التعريف بالعلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له.
الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ به من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وصلى
الله على نبينا محمد الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، ووفّر من كل خيرٍ و كمالٍ على جميع العالمين نصيبه، و على آله الطاهرين، و أصحابه الهادين
المهتدين، و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أمــابعدُ:
فهذه نبذة تعريفية مختصرة لعالم من أعلام الجزائر وهو العلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له وفاءًا ببعض حقه علينا –
نحن معشر طلاب العلم- مما نشره من علم نقي صحيح، و دافع عن جناب السنة و التوحيد في بلادنا الحبيبة، من هجمات عتاة الأعداء من
الصوفيين و المستعمرين الفرنسيين ؛ و اعترافًا بفضله الذي لا يجحده إلا مكابر ! و لا ينكره إلا كنود حسود !! و إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل
الفضل !!
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)إسمه و نسبه:
هو عبد الحميد بن محمد بن مكي بن باديس الصنهاجي.
و ينتهي نسبه إلى المعز بن باديس مؤسس الدولة الصنهاجية الأولى التي خلفت الأغالبة على مملكة القيروان.
مولده:
ولد عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة يوم الأربعاء 10 ربيع الثاني 1308 الوافق لـ 4 / 12/ 1889م.
ووالده:محمد مصطفى بن باديس، صاحب مكانة مرموقة و شهرة واسعة.
و أمّــــه:السـيدة زهيرة بنت علي الأكحل بن جلول.
– نشأته العلمية و أعماله:
– حفظ القرآن الكريم على الشيخ المدّسي ، و لَمَّا يبلغ الثالثة عشر من عمره.
– أخذ مبادئ العلوم الشرعية و العربية على الشيخ حمدان الونّيسي.
– سافر إلى جامع الزيتونة بتونس و غيرهما ليلقي بعض الدروس في(الجامع الكبير)بقسنطينة من كتاب(الشفاء)للقاضي عياض رحمه الله، لكنه سرعان ما مُنع.
– في عام 1913م غادر قسنطينة متوجهًا إلى الحجاز لأداء فريضة الحج.
– في المدينة التقى بأستاذه حمدان الونّيسي، كما تعرّف على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي.
– رجع ابن باديس إلى قسنطينة ليباشر التعليم في : ( جامع الأخضر)بسعي من والده لدى الحكومة.
– وفي(الجامع الأخضر)ختم تفسير القرآن تدريسًا في ربع قرن، كما أتمَّ شرح كتاب(الموطأ)لإمام دار الهجرة مالك ابن أنس رحمه الله تعالى تدريسًا أيضًا.
أصدر بعد تأسيس( المطبعة الجزائرية الإسلامية)عدّة جرائد من أشهرها:
المنتقد، الشهاب، السنة، الشريعة، الصراط، البصائر،لتبليغ الدعوة الإصلاحية السلفية.
وفي سنة 1931م تمّ تأسيس(جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) فعين الشيخ عبد الحميد رئيسًا لها.
-أسس بموازاة إخوانه المصلحين المساجد و المدارس الحرّة و النوادي العلمية في شتى أنحاء القطر الجزائري.
شيوخه:
من أشهرهم بقسنطينة: الشيخ حمدان الونيسي، و بتونس: العلامة محمد النخلي، و الشيخ الطاهر بن عاشور، و محمد بن القاضي، و محمد الصادق النيفر، و بلحسن النجار، و غيرهم من علماء الزيتونة الأعلام.
و بالمدينة الشيخ أحمد الهندي.
و بمصر: شيخاه بالإجازة: العلامة محمد بخيت المطيعي، و الشيخ أبو الفضل الجيزاوي.
تلاميذته:
وهم كثيرون، من أبرزهم: العلامة الشيخ مبارك الميلي مؤلف(رسالة الشرك و مظاهره) و (تاريخ الجزائر)، و الشيخ الفضيل الورتلاني، و موسى الأحمدي و الهادي السنوسي ، و باعزيز بن عمر، ومحمد الصالح بن عتيق ، و محمد صالح رمضان و غي
ثناء أهل العلم و الفضل عليه:
قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: " باني النهظتين الفكرية و العلمية بالجزائر، وواضع أسسها على صخرة الحق و قائد زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، و إمام الحركة السلفية، و منشئ مجلة(الشهاب) مرآة الإصلاح و على التفكير الصحيح، و محيي دوارس العلم بدروسه الحية، ومفسّر كلام الله على الطريقة السلفية في مجالس انتظمت ربع قرن، وغارس بذور الوطنية الصحيحة وم لقّن مباديها، عالم البيان وفارس المنابر، الأستاذ الرئيس الشيخ عبد الحميد بن باديس"
– و قال الشيخ مبارك الميلي:" الأستاذ العظيم و المرشد الحكيم، عدّتنا العلمية و عمدتنا الإصلاحية".
– – و قال الشيخ الطيب العقبي: " المصلح الفذّ، و العلامة الذي ما أنجبت الجزائر- منذ أحقاب- مثله إلا قليلاً"قال العلامة عبد الرحمن بن قاسم النجدي – رحمه الله – وهو يخاطب القبوري الرشيدي
( … و لو صدقت في دعواك نصرة الحق لاندرجت في سلك جمعية المسلمين في جهتك الجزائرالذين هم من أكبر حجج الله عليك …. )
ص : 9 – 10 من كتاب ( الصارم المسلول )
– قال الشيخ العلامة محمد بن العربي – رحمه الله – وهو من مشايخ الشيخ تقي الدين الهلالي – رحمه الله – :
( فالذي أذين الله به واعتقده هو ما سطره سيدنا العلامة المشارك الدر النفيس السيد عبد الحميد بن با د يسلأنه مؤسس المبنى صحيح المعنى لم يبق فيه قول لقائل ولا تشوف لمراجعة مجيب أو سائل )
-قال الشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي-رحمه الله تعالى-:
( قام المصلح الشيخ عبد الحميد بن باديس سليل البطل المغربي المجاهد المعز بن باديسفرأى البلاد مظلمة الأرجاء متشعبة الأهواء دوية الأدواء يحار فيها اللبيب وتعضل بالحكيم فشمر عن ساعد الجد وقيض الله له أنصارا أطهارا أبرارا آزروه ونصروه فبدؤوا عملهم وصدعوا بما أمرهم الله ورسوله به فمر عليهم طوروفتنوا كما فتن المصلحون من قبل وثبتهم الله بالقول الثابت حتى اقتحموا العقبة الأولى وهي أصعب العقبات وأخذت دعوتهم تؤتي أكلها وأينعت ثمارها ودنى جناها،وفي أثناء ذلك ورد عليهم الأستاذ السلفي الداعية النبيل الشيخ الطيب العقبي )
من مجلة ( البصائر السنة الأولى العدد29الصفحة2 ) منقول
-قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي – حفظه الله تعالى – :
( من الجلي الواضح أن صيحاتهم كانت في وجه الاشتراكية الماركسية التي لبست لباس الإسلام وغيرها من ألوان الضلال وأن فيهم كوكبة من أعلام الهدى في مصر مثل: عبد الظاهر أبو السمح وعبد الرزاق حمزة ومحمد حامد الفقي وعبد الرزاق عفيفي ومحمد خليل هراس وأحمد محمد شاكر وعبد الرحمن الوكيل ومحب الدين الخطيب وأبو الوفاء درويش.
وفي الجزيرة العربية مثل مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم والشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله باز والشيخ عبد الله بن حميد والشيخ العلامة عبد الرحمن ابن سعدي والشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي وتقي الدين الهلالي وغيره في المغرب العربي والشيخ العقبي وابن باديس وغيرهما من علماء جمعية العلماء في الجزائر وعلماء أهل الحديث في الهند وباكستان وغيرهم ممن طار صيتهم من علماء المنهج السلفي وكانوا ضد كل ضلال وانحراف )
العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم(ص:124-125)
قال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – :
(و كنت قرأت حولها بحثا فياضا ممتعا في تفسير العلامة ابن باديس فليراجعه من شاء زيادة بيان )
الضعيفة تحت حديث رقم(99.
قال الشيخ علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الأثري الحلبي حفظه الله -:
( مؤلف هذا الكتاب عالم سلفي وداعية سني ومجاهد رباني قضى حياته -ولا نزكي على الله أحدا- في أبواب العلم والدعوة والجهاد علما وعملا متبعاكتاب ربه سبحانه ومتأسيا بسنة نبيه صلى الله عليه و سلم مقتفيا آثار سلف الأمة الهداة رحمهم الله أجمعين )
الدرر الغالية في آداب الدعوة والداعية ص : 5
قال الشيخ العلامة محب الدين الخطيب – رحمه الله –
( التي وقف عليها الأستاذ عالم الجزائر عبد الحميد بن باديس رحمه الله )
(مقدمة العواصم من القواصم)
-قال الشيخ عبد الحميد العربي- حفظه الله- :
(……. فهذه الجزائر الأبية البيضاء النقية التي استعصت على عساكر الاحتلال الفرنسي الغاشم البائس ، وجعلت من جبال الونشريس والجرجرة وسائر البقاع الطاهرة مآذن حق لجهاد الاحتلال الفرنسي ، ودحضه من كل شبر من أرض الوطن ، فكان لها ما أرادت بتوفيق العزيز الحكيم ، فنالت استقلالها ، ورمت بثوب الاحتلال في بحارها ، وصار حال الجزائر الأبية يتحسن بعد الإستقلال من يوم إلى يوم ، ومعلوم أن الاستعمار وعلى تعبير الاستاذ ملود قاسم رحمه الله الاستدمار إن حضن بأرض استنزف خيراتها ، وعمل جاهدا على طمس هويتها ، وانتمائهما إلى أمتها ، وتغيير لسانها ، والتشكيك في دينها ، وكان للاستدمار شيء من ذلك مع وجود مقاومة باسلةمن أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقيادة العالم المغوار والمصلح البار عبدالحميد بن باديس رحمه الله الذي صدع في وجه الاستدمار والفسلاء من أذنابه قائلا :
شعب الجزائر مسلم …….وإلى العروبة ينتسب ……)
(في مقال له بعنوان: صيحة سلفي من علو في نقض قواعد الإراهاب والتطرف والغلو)
و قال الشيخ الدكتور محمد علي فركوس حفظه الله تعالى :
(.. وصاحب هذه الرسالة هوالإمام المصلح السلفي الشيخ عبد الحميد بن باديس القسنطيني الجزائري رائد النهضة الفكرية والإصلاحية ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين .. )اهـ
وقال ( .. هو الإمام المصلح المجدد الشيخ عبد الحميد بن محمد بن مصطفى بن المكي ابن باديس القسنطيني الجزائري رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقوة الروحية لحرب التحرير الوطنية)
وقال حفظه الله ( .. وقد شرع الإمام بن باديس رحمه الله تعالى في العمل التربوي وانتهج في دعوته منهجا يوافق الفكر الإصلاحي في البعد والغاية وإن كان له طابع خاص في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية يظهر أعلاها في إصلاح عقيدة الجزائريين بالدرجة الأولى ببيان التوحيد الذي يمثل عمود الدعوة السلفية وما يضاده من الشرك ذلك لأن التوحيد هو غاية الخلق وإرسال الرسل ودعوة المجددين في كل العصور والأزمان لذلك كانت دعوته قائمة على اخذ العقيدة من الوحيين وعلى فهم الأولينوالتحذير من الشرك ومظاهره ومن بدعة التقليد الأعمى ومن علم الكلام وجنايته على الأمة ذلك لأن من أهم أسباب ضياع التوحيد ابتعاد الناس عن الوحي وفشو الكلام علم الكلام وخوض فيه وإتباع طرقهم الضالة عن سواء السبيل ومرض الجمود الفكري والركون إلى التقليد والزعم بأن باب الاجتهاد قد أغلق في نهاية القرن الرابع )
وقال حفظه الله : ( .. هذا وقد عمل ابن باديس خلال فترات حياته على تقريب القرآن الكريم بين يدي الأمة مفسرا له تفسيرا سلفيا سالكا طريق رواد التفسير المأثور معتمدا على بيان القرآن للقرآن وبيان السنة له آخذ في الاعتبار أصول البيان العربي كما كانت عنايته فائقة بالسنة المطهرة وبالعقيدة الصحيحة التي تخدم دعوته الإصلاحية فوضع كتابه " العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية" على نهج طريق القرآن في الاستدلال المتلائم مع الفطرة الإنسانية بعيدا عن مسلك الفلاسفة ومنهج المتكلمين وحارب البدع والتقليد والشرك ومظاهره والتخلف ودعا إلى النهضة والحضارة في إطار إصلاح الدين والمجتمع وسانده علماء أفاضل في دعوته ومهنته النبيلة , .. )عقـــيــدتـــه:
كان العلامة ابن باديس سلفيًّا، متمسكًا بالكتاب الكريم و السنّة الصحيحة، مُعتدًّا بفهم السلف الصالح لهما، وقد قرّر ذلك في أكثر من مناسبة، منها ما حرّره في خاتمة(رسالة جواب سؤال عن سوء مقال)حين قال رحمه الله: " .. الواجب على كل مسلم في كل مكانٍ و زمانٍ أن يعتقد عقدًا يتشرّبه قلبُه، و تسكن له نفسه، و ينشرح له صدرُه، و يلهج به لسانُه، و تنبني عليه أعمالُه، أنّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان و قواعد الإسلام و طرائق الإحسان، إنّما هو في القرآن و السنّة الصحيحة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و التابعين و أتباع التابعين، و أن كلّ ما خرج عن هذه الأصول و لم يحظ لديها بالقبول –قولًا كان أو عملاً أو عقدًا أو حالاً- فإنّه باطل من أصله ، مردود على صاحبه، كائنًا من كان، في كل زمان أو مكان … "آثـــــــــاره:
لم يصل إلينا منها سوى:
1 –(تفسير ابن باديس)أو(مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
2 –(من هدي النبوة)أو (مجالس التذكير من كلام البشير النذير صلى الله عليه و سلم).
3 –(رجال السلف و نساؤه).
4 –(القصص الهادف).
5- (العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية).
6 – (مبادئ الأصول).
7 –(رسالة جواب سؤال عن سوء مقال).
8 – (العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي المالكي) تحقيق و تقديم.
كما جُمعت مقالاته في(الشهاب) و (البصائر)غيرهما و نشرت ضمن آثاره غير مرّة.
وفــــــاتــــه:
توفي الشيخ عبد الحميد بن باديس – بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال –مساء الثلاثاء 8 ربيع الأول سنة 1359هـ الموافق لـ 16 / 4 / 1940م، و دفن في روضة أسرته، بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة.
رحمه الله رحمة واسعة و غفر له.