في سؤال وجه لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، قال السائل: «يعيب بعض علماء المسلمين على المسلم الذي يصوم ولا يصلي؛ فما دخل الصلاة في الصيام؟ فأنا أريد أن أصوم لأدخل مع الداخلين من باب الريان، ومعلوم أن رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن .. أرجو التوضيح وفقكم الله».
أجاب الشيخ رحمه الله: «الذين عابوا عليك أنك تصوم ولا تصلي على صواب فيما عابوه عليك؛ وذلك لأن الصلاة عمود الإسلام، ولا يقوم الإسلام إلا بها، والتارك لها كافر خارج عن ملة الإسلام، والكافر لا يقبل الله منه صياماً، ولا صدقة، ولا حجاً ولا غيرها من الأعمال الصالحة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾[التوبة:54]، وعلى هذا فإذا كنت تصوم ولا تصلي؛ فإننا نقول لك إن صيامك باطل غير صحيح، ولا ينفعك عند الله، ولا يقربك إليه. وأما ما توهمته من أن رمضان إلى رمضان مكفر لما بينهما فإننا نقول لك: إنك لم تعرف الحديث الوارد في هذا؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ))(1)؛ فاشترط النبي عليه الصلاة والسلام لتكفير رمضان إلى رمضان اشترط أن تجتنب الكبائر، وأنت أيها الرجل الذي لا تصلي وتصوم لم تجتنب الكبائر؛ فأي كبيرة أعظم من ترك الصلاة ؟! بل إن ترك الصلاة كفر، فكيف يمكن أن يكفر الصيام عنك ؟ فترك الصلاة كفر، ولا يقبل منك الصيام.
فعليك – يا أخي – أن تتوب إلى ربك، وأن تقوم بما فرض الله عليك من صلاتك، ثم بعد ذلك تصوم. ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً رضي الله عنه إلى اليمـن قـال: فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؛ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ(2)، فبدأ بالصلاة ثم الزكاة، بعد ذكر الشهادتين».
الهوامش:
(1) مسلم (233).
(2) البخاري (1395)، ومسلم (19).