسهم أعضاء الجسم في تفكيكها إلى عناصرها الأولية، وإرسال بعضها إلى معامل كريات الدم في نقي العظام، ويسهم الآخر في إمداد الصفراء بهذه المادة التي تعين على هضم المواد الدسمة,
هناك التهاب كبد وبائي، هذا مرض خطير، مرض مميت، بالمناسبة أحبّ أن أنبّه الإخوة المستمعين أنه لو أن إنسانًا مصابًا بالتهاب كبد وبائي، وهو يعمل في مطعم، ولم ينظف ما بين أظافره وأصابعه بعد دخول الحمام فإن 300 رائد من رواد المطعم يصابون بهذا المرض، القضية خطيرة جداً، إنسان مصاب بالتهاب كبد وبائي بسبب وصول جرثوم إليه، إن لم يبالغ في تنظيف يديه حينما يعدّ الطعام فقد يصيب مئات الذين يرتادون هذا المطعم بهذا المرض المميت دون أن يشعر أحد، فلا بد من دقة بالغة في موضوع، هذا المرض الخطير اسمه التهاب الكبد الوبائي,
حينما يبالغ الإنسان في النظافة يكون قد بالغ في صون جسمه من الأمراض، والملاحظ أن أمراض القذارة كثيرة، والعدد دقيق، 300 مليون إنسان في الأرض مصابون بأمراض القذارة، بينما العالم الإسلامي يعد الشريط الأخضر، بحكم الوضوء والصلاة، والإنسان من خلال دينه يبالغ في تنظيف نفسه، وفي تنظيف فتاحاته وأعضائه، فهذه الأمراض خطيرة جداً، سببها القذارة، وعدم التنظيف، فهذا التهاب الكبد الوبائي يأتي من جرثوم، فالإنسان إذا لم يعتنِ بنظافة طعامه، ونظافة أعضائه فقد يصاب بهذا المرض,
تشمع الكبد في الأعم الأغلب سببه شرب الخمر، الكحول أحد أسباب تشمع الكبد، التشمع يعني التليّف، هذا الكبد خلاياه تعطلت عن أن تقوم بوظائفها، فيجب أن نعلم علم اليقين أن العلاقة بين المعصية ونتائجها علاقة عليمة، علاقة سبب بنتيجة، وأن العلاقة بين الطاعة ونتائجها علاقة علمية، علاقة سبب بنتيجة، لأن هذا الدين منهج الله عز وجل، منهج الله قائم على قوانين، الفرق بين الدين السماوي، وبين الدين الوضعي، الدين الوضعي طقوس حركات وسكنات وتمتمات لا معنى لها، وليس فيه منهج، لكن دين الله عز وجل يتّسم بمنهج، والمنهج مبني على أمر ونهي، والأمر والنهي أساسه المواد النافعة والمواد الضارة، فحينما يعاقر الإنسان الخمر فقد يصاب كبده بالتشمع.
رحلة داخل المشيمة ؟ وما هو السائل الامينوسي ؟
********************************************
اللهم صلِّ، وسلم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لكل إنسان زمرة نسيجية لا يشبهه فيها واحد في الأرض، ثبت الآن أن لكل إنسان زمرة نسيجية،
ولكل إنسان خصائص ينفرد بها منها: قزحية العين، ومنها بلازما الدم
ومنها رائحة عرق الجلد، ومنها نبرة الصوت، ومنها بصمة الأصابع،
هذه هوية، فكما أن الله جل جلاله فرد في ذاته هذه الصفة لكرامة الإنسان عند الله منحها للإنسان،
فالإنسان فرد لا شبيه له،
هذا الغشاء العاقل الذي بين دورتي دم الأم والجنين، ذكرت قبل قليل أن مع الجنين
قرصاً تلتقي فيه دورتا دم الأم ودم الجنين، ولكل دم زمرة، ولا يختلط،
بين الدورتين غشاء يقوم بأعمال يعجز عنها أعلم علماء الطب،
بل إننا لو أوكلنا مهمات هذا الغشاء إلى أعلم علماء الطب لمات الجنين في ساعة واحدة،
يقوم بشيء لا يصدق، هذا الغشاء سمي الغشاء العاقل لأنه يقوم بأعمال في أعلى درجة
من الحكمة والعقل، مثلاً هو بين دم الأم ودم الجنين، والسائلان الدمويان لا يختلطان،
الغشاء العاقل يأخذ من دم الأم ما يحتاجه الجنين من المعادن، من الفيتامينات،
من البروتينات، ومن الشحوم، من المواد السكرية،
وكأن هذا الغشاء العاقل باختياره للمواد الغذائية التي يحتاجها الجنين كل يوم،
وكل يوم تتبدل هذه النسب بحسب نمو الجنين، التعيير متغير يومياً فيختار من دم الأم
ما يحتاجه الجنين من مواد موجودة في دم الأم، إذاً هو جهاز هضم للجنين يقدم له الغذاء،
ثم إن هذا الغشاء العاقل يختار الأوكسجين من دم الأم،
وينقله إلى دم الجنين كي يحرق هذا الأوكسجين المواد السكرية فتنشأ الطاقة،
ثم إن هذا الغشاء العاقل يأخذ مناعة الأم، ويضعها في دم الجنين،
فجميع الأمراض التي أصيبت بها الأم، وعوفيت منها، وأصبح عندها مناعة ضد هذا
المرض تنقل هذه المناعة إلى دم الجنين كي يحصن من هذه الأمراض التي أصابت أمه،
إذاً هو جهاز مناعة مكتسب، لكن هذا الغشاء العاقل يقوم بعملية معاكسة يأخذ من
دم الجنين ثاني أو كسيد الكربون نواتج الاحتراق، يأخذ من دم الجنين حمض البول،
يأخذ من دم الجنين المواد السامة، ويضعها في دم الأم كي تطرح عن طريق كليتي الأم وجهازها التنفسي.
صارت المشيمة جهاز هضم، وجهاز تنفس، وجهاز مناعة مكتسب، وجهاز تصفية للدم، كليتان،
الشيء الغريب أن هذا الغشاء يعطي دم الجنين مواد تعين على حرق السكر في الدرجات الاعتيادية،
إذاً هو بنكرياس للجنين، هذا دور الأنسولين، الأنسولين مادة يفرزها البنكرياس من أجل أن
يحترق السكر في درجات متدنية في جسم الإنسان، إذاً هذا الغشاء العاقل يقوم بدور البنكرياس.
ثم إن هناك حقيقة في جسم الإنسان أن كل جسم غريب عن الجسم يرفضه الجسم،
والجنين شيء غريب ينبغي أن يرفض، لكن هذا الغشاء العاقل يفرز مواداً تمنع رفض هذا المولود الجديد،
هذا الغشاء العاقل سمي عاقلاً لأنه يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء، وكما قلت قبل قليل:
لو أوكل أمر الوظائف التي يقوم بها الغشاء العاقل إلى أعلم علماء الطب لمات الجنين في ساعة واحدة.
ثم إن هذا الغشاء العاقل يحث الثديين في الأم على إفراز الحليب قبيل الولادة،
والحقيقة أن هذا الغشاء يقوم بأعمال مذهلة، وكلكم يعلم أيها الإخوة المستمعون أن المادة ليست عاقلة،
لا تصدق أن سيارة بلا إنسان يمكن أن تنطلق، وأن تقف عند الإشارة الحمراء،
وأن تطلق البوق لطفل مر أمامها، ثم أن تقف إذا سمعت صوت الشرطي يدعوها للوقوف،
هذا شيء غير مقبول إطلاقاً، فالمادة ليست عاقلة،
ومادام هذا الغشاء يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء فهذا من تسيير الله جل جلاله، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)﴾
[ سورة التين ]
فإذا عرفنا، وارتقت نفسه سعد في الدنيا والآخرة، وإذا غفل عن الله عز وجل،
وتفلت من منهجه، وأساء إلى خلقه شقي في الدنيا والآخرة.
كيف يتقي الجنين الصدمات ؟
بادئ ذي بدء يقول الله جل جلاله في كتابه العزيز:
﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾
[ سورة الزمر: الآية 6]
لقد فسر العلماء هذه الظلمات تفسيرات متباينة، منهم من قال: إنها ظلمة البطن،
وظلمة الرحم، وظلمة الأغشية التي تحيط بالجنين، وقال بعضهم: إن الجنين محاط بأغشية ثلاثة،
وربما كان هذا من إعجاز القرآن العلمي، هناك أغشية ثلاثة تحيط بالجنين،
سؤالكم يقتضي أن نقف وقفة عند غشاء واحد، هو الغشاء الأمنيوسي،
هذا الغشاء هو الغشاء الباطن من جهة الجنين، أي أول غشاء من جهة الجنين هو الغشاء الأمنيوسي،
هذا الغشاء يحيط بالجنين من كل جانب إحاطة كاملة، هو كيس غشائي رقيق مقفل،
وفي هذا الغشاء المقفل سائل يزداد مع نمو الجنين اسمه السائل الأمنيوسي،
يصل إلى لتر ونصف لتر في الشهر السابع، ثم يعود إلى لتر قبيل الولادة،
وهذا السائل أيضاً يقوم بمهمات يعجز عن فهمها العلماء.
من منا يصدق أنه لولا هذا السائل لما نجا جنين من موت محقق،
هذا السائل يغذي الجنين ففيه مواد زلالية، ومواد سكرية، وأملاح غير عضوية،
وهذا السائل يحمي الجنين من الصدمات، وقد طبق هذا المبدأ في مركبات الفضاء
حيث أن كبسولة الرواد كان بينها وبين جسم المركبة سائل من أجل امتصاص الصدمات،
فحينما تأتي الجنين صدمة من جهة ما قوتها أربعة سنتمترات مثلاً فإن
السائل يوزع هذه الصدمة على كل السطح، فيصبح هذا الضغط نصف ميليمتر.
وإن أحدث طريقة لامتصاص الصدمات أن يكون بين الشيء الذي تخاف عليه،
والمحيط الخارجي سائل، مثل هذا السائل موجود في الدماغ، حيث إن المخ محاط بسائل
يمنع تأذي المخ بالصدمات، بل إن هذا السائل يمتص كل صدمة مهما تكن كبيرة،
هذا السائل الأمنيوسي هو الذي يحمي الجنين من الصدمات والسقطات والحركات العنيفة
التي تصيب المرأة الحامل، فإن أية ضربة أو أية صدمة يمتصها هذا السائل،
ويوزعها على سطح الجنين حتى لا يتأثر الجنين هذه المهمة الثانية.
المهمة الأولى أنه يغذي الجنين، المهمة الثانية أنه يمتص الصدمات،
المهمة الثالثة أن هذا السائل يسمح للجنين بحركة حرة خفيفة، فإن الأجسام،
وهي في السوائل تبدو حركتها أسهل بكثير مما لو لم يكن هناك سائل.
الوظيفة الرابعة لهذا السائل الأمنيوسي: إن هذا السائل جهاز تكييف له
حرارة ثابتة لا تزيد، ولا تقل إلا في أجزاء الدرجة، فمهما كان الجو الخارجي
بارداً أو حاراً، فإن هذا السائل يحقق للجنين حرارة ثابتة تعينه على النمو.
الوظيفة الخامسة: أن هذا السائل يمنع التصاق الجنين بالغشاء الأمنيوسي،
لأنه هناك نموًّا، ويخشى مع النمو أن يكون هناك التصاق بين الغشاء الأمنيوسي
وبين الجنين، ولو أن هذا الالتصاق حصل لكان هناك تشوهات في خلق الجنين.
والوظيفة السادسة: أن هذا السائل نفسه يسهل الولادة، وهو الذي يعين على
الانزلاق وتوسيع الأماكن التي سوف يمر بها الجنين.
والوظيفة السابعة لهذا السائل: أنه حينما يسبق الجنين إلى الخارج يطرح،
ويعقم المجرى لئلا يصاب الجنين بالتسمم، فمن تطهير المجرى، ومن تسهيل الولادة،
ومن منع التصاق الجنين بالغشاء الأمنيوسي، ومن تحقيق الحرارة الثابتة،
ومن تحقيق الحركة الحرة الخفيفة، ومن حماية الجنين من الضربات واللكمات،
ومن تغذية الجنين، هذه بعض الوظائف الخيرة التي يقوم بها هذا السائل
الأمنيوسي الذي هو بين الجنين وبين الغشاء الأول الذي يلي الجنين.
يقول الله عز وجل:
﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ﴾
[ سورة الزمر: الآية 6]
أي الغشاء يحقق ظلمة، غشاء أول، غشاء ثان، غشاء ثالث، ثلاث ظلمات:
﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾
[ سورة السجدة: الآية 6]
ذلك الخلاق العليم:
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)﴾
[ سورة غافر: الآية 64]
قال تعالى:
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)﴾
[ سورة القيامة ]
وقال تعالى:
﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)﴾
[ سورة عبس ]
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)﴾
[ سورة عبس: الآية 23]
ماذا ينتظر الإنسان، و قد رأى من آيات ربه الكبرى ؟
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)﴾
[ سورة القيامة: الآية 36]
أن يفعل ما يشاء، وأن يعتدي على من يشاء، وأن يستعلي في الأرض، ثم يترك سدًى بغير حساب ؟ لأن الله سبحانه وتعالى يبين لهم:
﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)﴾
[ سورة الذاريات: الآية 23]
أي هذا الكتاب الذي نزل على قلب النبي عليه الصلاة والسلام هو الحق المطلق.
سبحان الله
شكرا لك وجزاك الله كل خير