بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[1]، فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر، وهم الأمراء والعلماء، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة، وهي فريضة في المعروف. والنصوص من السنة تبين المعنى، وتقيد إطلاق الآية بأن المراد طاعتهم في المعروف، ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية، لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة)) ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية)) وقال صلى الله عليه وسلم: ((على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) وسأله الصحابة رضي الله عنهم – لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون – قالوا: فما تأمرنا؟ قال: ((أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم)) قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، وقال: ((إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان))، فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان؛ وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فساداً كبيراً، وشراً عظيماً، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير، إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة. والقاعدة الشرعية المجمع عليها: (أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه) أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً عندها قدرة تزيله بها، وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس، أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس، واغتيال من لا يستحق الاغتيال… إلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر، والسمع والطاعة في المعروف، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير. هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
[1] سورة النساء الآية 59.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثامن.
اخي أبو عمار أظن أنك مصر على رأيك وهو اللمز في المجاهدين وأتيت بنصوص وركبتها لكنها خلطها مع بعضها البعض ففسد المضمون والمعنى لكني أعيدك انني سأرد على موضعيك عند وجود الوقت
اخي أبو عمار أظن أنك مصر على رأيك وهو اللمز في المجاهدين لكني أعيدك انني سأرد على موضعيك عند وجود الوقت
|
هذا الكلام لأحد علماء وجهابذة العصر ، بشهادة الصديق و العدو ، القريب و البعيد ، الحاضر و الغائب ، و العالم و الجاهل و الكبير و الصغير ،
و الذي جعل الله له القبول في الأرض ـ نحسبه كذلك و الله حسيبه و لا نزكيه على الله ـ
الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله رحمة واسعة و أدخله الفردوس الأعلى .
أما من تسميهم مجاهدون !!!! فاعلم أنّ هؤلاء لا يضحكون إلا على أمثالك ، و لا يمثلون إلا أنفسهم
وجهادهم مزيف و غير قائم على قواعد علمية مؤصلة ، و إنّما أغلبهم جهال تغلبت عليهم نزواتهم و حماسهم و أهواءهم
فوقعوا في فساد عظيم ، و ساهموا في نشر الفتن و الخراب في البلاد العربية و الإسلامية ، و لا ينكر هذا إلا من أعمى الله بصيرته و العياذ بالله .
وأتيت بنصوص وركبتها لكنها خلطها مع بعضها البعض ففسد المضمون والمعنى |
رمتني بدائها و انسلت .
اقول لك أخي قبل كل شيء انا لم أتهجم يوما على أي عالم لكني أذكرك ان العلماء ورثة الانبياء كما أذكرك بأن العصمة لم تعطى الى الانبياء والرسل وبموتهم انتهت العصمة وبذلك اقول لك الكل يوخذ من كلامه ويرد ثم ما طابق القران والسنة النبيوية فعلى الرأس
رسالة إلى ابن باز
ببطلان فتواه بالصلح مع اليهود
فضيلة الشيخ ابن باز – حفظه الله -:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحمد الله إليكم الذي أنزل الكتاب آيات بينات، ورفع الذين أوتوا العلم درجات، وأخذ عليهم ميثاقًا بالصدع بالحق وبيانه وحذرهم من المداهنة فيه وكتمانه. والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد القائل ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر))[1].
وبعد…
فإن من المعلوم لديكم ما حبا الله به أهل العلم من منزلة عظيمة، وأعطاهم من مكانة كريمة، ولا غرو في ذلك، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، ورثوا عنهم هذا الدين، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وتمييع الظالمين المسرفين، ويمثلون القدوة الحسنة والأسوة المثلى للأمة في النهوض بأعباء الانتصار للحق وإيثاره على ما عند الخلق.
وقد قام العلماء الصادقون من سلف الأمة وخلفها خير قيام بهذه المهمات، وما وقوف سعيد بن جبير في وجه طغيان الحجاج صادعًا بالحق، وتحدي الإمام أحمد بن حنبل لجبروت الحكم والسلطان وصبره في فتنة الخلق بالقرآن، وتحمل ابن تيمية وحسن بلائه في السجن انتصارًا للسنة، إلا نماذج من القيام بواجب النصرة للحق وأهله، قام بها هؤلاء الأئمة الأعلام انتصارًأ للحق و غيرة على الدين، رحمهم الله جميعًا.
فضيلة الشيخ؛
لقد أردنا من ذكر ما سبق تذكيركم بواجبكم تجاه الدين، وتجاه الأمة وتنبيهكم إلى مسئوليتكم العظيمة، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.. أردنا تذكيركم في هذا الوقت الذي انتفش فيه الباطل، وعربد المبطلون المضلون، ووئد الحق، وسجن الدعاة، وأسكت المصلحون، والأغرب أن ذلك لم يتم بعد بعلم منكم وسكوت فقط، بل مُرر على ظهر فتاواكم ومواقفكم، ونحن سنذكركم – فضيلة الشيخ – ببعض هذه الفتاوى والمواقف التي قد لا تلقون لها بالاً، مع أنها قد تهوي بها الأمة سبعين خريفًا في الضلال، كي تدركوا معنا ولو جانبًا من خطورة هذا الأمر والآثار السيئة المترتبة عليه.
وإليكم بعض الأمثلة:
1) إن مما لا يخفى على أحد المدى الذي وصل إليه انتشار الفساد العارم والذي شمل كافة نواحي الحياة حيث فشت منكرات المختلفة التي لم تعد تخفى على أحد، كما فصلت مذكرة النصيحة التي تقدم بها نخبة من العلماء ودعاة الإصلاح، وكان من أخطر ما بينوا هو الشرك بالله المتمثل في التشريع وسن القوانين الوضعية التي تستبيح المحرمات والتي من أشنعها التعامل بالربا المتفشي ففي البلاد، وذلك من خلال مؤسسات الدولة وبنوكها الربوية التي تزاحم أبراجها مآذن الحرمين، وتعج بها البلاد طولها وعرضها.
ومما هو معلوم بالضرورة أن الأنظمة والقوانين الربوية التي تتعامل بها هذه البنوك والمؤسسات مشرعة من قبل النظام الحاكم ومصدق عليها منه، ومع ذلك لم نسمع منكم إلا أن تعاطي الربا حرام لا يجوز، غير مكترثين بما في كلامكم هذا من التلبيس على الناس، بعدم التفريق بين حكم من يتعاطى الربا فقط، وحكم من يشرع الربا ويقننه.
مع أن الفرق بينهما واضح كبير، فمتعاطي الربا مرتكب لموبقة من أكبر الموبقات، أما مشرع الربا فهو مرتد كافر كفرًا مخرجًا من الملة بعمله هذا، لأنه جعل من نفسه ندًا لله وشريكًا له في التحليل والتحريم – وهذا ما فصلناه في بحث مستقل سينشر قريبًا إن شاء الله –
ومع أن متعاطي الربا غير المنتهي عنه قد أعلن الله ورسوله عليه الحرب {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} فما زلنا نسمع منكم عبارات الثناء والإطراء لهذا النظام الذي لم يكتف بالإدمان على تعاطي الربا فقط، بل شرعه وقننه وأباحه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه))[2].
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (فمن كان مقيمًا على الربا لا ينزع عنه، فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه)[3].. هذا فيمن يتعاطى الربا.. فما بالكم بمن يحلل ويشرع الربا؟!
إن ما تتخبط فيه البلاد من أزمات اقتصادية وسياسية وما انتشر فيها من الجرائم بشتى أنواعها، وبشكل مذهل ما هو إلا عقوبة من الله، وجزء من الحرب التي أعلنها سبحانه على من لم ينته عن تعاطي الربا ونحوه من المنكرات والمحق الذي حكم به على الربا {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.
2) وحينما علق الملك الصليب على صدره، وظهر به أمام العالم فرحًا مسرورًا، تأولتم فعله، وسوغتموه مع شناعته وفظاعته، رغم وضوح أن هذا الفعل كفر، والظاهر من حال فاعله الرضا والاختيار عن علم.
3) ولما قررت قوات التحالف الصليبية واليهودية الغازية في حرب الخليج – بتواطؤ – مع النظام احتلال البلاد باسم تحرير الكويت سوغتم ذلك بفتوى متعسفة بررت هذا العمل الشنيع الذي أهان عزة الأمة ولطخ كرامتها، ودنس مقدساتها معتبرة ذلك من باب الاستعانة بالكافر عند الضرورة، مهملة قيود هذه الاستعانة، وضوابط الضرورة المعتبرة.
4) ولما قام النظام السعودي الحاكم بمساعدة ودعم رؤوس الردة الاشتراكية الشيوعية في اليمن، ضد الشعب اليمني المسلم في الحرب الأخيرة التزمتم الصمت،ثم لما دارت الدائرة على هؤلاء الشيوعيين أصدرتم – وبإيعاز من هذا النظام – "نصيحة!" تدعو الجميع إلى التصالح والتصافح باعتبارهم مسلمين!! موهمة أن الشيوعيين مسلمون يجب حقن دماءهم، فمتى كان الشيوعيون مسلمين؟ ألستم أنتم الذين أفتيتم سابقًا بردتهم ووجوب قتالهم في أفغانستان، أم أن هناك فرقًا بين الشيوعيين اليمنيين والشيوعيين الأفغان؟ فهل ضاعت مفاهيم العقيدة وضوابط التوحيد واختلطت إلى هذا الحد؟
وما زال هذا النظام يؤوي أئمة الكفر هؤلاء في مختلف مدن البلاد ولم نسمع لكم نكيرًا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من آوى محدثًا))[4].
5) وحينما قرر النظام البطش بالشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي، اللذين صدعا بالحق وتحملا في الله الأذى، استصدر منكم فتوى سوغ بها كل ما تعرض ويتعرض له الشيخان ومن معهما من دعاة ومشائخ وشباب الأمة من البطش والتنكيل.. فك الله أسرهم ورفع عنهم ظلم الظالمين.
هذه بعض الأمثلة التي لم نقصد منها الحصر ولكن اقتضى المقام ذكرها ونحن بين يدي فتواكم الأخيرة بشأن ما يسمى بهتانًا بالسلام مع اليهود والتي كانت فاجعة للمسلمين، حيث استجبتم للرغبة السياسية للنظام لما قرر إظهار ما كان يضمره من قبل، من الدخول في هذه المهزلة الاستسلامية مع اليهود، فأصدرتم فتوى تبيح السلام مطلقًا مقيدًا مع اليهود.
فما كان من رئيس وزراء العدو الصهيوني وبرلمانه إلا أن صفقوا لها وأشادوا بها، كما أعلن النظام السعودي عقبها عن نيته في تنفيذ المزيد من التطبيع مع اليهود.
وكأنكم لم تكتفوا بإباحة بلاد الحرمين الشريفين لقوات الاحتلال اليهودية والصليبية، حتى أدخلتم ثالث الحرمين في المصيبة بإضفائكم الشرعية على صكوك الاستسلام التي يوقعها الخونة والجبناء من طواغيت العرب مع اليهود إن هذا الكلام خطير كبير، وطامة عامة لما فيه من التدليس على الناس والتلبيس على الأمة من عدة جوانب منها:
1) إن العدو اليهودي الحالي ليس إلا عدوًا مستقرًا في بلاده الأصلية محاربًا من الخارج حتى يجوز معه الصلح، بل هو عدو صائل مفسد للدين والدنيا، وعليه ينطبق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم)[5].
إن الواجب الشرعي تجاه فلسطين وأخواننا الفلسطينين من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، هو الجهاد في سبيل الله وتحريض الأمة عليه حتى تتحرر فلسطين عن أخرها وتعود إلى السيادة الإسلامية.
وفلسطين في غنى عن مثل هذه الفتاوى المخذلة عن الجهاد والمخلدة إلى الأرض، هذه الفتاوى التي تقر احتلال العدو لأقدس مقدسات المسلمين بعد الحرمين الشريفين، وتضفي الشرعية عليه، وتدعم بكل قوة مساعي العدو لضرب الجهود الإسلامية المتلهفة لتحرير فلسطين عن طريق الجهاد الذي أكد من خلال عمليات أبطال الحجارة وشباب الجهاد المسلم في فلسطين أنه السبيل الوحيد الناجع في مواجهة العدو والكفيل بتحرير الأرض إن شاء الله.
ونذكركم هنا بفتواكم السابقة في هذا الشأن، لما سئلتم عن السبيل لتحرير فلسطين، فقلتم أنه: (لا يمكن الوصول إلى حل لتلك القضية إلا باعتبار القضية إسلامية، وبالتكاتف بين المسلمين لإنقاذها، وجهاد اليهود جهادًا إسلاميًا حتى تعود الأرض إلى أهلها، وحتى يعود شذاذ اليهود إلى بلادهم)[6].
2) هب أن هذا العدو اليهودي عدو يجوز الصلح معه وتوفرت فيه الشروط، فهل ما تقوم به الأنظمة والحكومات الطاغوتية العربية الانهزامية مع اليهود من سلام كاذب مزعوم يعتبر سلامًا تجوز إقامته مع العدو؟
الكل يدرك أنه ليس كذلك فهذا لسلام المزعوم الذي يتهافت فيه المتهافتون الآن من الحكام والطواغيت مع اليهود ما هو إلا خيانة كبرى تتمثل في توقيع صكوك استسلام وتسليم للقدس وفلسطين كلها من قبل هذه الحكومات لليهود، والاعتراف بسيادتهم عليها إلى الأبد.
3) إن هؤلاء الحكام المرتدين المحاربين لله ورسوله لا شرعية لهم ولا ولاية لهم على المسلمين وليس لهم النظر في مصالح الأمة، ولكنكم بفتواكم هذه تعطون الشرعية لهذه الأنظمة العلمانية وتعترفون بولايتها على المسلمين، وهذا ما يتناقض مع عرف عنكم من تكفيرها في في السابق، وقد بين لكم ذلك نخبة من العلماء والدعاة في مناشدتهم إياكم سابقًا بالامتناع عن هذه الفتوى، وسنرفق لكم صورة من تلك المناشدة تذكيرًا لكم وتنبيهًا.
إن فتواكم هذه كانت تلبيسًا على الناس لما فيها من إجمال مخل وتعميم مضل، فهي لا تصلح فتوى في حكم سلام منصف، فضلاً عن هذا السلام المزيف مع اليهود الذي هو خيانة عظمى للإسلام والمسلمين، لا يقرها مسلم عادي فضلاً عن عالم مثلكم يفترض فيه من الغيرة على الملة والأمة.
إن الواجب فيمن يتصدى للفتوى في قضايا الأمة الخطيرة الكبيرة، أن يكون على علم بأبعادها وما قد يترتب عليها من أضرار وأخطار، لأن العلم بذلك من شروط المفتي التي لا غنى عنها.
يقول الإمام ابن القيم: (ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم، أحدهما فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط بها علمًا، والنوع الثاني فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكمه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الأخر)[7].
وإذا كانت الشروط لازمة للفتوى بصورة عامة، فإنها تتأكد في الفتوى فيما يتعلق بالجهاد والصلح ونحوه.
يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: (والواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، دون الذي يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين، فلا يؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا)[8].
إن الفتاوى السابقة لو صدرت عن غيركم لقيل بتعمد صاحبها ما تتضمنه من الباطل، ويترتب عليها من أثار وأخطار، ولكنها لما صدرت منكم تعين أن يكون سبب الخلل فيها غير ذلك من الأسباب التي لا ترجع إلى نقص علمكم الشرعي، ولكن لعدم إدراك حقيقة الواقع، وما يترتب على مثل هذه الفتاوى من أثار، مما يجعل الفتوى حينئذ غير مستوفاة الشروط ومن ثم لا يصح إطلاقها، مما يحتم على المفتي عندئذ أن يتوقف عن الفتوى أو يحيلها حينئذ على المختصين الجامعين بين العلم بالحكم الشرعي والعلم بحقيقة الواقع.
وقد ثبت أن الإمام أحمد بن حنبل كان يتوقف في كثير من المسائل، وقد كان الإمام مالك إذا سئل عن القراءات أحال إلى الإمام نافع رحمهم الله جميعًا.
فضيلة الشيخ؛
إن إشفاقنا البالغ على حال الأمة والعلماء من أمثالكم هو الذي دفعنا لتذكيركم، فإننا نربأ بكم وبأمثالكم عن أن يستغلكم النظام الحاكم هذا الاستغلال الفظيع ويرمي بكم في وجه كل داعية ومصلح، ويسكت بفتاواكم ومواقفكم كل كلمة حق ودعوة صدق، كما حدث عند ردكم على "مذكرة النصيحة" و "لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية" وغيرها.
فضيلة الشيخ؛
لقد تقدمت بكم السن، وقد كانت لكم أياد بيضاء في خدمة الإسلام سابقًأ، فاتقوا الله وابتعدوا عن هؤلاء الطواغيت والظلمة الذين أعلنوا الحرب على الله ورسوله، وكونوا مع الصادقين، وإن لكم في سلف الأمة وخلفها الصالح أسوة حسنة فقد كان من ابرز سمات العلماء الصادقين الابتعاد عن السلاطين.
فقد فر الإمام أبو حنيفة رحمه الله وغيره من العمل مع حكام عصره على رغم استقامتهم الكبيرة على الدين، إذا ما قورنوا مع حكام اليوم الذين لا يخفى ما هم عليه من فساد الدين وسوء الحال.
وفي زماننا هذا، حينما أدرك العلامة الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله خطورة المسار الذي يمضي فيه النظام السعودي الحاكم وما يترتب عليه من خطر وضرر لمن يشاركه أو يختلط به آثر الفرار بدينه واستقال من رئاسة مجلس القضاء الأعلى.
وقد قال الإمام الخطابي رحمه الله في التحذير من الدخول على هؤلاء الحكام: (ليت شعري من الذي يدخل عليهم اليوم فلا يصدقهم على كذبهم ومن الذي يتكلم بالعدل إذا شهد مجالسهم ومن الذي ينصح ومن الذي ينتصح منهم)[9].
وقد صح الحديث: ((من أتى أبواب السلطان افتتن)) فاحذروا فضيلة الشيخ الركون إلى هؤلاء بقول أو عمل {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون}.
إن من لم يستطع الجهر بالحق والصدع به فلا أقل من أن يمتنع من الجهر بغير الحق، قال صلى الله عليه وسلم: ((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))[10].
وأخيرًا:
نرجو أن لا تجدوا في أنفسكم من هذا الكلام وتعتبروه خارجًا عن آداب النصح وما تقتضيه من إسرار وعدم إشهار فالأمر جلل خطير ومهم كبير لا يسوغ عنه السكوت، ولا يجوز عنه التغاضي.
وما ذكرناه معلوم لدى أهل العلم، وقد سبقنا إلى تنبيهكم عليه نخبة من علماء ودعاة الأمة، حيث تقدموا لكم بمناشدات عدة في هذا الصدد منها مناشدتهم إياكم قبل مدة بالامتناع عن الفتوى بجواز هذا السلام الاستسلامي المزعوم مع اليهود، مبينين عدم استيفائه للشروط اللازمة شرعًا، محذرين من المخاطر الجمة الدينية والدنيوية المترتبة عليه، ومن الموقعين على تلك المناشدة الشيوخ الأفاضل؛ ابن جبرين، عبدالله القعود، حمود التويجري، حمود الشعيبي، البراك، العودة، الخضيري، الطريري، الدبيان، عبدالله التويجري، عبدالله الجلالي، عائض القرني… وغيرهم كثير.
وفي حرب اليمن الأخيرة لما صدر منكم الكلام المشار إليه سابقًا أصدر خمسة وعشرون عالمًا فتوى معارضة له مبينة الصواب الشرعي في المسألة، ومن هؤلاء العلماء الأفاضل؛ المسعري، الشعيبي، الجلالي، العودة، الحوالي، العمر، اليحيى، التويجري.. وغيرهم كثير.
وفي الختام:
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرنا لباطل باطلاً ويرزنا اجتنابه، وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ويحكم فيه بالعدل ويصدع فيه بالحق، وتعلو فيه راية الجهاد خفاقة، لتستعيد الأمة عزتها وكرامتها، وترفع راية التوحيد فيه من جديد فوق كل أرض إسلامية سليبة.. ابتداء بفلسطين ووصولاً إلى الأندلس وغيرها من بلاد الإسلام الضائعة بسبب خيانات الحكام وتخاذل المسلمين
كما نسأله تعالى أن يولي أمورنا خيارنا ويصرف عنا شرارنا، ونسأله السداد في القول والصواب في العمل والتوفيق لما يحبه ويرضاه في الحياة وحسن الختام عند الممات، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هيئة النصيحة والإصلاح / مكتب لندن
عنهم؛ أسامة بن محمد بن لادن
التاريخ 27/07/1415 هـ
[1] حديث صحيح رواه أحمد وغيره
[2] صحيح رواه الحاكم
[3] رواه ابن جرير بسنده عن ابن عباس
[4] رواه مسلم
[5] الاختيارات الفقهية ص309
[6] فتاوى بن باز 1/281
[7] إعلام الموقعين 1/87
[8] الاختيارات الفقهية 311
[9] كتاب العزلة
[10] رواه البخاري
[center]
[ [b]اقول لك أخي قبل كل شيء انا لم أتهجم يوما على أي عالم لكني أذكرك ان العلماء ورثة الانبياء كما أذكرك بأن العصمة لم تعطى الى الانبياء والرسل وبموتهم انتهت العصمة وبذلك اقول لك الكل يوخذ من كلامه ويرد ثم ما طابق القران والسنة النبيوية فعلى الرأس |
وذلك بأربعة أصول قرّرها أهل السنة والجماعة
هناك أصول ينطلق منها أهل السنة والجماعة في التعامل مع الحكام ؛ وهذه الأصول الأصيلة يمكن اعتبارها ردّاً إجمالياً على جميع الشبهات المثارة , فمن ضبط هذه الأصول والتزمها فقد اتضح له الحق وزالت عنه الكثير من الشبهات .
الأصل الأول
المسلم مأمور بالتثبّت في ما يبلغه من الأخبار ، إذ ليست كلّ الدعاوى التي ثُثار على حكام المسلمين صحيحة ؛ فيجب التأكّد من صحة الخبر ,
ولذلك فإنه يُقال :
إن الكثير من الشبه المثارة ما هي إلا دعاوى مجردة من البراهين .
تقريره
قال الله تعالى :
« . . . إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ( فتاواه 19/63 ) :
« يسمع خبر الفاسق ويتبين ويتثبت ؛ فلا يجزم بصدقه ولا كذبه إلا ببينة كما قال تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) . . . » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( فتاواه 15 / 308 ) :
« وأيضاً فإنه علّل ذلك بخوف الندم , والندم إنما يحصل على عقوبة البريء من الذنب , كما في سنن أبى داود ( ادرؤوا الحدود بالشبهات فإن الإمامَ أن يخطيءَ في العفو خير من أن يخطيءَ في العقوبة ) , فإذا دار الأمرُ بين أن يخطيء فيعاقب بريئاً أو يخطيء فيعفو عن مذنب ؛ كان هذا الخطأ خير الخطأين » انتهى .
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله – ( تفسيره 4/245 ) :
« يأمر الله تعالى بالتثبُّت في خبر الفاسق ليُحتاط لـه , لئلا يُحكَم بقوله فيكون – في نفس الأمر – كاذباً أو مخطئاً » انتهى .
وقال العلامة السعدي – رحمه الله – ( تفسيره ص 800 ) :
« وهذا أيضاً من الآداب التي على أولي الألباب التأدب بها واستعمالها ؛ وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره فلا يأخذوه مجرداً ؛ فإن في ذلك خطراً كبيراً ووقوعاً في الإثم . . .
ففيه دليل على أن :
§ خبر الصادق مقبول ,
§ وخبر الكاذب مردود ,
§ وخبر الفاسق متوقف فيه » انتهى .
فائدة مهمة :
الآية وردت في خبر الفاسق , ومثله : خبر المجهول . وبيان ذلك من وجهين :
الوجه الأول :
أن المجهول يحتمل أن يكون فاسقاً . فصار الاحتياط : أن يتوقف قبولُ خبره على التثبت , كما يتوقف قبولُ خبر الفاسق على التثبت .
الوجه الثاني :
أن الله علّل للأمر بالتثبت بعلة هي : ألاّ نُصيبَ بالجهالة , والإصابة بالجهالة محتملة في خبر المجهول , كما هي محتملة في خبر الفاسق .
وهذان الوجهان يثبتان – بجلاء – خطأ من قصر الآية على من تبيّن فسقه ! فقال بقبول خبر كل من لم يكن فاسقاً ، كالمجهول !
الأصل الثاني
أجمع أهل السنة على أنه : لا يجوز الخروج على وليّ الأمر ؛ إلا في حالة مواقعته للكفر البواح .
ولذلك فإنه يُقال :
إن الكثير من الشبه المثارة ما هي إلا معاصٍ لا تصل بفاعلها إلى حدّ الوقوع في الكفر ؛ والسبيل هو التعامل مع معاصي الحاكم وفق ما في الكتاب والسنة : من النصح , والدعاء بالصلاح , مع بقاء السمع والطاعة في كل ما يأمر به – عدا ما أمر به من المعاصي – .
تقريره
قال الإمام النووي – رحمه الله – ( شرحه لصحيح مسلم ، جزء : 11 – 12 ، ص 432 ، تحت الحديث رقم : 4748 ، كتاب : الإمارة , باب : وجوب طاعة الأمراء . . . ) :
« . . . وأما الخروج عليهم وقتالهم : فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقةً ظالمين , وقد تظاهرت الأحاديث على ما ذكرته , وأجمع أهل السنة أنه : لا ينعزل السلطان بالفسق » انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – ( الفتح 13/9 ، تحت الحديث رقم : 7054 ) :
« قال ابن بطال : وفي الحديث حجة على ترك الخروج على السلطان ولو جار , وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه , وأن طاعته خير من الخروج عليه ؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء . وحجّتهم هذا الخبرُ وغيره مما يساعده , ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح » انتهى .
وموافقةً لهذا الإجماع :
فقد قال الإمام ابن باز – رحمه الله – عن السعودية ( فتاواه 4/91 ) :
« وهذه الدولة – بحمد الله – :
لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها , وإنما الذي يستبيح الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالذنوب . . . » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( فتاواه 8/202 ) :
« . . . فإذا أمروا بمعصيةٍ فلا يُطاعون في المعصية ؛ لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها . . . » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( فتاواه 8/203 ) :
« . . . فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور , ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان » انتهى .
وقال – رحمه الله – عمّن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في السعودية ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ص 54 ، ط الأولى ) :
« . . . بل هذا من المنكرات العظيمة , بل هذا دين الخوارج .
هذا دين الخوارج والمعتزلة :
الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم إذا وُجدتْ معصية » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين – رحمه الله – لما سئل عن بعض أنواع الرسوم التي تؤخذ من الحكومات هل هي من الضرائب ؟ ( الباب المفتوح 3/416 ، لقاء 65 ، سؤال 1465 ) :
« تعمّ كلّ شيء يؤخذ بلا حقّ ؛ فهو من الضرائب , وهو محرم . . .
ولكن على المسلم السمع والطاعة , وأن يسمع لولاة الأمور ويطيعهم , وإذا طلبوا مالاً على هذه المعاملات أعطاهم إياه . . .
ولا يجوز أن تُتّخذ مثل هذه الأمور وسيلةً إلى :
§ القدح في ولاة الأمور ,
§ وسبّهم في المجالس ,
§ وما أشبه ذلك » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( شرح الواسطية 2/337 ، ط ابن الجوزي ) :
« . . . خلافاً للخوارج الذين يرون أنه لا طاعة للإمام والأمير إذا كان عاصياً ؛ لأن من قاعدتهم أن الكبيرة تُخرج من الملة » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( شرح رياض الصالحين 4/514 ، ط الوطن ) :
« مهما فسق ولاة الأمور لا يجوز الخروج عليهم ؛ لو شربوا الخمر , لو زنوا , لو ظلموا الناس ؛ لا يجوز الخروج عليهم » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( شرح رياض الصالحين 4/517 ، ط الوطن ) :
« وأما قول بعض السفهاء : إنه لا تجب علينا طاعة ولاة الأمور إلا إذا استقاموا استقامة تامة !
فهذا خطأ , وهذا غلط , وهذا ليس من الشرع في شيء ؛
بل هذا مذهب الخوارج :
الذين يريدون من ولاة الأمور أن يستقيموا على أمر الله في كل شيء . وهذا لم يحصل من زمن , فقد تغيرت الأمور » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( شرح رياض الصالحين 5/269 ، ط الوطن ) :
« يجب علينا أن نسمع ونطيع وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين ؛ فتقصيرهم هذا عليهم , عليهم ما حُمّلوا وعلينا ما حُمّلنا » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( شرح رياض الصالحين 3/333 ، ط الوطن ) :
« ليس معنى ذلك أنه إذا أمر بمعصية تسقط طاعته مطلقاً !
لا . إنما تسقط طاعته في هذا الأمر المُعيّن الذي هو معصية لله , أما ما سوى ذلك فإنه تجب طاعته » انتهى .
الأصل الثالث
ليس كلّ من وقع في الكفر أصبح كافراً ؛ إذ قد يوجد عند الواقع في الكفر ما يمنع من تكفيره .
ولذلك فإنه يقال :
إن بعض الأمور التي تثار على بعض حكام المسلمين هي من قبيل المكفّرات , ولكن ليس لأحدٍ أن يُعامل هذا الحاكم كما يُعامَل الحاكم الكافر ؛ حتى تُقام عليه الحُجّة . بحيث تتوفّر فيه شروط التكفير وتنتفي عنه موانعه .
تقريره
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ( فتاواه 16/434 ) :
« فليس كل مخطيء [2] كافراً ؛ لا سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع الأمة » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( فتاواه 12/466 ) :
« وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط ؛ حتى :
§ تقام عليه الحجة ,
§ وتبين له المحجة ,
ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشكّ ؛ بل لا يزول إلا :
§ بعد إقامة الحجة ,
§ وإزالة الشبهة » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( فتاواه 12/487 ) :
« . . . كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المُعَيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :
أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه » انتهى .
وقال – رحمه الله – عن مسائل التكفير ( فتاواه 23/348 ) :
« . . . ولكن المقصود هنا :
أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين . . . » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( فتاواه 12/500 ) :
« . . . فتكفير المُعيّن من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يُحكم عليه بأنه من الكفار ؛ لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبيّن بها أنهم مخالفون للرسل ؛ وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر .
وهكذا الكلام في تكفير جميع المُعيّنين . . . » انتهى .
وقال الإمام الألباني – رحمه الله – ( الصحيحة ، تحت الحديث رقم : 3048 ) :
« ليس كل من وقع في الكفر – من المؤمنين – وقع الكفرُ عليه وأحاط به » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين – رحمه الله – ( الباب المفتوح 3/125 ، لقاء 51 ، سؤال 1222 ) :
« كلّ إنسان فعل مُكفِّراً فلا بدّ ألاّ يوجد فيه مانعٌ من موانع التكفير . . .
فلا بدّ من الكفر الصريح الذي لا يحتمل التأويل .
فإن كان يحتمل التأويل فإنه لا يُكفَّر صاحبُه وإن قلنا أنه كُفرٌ [3] ؛
فيُفرَّق بين :
§ القول والقائل ,
§ وبين الفعل والفاعل ,
قد تكون الفعْلةُ فِسقاً ولا يُفسّق الفاعل لوجود مانع يمنع من تفسيقه ,
وقد تكون كفراً ولا يُكفّر الفاعل لوجود ما يمنع من تكفيره ,
وما ضرّ الأمة في خروج الخوارج إلا هذا التأويل . . .
ربما يفعل الإنسان فعلاً فِسقاً لا شكّ فيه لكنه لا يدري .
فإذا قلتَ يا أخي هذا حرام . قال : ( جزاك الله خيراً ) , وانتهى عنه .
إذاً : كيف أحكم على إنسان أنه فاسق دون أن تقوم عليه الحجة ؟
فهؤلاء الذين تُشير إليهم من حكام العرب والمسلمين :
§ قد يكونون معذورين لم تتبيَّن لهم الحجة ,
§ أو بُيِّنتْ لهم وجاءهم من يُلبِّسُ عليهم ويُشبِّه عليهم » انتهى .
وقال – رحمه الله – جواباً على سؤال : ( هل يعتبر الذين لا يحكمون القرآن والسنة ويحكمون الشرائع الفرنسية أو الإنجليزية كفاراً ؟ ) , ( الباب المفتوح 1/24 ، لقاء 1 ، سؤال 31 ) :
« هذا يحتاج إلى النظر ؛
ما هو السبب الذي حملهم على هذا ؟
وهل أحدٌ غرَّهم ممن يدّعي العلم وقال أن هذا لا يخالف الشرع ؟
أم ماذا ؟ . .
فالحكم في هذه المسألة لا يمكن إلا على كل قضيةٍ بعينها » انتهى .
فائدة :
شروط التكفير أربعةٌ , تقابلها أربعٌ من الموانع ؛ وهي :
1. توفر العلم وانتفاء الجهل .
2. وتوفر القصد وانتفاء الخطإ .
3. وتوفر الاختيار وانتفاء الإكراه .
4. وانعدام التأويل السائغ , والمانع المقابل له هو : وجود التأويل السائغ .
الأصل الرابع
الخروج على الحاكم الكافر ليس على إطلاقه ؛ بل هو مشروط بـ :
1. القدرة على إزالته ,
2. مع إحلال مسلمٍ مكانه ,
3. بحيث لا تترتّب على هذا الخروج مفسدة أعظم من مفسدة بقاء الكافر .
ولذلك فإنه يقال :
ليس كل من وقع في الكفر وأصبح كافراً – من حكام المسلمين – جاز الخروج عليه .
فائدة :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – مُشيراً إلى شيءٍ من التلازم بين الخروج والمفسدة ( المنهاج 3/391 ) :
« ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته » انتهى .
تقريره
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – عن الحاكم الكافر ( الفتح 13/9 ، تحت الحديث رقم : 7054 ) :
« . . . فلا تجوز طاعته في ذلك , بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها » انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ( الصارم 2/413 ) :
« فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف , أو في وقت هو فيه مستضعف ؛ فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين . وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين , وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون » انتهى .
وقال الإمام ابن باز – رحمه الله – ( فتاواه 8/203 ) :
« . . . إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان : فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة : فلا يخرجوا . أو كان الخروج يُسبّب شراً أكثر : فليس لهم الخروج ؛ رعايةً للمصالح العامة .
والقاعدة الشرعية المُجمع عليها أنه ( لا يجوز إزالة الشرّ بما هو أشرّ منه ) ؛ بل يجب درء الشرّ بما يزيله أو يُخفّفه . أما درء الشرّ بشرٍّ أكثر : فلا يجوز بإجماع المسلمين .
فإذا كانت هذه الطائفة – التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً – عندها قدرة تزيله بها وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشرّ أعظم من شرّ هذا السلطان : فلا بأس ,
أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحقّ الاغتيال إلى غير هذا من الفساد العظيم : فهذا لا يجوز . . . » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين – رحمه الله – عن الخروج على الحاكم الكافر ( الباب المفتوح 3/126 ، لقاء 51 ، سؤال 1222 ) :
« إن كنّا قادرين على إزالته : فحينئذٍ نخرج ,
وإذا كنّا غير قادرين : فلا نخرج ؛
لأن جميع الواجبات الشرعية مشروطةٌ بالقدرة والاستطاعة .
ثم إذا خرجنا فقد يترتب على خروجنا مفسدة أكبر وأعظم مما لو بقي هذا الرجل على ما هو عليه .
لأننا خرجنا [4] ثم ظهرت العِزّةُ له ؛
§ صِرْنا أذِلّة أكثر ,
§ وتمادى في طغيانه وكفره أكثر .
فهذه المسائل تحتاج إلى :
§ تعقُّلٍ ,
§ وأن يقترن الشرعُ بالعقل ,
§ وأن تُبعد العاطفة في هذه الأمور ,
فنحن محتاجون للعاطفة لأجل تُحمِّسنا , ومحتاجون للعقل والشرع حتى لا ننساق وراء العاطفة التي تؤدي إلى الهلاك » انتهى .
وقال – رحمه الله – ( شرح رياض الصالحين 4/515 ، ط الوطن ) :
« . . . فقولوا ثلاثة شروط , وإن شئتم فقولوا أربعة :
1. أن تروا ,
2. كفراً ,
3. بواحاً ,
4. عندكم من الله فيه برهان ؛ هذه أربعة شروط .
وإذا رأينا هذا – مثلاً – : فلا تجوز المنازعة حتى تكون لدينا قدرة على إزاحته ,
فإن لم يكن لدينا قدرة : فلا تجوز المنازعة ؛ لأنه ربما إذا نازعنا – وليس عندنا قدرة – يقضي على البقية الصالحة , وتتمّ سيطرته .
فهذه الشروط شروط للجواز أو للوجوب – وجوب الخروج على ولي الأمر – ؛ لكن بشرط أن يكون لدينا قدرة , فإن لم يكن لدينا قدرة : فلا يجوز الخروج ؛ لأن هذا من إلقاء النفس في التهلكة .
أيّ فائدة إذا خرجنا على هذا الوالي – الذي رأينا عنده كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان – ونحن لا نخرج إليه إلا بسكين المطبخ وهو معه الدبابات والرشاشات ؟
لا فائدة ! ومعنى هذا أننا خرجنا لنقتل أنفسنا !
نعم لا بدّ أن نتحيّل بكلّ حيلة على القضاء عليه وعلى حكمه , لكن بالشروط الأربعة التي ذكرها النبي – عليه الصلاة والسلام – : ( أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ) » انتهى .
انت تقول الحق لكنك تريد به الباطل ما السبب الحقيقي الذي جعلك تكن الكره الشديد للجاهدين
نعم خوارج على من خرج عن شريعة الله
خوارج على من مكنوا للكفار في بلاد المسلمين
خوارج على من حاربوا الله و رسوله
خوارج على من حرضوا اليهود على قتل المسلمين
خوارج على من أفسدوا البلاد و العباد
خوارج على من كفر بالله
ونعما به من خروج
انت تقول الحق لكنك تريد به الباطل ما السبب الحقيقي الذي جعلك تكن الكره الشديد للجاهدين
نعم خوارج على من خرج عن شريعة الله خوارج على من مكنوا للكفار في بلاد المسلمين خوارج على من حاربوا الله و رسوله خوارج على من حرضوا اليهود على قتل المسلمين خوارج على من أفسدوا البلاد و العباد خوارج على من كفر بالله ونعما به من خروج |
فهذه المسائل تحتاج إلى :
§ تعقُّلٍ ,
§ وأن يقترن الشرعُ بالعقل ,
§ وأن تُبعد العاطفة في هذه الأمور ,
فنحن محتاجون للعاطفة لأجل تُحمِّسنا , ومحتاجون للعقل والشرع حتى لا ننساق وراء العاطفة التي تؤدي إلى الهلاك »]
اصبحت أخي الان تلعب بالمصطلحات لكني سأشرح للك حربكم في المصطلحات عند ما يحين الوقت
وفقنا الله الى مافيه خير
اصبحت أخي الان تلعب بالمصطلحات لكني سأشرح للك حربكم في المصطلحات عند ما يحين الوقت
|
فنحن محتاجون للعاطفة لأجل تُحمِّسنا , ومحتاجون للعقل والشرع حتى لا ننساق وراء العاطفة التي تؤدي إلى الهلاك »]
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الذي هو عين الصواب …كثر الله من أمثالك ورعاك …أقول لك واصل بهذه الطريقة ونحن نساندك ونتمنى الهداية للجميع
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الذي هو عين الصواب …كثر الله من أمثالك ورعاك …أقول لك واصل بهذه الطريقة ونحن نساندك ونتمنى الهداية للجميع
|
و إيّاك أخي الكريم ، و لك بالمثل .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه رضاه ، و أن ييسر لنا طريق إيصال الحق للمسلمين أجمعين .
للرفع مرة أخرى .