ص -4- الفصل الأول: حكم تارك الصلاة
إن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى، وقد تنازع فيها أهل العلم سلفاً وخلفاً، فقال الإمام أحمد بن حنبل: "تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً من الملة، يقتل إذا لم يتب ويصل".
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: "فاسق ولا يكفر".
ثم اختلفوا فقال مالك والشافعي: "يقتل حداً" وقال أبو حنيفة: "يعزر ولا يقتل".
وإذا كانت هذه المسألة من مسائل النزاع، فالواجب ردها إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّه} [الشورى:من الآية 10]. وقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: من الآية 59].
ولأن كل واحد من المختلفين لا يكون قوله حجة على الآخر؛ لأن كل واحد يرى أن الصواب معه, وليس أحدهما أولى بالقبول من الآخر، فوجب الرجوع في ذلك إلى حكم بينهما وهو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإذا رددنا هذا النزاع إلى الكتاب
ص -5- والسنة, وجدنا أن الكتاب والسنة كلاهما يدل على كفر تارك الصلاة, الكفر الأكبر المخرج عن الملة.
أولاً: من الكتاب:قال تعالى في سورة التوبة: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّين} [التوبة: من الآية 11].
وقال في سورة مريم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} [مريم: 59-60].
فوجه الدلالة من الآية الثانية – آية سورة مريم – أن الله قال في المضيعين للصلاة, المتبعين للشهوات: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} فدل على أنهم حين إضاعتهم للصلاة واتباع الشهوات غير مؤمنين.
ووجه الدلالة من الآية الأولى – آية سورة التوبة – أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين ثلاثة شروط :
* أن يتوبوا من الشرك.
* أن يقيموا الصلاة.
* أن يؤتوا الزكاة.
ص -6- فإن تابوا من الشرك, ولم يقيموا الصلاة, ولم يؤتوا الزكاة, فليسوا بإخوة لنا. وإن أقاموا الصلاة, ولم يؤتوا الزكاة, فليسوا بإخوة لنا.
والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية, فلا تنتفي بالفسوق والكفر دون الكفر.
ألا ترى إلى قوله تعالى في آية القتل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: من الآية 178]. فجعل الله القاتل عمداً أخاً للمقتول, مع أن القتل عمداً من أكبر الكبائر، لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء: 93].
ثم ألا تنظر إلى قوله تعالى في الطائفتين من المؤمنين إذا اقتتلوا: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}, إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم} [الحجرات: 9-10]. فأثبت الله تعالى الأخوة بين الطائفة المصلحة والطائفتين المقتتلتين, مع أن قتال المؤمن من الكفر، كما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سباب
ص -7- المسلم فسوق, وقتاله كفر"1. لكنه كفر لا يخرج من الملة, إذ لو كان مخرجاً من الملة ما بقيت الأخوة الإيمانية معه. والآية الكريمة قد دلت على بقاء الأخوة الإيمانية مع الاقتتال.
وبهذا علم أن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة, إذ لو كان فسقاً أو كفراً دون كفر، ما انتفت الأخوة الدينية به, كما لم تنتف بقتل المؤمن وقتاله.
فإن قال قائل: هل ترون كفر تارك إيتاء الزكاة كما دل عليه مفهوم آية التوبة؟
قلنا: كفر تارك إيتاء الزكاة قال به بعض أهل العلم, وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
ولكن الراجح عندنا أنه لا يكفر، لكنه يعاقب بعقوبة عظيمة, ذكرها الله تعالى في كتابه, وذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته, ومنها ما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر عقوبة مانع الزكاة, وفي آخره: "ثم يرى سبيله, إما إلى الجنة وإما إلى النار"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري كتاب الإيمان باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر رقم 48 ومسلم كتاب الإيمان باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق" رقم 64.
ص -8- وقد رواه مسلم بطوله في: باب "إثم مانع الزكاة"1, وهو دليل على أنه لا يكفر، إذ لو كان كافراً ما كان له سبيل إلى الجنة.
فيكون منطوق هذا الحديث مقدماً على مفهوم آية التوبة ؛ لأن المنطوق مقدم على المفهوم كما هو معلوم في أصول الفقه.
ثانياً: من السنة:1- قال صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ".
رواه مسلم في كتاب الإيمان عن جابر بن عبد الله, عن النبي صلى الله عليه وسلم2.
2- وعن بريده بن الحصيب رضي الله عنه, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم, يقول: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة, فمن تركها فقد كفر". رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه3.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه مسلم ، كتاب الزكاة ، باب إثم مانع الزكاة ، رقم 987 .
2 رواه مسلم ، كتاب الأيمان ، باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة ، رقم 82 .
3 رواه أحمد 5/346 والترمذي ، كتاب الأيمان ، باب ما جاء في ترك الصلاة ، رقم 2621 وقال: حديث حسن صحيح غريب. والنسائي ، كتاب الصلاة ، باب الحكم في تارك الصلاة رقم 463 وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة ، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة رقم 1079 .
ص -9- والمراد بالكفر هنا: الكفر المخرج عن الملة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة فصلاً بين المؤمنين والكافرين, ومن المعلوم أن ملة الكفر غير ملة الإسلام, فمن لم يأت بهذا العهد فهو من الكافرين.
3- وفي صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها, أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "ستكون أمراء, فتعرفون وتنكرون, فمن عرف برئ, ومن أنكر سلم, ولكن من رضي وتابع." قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: "لا ما صلوا"1.
4- وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم, ويصلون عليكم وتصلون عليهم, وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم, وتلعنونهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع ، رقم 1854 .
ص -10- ويعلنونكم". قيل: يا رسول الله, أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة"1.
ففي هذين الحديثين الأخيرين دليل على منابذة الولاة وقتالهم بالسيف إذا لم يقيموا الصلاة, ولا تجوز منازعة الولاة وقتالهم إلا إذا أتوا كفراً صريحاً, عندنا فيه برهان من الله تعالى, لقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه, فكان فيما أخذ علينا, أن بايعنا على السمع والطاعة, في منشطنا ومكرهنا, وعسرنا ويسرنا, وأثرة علينا, وألا ننازع الأمر أهله". قال: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان"2.
وعلى هذا فيكون تركهم للصلاة الذي علق عليه النبي صلى الله عليه وسلم, منابذتهم وقتالهم بالسيف كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان.
ولم يرد في الكتاب والسنة أن تارك الصلاة ليس بكافر أو أنه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب خيار الأئمة وشرارهم رقم 1855 .
2 رواه البخاري ، كتاب الفتن ، باب قول النبي صلى الله عليه و سلم: "سترون بعدي أموراً تنكرونها" رقم 7055- 7056 ومسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ، رقم 1709م .
ص -11- مؤمن, وغاية ما ورد في ذلك نصوص تدل على فضل التوحيد, شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, وثواب ذلك, وهي إما مقيدة بقيود في النص نفسه يمتنع معها أن يترك الصلاة, وإما واردة في أحوال معينة يعذر الإنسان فيها بترك الصلاة, وإما عامة فتحمل على أدلة كفر تارك الصلاة ؛ لأن أدلة كفر تارك الصلاة خاصة, والخاص مقدم على العام.
فإن قال قائل: ألا يجوز أن تحمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحداً لوجوبها؟
قلنا: لا يجوز ذلك لأن فيه محذورين:
الأول: إلغاء الوصف الذي اعتبره الشارع وعلق الحكم به.
فإن الشارع علق الحكم بالكفر على الترك دون الجحود ورتب الأخوة في الدين على إقام الصلاة, دون الإقرار بوجوبها, فلم يقل الله تعالى: فإن تابوا وأقروا بوجوب الصلاة, ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الشرك والكفر جحد وجوب الصلاة. أوالعهد الذي بيننا وبينهم الإقرار بوجوب الصلاة, فمن جحد وجوبها فقد كفر.
ولو كان هذا مراد الله تعالى ورسوله لكان العدول عنه خلاف البيان الذي جاء به القرآن الكريم, قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا
ص -12- عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل من الآية 89]. وقال تعالى مخاطباً نبيه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} [النحل:من الآية 44].
الثاني: اعتبار وصف لم يجعله الشارع مناطاً للحكم :
فإن جحود وجوب الصلوات الخمس موجب لكفر من لا يعذر بجهله فيه سواء صلى أم ترك.
فلوا صلى شخص الصلوات الخمس وأتى بكل ما يعتبر لها من شروط, وأركان, وواجبات, ومستحبات, لكنه جاحد لوجوبها بدون عذر له فيه لكان كافراً مع أنه لم يتركها.
فتبين بذلك أن حمل النصوص على من ترك الصلاة جاحداً لوجوبها غير صحيح, وأن الحق أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة, كما جاء ذلك صريحاً فيما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه, قال: أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشركوا بالله شيئاً, ولا تتركوا الصلاة عمداً, فمن تركها عمداً متعمداً فقد خرج من الملة ".
وأيضاً فإننا لو حملناه على ترك الجحود لم يكن لتخصيص الصلاة في النصوص فائدة، فإن هذا الحكم عام في الزكاة, والصيام, والحج, فمن ترك منها واحداً جاحداً لوجوبه كفر إن
ص -13- كان غير معذور بجهل.
وكما أن كفر تارك الصلاة مقتضى الدليل السمعي الأثري, فهو مقتضى الدليل العقلي النظري.
فكيف يكون عند الشخص إيمان مع تركه للصلاة التي هي عمود الدين, والتي جاء من الترغيب في فعلها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يقوم بها ويبادر إلى فعلها. وجاء من الوعيد على تركها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يحذر من تركها وإضاعتها ؟ فتركها مع قيام هذا المقتضى لا يبقي إيماناً مع التارك.
فإن قال قائل: ألا يحتمل أن يراد بالكفر في تارك الصلاة كفر النعمة لا كفر الملة؟ أو أن المراد به كفر دون الكفر الأكبر؟ فيكون كقوله صلى الله عليه وسلم: "اثنتان بالناس هما بهم كفر: الطعن في النسب, النياحة على الميت"1. وقوله: "سباب المسلم فسوق, وقتاله كفر"2 ونحو ذلك.
قلنا: هذا الاحتمال والتنظير له لا يصح لوجوه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه مسلم ، كتاب الأيمان ، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب رقم 67 .
2 سبق تخريجه .
ص -14- الأول: أن النبي صلى الله عليه و سلم جعل الصلاة حداً فاصلاً بين الكفر والإيمان, وبين المؤمنين والكفار. والحد يميز المحدود ويخرجه عن غيره, فالمحدودان متغايران لا يدخل أحدهما في الآخر.
الثانى: أن الصلاة ركن من أركان الإسلام, فوصف تاركها بالكفر يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام ؛ لأنه هدم ركناً من أركان الإسلام, بخلاف إطلاق الكفر على من فعل فعلاً من أفعال الكفر.
الثالث: أن هناك نصوصاً أخرى دلت على كفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً من الملة؛ فيجب حمل الكفر على ما دلت عليه لتتلاءم النصوص وتتفق.
الرابع: أن التعبير بالكفر مختلف.
ففي ترك الصلاة قال: "بين الرجل وبين الشرك والكفر"1 فعبر بـ "أل" الدالة على أن المراد بالكفر حقيقة الكفر بخلاف كلمة "كفر" منكراً أو كلمة "كفر" بلفظ الفعل, فإنه دال على أن هذا من الكفر، أو أنه كفر في هذه الفعلة وليس هو الكفر المطلق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سبق تخريجه .
ص -15- المخرج عن الإسلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" "ص70 طبعة السنة المحمدية" على قوله صلى الله عليه وسلم: "اثنتان في الناس هما بهم كفر"1.
قال: "فقوله: "هما بهم كفر" أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس, فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفر، وهما قائمتان بالناس, لكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافراً الكفر المطلق, حتى تقوم به حقيقة الكفر. كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمناً حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته. وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة"2 وبين كفر منكر في الإثبات انتهى كلامه.
فإذا تبين أن تارك الصلاة بلا عذر كافر كفراً مخرجاً من الملة بمقتضى هذه الأدلة, كان الصواب فيما ذهب إليه الإمام أحمد
يتبع باذن الله…………..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ